الصراع على رئاسة اللجان يهدد عمل البرلمان العراقي
يهدد الصراع على رئاسة اللجان النيابية في البرلمان العراقي استمراريته، في ظل تنامي الخالفات داخل صفوف بعض الكتل
مــــع اســـتـــئـــنـــاف جـــلـــســـات الـــبـــرملـــان الـــعـــراقـــي، ضمن فصله التشريعي الثاني، مطلع شهر يـنـايـر/ كـانـون الـثـانـي الـحـالـي، عــاد الـصـراع بـن مختلف الكتل البرملانية، بما فيها تلك املــــوجــــودة فـــي تــحــالــف واحــــــد، عــلــى رئــاســة اللجان النيابية. ودفـع هـذا األمـر إلـى تأجيل عقد جلستن كانتا مقررتن األسبوع املاضي، بينما قرر البرملان رفع جلسته األخيرة، أول من أمس األربعاء، حتى إشعار آخر، في إجراء يــهــدف إلـــى كـسـب مــزيــد مــن الــوقــت للتوصل إلى تفاهمات بن زعماء الكتل بشأن رئاسة تـلـك الــلــجــان، وســـط تهميش واضـــح للنواب املــســتــقــلــن واملـــدنـــيـــن، الـــذيـــن تـــم إقــصــاؤهــم من عضوية بعض اللجان املهمة حتى، مثل اللجنة املـالـيـة ولـجـنـة الـنـزاهـة ولـجـنـة األمــن والـــــدفـــــاع. واعـــتـــمـــد الـــبـــرملـــان الــــعــــراقــــي، مـنـذ الدورات البرملانية السابقة، مبدأ املحاصصة آلـــيـــة لــتــوزيــع أعـــضـــاء الـــبـــرملـــان عــلــى الـلـجـان وتــقــســيــم رئـــاســـاتـــهـــا. وهـــــذا املـــبـــدأ يــتــم وفــق الثقل أو الحجم البرملاني لكل كتلة وفقًا لعدد مقاعدها. كما تقسم اللجان إلــى تصنيفات وفق أحـرف األبجدية مثل «أ، ب، ج»، بحسب أهمية كل لجنة، وعلى مبدأ تقسيم الحقائب الوزارية من سيادية وغير سيادية. وتــــحــــدث نــــــواب لــــ «الـــعـــربـــي الــــجــــديــــد»، أمـــس الجمعة، عن وجـود «خافات عميقة»، بشأن رئاسة اللجان النيابية في البرملان العراقي.
وأكـــد نــائــب طـلـب عـــدم الـكـشـف عــن اســمــه في تصريحات لـ«العربي الجديد»، أن «الخافات وصلت إلى داخل التحالفات الواحدة، ويشهد اإلطــــــار الـتـنـسـيـقـي مــشــكــات داخـــلـــيـــة بـشـأن رئـــاســـة الـــلـــجـــان، والـــحـــال نـفـسـه فـــي تـحـالـف السيادة وتحالف العزم، إضافة إلى الخاف بن القوى السياسية الكردية». وأشار النائب إلى أن «الخافات دفعت رئاسة مــجــلــس الــــنــــواب إلـــــى تـــأجـــيـــل عـــقـــد جــلــســات البرملان خــال اليومن املاضين. كما رفعت الــجــلــســة األخــــيــــرة األربـــــعـــــاء املــــاضــــي، حـتـى إشعار آخر، بعد التصويت على إلغاء قرارات جـلـسـات سـابـقـة تـخـص تــوزيــع الـــنـــواب على اللجان البرملانية الدائمة، وإعــادة التصويت مجددًا على أعضاء تلك اللجان وعددها .»25 وكــان البرملان قد أقــر في مايو/ أيــار املاضي أعضاء اللجان البرملانية، بعد جدل سياسي دام عــدة أشـهـر بسبب خـافـات بـشـأن توزيع الـــنـــواب عـلـيـهـا، لـكـنـه أعــــاد األربـــعـــاء املـاضـي التصويت مجددًا على أعضائها بعد توافق ســـيـــاســـي بــشــأنــهــا وســـــط فـــشـــل فــــي اخــتــيــار رؤساء تلك اللجان. ووفــــقــــًا لــلــنــائــب الــــــذي تـــحـــدث مــــع «الـــعـــربـــي الجديد» فـإن «رئاسة مجلس النواب طالبت القوى السياسية بضرورة استمرار االجتماع لـــحـــســـم الـــــخـــــافـــــات حـــــــول رئـــــاســـــة الـــلـــجـــان الـــبـــرملـــانـــيـــة، ومـــــن أجـــــل عـــــدم تــعــطــيــل الـعـمـل البرملاني مع بداية الفصل التشريعي، لوجود قوانن مهمة تحتاج إلى قــراءة أولـى وثانية ثم التصويت عليها. لكن بعض القوى حذرت رئـــاســـة الـــبـــرملـــان مـــن الــعــمــل عــلــى الـتـصـويـت على رئاسة أي لجنة نيابية، من دون اتفاق سـيـاسـي مـسـبـق، فــاألمــر ربــمــا يـصـل ملرحلة مقاطعة الجلسات». وأرجأ البرملان حسم رئاسة اللجان إلى فصله الــتــشــريــعــي الــثــانــي الـــــذي بــــدأ مـطـلـع الـشـهـر الــحــالــي، بـعـد تــعــذر حـسـم الــخــافــات حولها وانــتــهــاء أعــمــال الـفـصـل الـتـشـريـعـي. وتتركز الخافات داخل الكتل السياسية في البرملان على رئاسة اللجان الدائمة، خصوصًا املهمة،
مثل لجان الطاقة، واألمــن والـدفـاع، والنزاهة واملالية، والعاقات الخارجية. مـــن جــهــتــه، قــــال الـــنـــائـــب عـــن ائـــتـــاف «دولــــة الـــقـــانـــون»، عــقــيــل الـــفـــتـــاوي، فـــي حـــديـــث مع «العربي الجديد»، إن «أروقــة مجلس النواب تـشـهـد خـــافـــات عـمـيـقـة مـــا بـــن الــكــتــل بـشـأن رئاسة اللجان النيابية الدائمة وال يوجد أي اتـفـاق حــول حسم أي مـن رئـاسـة تلك اللجان حـــتـــى الـــــســـــاعـــــة». وكــــشــــف أن «املــــفــــاوضــــات
نائب: يشهد اإلطار التنسيقي مشكالت داخلية بشأن رئاسة اللجان
مـسـتـمـرة بـــن مـمـثـلـي الـــقـــوى الـسـيـاسـيـة في الـــبـــرملـــان لــلــوصــول إلــــى حـــلـــول، ملــنــع تعطيل الـعـمـل الــرقــابــي، لـكـن حـتـى الـسـاعـة ال بـــوادر لحل تلك الخافات». وأضـــــاف الـــفـــتـــاوي أن «آلـــيـــة تـــوزيـــع رئــاســة الـــلـــجـــان الـــبـــرملـــانـــيـــة الــــدائــــمــــة مــــا بــــن الــكــتــل مـــعـــروفـــة، وهــــي تــتــم بـحـسـب الــثــقــل الـنـيـابـي لكل كتلة، لكن الخاف حاصل بسبب إصرار بعض األطــراف السياسية على تسلم رئاسة لجان معينة. وهذا األمر يحصل في كل دورة برملانية، لكن حسم هذا امللف تأخر جدًا خال الــدورة البرملانية الحالية، خصوصًا أن عمر البرملان الحالي تجاوز السنة». في السياق نفسه، رأى القيادي في «االتحاد الـــوطـــنـــي الـــكـــردســـتـــانـــي» غـــيـــاث الـــســـروجـــي، فـي حـديـث مـع «العربي الـجـديـد»، أن «القوى الــســيــاســيــة تـــخـــوض صـــراعـــًا داخـــــل الــبــرملــان
بــشــأن رئـــاســـة الــلــجــان الــنــيــابــيــة، مـــع إصـــرار بـــعـــض األطـــــــــراف لـــاســـتـــحـــواذ عـــلـــى رئـــاســـة اللجان املهمة، وهذا ما سبب خافات عميقة دفـــعـــت لـتـعـطـيـل جـلـسـتـن ملـجــلــس الـــنـــواب». وكـــشـــف أن «اســــتــــمــــرار الــــخــــاف بــــن الــكــتــل يـهـدد بتعطيل العمل التشريعي والـرقـابـي، خصوصًا أن املجلس يترقب وصـــول قانون املوازنة املالية لسنة .»2023 وعــبــرت قــوى «التغيير الـديـمـقـراطـيـة»، التي تــضــم قــــوى ونــــوابــــًا يــمــثــلــون الـــتـــيـــار املــدنــي املـــعـــارض، واملـسـتـقـلـن مــمــن ال يـنـتـمـون إلــى جهات سياسية، عن استنكارها لـ«استبعاد الــــنــــواب املــســتــقــلــن مــــن الــتــمــثــيــل فــــي لــجــان برملانية يسعون للعمل فيها». وشـــددت في بــيــان نـشـرتـه عـلـى صفحتها الـرسـمـيـة على «تويتر»، على «دعمها للنواب املستهدفن»، داعــــيــــة «كــــافــــة الــــنــــواب الــــذيــــن يــمــثــلــون خـط املــعــارضــة والتغيير لنهج املـحـاصـصـة، إلـى الـوقـوف معًا وتوحيد الكلمة ومواجهة هذا النهج املشوه». مــــن جـــهـــتـــه، اعـــتـــبـــر الـــنـــائـــب املــســتــقــل هــــادي الـسـامـي، فـي حـديـث مـع «العربي الجديد»، أن «الــخــافــات بــن الكتل واألحــــزاب املتنفذة على رئـاسـة اللجان النيابية الـدائـمـة، دفعت إلــــى تــهــمــيـش الــــنــــواب املــســتــقــلــن واملــدنــيــن مــن رئــاســة أي لـجـنـة، بــل وصـــل األمـــر إلبـعـاد بعض الــنــواب املستقلن مـن عضوية بعض الـــلـــجـــان الـــنـــيـــابـــيـــة املــــهــــمــــة». وأشـــــــار إلـــــى أن «الــكــتــل واألحـــــــزاب املــتــنــفــذة بــعــد سيطرتها على الحكومة العراقية، تريد اآلن السيطرة عـــلـــى الــــبــــرملــــان، حـــتـــى تـــتـــحـــكـــم بــاملــشــهــديــن الحكومي والـبـرملـانـي، وهـــذا يعني استمرار عمليات الفشل والفساد، بسبب املحاصصة والصفقات السياسية». وشدد السامي على أن «الــــنــــواب املـسـتـقـلـن ســيــكــون لــهــم مـوقـف خــال الفترة املرحلة املقبلة، بعد تهميشهم من رئاسة اللجان النيابية الدائمة، فا يمكن السكوت على هذا التهميش واإلقصاء، ولدينا الكثير من الطرق القانونية يمكن من خالها نيل االستحقاق الدستوري لكل نائب».