اختبار اإليمان والتفاني

عبير نور الدين

لماذا اختار الله أن يخفي ليلة القدر؟ قد يكون هذا السؤال محيرا للبعض، ولكن يمكن إلقاء الضوء على بعض الجوانب التي قد تفسر هذا االختيار اإللهي: اختبار اإليمان والتفاني: يعتبر اختبار اإليمان والتفاني جزًءا أساسًيا من العقيدة اإلسالمية. من خالل إخفاء ليلة القدر، يمكن لله أن يختبر إخالص عباده وتفانيهم في البحث عن هذه الليلة والقيام بالعبادات فيها رغم غموض وجودها. لكن لماذا اختار الله أن يخفي هذه الليلة عنا؟ لماذا لم يجعلها واضحة ومعلنة لنستعد لها بشكل أفضل؟ هذا سؤال يحمل في طياته العديد من النظريات والتفسيرات. قد يبدو للبعض أن إخفاء الله لليلة القدر قد يكون غريبا أو غير مفهوم. ومع ذلك، يمكننا النظر إلى هذه الحكمة بزاوية أخرى، ربما كانت إرادة الله في خفاء هذه الليلة هي دعوة لإليمان الحقيقي والتفاني. أوال، يمكن أن نفهم خفاء ليلة القدر على أنها فرصة الختبار إيماننا وتصميمنا في العبادة. فالمؤمن الحقيقي ال يعبد الله فقط عندما يعرف متى يكون أفضل وقت للعبادة، بل يعبد الله بإخالص وتفان دائم، حتى في الظروف التي قد يكون فيها العبادة غير واضحة المعالم. ثانًيا، يمكن أن يكون خفاء ليلة القدر هو دعوة للبحث واالجتهاد في الطاعة. فعلى المسلمين أن يبذلوا مزيدا من الجهد في العبادة خالل العشر األواخر من رمضان، حيث يعتقد أن ليلة القدر قد تكون فيها. وهذا االجتهاد والبحث يزيد من قربهم من الله ويعزز إيمانهم. ثالثا، يمكن أن يكون خفاء ليلة القدر هو رحمة من الله تعالى. فقد يفهم البعض أن اإلعالن عن هذه الليلة بوضوح قد يؤدي إلى االستسهال في العبادة فقط في تلك الليلة الواحدة، بينما قد ُيغفل عن باقي األيام والليالي. وبالتالي، يكون خفاء هذه الليلة هو دعوة للعبادة المستمرة والمتجددة، بدون تحديد مسبق.ليلة القدر هي إحدى الليالي العظيمة التي تأتي في شهر رمضان المبارك، وتحظى بأهمية خاصة في اإلسالم.، استنادا إلى األحاديث النبوية واآليات القرآنية.إن هذه الليلة المباركة تمثل فرصة للمؤمنين للتقرب إلى الله بالعبادة والدعاء، وهي فرصة لغفران الذنوب ورفع الدرجات. وفي أحاديث نبوية متعددة، أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بفضل هذه الليلة العظيمة. عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « َم ْن َقا َم َلي َل َة ا ْل َق ْد ِر ِإي َما ًنا َوا ْح ِت َسا ًبا ُغ ِف َر َل ُه َما َت َق َّد َم ِم ْن َذْنِبِه» (متفق عليه) ليلة القدر هي ليلة خاصة جًدا في اإلسالم، حيث ُيعتقد أنها أفضل من ألف شهر. وُتذكر لنا اآليات القرآنية واألحاديث النبوية عن أهمية هذه الليلة العظيمة. في سورة القدر، يقول الله تعالى: « ِإ َّنا َأن َزل َنا ُه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من

ََ َِْ ألف شهر» (القدر: .)3-1 على الرغم من أن ليلة القدر تكون في العشر األواخر من شهر رمضان، إال أن فضل هذه العشر األواخر ال يقتصر فقط على ذلك الليلة العظيمة. بل إنها فترة مميزة من الشهر الكريم، يشجع فيها المسلمون على زيادة العبادات والدعاء والتضرع إلى الله. ففي هذه العشر األواخر، يزيد اإليمان واالجتهاد في العبادة، ويكثر الصدقة والقراءة والذكر والصالة.يلة القدر، بركاتها تمتد إلى قلوب المؤمنين، ورغم أنها محجوبة عنا في التحديد، إال أن فضلها وعظمتها ال تنكر. فلنجتهد في العبادة والتضرع إلى الله في كل ليلة من العشر األواخر، ولنتمنى أن يتقبل الله منا صالح األعمال ويغفر لنا، اللهم اجعل لدعائنا في ليلة القدر قبوًال وتوفيقًا، وارزقنا العمل الصالح الذي يرضيك ويقربنا إليك.