Al-Watan (Qatar)

الممر البحري لغزة.. والسيناريو الجديد!

ال! إنسانية!

- batamira@hotmail.com

قد يبدو اإلعالن عن إنشاء ممر بحري يربط قبرص بغزة من الوهلة األولى عمال إنسانيا مهما إلدخال المعونات اإلنسانية العربية والدولية لهذه المدينة المنكوبة بلغة األرقام في نظر البعض، ولكن في نظر اآلخرين هو لغة وسيناريو جديد ألهداف انتخابية أميركية ومصالح إسرائيلية. فعلينا كعرب أن نتمعن كثيرا في هذا القرار األميركي الغربي، وأن نتوقف عنده وننظر إليه بنظرة بعيدة المدى، خاصة وإن هناك معابر ارضية كثيرة يمكن استغاللها لتوصيل المعونات إلخواننا في فلسطين من مصر واألردن وليس من ميناء الرنكا! فأي استراتيجية تعتمد على تغيير قواعد اللعبة من واقع معلوم، إلى فرضيات جديدة مبنية على صياغات إسرائيلية لهيكلة الوضع في غزة الصمود والكفاح، وجعل دولة الكيان اإلسرائيلي في وضع الدفاع عن النفس، هي عالمات استفهام كبيرة، فكيف يعجز المجتمع الدولي عن محاسبة هذا الكيان ووقف هذه اإلبادة الجماعية والتجويع ومنع المساعدات. واليوم يخرج لنا األميركان وحلفاؤهم، برؤية جديدة خبيثة باقتراح بناء ميناء في غزة إلرسال المساعدات عن طريق البحر، هذا الميناء الذي كنا نتمنى وجوده في غزة من سنوات، يأتي اليوم لخدمة الكيان، ويكون مسيطرا على تقديم المساعدات وإشكالها، مع انه يحتاج ألكثر من ثالثة أشهر حتى يكتمل، وهو ما يعني موت الكثير من المحتاجين للمساعدات خالل هذه الفترة من الزمن، وهل هذه المواد التي ستدخل عبر الموانئ القبرصية آمنة وسليمة؟ ما يحدث في غزة وفلسطين ولبنان جرائم ضد اإلنسانية واختراق للنظام والقانون الدولي، ولن يوقف الحرب اال من أشعلها، فأميركا هي الحكم وهي الجالد، وإسرائيل هي ابنتها المدللة، وال يستطيع أحد أن يغير قواعد اللعبة إال هم، لألسف، فقد انكشف المستور، والمنظمات الدولية والدول الكبرى األخرى اختفت خلف الكواليس، فمن الواضح مدى عجزها وقدرتها على وقف الحرب، أو اتخاذ خطوة لدعم فلسطين باألسلحة أو الغذاء أو إيقاف الحرب. الكرة األرضية منقسمة، وقانون الغاب صار لألقوياء، هم يحددون كيف تسير األمور، أو كيف تنجو إسرائيل من كل جرائمها في ابادة شعب يتعرض للمجاعة كل دقيقة، رغم كل المساعدات التي أرسلت لهم والتي تحتاج لموافقات وتصريحات أميركية للدخول أم فالمساعدات التي ستقدمها أميركا والدول الغربية لغزة بحرا، ليست اال تسترا على جرائم الكيان الصهيوني وهروبا من اجباره على وقف الحرب، فالقضية اكبر من مساعدات ياعرب، لذا فان التخطيط الجديد بعد فشل انزال المساعدات بالباراشوت­ات والطائرات، ها هو العمل الجديد، مسح شعب غزة والعمل على تهجيره وطرده من أرضه، وما يفعله العدو وداعميه هو حلقة من حلقات المسح الجغرافي والتاريخي والسياسي، وتصوير القضية على انها فقط شعب يحتاج لمساعدات وعلى الدول العربية واالسالمية أن تدرك جيدا هذا المخطط، فالثمن كبير جدا ودول أخرى وشعوب ستدخل في التقسيم

والتهجير، فهذا العنف دليل بان هناك سيناريو، وخيار الدولتين مجرد كالم دبلوماسي استهالكي، فكيف ترفض إسرائيل كل القرارات، وكيف نصدق الجالد األميركي وهي تدعم إسرائيل من االبرة للدبابة. فالممر البحري مجرد مسكنات لعمل اكبر، والتستر األميركي الغربي لهذه االبادة، والقبول بالممر البحري لهو مشاركة وصرف االنظار واالعالم عن االبادة واالنشغال في الميناء والحكومة الجديدة الفلسطينية. فهل الممر البحري قبالة شواطئ غزة هو المنقذ لنقل المواد الغذائية والماء والدواء ألهل غزة، ال والف ال، خاصة من دولة كل قيادتها ضالعون في هذا الحصار والدمار والقذف العسكري برا وبحرا وجوا لشعب يدافع عن أراضيه واستقالله. فالسيناريو الجديد األميركي - اإلسرائيلي، ليس خطوة مفاجئة، فاإلدارة األميركية الحالية بقيادة بايدن تتعرض النتقادات داخلية وخارجية بسبب الحرب، مع أن البيت األبيض وصف الممر البحري بأنه «مهمة طارئة» لتنظيم المساعدات للفلسطينيي­ن في غزة، بل هو اكذوبة جديدة وسخرية وضربة أخرى للنظام العالمي الهش، فاألمر هو بداية لتهجير جديد عبر سفن المساعدات ونقل شعب غزة إلى مناطق اخرى في العالم، وأيضا القضاء على حركة حماس نهائيا، وحرمان حماس من القدرة على إطعام السكان وإدارة القطاع، واستبدال وكالة غوث وتشغيل الالجئين الفلسطينيي­ن (أونروا) بمنظمة أخرى ستكون مسؤولة عن توزيع الغذاء من جانب إسرائيل. ومع ذلك نقول إن القضية الفلسطينية لن تنتهي كما يتصورها الكثيرون، رغم إضعافها المستمر، والبدائل المطروحة كبدائل لمعبر رفح وغيره، ال تجدي نفعا، وعملية نقل شعب وأهل غزة المرابطين والمدافعين عن أرضهم بقوة عبر السفن إلى مناطق أخرى في العالم، أيضا ال تجدي نفعا أيضا بعد فشل تهجيرهم ودخولهم عبر المنافذ البرية، حسب الخطة والسيناريو الغربي لمسح غزة وإدخالها ضمن حدود الدولة المحتلة، ومن ثم قيام منطقة اقتصادية عالمية هناك ومنفذ بحري دولي أصبح من الخيال.. والله من وراء القصد.

ما يحدث في غزة وفلسطين ولبنان جرائم ضد اإلنسانية واختراق للنظام والقانون الدولي

 ?? ?? كاتب وصحفي عماني
د. أحمد بن سالم باتميرا
كاتب وصحفي عماني د. أحمد بن سالم باتميرا

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar