Al-Watan (Qatar)

الصمغ العربي مهدد بالحرب

-

الخرطوم- أ.ف.ب- قبل الحرب التي اندلعت في منتصف نيسان/ أبريل في السودان، كان خمسة ماليين شخص يعتاشون من الصمغ العربي، المادة األساسية التي تدخل في تركيبة المشروبات الغازية والعلكة. اليوم، انخفضت أسعار الصمغ في السودان إلى النصف، وغادر األجانب الذين كانوا يشترونه البالد، بينما تقع مخازنه في وسط المعارك.

في األبيض، أحد أبرز أسواق الصمغ العربي على بعد 350 كيلومترا جنوب الخرطوم، يقول التاجر آدم محمد عيسى إنها «كارثة حقيقية للمنتجين». يستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة األكاسيا، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة يستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة مرورا بالمستحضرا­ت الصيدالنية. ويمتد حزام الصمغ العربي في السودان على مساحة تبلغ حوالي 500 ألف كيلومتر مربع من إقليم دارفور في غرب البالد على الحدود مع تشاد، إلى والية القضارف في شرقها قرب الحدود مع إثيوبيا. قاوم حزام الصمغ كل التحديات في السابق: من الحظر الدولي الذي فرض على السودان في تسعينات القرن الماضي ومطلع القرن الحادي والعشرين، وصوال إلى األزمات وأعمال العنف المتكّررة التي هّزت السودان منذ سقوط الرئيس عمر البشير، إلى التغير المناخي. وكانت الواليات المتحدة استثنت الصمغ العربي من العقوبات التي كانت تفرضها على السودان خالل عهد البشير، ألهميته.

والسودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، ويستحوذ على حوالي 70 % من تجارته العالمية،

بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية.

كلنا في مركب واحد

ويقول رئيس مجلس الصمغ العربي مصطفى السيد خليل لفرانس برس «إذا فقدنا حزام الصمغ العربي سيغرق الجميع.. نحن كلنا في مركب واحد»، في إشارة إلى انقسام السودانيين. ويتركز إنتاج الصمغ العربي في الخرطوم حيث المعارك ضارية، ومنها ُيصّدر إلى الخارج، ال سيما الواليات المتحدة، وينتج جزء آخر منه في إقليم دارفور حيث تدور معارك أيضا. ولم تصل المعارك إلى القضارف، لكن األسعار تدهورت بشكل سريع. ويقول آدم عيسى «اآلن هناك كميات كبيرة معروضة، وال أحد يريد أن يشتري، ألن أصحاب الشاحنات يخشون المرور، في طريقهم إلى الميناء الواقع في منطقة الحرب في الخرطوم». ويفيد سكان في الخرطوم أن عددا كبيرا من الشاحنات ُدّمر في القصف، بينما قتل عدد من سائقي الشاحنات. في الوقت ذاته، تضاعف ثمن الوقود عشرين مرة. وترى منسقة مشروع دعم هيكلة قطاع الصمغ العربي بالسودان الممول من االتحاد األوروبي فايزة صديق أن «األزمة الحالية يمكن أن تؤثر على الصادرات، ألننا

نواجه نقصا في الوقود يجعل النقل مشكلة». وتضيف «ينقل الصمغ إلى الخرطوم، حيث مراكز التجميع، ألن معظم الشركات المصدرة تقع في الخرطوم». وأدى عدم اإلقبال على شراء الصمغ بسبب الظروف الراهنة إلى تراجع سعره، وفق ما يقول منتج الصمغ أحمد حسين. ويتابع «تراجع سعر الطن من 320 ألف جنيه (حوالي 627 دوالرا) في نهاية آذار/ مارس إلى 119 ألف جنيه (حوالي 233 دوالرا) حاليا».

مخزون كاف

ويشير المهندس الزراعي بالوكالة الفرنسية للتنمية فرانسوا جيرودي الذي عمل في السودان في السابق إلى أن صادرات السودان من الصمغ العربي بلغت حوالي 60 ألف طن 40( ألف طن من نوع الطلح و02 ألف طن من نوع الهشاب) في العام .2022 ويصعب، بحسب رأيه، اليوم تحديد كمية اإلنتاج أو التصدير. ويقول «كنا حتى قبل الحرب، أطلقنا صيحة إلدراك التدهور السريع والمريع لبيئة حزام الصمغ العربي». ويضرب مثال بوالية القضارف التي كانت على رأس قائمة الواليات األكثر إنتاجا للصمغ العربي، وباتت «اليوم تأتي في المركز الـ31»، مرجعا السبب إلى ارتفاع أعداد النازحين إليها من الواليات األخرى. إال أن مسؤوال في هيئة المرافئ السودانية قال لوكالة فرانس برس إن عمليات االستيراد والتصدير تتواصل بشكل طبيعي. لكن عثمان عبد السالم الذي يعمل في أحد مكاتب الشحن البحري يؤكد أن «حركة صادرات البضائع التي تمر عبر والية الخرطوم من كردفان ودارفور تأثرت بصورة كبيرة وخصوصا الصمغ العربي». على الرغم من األخطار المحدقة بالصمغ العربي، أكدت الجمعية الدولية للترويج للصمغ التي تتخذ من هامبورغ مقرا في بيان، أن ال خطر وشيكا على الصناعات التي تستخدم الصمغ، ألن «الشركات تحتفظ بمخزون كاف من السودان ودول أخرى في مستودعاتها». وأشارت إلى أن تشاد ونيجيريا هما دولتان يمكن أن تشكال مصدرين بديلين عن السودان في إنتاج الصمغ. وبسبب قدرته على التأقلم مع الجفاف والتغير المناخي، راهنت دول عدة على الصمغ للتشجير، في عدد من الدول اإلفريقية مثال. ووضع مشروع ضخم يقضي بزراعة أشجار الصمغ في حزام يمتد من منطقة الساحل إلى القرن اإلفريقي.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar