الممارسات التي تؤثر سلبًا في شخصية التالميذ، وقد تزيد من نسبة التسرب المدرسي
بـهـدف خلق أجـــواء تعليمية إيجابية تسهم بـــنـــهـــوض الــــواقــــع الـــتـــربـــوي فــــي الــــبــــالد، مـع الــــحــــرص عـــلـــى عـــــدم االعـــــتـــــداء عـــلـــى الــــكــــوادر التعليمية». مـن جهتها، تقول املشرفة التربوية خديجة الـــعـــانـــي إن «وزارة الـــتـــربـــيـــة وجـــهـــت بــعــدم تعنيف املعلمني التالميذ بدنيًا. لكن لألسف الشديد، يتكرر األمـر في العديد من املـدارس، عــلــى الـــرغـــم مـــن مـعـاقـبـة عـــدد مـــن املـعـلـمـني». تــضــيــف: «الــعــنــف الــجــســدي والــلــفــظــي الـــذي يمارسه عدد كبير من املعلمني يؤثر بقدرات التالميذ اإلبداعية وطموحهم»، مشيرة إلى أن العنف يؤدي إلى إحباط التالميذ وشعورهم بالعزلة، وقــد يدفع البعض إلــى التفكير في ترك الدراسة. وتشير العاني إلـى أن «تعنيف التالميذ في املـــــدارس قـــد يــــؤدي إلـــى اضـــطـــرابـــات نفسية، وتــراجــع التحصيل الـــدراســـي وانــدمــاجــه في املـجـتـمـع». وفــي الـسـيـاق، يـقـول املــواطــن علي الـعـبـيـدي لـــ«الــعــربــي الــجــديــد» إن «الـتـالمـيـذ فـــي املـــرحـــلـــة االبـــتـــدائـــيـــة يـــشـــعـــرون بــالــخــوف والقلق من املعلم، على اعتبار أن املدرسة تعد تجربة جديدة لهم. لذلك، إن تعنيف األطفال ومحاسبتهم يخلقان فجوة كبيرة بني املعلم
والتلميذ، ويـــولـــدان حـالـة مــن الــكــره للمعلم، وبـالـتـالـي كــرهــًا لـلـمـواد الـــدراســـيـــة». يضيف العبيدي أن ابنه البالغ من العمر 10 سنوات تــــعــــرض لــلــتــعــنــيــف عـــلـــى يــــد أحـــــد املــعــلــمــني بـــالـــضـــرب بـــواســـطـــة الــعــصــا عــلــى يــــده أليـــام عــدة. كذلك يتعرض زمـــالؤه إلهـانـات لفظية، األمــــر الــــذي أثــــر بنفسيته إلـــى درجــــة كـبـيـرة. والسبب أنـــه كــان قـد تخلف عـن الـــدوام بسب تدهور وضعه الصحي، مشيرًا إلى أنه اضطر إلى مراجعة طبيب نفسي ملعالجة ابنه الذي يرفض الذهاب إلى املدرسة. ويطالب العبيدي الــكــوادر التدريسية، وخـصـوصـًا فـي املـراحـل االبتدائية، بأال يعكسوا مشاكلهم الشخصية عـــلـــى الـــتـــالمـــيـــذ خــــــالل الـــتـــعـــلـــيـــم، ويـــتـــحـــلـــوا بــاإلنــســانــيــة ويـــفـــكـــروا بـمـصـلـحـة الــتــالمــيــذ، ويتحلوا بالصبر خالل تعاملهم مع األطفال ويساعدوهم على تجاوز السلوك السيئ الذي عادة ما يكون مرتبطًا بأسباب معينة، وإلغاء العقوبات البدنية، وتلك الجماعية. إلـى ذلــك، يقول أسـتـاذ علم االجتماع يوسف الــجــنــابــي لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» إن «الــعــنــف البدني واللفظي الذي يتكرر في املدارس ليس لــه مــبــرر. وللعنف أثـــر سلبي فــي التحصيل الــــدراســــي لــلــتــالمــيــذ. فـبـعـد تـــعـــرض التلميذ لتعنيف قوي، تجده ال يرغب في الذهاب إلى املدرسة، ألن حادثة االعتداء تكون راسخة في ذهنه». ويوضح أن «بعض املعلمني ما زالوا يعتقدون أن الضرب أو العقاب هو الوسيلة األفــضــل للتعليم، أو اســتــخــدام عــبــارات غير مــشــجــعــة مــــن قــبــيــل (أنــــــت إنــــســــان فــــاشــــل)»، مبينًا أن «هذا االعتقاد خاطئ، وعلى إدارات املدارس منع استخدام هذه األساليب، والعمل على تطوير مــهــارات املعلمني واستخدامهم أساليب تقوي الثقة ما بني التلميذ واملعلم، وترفع من املستوى العلمي». وفـــي 17 أكــتــوبــر/ تــشــريــن األول عـــام ،2021 وجـــــهـــــت حــــكــــومــــة رئــــيــــس مـــجـــلـــس الــــــــــوزراء مصطفى الكاظمي، بإيقاف العقاب البدني في املدارس، ومنع املعلمني أو التالميذ من إدخال الـــهـــواتـــف الـــذكـــيـــة إلــــى الـــصـــفـــوف املـــدرســـيـــة. ويــأتــي هـــذا الــقــرار بـعـد مـوجـة الـغـضـب التي أثــارهــا انـتـشـار مقاطع تعنيف التالميذ من قبل الــكــوادر التعليمية، وكــان آخـرهـا مشهد ألحد تالميذ كركوك. وكان العراق قد حظر عام 2020 العنف الجسدي، لكن الواقع يشير إلى أنه ما زال يطبق بصورة واسعة، فيما يمنح الــقــانــون الــعــراقــي حــمــايــة لـــآبـــاء واملـعـلـمـني، ومن في حكمهم، من املسؤولية الجنائية عند تأديب األوالد القصر، في حدود ما هو مقرر شرعًا أو قانونًا أو عرفًا. يشار إلى أن منظمة «هيومن رايـتـس ووتـــش» كانت قـد لفتت في وقـــت ســابــق إلـــى أن «إنـــهـــاء الــعــقــاب الـبـدنـي فــي املـــــدارس قــد يــــؤدي إلـــى زيــــادة الـحـضـور، وانخفاض نسب التسرب املدرسي، وتحسني نتائج التعلم، وارتـفـاع معدالت االنتقال إلى مستويات تعليمية أعلى».