Al Araby Al Jadeed

إقصاء درعي: 3 خيارات أمام نتنياهو

- القدس المحتلة ـ نضال محمد وتد غزة ـ صالح النعامي

أدخــــل قــــرار املـحـكـمـ­ة الـعـلـيـا اإلسـرائـي­ـلـيـة بــوجــوب عـــدم تــولــي زعــيــم حـــزب «شـــاس» أريـــيـــ­ه درعــــي حـقـيـبـة وزاريـــــ­ـة فـــي حكومة بــنــيــا­مــن نــتــنــي­ــاهــو الــــجـــ­ـديــــدة، فــــي أزمــــة سياسية، وخصوصًا أن القرار القضائي موجه لنتنياهو، ويفرض عليه تنفيذه. وقـالـت املحكمة، أول مـن أمــس األربــعــ­اء، إن تعين درعي وزيرًا في الحكومة «غير معقول لـلـغـايـة»، وال سيما أنـــه، بحسب القرار، خدع محكمة الصلح اإلسرائيلي­ة العام املاضي، عندما توصل إلـى صفقة مــــع الـــنـــي­ـــابـــة الــــعـــ­ـامــــة لــتــجــن­ــب الــحــبــ­س الــفــعــ­لــي، بـتـعـهـده أمــــام قــاضــي املحكمة بـاعـتـزال العمل السياسي وعــدم العودة إلـى الحكومة أو الكنيست، وهـو املوقف الذي جعل املحكمة تقبل بصفقة تسوية تـبـعـد درعــــي عـــن الــحــبــ­س الــفــعــ­لــي. ومــع صــدور قــرار املحكمة أعلن درعــي أنــه لن يـــبـــاد­ر هـــذه املــــرة إلـــى االســتــق­ــالــة، خـافـًا لـــعـــام ،1993 عــنــدمــ­ا صــــدر قـــــرار مـشـابـه فــي عـهـد حـكـومـة إســحــاق رابــــن، بحقه، مــشــيــرًا إلــــى أنــــه ســيــتــر­ك األمـــــر لـرئـيـس الـــحـــك­ـــومـــة بــنــيــا­مــن نــتــنــي­ــاهــو، قـــبـــل أن يضيف: «أغلقوا أمامنا الـبـاب، سندخل من النافذة، وإذا أغلقوا النافذة فسنكسر الــســقــ­ف ونـــدخـــ­ل مـــنـــه»، فـــي إشــــــار­ة إلــى إمكانية القبول ببدائل أخرى. ويـــعـــن­ـــي تـــصـــري­ـــح درعـــــــ­ي أنــــــه لــــن يـسـهـل مهمة تنفيذ الـقـرار القضائي املـوجـه إلى نــتــنــي­ــاهــو، وســــيـــ­ـزج بـــاألخــ­ـيـــر فــــي ورطــــة تضعه أمـــام ثـاثـة خـــيـــار­ات، سـيـكـون لكل مـنـهـا تــداعــيـ­ـاتــه الــقــانـ­ـونــيــة والـسـيـاس­ـيـة، وعلى مشروع اإلصاحات القضائية. ويـعـتـبـر تـنـفـيـذ الـــقـــر­ار الــقــضــ­ائــي وفـصـل درعــــي مـــن الـحـكـومـ­ة أول الـــخـــي­ـــارات أمـــام نـــتـــنـ­ــيـــاهــ­ـو، خـــصـــوص­ـــًا أن مـــقـــرب­ـــن مــنــه أعــلــنــ­وا أول مـــن أمــــس إجــــــرا­ءه مـــشـــاو­رات حــــول كـيـفـيـة الــتــعــ­امــل مـــع قـــــرار املـحـكـمـ­ة الــــذي سـيـدفـعـه إلـــى االمــتــث­ــال لـــه. ويــعــود ذلـــك أســاســًا إلـــى صـيـاغـة قـــرار يجعل من املستحيل تعين درعي في منصب وزير، بعد أن ربط القضاة بن عدم تعيينه وما وصفوه بتضليله ملحكمة الصلح عندما تــعــهــد بـــتـــرك الـــحـــي­ـــاة الــســيــ­اســيــة، مـقـابـل تـسـويـة قـضـائـيـة تــحــول دون فـــرض حكم بــالــســ­جــن الــفــعــ­لــي بـــحـــقـ­ــه، ودون وصــمــه بالعار. ووفقًا لهذا الخيار، فإن نتنياهو، وفــق تعهدات مـن مقربيه، سيحترم قـرار املحكمة، وسيلجأ إلــى فصل درعـــي، لكن لن ينفذه بأسرع وقت، بل سيؤجل القرار ريثما يفحص مسارات بديلة تبقي درعي بـشـكـل أو بــآخــر فــي االئـــتــ­ـاف الـحـكـومـ­ي، ولـــو بـمـنـصـب غــيــر وزاري، وتـــحـــو­ل دون انـــســـح­ـــاب حـــركـــة «شــــــاس» مـــن االئـــتــ­ـاف، عـلـمـًا بـأنـهـا بـعـيـدة عـــن الــتــهــ­ديــدات الـتـي أطلقتها قبل صــدور الـقـرار، وغير معنية

هــي األخــــرى بتفكيك الـحـكـومـ­ة، وستقبل بحل وســـط. ويتمثل الـخـيـار الـثـانـي أمـام نتنياهو، الــذي سيكون نتاج تنفيذ قرار املــحــكـ­ـمــة، بـــاالتــ­ـجـــاه إلــــى تــعــويــ­ض درعـــي عـــن املــنــصـ­ـب الـــــــو­زاري مـــن خــــال تعيينه قائمًا بأعمال رئيس الحكومة، أو ما بات يـطـلـق عـلـيـه «رئـــيـــس الــحــكــ­ومــة الــبــديـ­ـل». لــكــن هـــذه الــخــطــ­وة ال يـمـكـن اتــخــاذه­ــا إال عـنـد عـــرض الـحـكـومـ­ة الــجــديـ­ـدة لنيل ثقة الــكــنــ­يــســت، وبـــمـــا أن الـــحـــك­ـــومـــة الــحــالـ­ـيــة تـخـطـت هـــذه املــرحــل­ــة، فــإنــه سـيـكـون على نـــتـــنـ­ــيـــاهــ­ـو حــــل الـــحـــك­ـــومـــة الـــحـــا­لـــيـــة، مـن خــــــال مــــا يــــعــــ­رف بــــاقـــ­ـتــــراح «حــــجــــ­ب ثـقـة بناء»، وهو إجـراء برملاني، يتم بواسطته حجب الثقة عـن الحكومة، لكن وبـمـوازاة ذلــك اقــتــراح تشكيلة حكومية جـديـدة مع تسمية الــــوزرا­ء الـجـدد ورئـيـس الحكومة وإضافة تعين درعي قائمًا بأعمال رئيس الـحـكـومـ­ة، أو «رئـيـس حكومة بــديــل»، مع طـــرح اتــفــاق ائـتـافـي جــديــد، وهـــي عملية إجـرائـيـة يمكن لنتنياهو أن يلجأ إليها، دون خـــوف عـلـى بـقـائـه رئـيـسـًا للحكومة املقبلة بفعل امـتـاكـه ألغلبية 64 عضوًا فــي الكنيست. كـذلـك إن شـــرط اتــخــاذ هـذا اإلجـــراء هو أن يقدم مقترح قانون حجب الــــثـــ­ـقــــة عـــــن الــــحـــ­ـكــــومــ­ــة، مــــرشـــ­ـح لـــرئـــا­ســـة الحكومة الجديدة، وأغلبية 61 صوتًا على األقـــل يــوافــقـ­ـون عـلـى التشكيلة الـجـديـدة، وهـــي أغلبية مـتـوافـرة مــع نتنياهو. لكن هذا الخيار، إن لجأ نتنياهو إليه، ونجح في تشكيل الحكومة من جديد، مع تعين درعــي قائمًا بأعمال رئيس الحكومة، أو «رئيس حكومة بديل»، ال يضمن أال تتجه ذات الجهات التي عـارضـت تعين درعـي وزيرًا، إلى املحكمة العليا بالتماس جديد. والــخــيـ­ـار الـثـالـث هــو رفـــض قـــرار املحكمة وعــــــدم تـــنـــفـ­ــيـــذه، وهـــــو األضــــعـ­ـــف مــــن بـن الـخـيـارا­ت املـعـروضـ­ة أمـــام نتنياهو، ألنه يـضـعـه فـــي مــواجــهـ­ـة مــبــاشــ­رة مـــع قـضـاة املحكمة، وقد يعرضه شخصيًا إلجراءات قـضـائـيـة بـتـهـم عـــدم تنفيذ قــــرار قضائي واحتقار املحكمة. وهــي خطوة قـد تدخل إســـرائــ­ـيـــل كــلــهــا فـــي ورطـــــة جـــديـــد­ة تـهـدد بانهيار النظام القضائي وسلطة القانون، وبالتالي يستبعد جدًا أن يلجأ نتنياهو

أعلن درعي أنه لن يبادر إلى االستقالة خالفًا لعام 1993

إلـى هـذا األمــر. في هـذه األثـنـاء، قـال وزراء إن قرار املحكمة العليا بمنع تعين درعي وزيـــــرًا فـــي الـحـكـومـ­ة الــحــالـ­ـيــة، يـعـجـل في إقرار «اإلصاحات القضائية» التي أعلنها وزيـــر القضاء بـريـف ليفن، والـتـي تهدف إلى الحد من سلطة املحكمة العليا. وكانت الحكومة اإلسرائيلي­ة برئاسة نتنياهو، قد أعدت مشروع قانون «إصاح» الجهاز الــقــضــ­ائــي الـــــذي يــثــيــر جـــــدال واســـعـــًا في الــســاحـ­ـة الــداخــل­ــيــة. وذكــــرت قــنــاة التلفزة اإلسرائيلي­ة «كـــان»، األسـبـوع املـاضـي، أن املشروع الذي أعده ليفن، يتضمن تمرير تـشـريـع «الــتــغــ­لــب»، الــــذي يــجــرد املحكمة العليا من صاحيات إلغاء القوانن التي يـســنـهـا الــكــنــ­يــســت، ويـمـنـعـه­ـا مـــن إبــطــال قــــــرار­ات الــحــكــ­ومــة عــبــر اســـتـــخ­ـــدام «حـجـة عــــدم املـــعـــ­قـــولـــي­ـــة». ولــفــتــ­ت الـــقـــن­ـــاة وقـتـهـا إلــــى أنــــه بــحــســب نـــص مـــشـــرو­ع الــقــانـ­ـون، يمكن تمرير تشريع «الـتـغـلـب» بـأصـوات 61 نائبًا مـن أصــل ،120 هـم إجمالي عدد نواب الكنيست. ويسمح تشريع «التغلب» لـلـمـحـكـ­مـة الــعــلــ­يــا بــإلــغــ­اء الـــقـــو­انـــن الـتـي يسنها الكنيست، فـقـط فــي حـالـة صــدور الــقــرار بـعـد اجـتـمـاع املـحـكـمـ­ة، الـتـي تضم 15 قاضيًا، بكامل هيئتها، وحصل القرار على أغلبية خاصة. وأشارت إلى أن قانون «إصاح» النظام القضائي، يمنح األحزاب املــشــار­كــة فــي الـحـكـومـ­ة، دورًا حـاسـمـًا في اختيار القضاة، عبر إعادة تشكيل اللجنة املــســؤو­لــة عــن اخــتــيــ­ارهــم، مــن خـــال منح الحكومة والكنيست تمثيا متساويًا مع تمثيل الجهاز القضائي في اللجنة. وتـــرمـــ­ي إعـــــادة تـشـكـيـل الـلـجـنـة املـسـؤولـ­ة عـــن اخــتــيــ­ار الــقــضــ­اة، إلـــى مــنــح املـسـتـوى الـــســـي­ـــاســـي الـــــقــ­ـــدرة عـــلـــى تـــحـــدي­ـــد هــويــة القضاة، من أعضاء هيئة املحكمة العليا وهيئات املحاكم األخــرى. وتطلق وسائل اإلعــــــ­ام اإلســرائـ­ـيــلــيــ­ة عــلــى هــــذا املـــشـــ­روع مسمى «الــثــورة القضائية»، الـهـادفـة إلى إعـــــادة صــيــاغــ­ة الــنــظــ­ام الــقــضــ­ائــي بشكل يقلص من قدرته على التأثير في قـرارات املستوى السياسي. وقــال معلق الشؤون الـحـزبـيـ­ة فـــي قــنــاة «كـــــان»، مــســاء أول من أمـــس األربــــع­ــــاء، إن حــركــة «شـــــاس» بـاتـت األكــــــ­ثــــــر حــــمــــ­اســــة إلنــــــج­ــــــاز اإلصــــــ­احــــــات القضائية، ألن ذلك قد يسهم في إلغاء قرار املحكمة العليا بعدم تعين درعـي كوزير في الحكومة الجديدة. يـذكـر أن نتنياهو معني بتمرير تشريع «الــتــغــ­لــب» حــتــى يـتـمـكـن مـــن اإلفـــــا­ت من الـعـقـاب الـــذي يمكن أن يـصـدر بـحـقـه، في حــال إدانـتـه بقضايا الفساد التي يحاكم فيها حاليًا. إلى جانب ذلك، فإن قرار منع درعي من أن يحصل على موقع وزاري في الـحـكـومـ­ة الـحـالـيـ­ة، سـيـدفـع األحـــــز­اب إلـى إحداث تحول في تركيبة اللجنة املسؤولة عـن اختيار الـقـضـاة، حيث تنص مسودة اإلصـاحـات التي أعلنها ليفن على منح الكنيست وزنًا أكبر في اختيار القضاة.

قد يقوم نتنياهو بتعيين درعي قائمًا بأعمال رئيس الحكومة

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar