Al Araby Al Jadeed

تقارب أنقرة ودمشق

هل يلبي نظام األسد شروط االنسحاب التركي من سورية؟

- باريس ـ عدنان أحمد

بات ملف االنسحاب التركي من سورية مطروحًا للنقاش، وفق شروط وضعتها أنقرة تنتظر قابلية النظام السوري لتطبيقها، وأبرزها ترجمة مفاعيل القرار ،2254 وتفاعل النظام مع عودة الالجئين من تركيا. وفي حين يرى محللون أن الطرفين يضعان شروطًا مسبقة بالنسبة

مـــــع تـــــواصـ­ــــل الــــجـــ­ـهــــود الـــروســ­ـيـــة لـــجـــمـ­ــع وزيـــــــ­ــري خــــارجــ­ــيــــة تــركــيــ­ا مـــولـــو­د جـــــاووش أوغـــلـــ­و والــنــظـ­ـام الـسـوري فيصل املـقـداد، كخطوة إضافية في ســيــاق االنــفــت­ــاح الـتـركـي عـلـى الــنــظــ­ام، تمهد الجــتــمـ­ـاع عــلــى مــســتــو­ى أعـــلـــى بـــن الــرئــيـ­ـس التركي رجـب طيب أردوغـــان ورئيس النظام الــســوري بـشـار األســـد، تـبـرز مـواقـف مختلفة من الطرفن املعنين، تحاول إظهار التمسك باملواقف األساسية لكل طرف، مع عدم وضع «شروط مسبقة» قد تحبط هذه الجهود، بناء على طلب كما يبدو من الجانب الروسي بأال تـتـم عـرقـلـة جــهــوده لــرفــع مـسـتـوى الـتـواصـل بن الجانبن. وفي إطـار هذه «املـرونـة» التي تبديها تركيا لتسهيل الجهود الروسية، أكد مسؤول أمني تركي وصف بـ «رفيع املستوى» اسـتـعـداد بـــاده لـطـرح جميع املـواضـيـ­ع على طــاولــة الــحــوار مــع الـنـظـام الـــســـو­ري، بـمـا في ذلـك انسحاب الـقـوات التركية كليا أو جزئيا من سورية. وقال املسؤول ملوقع «بي بي سي تورك»، إن العمليات العسكرية التي تمت في سـوريـة كانت بالتنسيق مـع روسـيـا، ونقاط املـراقـبـ­ة املــوجــو­دة فـي إدلـــب، كانت منسجمة مـع االتـفـاقـ­ات الـتـي توصلت إليها أنـقـرة مع مـــوســـك­ـــو وطـــــهــ­ـــران، مــضــيــف­ــا أنـــــه «ال تــوجــد خـــطـــوط حـــمـــرا­ء وشــــــرو­ط مـسـبـقـة مــطــروحـ­ـة عـلـى الــطــاول­ــة الــيــوم، ويـمـكـن الــتـفــا­وض على أي موضوع، بما في ذلك االنسحاب الكلي أو الجزئي للقوات التركية من سورية». والــواقــ­ع أن إعــان تركيا استعدادها لسحب قـــواتـــ­هـــا مــــن األراضــــ­ــــي الـــســـو­ريـــة لـــيـــس أمــــرًا جــــديـــ­ـدًا، وســـبـــق أن تـــحـــدث عـــن ذلــــك الــعــديـ­ـد

مــن املـسـؤولـ­ن األتـــــر­اك، بـمـن فيهم أردوغــــا­ن، مؤكدين أن «ال أطــمــاع» لتركيا فـي األراضـــي السورية. والجديد اليوم أن مسألة االنسحاب التركي مـن األراضـــي السورية تطرح فـي ظل حوار معلن بدأ بن الطرفن، ما ينقل القضية من الحديث العمومي واملبدئي عن االستعداد لانسحاب حـاملـا تتوفر شــروطــه، إلــى بحث خــــطــــ­وات عـــمـــلـ­ــيـــة، أو وضـــــع جــــــــد­اول زمــنــيــ­ة لــتــحــق­ــيــق هـــــذا االنــــسـ­ـــحــــاب. وبـــــــر­أي مـحـلـلـن فـإن «شــروط االنسحاب» لم تتوفر بعد، وأن األمر يقع على عاتق النظام السوري لتوفير هــــذه الــــشـــ­ـروط. وحـــــول ذلـــــك، يـــقـــول الــقــيــ­ادي فـي املعارضة السورية العميد فاتح حسون لـ«العربي الـجـديـد»، إن تصريحات املسؤول األمـــنــ­ـي الــتــركـ­ـي املـــذكــ­ـورة تــؤكــد أن «الـــحـــو­ار الــــذي تـــريـــد­ه تـركـيـا مـــن نــظــام األســــد مفتوح وغير مشروط، بما فيه الحوار حول الشروط الــــتـــ­ـي وضـــعـــه­ـــا الــــنـــ­ـظــــام مــــن أجــــــل مــوافــقـ­ـتــه على الــحــوار نـفـسـه». ويشير إلــى أن «جميع املواضيع املطروحة للحوار كانت قد طرحت سابقا بشكل غير مباشر عن طريق دول مثل روسيا، أو بشكل مباشر عن طريق االتصاالت األمـــنــ­ـيـــة». ويـــعـــر­ب حــســون عـــن اعــتــقــ­اده بــأن نـــظـــام األســــــ­د ال يـــريـــد حــــــــو­ارًا ذا مــعــنــى مـع الجانب التركي، وال أي حـوار يمكن أن يقود إلـــى تطبيق الــقــرار ،2254 الــقــرار الـــذي تعلن تركيا أنها تسعى لتطبيقه بحوارها مع نظام األسد. ويرى أن تركيا «تريد حشر النظام في الزاوية، وإظهاره بأنه غير راغب وكذلك غير قادر على تحقيق طلبات تركيا أوال، واملضي بإيجابية في العملية السياسية». مـــن جــهــتــه، يـــرى الــبــاحـ­ـث فـــي «مـــركـــز جـسـور لــلــدراس­ــات»، وائــل عـلـوان، أن تركيا «تتفاعل بشكل كبير مـع الـجـهـود الـروسـيـة وال تضع

شروطا مسبقة للجلوس إلى الطاولة، لكن في الواقع هناك شروط مسبقة يضعها الطرفان بالنسبة لــأهــداف املـتـوخـا­ة مـن هــذا الـحـوار بـالـنـسـب­ـة لـكـل مـنـهـمـا». ويـــوضـــ­ح عـــلـــوا­ن في حديث مع «العربي الجديد»، أن «تركيا تريد ضمانات لحل سياسي، بينما يطالب النظام بتحديد موعد لانسحاب التركي الكامل من سورية. وهذه أمور طرحت خال لقاء موسكو الـــذي جمع وزراء دفـــاع األطــــرا­ف املعنية 28( ديسمبر/كانون األول املاضي)، وكان الجواب التركي: (نعم سننسحب عندما يكون هناك حل سياسي في سورية)». ويضيف علوان أن «هــذا موقف الـــدول األخـــرى أيضا التي تقول إنها ستنسحب حاملا يتم التوصل إلى حلول سياسية نهائية في سـوريـة». ويلفت إلـى أن «تـفـاعـل الـنـظـام الــســوري وتـعـاونـه فـي عـودة الـــاجـــ­ئـــن ومـــحـــا­ربـــة املـــجـــ­مـــوعـــا­ت املــتــطـ­ـرفــة واالنـفـصـ­الـيـة، يقابلها تفاعل تـركـي باتجاه التطبيع مع النظام واالنسحاب من األراضي الـسـوريـة، وحـتـى الــواليــ­ات املـتـحـدة تـقـول إن

بــقــاء الــنــظــ­ام ورفــــع الــعــقــ­وبــات عــنــه، مـرتـبـط باستجابته مع جهود الحل السياسي، لكن النظام ال يستطيع املضي قدما بهذا االتجاه، وهـو يتعرض لضغوط إيرانية قوية تمنعه مـــن االســـتــ­ـجـــابـــ­ة وتــحــقــ­يــق تـــقـــدم فـــي املــســار السياسي، وتقديم ضمانات سواء للمجتمع املحلي في سورية، أو لدول الجوار». وفـــــــي ســـــيـــ­ــاق الــــبـــ­ـحــــث عـــــن «حـــــلـــ­ــول وســـــط» بـــن الــجــانـ­ـبــن تـتـيـح تـلـبـيـة مـطـالـبـه­ـمـا ولــو بـشـكـل جــزئــي، قـــال عـضـو «مـجـلـس الـشـعـب»

(البرملان) لدى النظام السوري، عضو اللجنة الدستورية، صـفـوان قـربـي، فـي حـديـث ملوقع «بي بي سي تــورك»، إنه «يجب إعـادة تأهيل فصائل املعارضة املسلحة، بالقوة أو بالحلول الـلـيـنـة، وإدمــاجــ­هــم فــي الـعـمـلـي­ـة الـسـيـاسـ­يـة، واالستفادة من تجربة درعا، جنوبي سورية». واملقصود هو تسوية عام .2018 وكشف قائد عسكري من املعارضة السورية املوجودة في إدلـــب للموقع نـفـسـه، أن «الـسـلـطـا­ت التركية اقترحت عليهم تجربة درعا»، مشيرًا إلى أنه «في حال حصل تقارب سياسي ستطرح هذه الفكرة على الطاولة. وليس من الواضح بشكل دقيق ما هو املقصود بتجربة درعــا، لكن ما حــــدث هـــنـــاك أن الــفــصــ­ائــل املــســلـ­ـحــة الــتــزمـ­ـت بـــمـــوج­ـــب اتــــفـــ­ـاق الـــتـــس­ـــويـــة عـــــام 2018 عـلـى تسليم سـاحـهـا الثقيل واملــتــو­ســط للنظام، واالحــتــ­فــاظ بـالـسـاح الخفيف للحفاظ على األمـــن فــي مـنـاطـقـه­ـا، فــي مـقـابـل قــيــام النظام بـتـحـقـيـ­ق بــعــض املــطــال­ــب مــثــل إطــــاق ســـراح املـعـتـقـ­لـن فــي سـجـونـه وعــــودة املــوظــف­ــن في الدولة إلى أعمالهم، ووقف املاحقات األمنية. وطــبــعــ­ا، لـــم يــلــتــز­م الــنــظــ­ام بــــوعـــ­ـوده، كــمــا أن املـــجـــ­مـــوعـــا­ت املـــحـــ­لـــيـــة احـــتـــف­ـــظـــت بــســاحــ­هــا فـــي مـعـظـم املــنــاط­ــق. وتـعـيـش املـحـافـظ­ـة منذ ذلـــك االتـــفــ­ـاق أســـوأ حــالــة أمـنـيـة، مــع تصاعد االغــتــي­ــاالت والـتـفـجـ­يـرات وعـمـلـيـا­ت الخطف واالعتقال، التي أصبحت يومية». وبــالــنـ­ـســبــة لــجــهــو­د روســـيـــ­ا إلدمــــــ­اج «قــــوات سوريا الديمقراطي­ة» (قسد) في قوات النظام الرسمية، فــإن تركيا تتوجس مـن ذلــك أيضا

مسؤول أمني تركي: موضوع انسحاب القوات التركية مطروح

قائد عسكري من المعارضة: تركيا اقترحت استنساخ تجربة درعا

وفق مسؤول تركي آخر صرح ملوقع «بي بي سي تورك»: «بسبب ضبابية طريقة دمج هذه الــوحــدا­ت فـي جيش الـنـظـام، وآلـيـة تمركزها في سورية، وطريقة التفاهم بن األطراف في هـذا الخصوص». وتشير تسريبات إعامية إلى أن روسيا تعمل على إقناع تركيا بنسخة معدلة من اتفاق أضنة األمني املوقع في عام ،1998 الـذي يسمح للجيش التركي بالتوغل داخل األراضي السورية بعمق 5 كيلومترات، فـــي حــــال عــــدم قـــــدرة قـــــوات الـــنـــظ­ـــام الـــســـو­ري على مـواجـهـة حــزب «الـعـمـال الـكـردسـت­ـانـي». وبـــالـــ­تـــالـــي ســيــتــم­ــكــن الـــجـــي­ـــش مــــع الــتــعــ­ديــل الـــجـــد­يـــد مــــن الـــتـــو­غـــل مـــســـاف­ـــة 32 كــيــلــو­مــتــرًا فـــي حــــال دعــــت الـــحـــا­جـــة، عــلــى أن يــكــون ذلــك بالتنسيق مع قوات النظام السوري املنتشرة في املنطقة. في حال نجحت روسيا في تمرير هـــذا الـتـعـديـ­ل، الـــذي قــد ال يــواجــه بمعارضة قوية من النظام، إذا حصل على تعهد تركي باالنسحاب الكامل أو الجزئي مـن األراضــي السورية، فانه سيشكل «اختراقا» في العاقات بــن الــجــانـ­ـبــن، كـمـا يــقــول املـحـلـل السياسي غازي دحمان. ويضيف دحمان في حديث مع «العربي الجديد»، أن كا الطرفن قد يجدان في اتفاق من هذا القبيل خطوة مقبولة وحا وسطا يمهد للبحث في الترتيبات الاحقة، مثل تشكيل دوريــــات مشتركة لضبط األمــن عبر الــحــدود، فـضـا عـن أن مثل هــذا االتـفـاق يعيد النظام إلــى املشهد السياسي بوصفه طــرفــا شــرعــيــ­ا، يـسـتـطـيـ­ع عــقــد االتـــفــ­ـاقـــات مع دول الجوار. من جهتها، ستستفيد تركيا من مـثـل هـــذا االتــفــا­ق بمنحها حــق الــتــدخـ­ـل، في الـوقـت الـــذي تــرى أنــه ضـــروري للحفاظ على أمنها، سواء برًا أم من خال القصف الجوي. كما أن هــذا االتـفـاق سيجعل النظام وتركيا طـرفـا واحـــدًا فـي مواجهة «قــســد»، وداعميها األمـيـركـ­يـن، مما يقطع أي احـتـمـال للتقارب بن النظام و«قسد».

إلى األهداف المتوخاة من الحوار بينهما، تشير تسريبات إعالمية إلى أن روسيا تعمل على إقناع تركيا بنسخة معدلة من اتفاق أضنة األمني الموقع في عام ،1998 تسمح لها، بالتنسيق مع قوات النظام، بالتوغل لمسافة 32 كيلومترًا داخل سورية

 ?? ??
 ?? (بكر القاسم/فرانس برس) ?? دبابة تركية في عفرين، أكتوبر الماضي
(بكر القاسم/فرانس برس) دبابة تركية في عفرين، أكتوبر الماضي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar