البيرو: تظاهرات العاصمة تتوالى
تتوالى التظاهرات في العاصمة البيروفية ليما، بعدما كانت تحصل سابقًا خارجها، في خطوة تظهر إصرار المحتجين على مطالبهم، وأبرزها استقالة الرئيسة دينا بولوارتي
تواصلت التظاهرات في البيرو، التي بدأت تتمركز في الفترة األخيرة بالعاصمة ليما، حيث برزت تظاهرة جديدة، مساء أول من أمس الخميس، مع توجه آالف املتظاهرين، وكـــثـــيـــر مــنــهــم مــــن الـــســـكـــان األصـــلـــيـــني فـي جنوب الباد، إليها، مدفوعني بالغضب من ارتفاع عدد القتلى منذ اندالع االضطرابات الـشـهـر املــاضــي ودعــــوا إلـــى تغيير شـامـل. وسقط أكثر من 53 قتيا على األقـل، 600و جريح، وأوقف 193 شخصا، في اضطرابات تــلــت عــــزل الــرئــيــس بـــيـــدرو كـاسـتـيـو فـــي 7 ديــســمــبــر/ كـــانـــون األول املــــاضــــي، بتهمة «الـــــتـــــمـــــرد»، عـــبـــر مـــحـــاولـــتـــه حــــل الـــبـــرملـــان املعارض له. ويــــــوم الـــخـــمـــيـــس، أطـــلـــقـــت الـــشـــرطـــة الـــغـــاز املسيل للدموع في محاولة إلخضاع آالف املحتجني، الـذيـن كـانـوا يطالبون بإطاحة الرئيسة دينا بولوارتي وعودة كاستيو إلى السلطة. تجمع املتظاهرون في وسط ليما التاريخي واشتبكوا مـع قــوات األمــن التي منعتهم من الوصول إلى املباني الحكومية الرئيسية، بما في ذلك الكونغرس (البرملان)،
واملناطق التجارية والسكنية في العاصمة. وإلى جانب استقالة بولوارتي، كان أنصار الرئيس السابق يطالبون بحل الكونغرس وإجـــراء انتخابات فــوريــة، ووضـــع دستور جديد بدال من الدستور الحالي الذي يعود إلـــى عـهـد الـرئـيـس اليميني الــقــوي ألبرتو فوجيموري في التسعينيات. وأطــــلــــق نـــشـــطـــاء عـــلـــى تـــظـــاهـــرة الـخـمـيـس فـي ليما اســم مسيرة «كــواتــرو سـويـوس»، فـــي إشـــــارة إلــــى الــنــقــاط األســـاســـيـــة األربــــع إلمبراطورية اإلنكا، وهو االسم الذي أطلق عـلــى الـتـعـبـئـة الـضـخـمـة الــتــي تـــم حشدها فــــي عــــــام 2000 ضــــد فــــوجــــيــــمــــوري، الــــذي اســتــقــال بـعـد أشــهــر. وكــانــت الحـتـجـاجـات عام 2000 قيادة مركزية قائمة على تحالف أحــــــزاب لـــفـــوجـــيـــمـــوري، أمــــا االحــتــجــاجــات األخـيـرة فـي األسابيع املاضية، فهي أقـرب إلــــى حـــــراك شــعــبــي عـــفـــوي مـــن دون قــيــادة واضـــحـــة، وهـــو مــا تــرجــم مــســاء الخميس، بارتباك املتظاهرين، الذين لم يعرفوا إلى أيــن يتجهون، بعد االشـتـبـاك مـع الشرطة. وكـــان هـنـاك إحــبــاط واضـــح بــني املحتجني الـــذيـــن كـــانـــوا يــأمــلــون فـــي الــســيــر إلــــى حي مـــيـــرافـــلـــوريـــس، وهــــو حـــي رمـــــزي للنخبة االقتصادية. واعتبر املتظاهر ديفيد لوزادا، فـــي حـــديـــث لــوكــالــة «فـــرانـــس بـــــرس»، وهــو ينظر إلى صف من ضباط الشرطة يرتدون خوذات ويحملون دروعا تمنع املتظاهرين مـن مــغــادرة وســط الـعـاصـمـة: «ال أعـلـم بما يفكرون. هل يريدون إشعال حرب أهلية؟». قــالــت صـوفـيـا لـوبـيـزلـوكـالـة «أسـوشـيـيـتـد بـــــــرس»، وهـــــي تــجــلــس عـــلـــى مــقــعــد خــــارج املــــحــــكــــمــــة الــــعــــلــــيــــا فـــــــي الــــــــبــــــــاد: «نــــحــــن محاصرون. لقد حاولنا املرور عبر العديد من األماكن وانتهى بنا املطاف إلى السير فــي دوائـــــر». أمـــا فيرونيكا بـــاوكـــار، فقالت
للوكالة نفسها: «أشعر بالغضب. سنعود بسام»، للتظاهر في األيام املقبلة. وقــــــدرت الــشــرطــة عــــدد املــتــظــاهــريــن بنحو 3500 شخص، لكن آخرين قالوا إن املسيرة اجتذبت عددًا يصل إلى أكثر من ضعف ذلك الرقم. وواجهت صفوف من رجـال الشرطة يــــرتــــدون دروعــــــا واقـــيـــة مــحــتــجــني رشــقــوا الــــقــــوات بـــالـــحـــجـــارة فـــي بــعــض الــــشــــوارع، وانــدلــعــت الــنــيــران فـــي مـبـنـى تــاريــخــي في وســـــط املـــديـــنـــة فــــي وقـــــت مـــتـــأخـــر مــــن يـــوم الـخـمـيـس. وصـــرح قــائــد فــي إدارة اإلطــفــاء إلذاعـة محلية بأن املبنى الواقع في ساحة سان مارتن كان خاليا عندما اندلع حريق هائل ألسباب غير معروفة. وأفــادت شركة «هــــودبــــاي» لــلــتــعــديــن، ومــقــرهــا كـــنـــدا، في بيان، بـأن محتجني دخلوا موقع وحدتها في بيرو وألحقوا أضرارًا باآلالت واملركبات الرئيسية وأضرموا النار فيها. ونفى وزير الـــداخـــلـــيـــة فـيـسـنـتـي رومــــيــــرو مـــا تــداولــتــه وســائــل الــتــواصــل االجــتــمــاعــي بـــأن حريق لـيـمـا نــتــج عـــن قـنـبـلـة غــــاز مـسـيـل لـلـدمـوع أطلقها ضابط شرطة. وعلى مدار الشهر املاضي، أدت االحتجاجات إلى أسـوأ أعمال عنف في البيرو منذ أكثر مـن عقدين، مـع شعور العديد مـن املناطق الريفية الفقيرة بالغضب من حكومة ليما بسبب عــدم املــســاواة وارتــفــاع األســعــار، ما يعد اختبارًا للمؤسسات الديمقراطية في الــبــاد الـواقـعــة فــي منطقة األنــديــز الغنية بالنحاس. ونظمت االحتجاجات حتى اآلن بشكل رئيسي في جبال األنديز الجنوبية فــي الــبــيــرو، حـيـث قـطـعـت طــرقــات وأغـلـقـت مـــــطـــــارات ومـــــواقـــــع ســـيـــاحـــيـــة فـــــي الـــفـــتـــرة املـاضـيـة. أحـــداث دفعت إلــى استقالة وزيـر العمل إدواردو غارسيا، األسبوع املاضي.