Al Araby Al Jadeed

اإلمارات تجدد وساطتها بأزمة سد النهضة

أعادت اإلمارات تدوير مقاربتها السابقة في موضوع سد النهضة، والتي تعتمد على تقديم حزمة امتيازات اقتصادية للدول المعنية

- القاهرة ـ العربي الجديد

عادت أزمة سد النهضة اإلثيوبي إلى أجندة الـــعـــا­لقـــات املــصــري­ــة اإلمـــارا­تـــيـــة مـــجـــددًا، في أعقاب لقاء بني رئيس دولة اإلمــارات محمد بــــن زايـــــــ­د، ورئــــيــ­ــس الــــــــ­ـوزراء اإلثـــيــ­ـوبـــي أبـــي أحــمــد، الــثــالث­ــاء املــاضــي فــي أبــوظــبـ­ـي، تبعه تواجد الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي فــي العاصمة اإلمــارات­ــيــة، فــي الــيــوم التالي، لحضور القمة التشاورية مع زعماء مجلس التعاون الخليجي التي دعا لها بن زايد. فــي هــذا اإلطــــار، جـــددت اإلمــــار­ات وساطتها بــني الـقـاهـرة وأديـــس أبــابــا، بتعديالت على تصور سابق كانت قد قدمته للدول الثالث (مـصـر والـــســـ­ودان وإثــيــوب­ــيــا)، لكنه لــم يلق قــبــوال مـصـريـًا وقــتــهــ­ا، كــونــه لــم يـنـص على إبرام اتفاق قانوني ملزم بالنسبة إلثيوبيا، في ما يتعلق بعمليتي ملء السد وتشغيله، واقــتــصـ­ـاره عـلـى ضـمـانـات مرتبطة بحزمة مـــشـــرو­عـــات اقـــتـــص­ـــاديـــة فـــي الــــــدو­ل الـــثـــا­لث، بتمويل إمــاراتــ­ي. وبحسب املعلومات التي حـــصـــلـ­ــت عــلــيــه­ــا «الــــعـــ­ـربــــي الــــجـــ­ـديــــد»، فـــإن املــبــاد­رة اإلمــارات­ــيــة الـجـديـدة، تعتمد تقديم حـزمـة امـتـيـازا­ت اقتصادية عبر مشروعات فـــي مـــجـــال الـــطـــا­قـــة، مــقــابــ­ل تــقــديــ­م تـــنـــاز­الت بشأن املوقف من العودة لطاولة املفاوضات مجددًا، ولكن من دون ممارسة ضغط فعلي على أديــس أبـابـا يدفعها إلــى ذلــك، وهــو ما اعتبره مراقبون، «مجرد محاولة من جانب أبوظبي، إلظهار نوع من الدعم للقاهرة في ظل أزمة اقتصادية عنيفة تعيشها مصر». وقــال دبلوماسي مصري سابق وخبير في الــشــؤون األفـريـقـ­يـة، لــ«الـعـربـي الـجـديـد»، إن «الحكومة املصرية تعي جيدًا أنها ال يمكن أن تعول على اإلمارات كمتضامن مع موقف القاهرة في قضية السد، الذي تصر إثيوبيا على إكماله من دون النظر إلى املخاطر التي قـــد تـــتـــعـ­ــرض لــهــا مــصــر بــســبــب­ــه». وأضــــاف أن «اإلمـــــا­رات تعد داعــمــًا رئيسيًا للحكومة اإلثيوبية، إذ قدمت مساعدات كبيرة لنظام أبـــــي أحـــمـــد فــــي حـــربـــه ضــــد جــبــهــة تــحــريــ­ر تيغراي، إذ إنها أمدته بالسالح والطائرات املسيرة التي مكنته من تغيير سير املعارك، وتـحـقـيـق الـنـصـر عـلـى جبهة تــيــغــر­اي، بعد أن كــانــت األخـــيــ­ـرة عــلــى بــعــد مــئــات األمــيــا­ل من العاصمة أديــس أبـابـا». والتقى بن زايد رئيس الوزراء اإلثيوبي في أبوظبي الثالثاء املــاضــي، ووقـــع الـطـرفـان اتفاقية بــني شركة أبوظبي لطاقة املستقبل «مصدر» والحكومة اإلثيوبية، لتطوير مشروع للطاقة الشمسية الــكــهــ­روضــوئــي­ــة بـــقـــدر­ة 500 مـــيـــغـ­ــاواط في املرحلة األولى، وبهدف تطوير ما يصل إلى ألـفـي مـيـغـاواط مــن املـشـاريـ­ع املماثلة داخــل إثيوبيا. مقابل ذلك، قلل مصدر فني مصري مطلع على تفاصيل الجوانب الفنية لألزمة، مــن أهـمـيـة الــوســاط­ــة اإلمـــارا­تـــيـــة فــي الـوقـت الــــراهـ­ـــن الـــــذي تـسـتـعـد فــيــه إثــيــوبـ­ـيــا لـلـمـلء الــرابــع لـلـسـد. وقـــال إن «أديــــس أبــابــا تـواجـه أزمة حقيقية من الناحية الفنية بشأن املمر األوســـط للسد، وتشير كافة التقديرات إلى أنها لن تتمكن من حلها قبل موسم الفيضان

المبادرة اإلماراتية تعتمد تقديم حزمة امتيازات اقتصادية

وبدء العملية الجديدة». وأوضح أن «األزمة التي تواجهها أديــس أبابا تعني أن عملية املـــــلء الــــرابـ­ـــع لـــن تــســتــو­عــب أكـــثـــر مـــن ثــالثــة مليارات متر مكعب فقط، إضافة إلـى ما تم تخزينه خالل عمليات امللء الثالث املاضية». وأوضح املصدر املصري أنه «حال االستجابة لـلـوسـاطـ­ة اإلمــارات­ــيــة الــجــديـ­ـدة، عـبـر تقديم مــصــر أي تــــنــــ­ازالت لــلــجــا­نــب اإلثـــيــ­ـوبـــي من أجــل الــعــودة لطاولة املـفـاوضـ­ات مـن جديد، سيكون بمثابة خسارة جديدة، فمرحلة امللء املقبلة، لن تحمل أي خسائر ملصر، وستكون بـمـثـابـة فــشــل مـــن الــنــاحـ­ـيــة الـفـنـيـة للجانب اإلثيوبي، وقـد تضع القيادة السياسية في أديــس أبـابـا فـي حــرج أمــام شعبها». ورجـح أن «يحاول املسؤولون في أديس أبابا إبداء مرونة شكلية، من أجـل تجاوز املــأزق الفني بشأن تعلية املمر األوسط، إذ ال تزال القدرات الفنية لـهـم فــي هـــذا اإلطــــار غـيـر قــــادرة على تعلية تكفي لـتـخـزيـن كمية أكــثــر مــن ثالثة مليارات متر مكعب من املياه». وبـــالـــ­عـــودة لــلــوســ­اطــة اإلمـــارا­تـــيـــة الــجــديـ­ـدة، قــــال دبـــلـــو­مـــاســـي مـــصـــري ســـابـــق إن «كــافــة املـــؤشــ­ـرات الـسـابـقـ­ة بـشـأن املــوقــف اإلثـيـوبـ­ي مــن األزمــــة، تـقـود إلـــى تـالعـب كبير مــن أجـل تــمــريــ­ر الــــوقــ­ــت». وشـــــدد عــلــى أن «الـــخـــا­لف الـجـوهـري فـي أزمـــة الـسـد ليس عملية املـلء أو مـدتـهـا وكــذلــك تشغيل الــســد»، مــؤكــدًا أن «السبب الجوهري مرتبط بهدف أديس أبابا الرامي لجعل السد أمرًا واقعًا، حتى تبدأ في الـحـديـث عــن مـحـاصـصـة املـــيـــ­اه، والـحـصـول على حصة ثابتة كتلك التي تحصل عليها كل من مصر والـسـودان، وهو التصور الذي طــــرح مـــن جــانــب مـمـثـلـي أديــــس أبـــابـــ­ا خـالل جـــوالت املــفــاو­ضــات الـسـابـقـ­ة أكــثــر مــن مــرة، وترفضه القاهرة بشكل قاطع». واعــتــبـ­ـر أن «الـــوســـ­اطـــة الــجــديـ­ـدة مـــن جـانـب أبـــوظـــ­بـــي مـــحـــاو­لـــة لـــتـــفـ­ــادي الـــحـــر­ج فـــي ظل حجم التعاون والدعم الذي تقدمه إلثيوبيا، والـــــذي ظــهــر واضـــحـــًا خــــالل الــقــمــ­ة الـعـربـيـ­ة األخيرة في الجزائر، حيث تدخلت أبوظبي بالرفض من أجـل تعديل في مشروع القرار املصري السوداني الــذي تم تقديمه ملجلس الجامعة من أجـل الحصول على دعـم عربي في مواجهة تعنت الحكومة اإلثيوبية، حيث كانت اإلمـــارا­ت إحــدى 3 دول عربية رفضت مصطلح إدانة أديس أبابا، وتم على إثر ذلك تخفيف لهجة الخطاب». وقـــال الـدبـلـوم­ـاسـي الـسـابـق إن «الـتـحـركـ­ات اإلمـــارا­تـــيـــة الـــجـــد­يـــدة ربــمــا تـلـقـى قـــبـــوا­ل من جـــانـــب الـــقـــا­هـــرة هــــذه املــــــر­ة، فـــي ظـــل األزمــــة االقتصادية وارتفاع حالة السخط الشعبي، وحـاجـة الـقـيـادة املصرية لتحقيق تقدم في مــلــفــا­ت ذات أبـــعـــا­د شـعـبـيـة، لـتـخـفـيـ­ف حــدة االحــتــق­ــان فـــي الـــشـــا­رع املـــصـــ­ري، وهـــو األمـــر الــــــذي يـــتـــوف­ـــر فــــي مـــلـــف أزمــــــة ســــد الـنـهـضـة حال وافقت الحكومة اإلثيوبية على العودة مجددًا إلى طاولة املفاوضات». وتــتــشــ­ابــه الــوســاط­ــة اإلمـــارا­تـــيـــة هـــذه املـــرة كثيرًا مع محاولتها السابقة، إذ زار، قبيل شـــروع أديـــس أبــابــا فــي املـــلء الـثـالـث للسد بسبعة أشهر، أبي أحمد اإلمارات، وحظيت الـــــزيـ­ــــارة بـــاســـت­ـــقـــبــ­ـال كــبــيــر مــــن ولـــــي عـهـد أبوظبي وقتها محمد بن زايد الذي قلد أبي أحمد وسام زايد.

 ?? (رويترز) ?? التقى أبي أحمد وبن زايد في أبوظبي الثالثاء الماضي
(رويترز) التقى أبي أحمد وبن زايد في أبوظبي الثالثاء الماضي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar