Al-Watan (Qatar)

المعركة األكبر أمام السودان

- عربي عثمان ميرغني كاتب سوداني

الدمار دائما سهل لكن البناء صعب. هذه هي القاعدة في كل الحروب، والسودان في حربه الراهنة لن يكون استثناء. فالدمار الذي حدث في خمسة أسابيع من القتال يفوق الوصف، وكلما طال أمد الحرب ازدادت مخاطرها، واتسع حجم دمارها، وارتفع عدد ضحاياها. أكثر ما يثير غضب الناس وحيرتهم هو التدمير الممنهج الذي تعرضت له عاصمة البالد، واستهدف كل مقومات الحياة ومؤسسات الدولة والمنشآت الخدمية األساسية، ولم تسلم منه األسواق التي حرقت بعد نهبها بالكامل، والجامعات التي تعرضت للتخريب والنهب، وبيوت المواطنين التي اس ُتبيحت و ُنهبت وخربت محتوياتها في األحياء التي دخلتها قوات الدعم السريع كجزء من تكتيكاتها لالحتماء بها، وشن هجماتها منها. وإذا كان المنفذ معروفا، فإن السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين هو عن العقل المدبر والمخطط لهذا التدمير، والهدف األبعد المراد منه. تكلفة اإلصالح ستكون عشرات المليارات، وقد تدخل بسهولة في المئات من المليارات قياسا على الدراسات المتعلقة بالحروب في دول أخرى، وتستغرق زمن ًا طوي ًال في العادة. التعافي من آثار الحروب عملية معقدة ومتشابكة؛ ألنها تبدأ بالمساعدات اإلنسانية العاجلة ثم تنتقل إلعادة تأهيل وتشغيل البنية التحتية والمرافق الخدمية المعطلة، ثم إعادة بناء المنشآت المدمرة، واستعادة األمن وتأهيل ما تعرض للنهب. الحرب السودانية الراهنة جاءت في ظروف دولية معقدة سياسي ًا واقتصادي ًا، ما قد يحد من حجم التوقعات بالنسبة ألي مساعدات تقدم إلعادة اإلعمار. لهذا سيكون مفيدا للسودانيين لو بدأوا التفكير منذ اآلن في خياراتهم وإمكاناتهم، ووضعوا الدراسات والخطط وحددوا األولويات، بدال من االنتظار حتى ينقشع غبار المعارك. إعادة اإلعمار قد تكون فرصة أيضا إلشراك المغتربين السودانيين في جهود التنمية بتحفيزهم وجذب خبراتهم ومدخراتهم من خالل مشاريع استثمارية وشركات عامة تطرح أسهمها لالستكتاب في قطاعات حيوية وكل هذه الجهود مجرد مقدمة للمعركة األكبر التي تنتظر السودان بعد أن تصمت المدافع.. واألمل أال يطول االنتظار.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar