Al Araby Al Jadeed

السوريون وفاتورة التقلبات السياسية

- عبسي سميسم

تزداد مخاوف الالجئني السوريني املقيمني في تركيا، من تبعات التقارب بني أنقرة ونظام بشار األسد، مع اقتراب موعد االنتخابات التركية وتزايد التضييق على هؤالء الالجئني، أكان من الحكومة التي استقبلتهم، أو من قبل املعارضة التي تعارض وجودهم أصال. وال تزال الحكومة التركية تقوم بحمالت أمنية ترحل عبرها سوريني ألصغر األسباب، بعد توقيعهم على أوراق تقول إنهم يرغبون في العودة بشكل طوعي، على الرغم من توقيع الكثير منهم على تلك األوراق باإلجبار. وتوجه اتهامات لبعض موظفي الدوائر الحكومية بتعطيل معامالت السوريني، بهدف جعلهم مخالفني لشروط إقامتهم في تركيا، كاالمتناع عن تسجيل إقامتهم في سجالت النفوس ضمن املناطق التي يقطنون بها، األمر الذي يوقعهم في مخالفة تستخدم مبررًا للترحيل. أما إدارة الهجرة فتتهم بعدم املوافقة على منح إقامات عمل للسوريني الذين يديرون مشاريع خاصة مرخصة، وكذلك عدم منح إذن عمل للسوريني الذين يعملون لدى الشركات واملعامل التركية. يضاف إلى ذلك عدم املوافقة على تجديد اإلقامات للسوريني الذين يقيمون في تركيا بموجب إقامات سياحية. أما املعارضة التركية، فال تزال تحّرض ضد الالجئني السوريني، سواء من خالل وسائل التواصل االجتماعي أو عبر التصريحات التي تحمل السوريني مسؤولية كل السلبيات االجتماعية واالقتصادي­ة في البالد، بدءًا من التضخم وارتفاع األسعار، وانتهاء بتخريب املرافق العامة. هذا الواقع يدفع الكثير من السوريني في تركيا، خصوصًا الذين ال يستطيعون العيش في أي من مناطق الصراع في سورية، للتفكير في تأمني بلد بديل للعيش فيه، قبل أن يجدوا أنفسهم أمام خيار الترحيل. وبدأ الكثير ممن يملكون إقامات سياحية، بالتوجه إلى العدد القليل من البلدان التي تستقبلهم الستخراج إقامات فيها، مثل جورجيا وشمال العراق واإلمارات والسودان، كونها الخيارات شبه الوحيدة املتاحة أمامهم. أما حاملو بطاقات الحماية املؤقتة فليس من سبيل أمامهم سوى الهرب عبر الطرق غير الشرعية. وعلى الرغم من توقف تهريب البشر بحرًا في فصل الشتاء، إال أن هذه السنة تشهد ازدحامًا في عبور هذا الطريق واملغامرة بالحياة حتى في فصل الشتاء. هذا الواقع يبقي املواطن السوري أكثر من يدفع فاتورة تغير سياسات الدول.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar