تصاعد التوتر بين تركيا والسويد
أدى تصاعد التوتر بني أنقرة واستوكهولم، جــــراء ســمــاح الــســلــطــات الــســويــديــة بتنظيم احتجاجات مناهضة لتركيا وحـــرق نسخة من القرآن أمام السفارة التركية في العاصمة الــســويــديــة، إلـــى إلـــغـــاء أنـــقـــرة زيـــــارة كـــان من املزمع أن يقوم بها وزير الدفاع السويدي بال جـونـسـون إلـــى تـركـيـا فــي 27 يـنـايـر/ كـانـون الثاني الحالي. وهذا أحدث رد فعل عنيف من تركيا، العضو فـــي حــلــف شـــمـــال األطـــلـــســـي (الــــنــــاتــــو)، الــتــي تعطل دخــول السويد وفنلندا إلــى «الناتو» مــنــذ مـــايـــو/ أيـــــار املــــاضــــي، مـتـهـمـة الـبـلـديـن بـــإيـــواء نـشـطـاء أكــــراد ومـتـعـاطـفـني مــع حـزب العمال الكردستاني وحلفائه الذين تصفهم بأنهم «إرهـابـيـون». وتــرى أنـقـرة أن كـل تقدم مـحـتـمـل عــلــى هـــذا الـصـعـيـد رهـــن بــمــبــادرات سويدية لتسليمها أشخاصا تتهمهم تركيا بـاإلرهـاب أو باملشاركة في محاولة االنقالب الـتـي استهدفت الـرئـيـس الـتـركـي رجــب طيب أردوغان في عام .2016 وأعــلــن وزيــــر الـــدفـــاع الــتــركــي خـلـوصـي أكـــار، أمــس الـسـبـت، إلـغـاء زيـــارة جـونـسـون املـقـررة إلى أنقرة في 27 يناير الحالي. وانتقد أكار، عـقـب «اجــتــمــاع مـجـمـوعـة االتـــصـــال الـدفـاعـي األوكـــرانـــي» الـــذي عـقـد فــي قــاعــدة رامشتاين الـــجـــويـــة فـــي أملـــانـــيـــا، «تـــقـــاعـــس الـــســـويـــد عن اتخاذ إجـراءات ضد استفزازات أنصار حزب الـــعـــمـــال الـــكـــردســـتـــانـــي، وســمــاحــهــا بـــإحـــراق نسخة مــن الـــقـــرآن الـكـريـم فــي اسـتـوكـهـولـم»، مـــؤكـــدًا أنــــه «فــــي هــــذه املـــرحـــلـــة فـــقـــدت زيــــارة وزيــــر الـــدفـــاع الـــســـويـــدي بــــال جــونــســون إلــى تـــركـــيـــا فــــي 27 يـــنـــايـــر أهــمــيــتــهــا ومـــعـــنـــاهـــا، لـذلـك ألغيناها». وشـــدد على ضـــرورة تنفيذ بــنــود املـــذكـــرة الــثــالثــيــة املــوقــعــة بــمــدريــد في يونيو/ حزيران املاضي بني تركيا والسويد وفــنــلــنــدا. وذكــــر «بــاســتــفــزازات أنــصــار حـزب العمال الكردستاني في السويد ضد الرئيس أردوغـــــان وتــركــيــا، واألخـــبـــار الــتــي تـفـيـد بـأن الـشـرطـة الـسـويـديـة سمحت بـالـتـظـاهـر أمــام سفارة أنقرة في استوكهولم إلحــراق نسخة مـن الــقــرآن». وقـــال: «مــن غير املـقـبـول أن تظل السويد متقاعسة وال تفعل شيئا ضد هؤالء، كان ال بد من اتخاذ التدابير الالزمة». وأشـــار أكـــار إلــى أنــه نقل رد فعل بـــالده حول هـذا املـوضـوع إلـى جونسون، الــذي التقى به فـــي رامــشــتــايــن، مـضـيـفـا أنــــه «مــــع األســــف لم تـتـخـذ الــســلــطــات الــســويــديــة أي إجـــــراء ضد االسـتـفـزازات الدنيئة والشنيعة بحق تركيا ورئيسها، وزيارة وزير الدفاع السويدي إلى تـركـيـا فــي هـــذه املـرحـلـة لـيـس لـهـا أهـمـيـة وال مـعـنـى، لــذلــك قـمـنـا بــإلــغــاء الــــزيــــارة». وكـانـت الزيارة تهدف إلى محاولة إقناع تركيا بسحب تحفظاتها على انـضـمـام الـسـويـد إلــى حلف شمال األطلسي. من جانبه أكـد وزيــر الدفاع الــســويــدي أن قــــرار «إرجــــــاء» زيـــارتـــه لتركيا اتــخــذ بـــصـــورة مـشـتـركـة مـــع نـظـيـره الـتـركـي.
وكتب، في تغريدة أمس السبت: «عالقاتنا مع تركيا مهمة جـدًا بالنسبة للسويد، ونتطلع ملواصلة الـحـوار حــول قضايا األمــن والـدفـاع املشتركة في وقت الحق». وكـان أكــراد قد علقوا، أخيرًا، دمية ألردوغــان بــعــمــود إنــــــارة. ونـــــددت تــركــيــا بـــقـــرار املــدعــي الــعــام الــســويــدي عـــدم التحقيق فــي الـواقـعـة، فيما وصــف رئـيـس الــــوزراء الـسـويـدي أولــف كريسترسون االحتجاج بأنه عمل «تخريبي» ضد محاولة السويد االنضمام إلى الناتو. كـــمـــا أثــــــار الـــتـــرخـــيـــص الــــــذي مـــنـــح لـلـيـمـيـنـي املـــتـــطـــرف الـــســـويـــدي الـــدنـــمـــاركـــي راســـمـــوس بالودان بالتظاهر، أمس السبت، أمام سفارة تركيا في العاصمة السويدية، وحرقه نسخة من القرآن، بحماية مشددة من الشرطة، غضب أنقرة. كما تخطط الجماعات املؤيدة لتركيا واملــوالــيــة لــأكــراد للتظاهر فــي استوكهولم أيــــضــــا. وكــــانــــت وزارة الـــخـــارجـــيـــة الــتــركــيــة اســـتـــدعـــت، أول مـــن أمــــس الــجــمــعــة، الـسـفـيـر الـــســـويـــدي فـــي أنـــقـــرة ســـتـــافـــان هــيــرســتــروم، «لـــلـــتـــنـــديـــد بــــأشــــد الـــــعـــــبـــــارات بــــهــــذا الــعــمــل االســـتـــفـــزازي الـــــذي يــشــكــل بـــوضـــوح جـريـمـة كراهية»، بحسب ما أفاد مصدر دبلوماسي. واعتبرت الخارجية أن احتجاجات الجماعات املـــوالـــيـــة لــــأكــــراد املـــرتـــبـــطـــة بـــحـــزب الــعــمــال الـــكـــردســـتـــانـــي ســـتـــكـــون انـــتـــهـــاكـــا لــلــمــذكــرة املشتركة املوقعة بني تركيا والسويد وفنلندا. وهـي املـرة الثانية خـالل أيـام قليلة تستدعي فيها وزارة الخارجية السفير السويدي في أنــقــرة. وجـــرت األولــــى بـعـد بــث مقطع فيديو األســبــوع املـاضـي يظهر دمـيـة مشنوقة على صورة أردوغان. ووصـــــف املـــتـــحـــدث بـــاســـم الـــرئـــاســـة الــتــركــيــة إبراهيم قالن حرق القرآن بأنه «جريمة كراهية واضـــحـــة». وكــتــب، فــي تــغــريــدة، أن «الـسـمـاح بـــهـــذا الـــتـــحـــرك رغــــم كـــل الـــتـــحـــذيـــرات يشجع عـــلـــى جــــرائــــم الـــكـــراهـــيـــة واإلســـالمـــوفـــوبـــيـــا». وأضـــــــاف أن «الـــهـــجـــوم عـــلـــى الـــقـــيـــم املــقــدســة لـــيـــس حـــريـــة بــــل هــمــجــيــة عـــصـــريـــة». ودانـــــت وزارة الــخــارجــيــة الــتــركــيــة، فـــي بـــيـــان بـشـدة حــــرق نـسـخـة مـــن الـــقـــرآن فـــي الـــســـويـــد، الفـتـة إلى أن «هذا العمل الدنيء مؤشر جديد على املستوى املقلق الـذي وصلت إليه أوروبــا في معاداة اإلســالم والعنصرية». وقالت: «ندين بأشد العبارات االعـتـداء الـدنـيء على كتابنا املقدس القرآن الكريم في السويد الـذي جرى رغم كل تحذيرات بالدنا». وأضافت: «ال نقبل بـــأي شـكـل مــن األشــكــال الـسـمـاح لــهــذا العمل االستفزازي الــذي يستهدف املسلمني ويهني قيمنا املــقــدســة تـحـت غــطــاء حــريــة التعبير، ألن هــذه جريمة كـراهـيـة». ودعــت «السلطات السويدية إلى اتخاذ اإلجـــراءات الالزمة ضد مرتكبي جريمة الكراهية هــذه، وكافة الـدول واملنظمات الدولية إلى اتخاذ تدابير ملموسة ضد معاداة اإلسالم».