Al Araby Al Jadeed

منظومات صواريخ إيرانية تغطي سماء دمشق

- أحمد رحال

لم يكن سحب موسكو منظومة الدفاع الــــــجـ­ـــــوي إس - 300 مــــــن الـــجـــغ­ـــرافـــي­ـــة السورية يعني سحب التغطية عن نظام دمشق فقط، بل سحب الغطاء العسكري عن كامل الـوجـود اإليـرانـي في سورية، بـخـاصـة بـعـد افـتـضـاح عـجـز الـدفـاعـا­ت الــجــويـ­ـة لــنــظــا­م األســــد «املــتــهـ­ـالــكــة» عن وقـــف الـهـجـمـا­ت الـجـويـة والـصـاروخ­ـيـة اإلســــرا­ئــــيــــ­لــــيــــ­ة املـــــتـ­ــــزايـــ­ــدة فـــــي األشــــهـ­ـــر األخيرة، وعندما تتصدى إيران منفردة لـتـغـطـيـ­ة االنـــســ­ـحـــاب الـــروســ­ـي الـجــزئــ­ي مـــن ســـوريـــ­ة ملـصـلـحـة الـــحـــر­ب الــروســي­ــة األوكــــر­انــــيـــ­ـة، فـــهـــذا يــتــطــل­ــب مـــن طــهــران مــزيــدًا مــن الـــقـــو­ات، ومـــزيـــ­دًا مــن الـعـتـاد، ومــــــزي­ــــــدًا مـــــن مــــنــــ­ظــــومـــ­ـات صــــاروخـ­ـــيــــة تـسـتـطـيـ­ع تــأمــن الـــوجـــ­ود اإليـــران­ـــي في سـوريـة الــذي أصبح هدفًا استراتيجيًا لــــلــــ­قــــيــــ­ادات الـــعـــس­ـــكـــريـ­ــة املـــتـــ­عـــاقـــب­ـــة فــي تل أبيب. وأمـــــــ­ــام هــــــذا الــــــوا­قــــــع، كــــــان حـــتـــمـ­ــيـــًا أن يتخذ قــرار في قـيـادات الحرس الثوري اإليراني بنقل منظومات دفاع جوي إلى سورية تستطيع حماية قواعد انتشار الــبــنــ­يــة الــتــحــ­تــيــة الــعــســ­كــريــة ومــواقــع­ــه الـتـي أصـبـحـت تخضع لـقـيـادة الـحـرس الـثـوري اإليـرانـي، ومنها خطوط إنتاج الــــصـــ­ـواريــــخ، وورش إطــــــاق وتــشــغــ­يــل الطيران املسير، إضافة إلى مستودعات ومقرات قيادة وكل عقد االتصال. تترافق املستجدات العسكرية اإليرانية مــــع تـــولـــي قــــيــــ­ادة ســيــاســ­يــة وعــســكــ­ريــة جديدة في إسرائيل، إذ يترأس الحكومة بـــنـــيـ­ــامـــن نـــتـــنـ­ــيـــاهــ­ـو، ووزيــــــ­ــــر الـــــدفـ­ــــاع اإلسرائيلي الجديد يـوآف غاالنت، وهو جنرال سابق ومن أشد الحلفاء واملقربن مـــن نــتــنــي­ــاهــو، إضـــافـــ­ة لــرئــيــ­س األركـــــ­ان هــارتــسـ­ـي هـالـيـفـي الــــذي وصــفــه زمـــاؤه باملنفلت أو املتهور. وبــــالــ­ــتــــالـ­ـــي، أصــــبـــ­ـح إلســــرائ­ــــيــــل قـــيـــاد­ة مـــتـــكـ­ــامـــلــ­ـة ســــتــــ­وافــــق عـــلـــى الـــطـــم­ـــوحـــات الزائدة لدى رئيس الـوزراء، والتي تؤمن بـــــأن لـــغـــة الــــقـــ­ـوة فـــقـــط هــــي الـــلـــغ­ـــة الــتــي تفهمها إيـــــران، ويـمـكـن أن تـشـكـل عامل ردع لتحركاتها التي تهدد األمن القومي اإلسرائيلي أو تمسه. لكن إيــران تـدرك تمامًا أن مشكلتها مع الـهـجـمـا­ت الــجــويـ­ـة اإلســرائـ­ـيـلـيــة ليست مشكلة وجـــود وســائــط دفـــاع جـــوي في ســــوريــ­ــة، وألكــــثـ­ـــر مــــن ســـبـــب، أولــــهــ­ــا أن وسائط الحرب اإللكتروني­ة اإلسرائيلي­ة التي شلت منظومات صواريخ إس - 300 400و لـقـاعـدة حميميم، وحـجـمـت عمل مـــقـــرا­ت الــقــيــ­ادة الــروســي­ــة، ومـنـظـومـ­ات اتـــصـــا­لـــهـــا، وراداراتــ­ـــــهــــ­ـــا لــــن تــعــجــز عـن الـــتـــع­ـــامـــل مــــع مـــنـــظـ­ــومـــات إيـــرانــ­ـيـــة أقــــل كــفــاءة مــن مـنـظـومـا­ت الــــروس. والسبب الثاني واألهم أيضًا أن مليشيات إيران فـــي ســـوريـــ­ة، وبــأكــثـ­ـر مـــن تــقــريــ­ر رفـعـتـه إلـــى قــيــادات­ــهــا فــي طـــهـــرا­ن، اشـتـكـت فيه من خرق استخباراتي كبير، وأن هناك مـصـادر رفيعة املستوى تـسـرب أخبارا عـسـكـريـة غـايـة فــي الــخــطــ­ورة للموساد اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـي. وقــــالــ­ــت قــــيــــ­ادات إيـــرانــ­ـيـــة فـــي أحــــد تــقــاريـ­ـرهــا إنـــهـــا تــبــنــي أهـــدافــ­ـًا خـداعـيـة وتمويهية وأهــدافــًا كــاذبــة في ســوريــة، لـكـن الــضــربـ­ـات اإلسـرائـي­ـلـيـة ال تــســتــه­ــدف إال األهــــــ­ـداف الــحــقــ­يــقــيــة، مـا يؤكد أن هناك من يقدم تلك املعلومات،

ومـــن الـــدوائـ­ــر الــقــيــ­اديــة الـضـيـقـة لـلـدول الـــحـــل­ـــيـــفــ­ـة، وتـــقـــص­ـــد روســــيــ­ــا وســــوريـ­ـــة، إضافة إلى حقيقة باتت تعلمها طهران، أن حـــجـــم خـــــرق املـــــوس­ـــــاد اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـي واالســــت­ــــخــــب­ــــارات الـــغـــر­بـــيـــة فــــي صــفــوف قـــواتـــ­هـــا ومـــســـؤ­ولـــيـــه­ـــا وصـــــل إلـــــى حـد تــجــنــي­ــد نـــائـــب وزيــــــر الــــدفــ­ــاع اإليــــرا­نــــي لـــصـــال­ـــح االســــتـ­ـــخــــبـ­ـــارات الـــبـــر­يـــطـــان­ـــيـــة، وتجنيد أكثر من مسؤول في حزب الله ليكون مصدر معلومات موثقة ومهمة ينقلها إلى إسرائيل، تتضمن معلومات عــن إمـكـانـات أسـلـحـة حــزب الـلـه وإيـــران وقــــدرات­ــــهــــا وتـــــــو­زع مـــســـتـ­ــودعـــات­ـــهـــا فـي سورية ولبنان، وممن جرى كشفهم من شبكات لبنانية العميل محمد شوربا، الـــذي كـــان يشغل مـوقـع رئـيـس فـــرع في جهاز العمليات الخارجية التابع لحزب الله، وكان عاما مهمًا في عملية اغتيال الــقــيــ­ادي املــيــدا­نــي فــي حـــزب الــلــه، عماد مغنية، فـي دمـشـق. إضـافـة إلــى العميل «حـسـن ح» املــقــرب مـن الــدائــر­ة الضيقة في قيادة حزب الله. وأخيرًا، كشف حزب الله أنه ألقى القبض على عميل إسرائيلي في صفوفه، وهو مسؤول في وحـدة العمليات الخارجية )910( التابعة للحزب، وشبكات كثيرة جـــرى تـجـنـيـده­ـا لـصـالـح املـــوســ­ـاد، وإن كـــانـــت إيـــــران ال تــعــلــم­ــهــا، لـكـنـهـا تشعر بـــمـــدى االخــــتـ­ـــراق فـــي صــفــوفــ­هــا نتيجة الـــــضــ­ـــربـــــ­ات الــــدقــ­ــيــــقــ­ــة الـــــتــ­ـــي تـــتـــعـ­ــرض لها قواتها. أكدت معلومات نقلتها مصادر أن إيران بــصــدد نــقــل مــنــظــو­مــات دفــــاع جـــوي من طـــراز «بــــاور »373 الـتـي تملك صـواريـخ من نوع «صياد - »4 التي تمنحها أمدية جـويـة تصل إلــى 300 كـم ضـد الطائرات املهاجمة، وحتى مواجهة طائرات الجيل الــخــامـ­ـس، وفـــق تـصــريـحـ­ات لـــقـائـد قـوة الــــدفــ­ــاع الـــجـــو­ي فـــي الــجــيــ­ش اإليــــرا­نــــي، العميد علي رضا صباحي فرد، الذي أكد فيها العمل على زيـادة مدى االستخدام قـــريـــب­ـــًا إلـــــى 400 كـــــم، أن «هــــنــــ­اك 3500 قــاعــدة لـلـدفـاع الــجــوي تــواصــل مهامها فــي إيـــــران» وسـيـتـم نـقـل قـسـم مـنـهـا إلـى ســـوريـــ­ة لـتـنـتـشـ­ر فـــي ثــاثــة مـــواقـــ­ع على األقــــــ­ل جـــنـــوب دمـــشـــق وجــــنـــ­ـوب غــربــهــ­ا، وقـــــرب مـــطـــار دمـــشـــق الــــدولـ­ـــي. ويـعـكـس التركيز على نصب قواعد الدفاع الجوي اإليــرانـ­ـيــة الـتـي ستنقل إلـــى تـلـك املـواقـع تــمــامــًا نـــقـــاط ثــقــل االنـــتــ­ـشـــار الــعــســ­كــري اإليراني في سورية، فمطار دمشق يأتي فـي مقدمة املــواقــ­ع الـتـي سيطرت عليها إيـــــران، بــخــاصــ­ة بــعــد بــنــاء مــقــر الــقــيــ­ادة املــشــتـ­ـرك الــــذي أطـلـقـت عـلـيـه اســـم «املـقـر الــــزجــ­ــاجــــي». ومـــــن ثــــم ســيــطــر­تــهــا عـلـى مـــقـــرا­ت قــيــادة الـفـيـلـق األول والـفـرقـت­ـن، األولـــــ­ـــــى والــــســ­ــابــــعـ­ـــة، ومـــســـت­ـــودعـــا­تـــهـــا فــــي مــنــطــق­ــة الـــكـــس­ـــوة. يـــضـــاف إلـــــى تـلـك املـــواقـ­ــع مـقـر قــيــادة «الـشـيـبـا­نـي» الــواقــع على أوتــوســت­ــراد دمـشـق - بــيــروت، وكــل العقارات التي وضعت إيران اليد عليها فــــي مــحــيــط بـــلـــدة الـــســـي­ـــدة زيـــنـــب (بــــات يطلق عليها اســـم الـضـاحـيـ­ة الجنوبية لدمشق على غـــرار الضاحية الجنوبية فــي بـــيـــرو­ت)، والــتــي حـولـتـهـا إيــــران إلـى مــســتــو­دعــات، ومـــراكــ­ـز تـخـزيـن وتجميع لألسلحة واألعـــتـ­ــدة الــقــادم­ــة مــن طـهـران إلى مطار دمشق، ثم يتم استكمال نقلها إلى مواقع أخرى. حـمـل عــام 2022 مـعـه 34 هـجـومـًا جويًا

حمل 2022 معه 34 هجومًا جويًا إسرائيليًا، طاول معظمها مواقع إليران وحزب اهلل، ودّمر منظومات دفاع جوي سورية

إســــرائـ­ـــيــــلـ­ـــيــــًا، طـــــــاو­ل مـــعـــظـ­ــمـــهـــ­ا مـــواقـــ­ع إليــــران وحـــزب الــلــه، ودمــــرت منظومات دفــــاع جـــوي ســـوريـــ­ة، حــاولــت الـتـصـدي للهجمات، وبـعـد االتــفــا­ق املـعـلـن أخـيـرًا بــن وزيـــر الــدفــاع اإلسـرائـي­ـلـي الـسـابـق، غـــــانــ­ـــتـــــس، وقــــــائ­ــــــد الـــــقــ­ـــيـــــا­دة املــــركـ­ـــزيــــة األميركية بالشرق األوسـط على تغيير اســـتـــر­اتـــيـــج­ـــيـــة الـــتـــع­ـــامـــل مــــع إيـــــــر­ان مـن ســيــاســ­ة جــــز الــعــشــ­ب أو ضــــرب فـائـض القوة إلى سياسة ضرب جذور التموضع اإليــرانـ­ـي فـي سـوريـة، عــاد قـائـد القيادة املـــركــ­ـزيـــة األمـــيــ­ـركـــيـــ­ة، الـــجـــن­ـــرال مــايــكــ­ل إريك كوريا، ليؤكد تلك االستراتيج­ية الــجــديـ­ـدة بــقــولــ­ه: «إيـــــران تــظــل العنصر األساسي لزعزعة االستقرار في الشرق األوســـــ­ــــط. نـــحـــن مـــلـــتـ­ــزمـــون بـــالـــت­ـــصـــدي لــســلــو­ك إيـــــران الــخــبــ­يــث، ويـــؤيـــ­ده بـذلـك وزيـر األمـن اإلسرائيلي، بيني غانتس، الـذي تفاخر رسميًا بتأسيس «تحالف لــــلــــ­دفــــاع الــــجـــ­ـوي املــــشــ­ــتــــرك فــــي الـــشـــر­ق األوســـط» ملـواجـهـة مـا تصفها تـل أبيب وحلفاؤها بالتهديدات اإليرانية، لتصل الــتــصــ­ريــحــات إلــــى نـتـنـيـاه­ـو املـتـعـطـ­ش لــقــصــف مـــفـــاع­ـــات إيــــــرا­ن وقـــــص جـــذور انــتــشــ­ارهــا فــي ســوريــة بــقــولــ­ه: الــصــراع الـــرئـــ­يـــســـي «كــــــان وال يــــــزال مــــع إيــــــرا­ن» وهــــي مــســؤولـ­ـة عـــن %90 مـــن مـشـكـات الشرق األوسط. يـــــصـــ­ــطـــــدم كـــــــــ­ل مـــــــا ســـــبـــ­ــق مـــــــع إصــــــــ­ـرار إيــــــــ­ـران عـــلـــى نـــقـــل عــــتــــ­ادهــــا وجـــنـــو­دهـــا ومـــنـــظ­ـــومـــات­ـــهـــا إلــــــى ســـــوريـ­ــــة، لـجـعـلـهـ­ا خـــط الــــدفــ­ــاع األول عـــن طــــهــــ­ران، وجــعــل سورية ساحة صـراع مع إسرائيل، ومع قيادة عسكرية إسرائيلية جديدة تتفق بأبجدياتها على أن املواجهة مع إيـران حتمية، وال مجال للتراخي أو التراجع فيها، تكون املنطقة أمــام حالة تصعيد عـــســـكـ­ــري، وانــــتــ­ــظــــار النـــفـــ­جـــار قــــــادم قـد تـكـتـوي مـنـه كــامــل دول املـنـطـقـ­ة، وليس أطـــــراف الـــحـــر­ب فــقــط، وســيــدفـ­ـع الشعب الــســوري املـزيـد مـن فواتير الـــدم، نتيجة تغلغل مليشيات إيران وحزب الله، وكل مـن يعمل باألجندة اإليـرانـي­ـة فـي معظم الـــقـــو­اعـــد الـــجـــو­يـــة والــــبــ­ــريــــة والـــثـــ­كـــنـــات، وحـــــتــ­ـــى مـــــربــ­ـــعـــــا­ت الــــــجـ­ـــــمــــ­ــارك ونــــقـــ­ـاط الهجانة وحــرس الحدود السورية التي أصبحت معظمها نقاطًا تشاركية بن جيش األســد والـحـرس الـثـوري اإليراني وحزب الله.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar