Al Araby Al Jadeed

فلسطين... انقسام يريح االحتالل

- ناصر السهلي

لم يعد ثمة شك في أن الهجمة املستهدفة للكل الفلسطيني على يد حكومة التطرف الصهيوني، والتي تواجه شعبيًا من أقصى جنوب الضفة الغربية إلى شمالها، مرورًا بالقدس املحتلة، يعوزها الكثير على املستوى الرسمي والفصائلي. فأخطر ما تعيشه الساحة الفلسطينية، التي يتوحد في مقابلها معسكر ائتالف التطرف بقيادة بنيامني نتنياهو، هو هذا العبث املستمر منذ سنوات طويلة في رحلة االنقسام الذي ال معنى له على اإلطالق في مسار تضحيات الشعب على األرض يوميًا. إن ركون قطبي «سلطة وفصائل» الضفة وغزة إلى بيانات «توحيد الصف»، أمر بات مستهجنًا حتى من أولئك الذين لديهم مواقف مبدئية ورافضة لالحتالل والتقصير العاملي أمام كل ما يجري. كم من مرة خرج أصحاب القرار، في اجتماعات «إعادة الوحدة» املمتدة منذ عام 2008 وحتى أواخر العام املاضي، وبوساطات من هنا وهناك، ببيانات وصور ولقطات تحمل وعودًا سرعان ما تبني أنها مجرد تكرار ملشهد سقيم ومحبط؟ الحالة الفلسطينية، التي تواجه أكبر تحديات في تاريخها، ليست في حاجة لالنشغال في عبثية «من يكون القائد التالي». وال لهذا الجهد املهدور تحت «حسن النيات»: فمسألة الشراكة في تحرر فلسطني ليست ترفًا، ويجب أال تخضع البتزازات من هنا وهناك، بوعود جوفاء تستهدف «تنفيس االحتقان»، لتطبيق االحتالل التدريجي ملخططاته املعلنة في مزيد من توسيع االستيطان وطرد املقدسيني من أرضهم، والتعجيل في القضاء على أي حل سياسي تحت مسمى «حل الدولتني». ليس سرًا أنه مقابل هذه «الحمائمية» التي يظهرها البعض، في كواليس السياسة الفلسطينية املنقسمة على نفسها، العني على مناصب سلطوية تمس جوهر وروح ومكانة فلسطني في تطوراتها الخطيرة، على املستويني العربي والدولي. وإذا كانت أغلبية الشارع العربي تجمع على أن فلسطني قضية مركزية، كما أظهرتها أخيرًا نتائج املؤشر العربي الصادر عن املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات، فإن الشتات الفلسطيني في املقابل، واملتضامنن­ي مع قضيتهم، يعيشون في أوروبا وضعًا صعبًا، في ظل محاوالت دؤوبة تستهدفهم لتجريم نشاطهم. ويساهم االنقسام الرسمي الفلسطيني، وفق كثيرين، في إضعاف وسائل وأدوات املواجهة مع اللوبيات الضاغطة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar