إليسا... صاحبة آراء وتناقضات
منذ انطاقتها، قدمت إليسا أغاني عاطفية عن الحب والهجر والشوق واللقاء وفستان الـــــعـــــرس األبــــــيــــــض، وتــــوجــــهــــا جـــمـــهـــورهـــا «مــلــكــة عــلــى اإلحــــســــاس». لـيـسـت الــوحــيــدة التي تــؤدي هـذا اللون من مغنيات جيلها، ولكنها ربما األنشط على وسائل التواصل االجتماعي، وتحديدا «تويتر»؛ إذ ال تكتفي بـالـتـغـريـد عــن أخــبــار أعـمـالـهـا الـفـنـيـة، وال حــتــى بــاملــنــاكــفــات بـيـنـهـا وبـــن غــيــرهــا من املـغـنـيـات وجـمـاهـيـرهـن، كـمـا تفعل غيرها من الفنانات (والفنانن أيضا)، إنما واضح ملـن يتابعها هناك أنها قــررت أن تستخدم املنصة، وأحيانا أغانيها وكليباتها، إلعان آرائــهــا ومواقفها فـي املـواضـيـع السياسية واالجـتـمـاعـيـة، وأال تلتزم حيالها الحياد. ولــكــن إلـيـسـا ال تـكـيـل هـــذه اآلراء واملــواقــف بــمــكــيــال واحـــــــد، وانـــتـــقـــائـــيـــة فــــي الــقــضــايــا اإلنسانية التي تنحاز لها. مـنـذ بـضـع ســـنـــوات، ســانــدت إلـيـسـا الـنـسـاء وعبرت عن إدانتها للعنف األســري، وأهدت فــيــديــو كـلـيـب أغــنــيــة «يــــا مـــرايـــتـــي» لـلـنـسـاء املعنفات من قبل أزواجهن (من إخراج أنجي الـــجـــمـــال). يـــصـــور الـكـلـيـب قــصــة زوجــــة وأم يضربها زوجها، وتحاول إخفاء آثار العنف بمساحيق التجميل، إلـى أن تقرر أن تكسر صـمـتـهـا وتــغــيــر قـصـتـهـا، مــحــرضــة الـنـسـاء مــن خـــال هـــذا الـكـلـيـب عـلـى كـسـر صمتهن. وغـــردت بعيد إطـاقـه: «كــان هالكليب دعـوة لـكـل امــــرأة معنفة تكسر صمتها ومـــا تقبل بــــاألمــــر الـــــواقـــــع.. الــــيــــوم، مــــع ارتــــفــــاع أعـــــداد النساء اللى بيتعرضو كل يوم للعنف، دعوة
جــديــدة تــا مــا يـبـقـى ســيــدة راضــخــة شــو ما كانت أسبابها.. كسري صمتك، وما تكسري صورتك باملراية». ثـم دعمت النساء مجددا، ولكن صحيًا هذه املرة، عندما أطلقت بعيد إصابتها بسرطان الثدي حملة «سوا منحارب سرطان الثدي». حــثــت مـــن خــــال هــــذه الــحــمــلــة الــنــســاء على إجــراء فحوصات دوريــة، وأعلنت عن عشرة آالف فحص شعاعي مجاني في كل لبنان. ولـــكـــن هــــذه املـــواقـــف الـــداعـــمـــة لــلــنــســاء الـتـي القــــت اســتــحــســانــًا، كــانــت مــحــصــورة بــمــا ال يتعارض مع مهنتها، بل فقط بما يعززها، ويــســاهــم بـمـسـيـرتـهـا. فـقـد تـجـاهـلـت «ملكة اإلحـــســـاس» قـضـايـا الــتــحــرش واالغــتــصــاب األربــــــع املــتــهــم فــيــهــا الـــفـــنـــان املـــغـــربـــي سعد ملـجـرد، حـن تعاونت الـعـام املـاضـي معه في أغنية معه بعنوان «مـن أول دقيقة». وبرغم كل االنتقادات التي طاولتها منذ إعانها عن هـذا التعاون، إال أنها فضلت اقتران اسمها باسم يضمن لها موقعًا متقدمًا على مواقع التواصل االجتماعي، بعد فسخ عقدها مع «روتــــانــــا»، ضـــاربـــة عـــرض الــحــائــط برصيد نسوي كانت قد حصدته سابقًا. ناصرت إليسا انتفاضة 17 تشرين، ولكنها لـــم تــــدن كـــل األطــــــراف الــســيــاســيــة، بـــل ركـــزت
تناصر إليسا النساء في قضاياهن لكنها تتعاون مع سعد لمجرد
على مهاجمة املحور املعادي لحزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع، املعروفة بــتــأيــيــدهــا لـــــه. وفـــيـــمـــا عـــــدا بـــعـــض املـــواقـــف الــشــعــبــويــة الـــتـــي قـــالـــت فــيــهــا إنـــهـــا ضــدهــم، مـــشـــيـــرة إلــــى شـــعـــار «كــلــهــن يــعــنــي كــلــهــن»، لـــم تــــتــــوان عـــن الـــظـــهـــور فـــي بـــرنـــامـــج «صـــار الوقت» السياسي، ومع مقدمه عراب مصالح السياسين واملــؤيــد لحاكم مـصـرف لبنان، مارسيل غانم. وفي دفاع عن عاقة لبنان الدبلوماسية مع السعودية، أدانت إليسا في إحدى تغريداتها السياسية تصريحات وزير اإلعـام الداعمة لنشاطات حزب الله في حرب اليمن: «برقبتك مسؤولية بلد بكاملو من ورا تصريحات ما بتمثل سياسة لبنان وال خطو وال انتماءو، بتحب األسد والحوثين روح لعندن واترك لبنان بحالو انت وحكومتك ومحورك كلو». وهـــذا املــوقــف يصب فــي مصلحة مسيرتها الفنية، وعاقتها املهنية بالسعودية املتمثلة بـشـركـة روتــانــا الـتـي كـانـت الـشـركـة املنتجة ألعمالها في ذلك الوقت. يبدو أن مغنية «صاحبة الرأي»، تتسرع في إبــداء آرائها من القضايا اإلنسانية، وتعود وتتراجع عنها عندما تستدرك أن هذه اآلراء واملواقف تهدد مصالحها في بعض الـدول، وتؤثر بشعبيتها عند شريحة من املعجبن، كـــمـــا حـــصـــل عـــنـــدمـــا نـــشـــرت تـــغـــريـــدة تــدعــو للتظاهر أمــام الـسـفـارة املصرية فـي بيروت للمطالبة بـــاإلفـــراج عــن الــنــاشــط السياسي املـــــصـــــري عــــــاء عـــبـــد الــــفــــتــــاح، املـــعـــتـــقـــل فـي السجون املصرية، ولكنها عــادت وحذفتها بـــســـرعـــة بـــعـــدمـــا انـــتـــشـــر وســـــم «إلـــيـــســـا غـيـر مرحب بها في مصر».