Al-Watan (Qatar)

أوالدنا في رمضان

-

األطفال بهجة العمر وزينة الحياة، والرصيد الباقي للمرء بعد موته إن أحسن تربيتهم وتنشئتهم، (أو ولد صالح يدعو له).. ورمضان فرصة عظيمة لها آثارها على نفوس أطفالنا، إن أحسنا استغاللها واإلفادة منها بما ينعكس على سلوكهم في حياتهم كلها.. ـ من المهم أن يرى الطفل من حوله مظاهر االبتهاج بهذا الشهر الكريم، فينشأ وهو يشاهد هذه السعادة والفرحة من والديه وإخوانه كلما هبت نسائم شهر رمضان، وتظل هذه الذكريات السارة محفورة في ذاكرته، ال َتْبليها مرور األيام، ولو رجع أحدنا بذاكرته وتذكر البدايات األولى التي عاش فيها تجربة الصوم وبداية شهر رمضان سيجدها أكثر سني عمره متعة وفرحا.. ولعل من المناسب أن ُيْحِضر الوالدان لألطفال بعض الهدايا واللعب في بداية الشهر، لتحمل معها معنى جميال، وهو أن هذا الشهر يأتي، ويأتي معه الخير، فيحبونه ويترقبونه بكل شوق وشغف. ومن األمور المهمة تعويد أطفالنا المحافظة على الصالة، والشعور بالفقراء، وإعطائهم مبلغا من المال ليضعوه في يد سائل أو محتاج.. ومن األمور المهمة أيضا تعويد الطفل على الصوم والتدرج معه فيه، فال ينبغي أن ندع أطفالنا يكبرون ثم نباغتهم باألمر بالصوم من غير أن يستعدوا له، فيشق ذلك عليهم، بل ال بد من إعدادهم نفسيا وفكريا، والتدرج والتلطف معهم فيه، وتنمية جانب االحتساب عندهم، عن طريق بيان ما أعده الله للصائمين من أجر وفضل عظيم. ومع هذه المعاني السابقة منح األطفال جوائز تشجيعية في نهاية يوم الصوم، أو في نهاية الشهر الكريم، مع األخذ بعين االعتبار أن الطفل عادة يحب المكافأة السريعة، وهو ما يدفعه ويجعله يستمر فيما يقوم به من تكاليف، إلى أن تصبح تلك التكاليف سلوكًا من حياته، وجزءًا من شخصيته، ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كانوا يعودون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم على الصيام، وكانوا في المقابل يقدمون لهم األلعاب والُدمى، يتلَّهون بها عن الجوع والعطش. رمضان فرصة عظيمة لغرس المعاني اإليمانية في نفوس أطفالنا، كالصبر، وتحمل الجوع والعطش، ومراقبة الله تعالى عندما يمسكون عن األكل والشرب مع إمكانهم أن يفعلوا ذلك بعيدا عن أعين الناس، والتعلق بالمساجد والقرآن، وصالة الجماعة وصالة التراويح، والجود والكرم..

الدعاء عبادة تقوم على سؤال العبد ربه والطلب منه، وهو من أقوى األسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، وهو ِمن َأْنفع األدوية لألمراض، وسبٌب لدفع المكروهات والكربات، وهو استعانة من عاجٍز ضعيف بقوٍي قادر، واستغاثة من ملهوف برب ُمغيث، وتوجه إلى مصِّرِف الكون ومد ِّبر األمر، ِل ُيزي َل ِع َّلة، أو َيْر َفَع ِم ْح َنة، أو َي ْك ِش ُف ُك ْر َبة، أو ُي َح ِّق ُق َرغَبة، وهو أحد أسباب دفع ورفع البالء الذي نزل بالعبد ولم ينزل..

فيا سعادة من كان دعاء الله عز وجل عبادة دائمة له، ال يفتر عنها في ليل أو نهار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة). والسلف رضوان الله عليهم كانوا ال يملون من دعائهم لله عز وجل، ولهم مع الدعاء أحوال وأقوال. قال اإلمام ابن عبد البر: «قالوا: إن الله يحب أن يْسَأل، ولذلك أمر عباده أن يسألوه من فضله. وقالوا: ال يصلح اإللحاح على أحد إال الله عز وجل». وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «إني ال أحمل هّم اإلجابة ولكن هّم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن اإلجابة معه». وعن أبي الدرداء قال: «ادع الله في يوم سرائك، لعله يستجيب لك في يوم ضرائك». وعن عبد الله بن أبي صالح قال: «دخل علي طاووس يعودني فقلت له: ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن، فقال: ادع لنفسك، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه». عن الحسن في قوله عز وجل: {ادُعوني َأسَتِجب َلُكم}، قال: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله عز

وجل أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله«. وقال:»كانوا يجتهدون في الدعاء وال تسمع إال همسا«. وعن ابن عيينة قال: ال تتركوا الدعاء، وال يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله إلبليس وهو شر الخلق، قال: {َقاَل َأنظرني إلى َيو ِم ُيبَعُثو َن َقا َل ِإ َّنَك ِمَن المنظرين} * )36:37:رجحلا(

وقال ابن القيم: «قال بعض العباد: إنه لتكون لي حاجة إلى الله، فأسأله إياها، فيفتح علي من مناجاته ومعرفته والتذلل له والتملق بين يديه، ما أحب معه أن يؤخر عني قضاءها، وتدوم لي تلك الحال». وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقالوا: إنه ال يحسن أن يصلي، فقال سعد: أما أنا فإني كنت أصلي بهم صالة رسول الله صلى الله عليه وسلم صالتي العشاء، ال أنقص منها، أطيل في األوليين، وأحذف في األخريين، فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فبعث رجاال يسألون عنه بالكوفة، فكانوا ال يأتون مسجدا من مساجد الكوفة إال قالوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عبس، فقال رجل يقال له أبو سعدة: أما إذ نشدتمونا بالله: فإنه كان ال يعدل في القضية، وال يقسم بالسوية، وال يسير بالسرية، فقال سعد: اللهم ان كان كاذبا فاعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن. قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد يتعرض لإلماء في السكك، فإذا سئل: كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون أصابتني دعوة سعد». لقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يدعون الله عز وجل وهم موقنون باإلجابة وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو، ليس

َِ بإثم وال بقطيعة رحم إال أعطاه إحدى ثالث: إما أن

ََ يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في اآلخرة، وإما

‪َّْ َُّّ َِّ‬ أن يدفع عنه من السوِء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: اللُه َأكثر. وقال صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الَّلَه وأنتم موقنو َن َِ باإلجابة،واعلموا أن ََّ اللهال يستجيب دعا ًء من قلٍب غاف ٍل اله).

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar