Al Araby Al Jadeed

صلوات الجمعة للتيار الصدري: وسيلة للتحشيد؟

يسود الترقب مختلف األوساط الشعبية والسياسية في العراق، مع استمرار صلوات الجمعة للتيار الصدري، وسط تباين التوقعات بشأن األهداف القائمة خلف إقامتها

- بغداد ـ محمد الباسم

أفضى انسحاب التيار الصدري، الفائز األول في االنتخابات التشريعية التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين األول ،2021 من البرملان العراقي في يونيو/حزيران املاضي، وقرار زعـيـم الـتـيـار، مقتدى الـصـدر انسحابه من العمل السياسي وإغـاق الهيئة السياسية التابعة له، إلى العودة نحو املساحة األكثر تأثيرًا التي عـادة ما تتبناها أسـرة الصدر تــاريــخـ­ـيــا فـــي الــــعـــ­ـراق، وهــــي الــتــوجـ­ـه نحو الصلوات والخطب الجماهيرية والتحدث عبر املنابر. ويتفرد التيار الـصـدري بهذه اآللــيــة حاليا كـونـه األكــثــر قـــدرة على حشد الجمهور من منافسيه اآلخرين، وقد تكون الــورقــة األخـطـر الـتـي يمتلكها الـصـدريـو­ن، وفـــقـــا ملـــراقــ­ـبـــن، كــونــهــ­ا قــــــادر­ة عــلــى شحن الـــجـــم­ـــهـــور ســـيـــاس­ـــيـــا وعــــقـــ­ـائــــديـ­ـــا بـــاتـــج­ـــاه تصعيد ما. وهذا ما بدأ مقتدى الصدر في تطبيقه عقب تشكيل حكومة محمد شياع الــســودا­نــي، الـتـي لــم يقبل بـهـا، فــي أكتوبر املاضي، وبدأت الصلوات في النجف، ثم في محافظات وسط وجنوب الباد. ومــنــذ قــــرار انــســحــ­اب الــتــيــ­ار الـــصـــد­ري من البرملان والعملية السياسية ككل، نظم التيار عددًا غير قليل من صلوات وخطب الجمعة املـــــوح­ـــــدة فــــي بــــغــــ­داد ومـــحـــا­فـــظـــات أخــــرى جنوب ووســط الـبـاد. وتواصلت «العربي الجديد» مع عدد من أتباع التيار الصدري فـــي بـــغـــدا­د، الـــذيـــ­ن شــــــددو­ا عــلــى أن «صـــاة الجمعة شعيرة دينية، ومــن أهــم الوصايا الــتــي تـركـهـا املــرجــع الـديـنـي محمد صــادق الــصــدر (والــــد مـقـتـدى الـــصـــد­ر)، هــي البقاء على صاة الجمعة وعدم تركها مهما كانت الظروف، بالتالي إن دعوة الصدر جماهيره إلقـامـة الـصـاة تمثل حالة صـدريـة قديمة، وقد تدخل فيها بعض الجوانب واألهـداف الـسـيـاسـ­يـة ضــمــنــا، لــكــن هــدفــهــ­ا األســاســ­ي هـو ديني بـحـت». وقــال أحـدهـم إن «أنصار الـــصـــد­ر جـمـيـعـهـ­م غـــاضـــب­ـــون مـــن الـطـريـقـ­ة التي جرت في التعامل السياسي، وإقصاء الـــصـــد­ر عـــن تـشـكـيـل الــحــكــ­ومــة رغــــم الــفــوز باملرتبة األولى في االنتخابات البرملانية». وتـطـرق شيخ ينتمي للتيار الــصــدري إلى خطبة الجمعة، معتبرًا أن «الخطبة املوحدة األخيرة لم تتضمن أي حديث سياسي، لكن في الحقيقة أن جماهير املصلن في عموم املــحــاف­ــظــات تكفلت بـالـحـديـ­ث فـيـمـا بينها عن الوضع السياسي، والظلم الذي تعرض لــه الــصــدري­ــون فــي هـــذه املــرحــل­ــة. وظــهــر أن جميعهم مـسـتـاؤون مــن الــوضــع الـحـالـي». وأكـــــد فـــي حـــديـــث مـــع «الـــعـــر­بـــي الـــجـــد­يـــد»، أن «عــــدم حــديــث الـــصـــد­ر عـــن الـسـيـاسـ­ة في الوقت الحالي، يترك املجال أمام الصدرين لـــلـــحـ­ــديـــث عـــنـــهـ­ــا وعـــــن إمـــكـــا­نـــيـــات وفــــرص الـعـودة مـرة أخــرى لفرض الـقـدرة الصدرية فـــي تـشـكـيـل الــحــكــ­ومــة، ال املـــشـــ­اركـــة فـيـهـا، بـــالـــت­ـــالـــي إن حـــديـــث الـــتـــي­ـــار الــــصـــ­ـدري فـي مـــســـاح­ـــة حـــــرة عــــن الـــســـي­ـــاســـة ســـتـــكـ­ــون لـه ارتـــــدا­دات قــد تظهر فــي الـنـهـايـ­ة عـلـى شكل موقف معلن من الصدر نفسه». مـــن جــهــتــه، قــلــل الــعــضــ­و الـــبـــا­رز فـــي الــتــيــ­ار، عصام حسن، من احتمال أن «تكون الصلوات الــصــدري­ــة املـــوحــ­ـدة تـحـمـل أهـــدافــ­ـا سياسية ألنها صاة عبادية، وهو هدفها األســاس». ورأى فــي حــديــث مــع «الــعــربـ­ـي الــجــديـ­ـد»، أن «األطـــراف السياسية األخـــرى تفهم مـن هذه الـــصـــا­ة عــلــى أنـــهـــا وســيــلــ­ة لـشـحـن الـــشـــا­رع والجماهير الصدرية بالتعبئة السياسية، ألنـــهـــ­ا تــخــشــى عــــــودة الــــصـــ­ـدر إلـــــى املــشــهـ­ـد الــســيــ­اســي مـــن خــــال الــجــمــ­اهــيــر والـــحـــ­راك الـــشـــع­ـــبـــي، ال ســيــمــا فــــي الــــوضــ­ــع الـــحـــا­لـــي». وأضـــــــ­اف: «الــــوضــ­ــع هــنــا مــضــطــر­ب فـــي ظل وجود حكومة تتعامل بمبدأ املحاصصة من دون التراجع عن عمليات الفساد الحاصلة مـن خــال الخطوط الحزبية املسيطرة على الــــــــ­وزارات والــهــيـ­ـئــات والــــدوا­ئــــر الــرســمـ­ـيــة». واعـتـبـر حـسـن أن «األحـــــز­اب تخشى التيار الــصــدري، وتـظـن أن صــلــوات الـصـدريـن في الــشــوار­ع واملـيـادي­ـن تحمل أهــدافــا سياسيا،

وهــــذا الـتـقـديـ­ر يـنـطـلـق مـــن كـــون إدراك هـذه األحزاب أن الصدر يراقبها ويراقب الحكومة، كما أنها تعرف أن تنازل التيار الصدري عن 73 مقعدًا في البرملان ليس مجانيا». وأشار إلى أن «صلوات الصدرين، السابقة أو ما قد يتم اإلعان عنه في املستقبل، تظهر شعبية مذهلة للتيار الصدري، مع تراجع االنتقادات له وازديـــاد مقبولية الصدرين في الشارع، وهو ما سيضع الصدر في املستقبل القريب، في قيادة حركة التغيير املنتظرة».

عصام حسين: تخشى أطراف من عودة الصدر للمشهد السياسي

أمـــــا عـــضـــو «اإلطــــــ­ــار الــتــنــ­ســيــقــي»، الــنــائـ­ـب مــحــمــد الـــصـــي­ـــهـــود، فـــكـــان لـــه رأي مـخـالـف بقوله: «ال نعتقد أن هـذه الصاة والخطب املـــوحــ­ـدة تـمـثـل خـــطـــور­ة عــلــى الــحــكــ­ومــة أو األحزاب الداعمة لها، ما دامت ضمن تعريف الــصــاة، ولـغـايـة اآلن لــم نلحظ أن تحولت هـــذه الــصــلــ­وات إلـــى طـــرق تـحـريـضـي­ـة ٍضد أطــراف سياسية مـا». وشــدد في حديث مع «الــعــربـ­ـي الـــجـــد­يـــد»، عــلــى أن «قــــوى اإلطـــار الــتــنــ­ســيــقــي رفـــضـــت ولـــــم تــقــبــل بـــــأن يــكــون الصدر خارج العمل السياسي، لكن اإلرادة الـــصـــد­ريـــة اخـــتـــا­رت أن تــعــتــز­ل، ربــمــا لـهـذه الفترة فقط، وال تزال هناك خطوط للتواصل مـــع الـــصـــد­ر وجـــمـــه­ـــوره، وأن املـــشـــ­اركـــة في العمل السياسي هـي حـق مـشـروع لجميع العراقين بشرط أن ال تكون املنافسة مبنية على أساس اإلقصاء وتحييد اآلخرين». بــــدوره، رأى أســتــاذ اإلعـــام فــي جامعة أهل البيت في كرباء غالب الدعمي، أن «الصلوات املــوحــد­ة للتيار الــصــدري، هـي شكل عبادي مــــــعــ­ــــروف عــــــن آل الــــــصـ­ـــــدر، لــــكــــ­ن املـــــعـ­ــــروف والشائع بن عموم العراقين أن الفعاليات الجماهيرية للتيارات الدينية أو السياسية عـــادة مـا تحمل أهــدافــا سياسية، تـكـون هي األســـاس مـن الفعالية، وإن لـم تكن األســاس فــهــي حــتــمــا مـــوجـــو­دة فـــي أذهــــــا­ن املـنـظـمـ­ن لــهــذه الــفــعــ­الــيــات». وأوضـــــح فـــي حـــديـــث مع «العربي الجديد»، أن «الصاة األخيرة التي دعـــا لـهـا الــصــدر وأقــيــمـ­ـت فــي مـــدن مـتـعـددة مــن الـــبـــا­د، هــي فــرصــة إلظــهــار قـــوة الـصـدر من جهة، ومنح الصدرين فرصة االجتماع والتباحث من جهة أخرى، لكن في الحقيقة، فــإن قــرار الـعـودة للعمل السياسي مـن جهة التيار الصدري تخضع إلرادة الصدر وحده الذي تشير كل املعطيات إلى أنه سيعود، لكن بوابة العودة غير واضحة بالنسبة لنا».

 ?? (أسعد نيازي/فرانس برس) ?? أنصار الصدر في الناصرية، سبتمبر الماضي
(أسعد نيازي/فرانس برس) أنصار الصدر في الناصرية، سبتمبر الماضي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar