Al Araby Al Jadeed

ألمانيا ودبّابات «ليوبارد»... لماذا التردد؟

تنتظر ألمانيا حسم الكثير من الهواجس السياسية بينها وبين حلفائها، قبل أن تعطي موافقتها على تزويد أوكرانيا بدبابات «ليوبارد»

-

«مــعــضــل­ــة أخـــاقـــ­يـــة»، مــصــالــ­ح مـــع روســـيـــ­ا، معارضة للحرب في الداخل، درس التاريخ، أم نـــقـــاش ال يـــــزال يـنـتـظـر الـــحـــس­ـــم؟ تـتـنـوع األســـــب­ـــــاب الــــتـــ­ـي يـــمـــكـ­ــن مــــن خـــالـــه­ـــا قـــــراءة املوقف األملاني املتردد في تسليم أوكرانيا دبابات القتال الرئيسية «ليوبارد 2»، التي تصنعها بــرلــن، وتــــزود بـهـا دوال عـــدة في أوروبـــــ­ا، ويـنـظـر إلـيـهـا الــيــوم، عـلـى أنـهـا قد تصنع سريعًا النصر األوكراني. ورغم تزايد الضغط السياسي واإلعامي من قبل حلفاء برلن، عليها، للموافقة على تزويد الجيش األوكراني وسريعًا بهذا الطراز من الدبابات، مـــع دخـــــول الـــحـــر­ب مــرحــلــ­ة تــبــاطــ­ؤ بسبب الشتاء، وتحسبًا لعملية روسية مباغتة، إال أن املستشار األملـانـي أوالف شولتز ال يـزال يتأنى، فيما يتعرض وزيـــر دفـاعـه الجديد بـــــوريـ­ــــس بـــيـــسـ­ــتـــوريـ­ــوس لـــلـــضـ­ــغـــط أيـــضـــًا، واعتبار أن «ليوبارد »2 ستشكل االختبار األهــــم لـــه. لـكـن وضـــع بــرلــن شــرطــًا لتسليم كييف هذا النوع من الدبابات، وهو تسليم واشـنـطـن أيـضـًا لكييف دبـابـاتـه­ـا القتالية األكــثــر تـحـديـثـًا، لـيـس جـــديـــدًا، كـمـا أن ربـط التلكؤ األملاني بشخص وزير الدفاع، سواء أكان بيستوريوس أم وزيرة الدفاع املستقيلة كريستن المــبــرخ­ــت، ال يـعـبـر بــوضــوح عن وجهة النظر األملانية في الحرب التي ظلت متراجعة خلف الواليات املتحدة وبريطانيا وفــرنــسـ­ـا. ويـــرى مـتـابـعـو­ن، أن شـولـتـز «هـو الرجل الذي يكثر في الكام، ثم يجلس على الـكـرسـي»، بحسب تعبير مجلة «أتـانـتـك» األميركية في أكتوبر/تشرين األول املاضي، عـلـمـًا أن بــرلــن تـحـتـل املــرتــب­ــة الــثــالـ­ـثــة بعد واشنطن ولندن في تسليح كييف منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط املاضي. وانتقدت أوكرانيا أمس بشكل غير مباشر تـــردد أملـانـيـا فـي تسليمها الــدبــاب­ــات، فيما أشـــاد وزيـــر الــدفــاع األمـيـركـ­ي لـويـد أوســنت، أمس، خال لقائه نظيره األملاني في برلن، باملساهمة األملانية لدعم كييف. وجاء اللقاء قبل يوم من اجتماع مقرر لحلفاء أوكرانيا الغربين ومــزوديــ­هــا باألسلحة فـي قاعدة رامشتاين التي تديرها الواليات املتحدة في أملانيا، وهو اجتماع يأمل منه األوكرانيو­ن أن يسرع في تزويد بادهم باألسلحة التي يــحــتــا­جــونــهــ­ا إلحــــــد­اث انــعــطــ­افــة قـــويـــة في الحرب التي تقترب من إنهاء عامها األول. وأصـــبـــ­حـــت كـــــل األعــــــ­ن مــســلــط­ــة عـــلـــى لـــون الدخان الـذي سيتصاعد من برلن ومن فم املستشار األملـانـي عـن الـحـزب الديمقراطي االجتماعي، فيما تسرب أمس مجددًا شرط أملـــانــ­ـيـــا لـــتـــزو­يـــد الــــ«لـــيـــوب­ـــارد 2»، بــتــزويـ­ـد أميركا الجيش األوكراني بدبابات «أبرامز». وتبدو لحظة الضغط الغربي املرتفع على برلن مفهومة، مع تغييرها وزيرة دفاعها، وفيما يـحـذر حلف شـمـال األطـلـسـي مـن أن الــهــجــ­وم املـــضـــ­اد الـــروســ­ـي قـــد يــبــدأ فـــي أي لــحــظــة، بـيـنـمـا يـخـسـر الــجــيــ­ش األوكـــرا­نـــي املــزيــد مــن دبــابــات­ــه سوفييتية الـصـنـع. من جهتها، ال تـبـدو بـرلـن، وكـأنـهـا تـريـد منح اإلشــــــ­ارة بــعــد تـغـيـيـر رأس وزارة دفــاعــهـ­ـا، بأنها ذاهبة إلى تحول كبير في سياستها (وهـــو رأي ينسحب أيـضـًا على املـواطـنـ­ن، رغــم ضـغـوط مـن معسكر مـعـاكـس) الـتـي ال تزال حتى اللحظة، تريد الوصول إلى نقطة تفاهم مع الروس وتجنب إطالة أمد الحرب. كــمــا أن الـــقـــي­ـــادة األملـــان­ـــيـــة تــعــتــب­ــر، أن منح «ليوبارد 2»، أو «أبرامز»، يعني إعان حرب غربيًا شـامـا على روسـيـا. وتسعى أملانيا ألن تلعب فـي املـسـاحـة الــوســط، تمامًا كأن يكون أكبر تجمع اليوم الجمعة منعقدا على أراضيها، ولكن في قاعدة أميركية. ولـيـس جـديـدًا مـا كـشـف عـن اشــتــراط برلن بـــأن تـسـلـم ســويــة مــع واشــنــطـ­ـن، الــدبــاب­ــات، الـــتـــي يــعــتــق­ــد أنـــهـــا ســـتـــحـ­ــدث فــــارقــ­ــًا كـبـيـرًا بمجريات الحرب، ويأتي الضغط إلشراكها فـي الـوقـت الــذي توقعت فيه االستخبارا­ت الـــبـــر­يـــطـــان­ـــيـــة أخــــــيـ­ـــــرًا، أن تـــتـــجـ­ــه روســــيــ­ــا الستخدام عدد صغير من دباباتها القتالية الـــجـــد­يـــدة «تــــي 14 أرمــــاتـ­ـــا» فـــي أوكـــرانـ­ــيـــا، ألغراض وصفتها بالدعائية. فمنذ الصيف

تشترط برلين أن ترسل واشنطن دبابات أبرامز إلى كييف

املاضي، يشتد الطلب الفرنسي والبريطاني مــــــن أملـــــان­ـــــيــــ­ـا، بـــــرفــ­ـــد الــــجـــ­ـيــــش األوكـــــ­ـرانــــــ­ي بـ «ليوبارد»، وهو طلب كان األملان حاسمن تــجــاهــ­ه، بــاشــتــ­راطــهــم رؤيـــــة كـــل الـــدبـــ­ابـــات الــغــربـ­ـيــة تـسـبـق الــــ«لـــيـــوب­ـــارد» إلــــى سـاحـة الــقــتــ­ال. ووعـــــدت بـريـطـانـ­يـا أخـــيـــرًا بتقديم 14 دبابة من نوع «تشالنجر »2 ألوكرانيا، فــيــمــا تــــســــ­رب أن فـــرنـــس­ـــا تــــــدرس احــتــمــ­ال توريد دبابات «لوكلير» إلى كييف (بحسب بوليتيكو)، بعدما سلمتها دبابات قتالية خفيفة من طراز «آي أم إكس 10 آرسي». لــــكــــ­ن حــــســــ­م مــــســــ­ألــــة الــــــدب­ــــــابــ­ــــات، يــنــتــظ­ــر حـسـم الـكـثـيـر مــن «الـــهـــو­اجـــس» بــن أملـانـيـا والـــــوا­ليـــــات املـــتـــ­حـــدة، فــيــمــا تــبــقــى األولـــــ­ى تراوح في دائرة «اتهامات» غربية بالتنازل

لـــروســـ­يـــا (والــــــص­ــــــن). ويـــــتــ­ـــوازى ذلــــــك، مـع نـظـرة مــن الــداخــل األملــانـ­ـي، تـدعـو ملـزيـد من االســتــق­ــالــيــة فـــي الــــقـــ­ـرار، وعـــــدم الــثــقــ­ة في الحليف األمـيـركـ­ي، بـاإلضـافـ­ة إلــى التمسك بــســيــا­ســة سـلـمـيـة انـتـهـجـت­ـهـا أملـــانــ­ـيـــا منذ نـهـايـة الــحــرب الـعـاملـي­ـة الـثـانـيـ­ة، وكرستها بـعـد ســقــوط جــــدار بـــرلـــن. وتـــقـــو­ل املــدرســ­ة األملانية، في هذا اإلطار، إن عاقات التجارة والغاز التي بنتها مع روسيا بعد الحرب، هي الطريق إلى «السام» في أوروبا، وليس «الردع األميركي النووي». ولـهـذه األسـبـاب، كــرر مـسـؤول أملـانـي أمـس، لوكالة «رويــتــرز»، قــول برلن إنها سترفع الــفــيــ­تــو عــــن تــســلــي­ــم الـــــ«لــــيــــ­وبــــارد»، مــــا أن تــرســل واشـنـطـن دبـــابـــ­ات «أبـــرامــ­ـز»، والـتـي تقول وزارة الـدفـاع األميركية (البنتاغون) إنها ليست مائمة ألوكـرانـي­ـا، ألنها تعمل بـــمـــحـ­ــركـــات تــــوربــ­ــن تـــحـــتـ­ــاج إلــــــى الــكــثــ­يــر مــــن الــــفـــ­ـيــــول، مــــا ســـيـــره­ـــق نــــظــــ­ام الــجــيــ­ش األوكـــــ­رانـــــي. كــمــا أن نــقــل الــــ«لـــيـــوب­ـــارد» من فنلندا أو بولندا، اللتن أعلنتا موافقتهما على إرســـال الـدبـابـا­ت األملـانـي­ـة مـا أن ترفع بــرلــن الــفــيــ­تــو، بـــاإلضــ­ـافـــة إلــــى دول أخـــرى أكــدت استعدادها لـذلـك، أسـهـل. وأكــد كبير مـسـتـشـار­ي الـبـنـتـا­غـون، كــولــن كــاهــل، أول مـــن أمـــــس، إن دبـــابـــ­ات «أبــــرامـ­ـــز» لـــن تـكـون على األرجـح مشمولة في حزمة املساعدات األخيرة إلى كييف، البالغة قيمتها ملياري دوالر، والتي ستضم مركبات القتال املدرعة من طرازي «برادلي» و«سترايكر». وتـــواجــ­ـه أملــانــي­ــا، الـــيـــو­م الــجــمــ­عــة، األسـئـلـة الصعبة، واعتبر توماس كلن بروكهوف، وهــو خبير عـاقـات خـارجـيـة فـي مؤسسة «جـــــرمــ­ـــان مـــــارشـ­ــــال فـــــانــ­ـــد»، فـــــي تــصــريــ­ح لـصـحـيـفـ­ة «نـــيـــوي­ـــورك تـــايـــم­ـــز»، إن أهــــم ما يـمـكـن أن يـــخـــرج عـــن االجـــتــ­ـمـــاع الـــيـــو­م في قاعدة رامشتاين، هو إنشاء «كونسورتيوم أوروبي لليوبارد»، لكن «املفتاح يبقى عند أملانيا»، وتحديدًا في يد املستشار ووزيـر الــــــدف­ــــــاع، الـــلـــذ­يـــن ال تــــــزال مــواقــفـ­ـهــمــا فـي املنطقة الرمادية.

 ?? (عبد الحميد حسباس/األناضول) ?? وعد بيستوريوس بمواصلة دعم أوكرانيا
(عبد الحميد حسباس/األناضول) وعد بيستوريوس بمواصلة دعم أوكرانيا

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar