Al-Watan (Qatar)

سالح العرب لحروب المستقبل

-

إسطنبولاأل­ناضول- من بين دولةفي العالم تعاني من اإلجهاد المائي، منها توجد في الشرق األوسط وشمال إفريقيا، هذا الوضع دفع البلدان العربية للجوء إلى تحلية مياه البحر لسد العجز المائي، في ظل زيادة عدد السكان، والجفاف الناتج عن ارتفاع درجة حرارة األرض والتغير المناخي.

ووفق تقرير أممي صدر عن لجنة األمم المتحدة االقتصادية واالجتماعي­ة لغربي آسيا (اإلسكوا)، في مارس/ آذار ،2023 فإن 90 بالمائة من سكان الوطن العربي يعانون من ندرة المياه.

مستقبل ملغم

يتوقع علماء الطقس أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في الشرق األوسط بمقدار 5 درجات مئوية مع نهاية القرن الـ12، أي بعد 77 عاما، ما سيجعل أجزاء من هذه المنطقة غير صالحة للعيش البشري، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الفقر المائي. فبدون مياه لن تقوم لإلنسان حضارة، ولن يستطيع زراعة األرض، وال حتى تشغيل المصانع، ما سيؤدي إلى موجات من الهجرة إلى الشمال، بل قد يشعل حروبا بين البلدان المتصارعة على موارد المياه الشحيحة. واالحتقان بين مصر وإثيوبيا حول «أزمة سد النهضة»، وتقاسم مياه النيل، والتلويح بالخيار العسكري، يمثل إشارة إنذار لما قد تؤول إليه األوضاع في المنطقة العربية بسبب «اإلجهاد المائي». ويمثل متوسط نصيب الفرد العربي من المياه 10 بالمائة من المتوسط العالمي، مقابل زيادة سكانية سنوية تقدر بـ2 بالمائة، وهو ضعف معدل متوسط الزيادة السكانية على مستوى العالم.

وهذه األرقام تعني أن نصيب الفرد العربي يتراجع سنويا بسبب الزيادة السكانية، وأيضا بسبب تغير المناخ وتراجع التساقطات المائية، والمياه السطحية والجوفية. وعلى سبيل المثال، فإن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى زيادة مواردها المائية بنسبة 77 بالمائة في عام ،2050 لتلبية متطلبات سكانها، وفق موقع «أراب نيوز». غير أن محطات تحلية مياه البحر، تمثل أبرز الحلول التي لجأت إليها الدول العربية لمواجهة الجفاف وعدم كفاية المياه السطحية وحتى الجوفية لسكان المنطقة.

الحل في البحر

تستحوذ الدول العربية مجتمعة على نحو 50 بالمائة من سوق تحلية مياه البحر والمحيطات في العالم، وحصة السعودية لوحدها تقدر 22.2ـب بالمائة من السوق العالمي. ويبلغ إنتاج السعودية من تحلية مياه البحر أكثر من 7.9 مليون متر مكعب يوميا، وفق المؤسسة العامة للمياه المحالة في السعودية (حكومية)، التي تنتج نحو 75 بالمائة من إجمالي إنتاج المملكة. وتأتي اإلمارات بنحو 14 بالمائة من اإلنتاج العالمي، أي أن بلدين عربيين فقط يستحوذان على أكثر من ثلث اإلنتاج العالمي. لكن الكويت أكثر الدول العربية اعتمادا على مياه التحلية بنسبة 90 بالمائة، أي أن مياه األمطار والمياه الجوفية ال تغطي سوى 10 بالمائة من احتياجات السكان، واالستخدام­ات الصناعية والزراعية. وسلطنة عمان ال تختلف كثيرا عن الكويت، إذ تعتمد بنسبة 86 بالمائة على تحلية مياه البحر، وهذه النسبة تبلغ في السعودية 70 بالمائة. وخالل ذات الفترة، أنفقت الدول الخليجية مجتمعة 33 مليار يورو إلنشاء 550 محطة لتحلية مياه البحر،

ما ساهم في ازدهار العمران والمساحات الخضراء المسقية في منطقة يسود أغلب أرجائها مناخ صحراوي قاس. ولكن األمر لم يقتصر على دول الخليج، فمصر إحدى الدول التي تعاني من فقر مائي، ومع ذلك فإن حصتها التاريخية من نهر النيل التي تفوق 55 مليار متر مكعب سنويا، مهددة بعد اكتمال سد النهضة اإلثيوبية، الذي يقام على نهر النيل األزرق، أحد روافد النيل. فمصر تعاني من عجز مائي شديد يصل إلى نحو 42 مليار متر مكعب، وفق تصريح صحفي للدكتور نادر نور الدين، األكاديمي المتخصص في كلية الزراعة بجامعة القاهرة. هذا الوضع الحرج دفع البالد للتوسع في مشاريع تحلية مياه البحر، حيث يبلغ عدد المحطات القائمة 63 محطة، بطاقة انتاجية إجمالية تصل لـ 799 ألف متر مكعب يوميا، وفق إعالم محلي. ووضعت البالد خطة لمضاعفة قدراتها في تحلية مياه البحر لتبلغ 3.35 مليون

متر مكعب يوميا بحلول عام ،2025 ثم إلى 8.85 مليون متر مكعب يوميا بحلول عام .2050 الجزائر، التي تواجه حاليا موجة جفاف، أمر رئيسها عبد المجيد تبون، في أبريل/ نيسان الماضي، بوضع مخطط استراتيجي استعجالي لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل شريطها الساحلي، البالغ أكثر من 1600 كلم. وتمتلك الجزائر حاليا 24 محطة تحلية مياه البحر، تنتج نحو 2.2 مليون متر مكعب يوميا، تمثل 18 بالمائة من مياه الشرب المستهلكة سنويا، وفق تقرير لموقع العربي الجديد. ومن المرتقب أن تدخل 7 محطات جديدة حيز اإلنتاج مطلع ،2024 ما سيرفع إنتاج محطات تحلية مياه البحر إلى 3.7 ماليين متر مكعب يوميا. وفي الصيف الداخل، تعتزم الجزائر االنطالق في إنجاز 5 محطات كبيرة لرفع اإلنتاج إلى 5.5 ماليين متر مكعب

يوميا. وإلى جانب دول الخليج الستة ومصر والجزائر، فإن األردن يعتزم تنفيذ مشروع لتحلية مياه البحر األحمر عبر جر 300 مليون متر مكعب من خليج العقبة إلى محطات لمعالجة المياه في الشمال، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 3 مليار دوالر، لكن إيجاد مصادر تمويل المشروع يواجه صعوبات. بينما يسعى المغرب إلنجاز محطتين كبيرتين لتحلية مياه البحر، لتضاف إلى محطات صغيرة تنتج مجتمعة 147 مليون متر مكعب في السنة، أو ما يعادل نحو 400 ألف متر مكعب يوميا، فيما تخطط دول أخرى أيضا لذلك مثل موريتانيا.

إشكاالت مالية وبيئية

إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه التوسع في بناء محطات التحلية تكلفة اإلنتاج المرتفعة، رغم أن تكنولوجيا التحلية تطورت وقلصت من سعر إنتاج المتر المكعب إلى 0.34 دوالر. لكن هذه التكلفة غير مستقرة، ومن الممكن أن ترتفع خاصة إذا ارتفعت أسعار الطاقة، التي تستخدم في تشغيل محطات التحلية، ما يؤثر على تكلفة إنتاج المتر المكعب من المياه. فدول غير بترولية مثل تونس واألردن، تجد صعوبة في تمويل مشاريع تحلية مياه البحر، التي تتطلب مليارات الدوالرات.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar