Al-Watan (Qatar)

حرب من نوع آخر المعارضة التركية.. والحسابات الخاطئة

- وائل المناعمة كاتب فلسطيني صحيفة فلسطين محمود سمير الرنتيسي باحث فلسطيني العربي الجديد

الصراع بيننا نحن الشعب الفلسطيني صاحب القضية العادلة والحق المسلوب، وبين الصهاينة أصحاب النظرية االستعماري­ة القائمة على دماء وجراحات الشعوب، يرجع إلى أكثر من مائة عام، عندما عقد الصهاينة مؤتمرهم األول في مدينة بازل بسويسرا وحددوا أرض فلسطين هدفا لهم إلقامة دولتهم المزعومة. منذ ذلك التاريخ والصهاينة يستخدمون كل األساليب والطرق التي تمكنهم من السيطرة على هذه األرض، وكي يسيطروا عليها يجب أن يسيطروا على أهلها، ويجعلوا منهم أفرادا تابعين ال حول لهم وال قوة، فعمد االحتالل إلى استخدام وسائل عديدة، منها المخدرات، إذ تبيح معتقدات الصهاينة إلى إفساد الشباب غير اليهودي، وإغراقهم بالمخدرات والشهوات ليسهل السيطرة عليه، وهذا ما نصت عليه صراحة بروتوكوالت­هم. لذا ومن باب المسؤولية يجب على األجهزة األمنية الفلسطينية عدم التعامل مع أي قضية لترويج المخدرات في األراضي الفلسطينية بعي ًدا عن البعد األمني، وعالقتها باالحتالل الصهيوني مباشرة، وإن كان الهدف أحيانا عدم السقوط في وحل العمالة للمحتل، إنما يريد المحتل إغراق الشباب في مستنقع ال يقل خطورة عن العمالة المباشرة، وهو اإلدمان على تعاطي المخدرات التي يصل معها المدمن إلى الضياع الحقيقي واإلفساد بكل معانيه من أجل الحصول على السموم التي تصبح جزء ًا أساسي ًا من حياة المدمن. وهذه نصيحة إلى اآلباء واألمهات والمربين بمتابعة األبناء والمراهقين، وتوعيتهم وإرشادهم بخطورة هذه اآلفة، وعدم االستهانة بأي مسمى منها وإن كان مغريا في البداية، مثل ما نسمع به مؤخرا من مسميات زائفة ومغرية والتي وصلت إلى أيدي بعض طلبة المدارس والمراهقين. كما تقع المسؤولية الوطنية على وسائل اإلعالم الفلسطينية بتوعية المواطنين من خالل برامج مخصصة لخطورة هذه السموم، وأنواعها ومسمياتها حتى نصل إلى حالة من الوعي العام لتقوية جبهتنا الداخلية، لمواجهة المحتل الغاشم وكشف أساليبه الوضيعة.

لعل أصعب المواجهات التي قد يتعرض لها السياسي مخاطبة فئات متنوعة من الناس لديها مواقف متباينة، أو في حالة صراع مع بعضها في الوقت نفسه، من أجل تأمين الدعم منها في استحقاق انتخابي أو موقف استثنائي. في هذه الحاالت، يميل القادة العقالنيون إلى مخاطبة الجهة األكبر واألكثر تماسك ًا والملت ّفة حول القضايا الوطنية، وتلبية مطالبها، وتضمين تط ّلعاتها في خطاباتهم، وي ّتجه سياسيون آخرون إلى سياسة متعرجة وخطابات التفافية على القضايا الحساسة، حتى يستطيعوا أن يجمعوا، وفق تقديرهم، الدعم من كل هذه الفئات جميعا. ولكن يتضح، في حاالت كثيرة، أنهم يعودون بخسارة كبيرة، حيث إن السواد األعظم، من الفئات التي يخاطبونها، ال يقتنع بخطابهم الموارب، خصوصا عندما ال يكون العامل المشترك بين كل هذه الفئات واضح ًا أو بارز ًا. في الحالة التركية، طبق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، النموذج األول بتحالفه مع القوميين المحافظين، ومع األحزاب المحافظة الصغيرة في تحال ٍف متجانس نسبي ًا، فيما ا ّتجه مر ّشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو إلى االجتماع على طاولة واحدة مع خمسة أحزاب أخرى متنوعة األفكار واأليديولو­جيات، وتعاون مع حزب سادس، هو حزب الشعوب الديمقراطي­ة الذي يختلف تماما مع أكبر األحزاب الخمسة، وهو الحزب الجيد، ما أثر في نتائج االنتخابات سلبا على المعارضة، وعلى الناخب العادي الذي ال ينتمي ألي حزب، ولكنه يراعي الحساسية والشعور القومي، وكذلك االستقرار وعدم الرغبة في رؤية نظام مكون من شركاء متشاكسين. على كل حال، عندما رأى كمال كلجدار أوغلو الواقع الذي أفرزته نتائج االنتخابات في 14 مايو/ أيار الحالي، سواء نتائج االنتخابات البرلمانية أو نتائج الجولة األولى من االنتخابات، وقد كان يقول إن دورا كبيرا كان للناخب القومي في تحديد نتائج الجولة األولى، كما أن كتلة المرشح الثالث للرئاسة كانت من هذا التيار الذي لم ُيعره كلجدار أوغلو اهتمامًا في الحملة االنتخابية، وفي السلوك السياسي عموما، بل ذهب إلى الطرف النقيض. وعليه، بدأ كلجدار أوغلو في محاولة جذب الناخب القومي، وظهر هذا في خطابه، سواء في موضوع الالجئين، أو تجاه الجهات االنفصالية في تركيا.

هذا التحرك المتعرج لكلجدار أوغلو من االعتماد على األحزاب المحافظة الصغيرة الستقطاب كتلة حزب العدالة والتنمية االنتخابية، ثم التحالف غير المعلن مع حزب الشعوب الديمقراطي­ة ذي األغلبية الكردية، ثم حاليا بروز النفس القومي، وبنسخة متط ّرفة منه، خصوص ًا بموضوع الالجئين، يدل على تخ ّبط وارتباك س ّببته نتائج الجولة األولى لدى المعارضة التركية. في السياق نفسه، نجد أن أردوغان استمر في المسار نفسه، ولهذا وجد سنان أوغان، الذي يطمح من بين أهدافه أن يبرز اسما صاعدا في قيادة التيار القومي في تركيا، والذي يبدو أنه سيستمر في البقاء حجر زاوية في السياسة التركية، نفسه يربح أكثر بالتموضع، حيث فضل التيار القومي األعم الوجود. وتجدر اإلشارة إلى أن التيار القومي في تركيا ليس كتلة واحدة، وهناك جهات عدة تمثله، وتمثل أنواعا مختلفة من القومية. من زاوية ثانية، يعتمد هذا التحرك على حسابات خاطئة تمام ًا، إذ إ ّن تفاهم كلجدار أوغلو مع رئيس حزب الظفر أوميت أوزداغ، والذي يشمل بنودا ال يقبلها حزب الشعوب الديمقراطي­ة، يخاطر بانفضاض كتلة حزب الشعوب الديمقراطي­ة التي صوتت لكلجدار أوغلو في الجولة األولى عنه، حيث يعتقد أن 10 % من 44 % التي حصل عليها كلجدار أوغلو جاءت من أصوات أنصار حزب الشعوب الديمقراطي­ة، فيما يمثل حزب الظفر .%1 كما يخاطر بانفضاض األصوات الليبرالية التي دعمت كلجدار أوغلو، والتي ترى مشكلة في السلوك المتطرف تجاه الالجئين، والذي يتبناه أوميت أوزداغ، ووضعه شرطا في اتفاقه مع كلجدار أوغلو. وكذلك الحال، وجدنا أن كلجدار أوغلو قام بحسابات خاطئة في الجولة األولى، حيث أعطى أربعة أحزاب صغيرة متحالفة معه قرابة 35 نائبا في البرلمان من قائمة حزب الشعب الجمهوري، بينما تفيد التقديرات بأن مجموع تأييد األحزاب األربعة يتراوح بين .%2-1 ولهذا بنى الرئيس أردوغان جزءا من دعايته قبل الجولة الثانية على التشهير بالسلوك المتعرج لكلجدار أوغلو وحساباته الخاطئة، وقال له «منذ متى أصبحت قوميا؟»، ووجهت انتقادات لكلجدار أوغلو مفادها بأن التظاهر بالقومية لن ينطلي على الكتلة القومية. وبالرغم من أن حزب الشعوب الديمقراطي­ة أصدر موقف ًا يؤ ّكد استمرارية معارضة أردوغان، وأكد أنه ال يدعم استمراره، فإنه لم يؤكد دعم انتخاب كلجدار أوغلو باالسم (ربما ألسباب تتعلق بعدم استفزاز القوميين ضده أكثر)، كما انتقد اتفاق كلجدار أوغلو مع أوميت أوزداغ، سواء في ملف الالجئين، أو مسألة تعيين رؤساء مكلفين في ملف البلديات، في مدن الجنوب الشرقي، ذات األغلبية الكردية. يمكن القول، بناء على قراءة سلوك المعارضة في االنتخابات أخيرا، وقبل الجولة الثانية، وتحديدا زعيم حزب الشعب الجمهوري، إن أداء المعارضة التركية المتخبط والمرتبك والمعتمد على حسابات غير دقيقة، كان له العامل األبرز في عدم نجاح المعارضة في تحقيق أي إنجاز يمكنها من الوصول إلى الحكم.

التيار القومي في تركيا ليس كتلة واحدة وهناك جهات عدة تمثله وتمثل أنواعًا مختلفة من القومية

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar