Al-Watan (Qatar)

لـــــــجـ­ــــــوء بــعــد آخــر

-

إسطنبول - األناضول- لم تنته رحلة لجوء السوريين من بالدهم إلى السودان نهاية سعيدة، حيث تسببت االشتباكات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/ نيسان بحصر خيارات السوريين في العاصمة الخرطوم بين النزوح داخليا أو العودة للوطن أو اللجوء مجددا إلى بلد ثالث. رامي ناجي عضو لجنة دعم العائالت السورية في السودان، قال إن أوضاع السوريين في السودان الذين يبلغ عددهم نحو 30 ألفا «مأساوية»، حيث «ال أمان ألهل البلد وال للسوريين أو أي جالية في الخرطوم التي تحولت إلى مدينة أشباح». جاء ذلك في مقابلة أجرتها األناضول مع ناجي الموجود حاليا في السودان، لتقصي أوضاع السوريين واالطالع على معاناتهم، وخاصة الالجئين منهم، الذين لم يعد لهم طريق سوى اللجوء مرة أخرى بعد رحلة اللجوء األولى من بلدهم. وتحدث ناجي عن أوضاع السوريين في السودان قائال: «الحرب بدأت فجأة، والناس لم تتوقع تطور األوضاع بهذا الشكل». وأضاف: «لم يكن لدى الناس استعداد لفترة الحرب، وأوضاع الموجودين في الخرطوم سيئة حيث ال يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية». وأوضح ناجي أن «عدد القتلى من السوريين وصل 17 شخصا، وال إحصائيات بشأن الجرحى».

نزوح في جميع االتجاهات

وقال ناجي إن «التنقل داخل الخرطوم صعب جدا، وأغلب المحالت التجارية مغلقة، والمفتوح منها قليل جدا، كما أن األسعار في ازدياد مستمر»، مشيرا لنزوح السوريين والسودانيي­ن معا إلى واليات أخرى. وأضاف: «القسم األكبر من السوريين توجه إلى مدينة بورتسودان (شرق)، فيما توجه حملة الجنسية السودانية منهم إلى مصر، إضافة إلى من استطاعوا الحصول على التأشيرة المصرية التي تقدر قيمتها بين 1000 - 1300 دوالر». وتابع: «وضع السوريين في بورتسودان مأساوي إلى أبعد الحدود، غالء في إيجار البيوت وغالء في األسعار، ومع دخول فصل الصيف تصبح المعيشة صعبة جدا بسبب نقص المياه في المدينة التي تعتمد على مياه األمطار واآلبار». ونوه ناجي إلى أن «سكان بورتسودان يخرجون في الصيف إلى مناطق أخرى بسبب نقص المياه»، مشيرا أن «دخول المهاجرين والالجئين من الجاليات األخرى إلى المدينة بسبب الحرب زاد الوضع مأساوية، حيث أصبحت أجرة المنزل في اليوم الواحد ال تقل عن 50 دوالرا». وأوضح أن «بعض األسر تتشارك البيت الواحد، حيث تسكن النساء داخل البيت، بينما ينام الرجال في الطرقات أو المساجد أو في أي مكان مناسب». وتابع: «من ال يجد منزال يضطر للبقاء في الشوارع أو المساجد أو الحدائق أو على أرصفة ميناء بورتسودان على أمل السفر على متن إحدى الطائرات المتجهة إلى سوريا».

خسائر كبيرة

وقال ناجي إن «آثار اللجوء الجديد ظهرت مالمحه على وجه كل غني أو فقير من السوريين، فاألغلب تعرض لخسارة كبيرة».

وزاد: «أغلب الناس خرجت من الخرطوم بثيابها فقط، وأخذت معها ما تمكنت من حمله. كثيرون خسروا أماكن عملهم، فكل يوم تنشر صور على مجموعات الواتساب لمحالت ومصانع للسوريين تعرضت للسرقة والنهب». وأكد ناجي أن «جميع الناس يشعرون باإلحباط لعدم قدرتهم على حماية ممتلكاتهم وأموالهم بسبب الحرب التي لم تكن متوقعة».

ضعف اإلجالء

وكشف ناجي عن «ضعف في عمليات اإلجالء (بصفوف السوريين)، حيث أجلت السعودية نحو 50 إلى 60 شخصا ضمن أول قافلة وصلت إلى بورتسودان، وبعدها تدخلت الجالية السورية». وأضاف أن «الجالية بدأت في جمع األسماء بشكل عشوائي بمبادرة من بعض أبنائها، لذلك ال يزال معظم السوريين عالقين في بورتسودان». وأشار أنه تم تسيير نحو 10 رحالت جوية إلجالء السوريين، بسعة 170 راكبا تقريبا لكل رحلة، موضحا أن الرحلتين األولى والثانية كانتا «مجانية»، لكن «لم يستفد منهما إال عدد قليل جدا من الفقراء والمرضى الذين كانوا في حاجة ماسة لإلجالء». وبين ناجي أن «بقية الرحالت التي انطلقت آخرها في 14 مايو/ أيار الجاري، كانت مدفوعة بقيمة تراوح من 800 إلى 1000 دوالر للشخص الواحد، مع صعوبة الحصول على حجوزات».

مبادرات فاشلة

وتحدث ناجي عن مبادرات لتسهيل عمليات اإلجالء، حيث بادر بعض السوريين بتجهيز قائمة من 70 اسما قدمت إلى السفارة السورية التي عملت على تسهيل مغادرتهم جميعا، لكنها لم تقبل أي قائمة أخرى الحقا، مشيرا أن «أول رحلتين ضمت قائمة قصيرة من الحوامل والمرضى». وأوضح أن المبادرة أعدت أيضا قائمة باسم نحو 250 شخصا، أغلبهم مرضى أو حاالت فقيرة جدا، ورفعتها إلى السفارة ألجل ترحيلهن مجانا، لكن الرد جاء بالرفض. وبين أن «الشعب السوداني قدم وجبات غذائية للسوريين في بورتسودان، إضافة إلى حصولهم على خدمات طبية من منظمة الهالل األحمر الدولية، لكن تلك المساعدات اختفت في الفترة األخيرة». وذكر ناجي أن الجالية تواصلت مع والي والية البحر األحمر السودانية، حيث أبدى الوالي تعاطفه معهم «بشرط أن يتم حل مشاكلهم بشكل سريع». وأضاف: «لألسف هناك ضعف في أداء السفارة السورية، وال نعلم السبب. وهناك نقص في الموارد، فالناس أنفقت ما تملك من أموال في رحلة مغادرتها من الخرطوم إلى بورتسودان، حيث كان سعر تذكرة المواصالت قرابة 300 دوالر للشخص الواحد». وكشف ناجي أن «عدد الالجئين في بورتسودان حسب االحصائية المسجلة بعد اإلجالء وصل نحو خمسة آالف شخص، مع احتمالية ازدياد العدد». وأوضح أن «األمم المتحدة غير موجودة على األرض نهائيا، والتبرعات التي تقدمها بعض الدول يصل القليل منها فقط»، مشيرا لتخوف السوريين في بورتسودان من وضعهم في مخيمات اللجوء.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar