تعاظم تمثيل المتدينين في النخبة اإلسرائيلية
أسهمت نتائج االنتخابات التي أفضت إلى تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل في تعزيز حضور أتباع التيارات الدينية
حــــاز مـمـثـلـو األحــــــزاب الــديــنــيــة عــلــى خمس عـــشـــرة وزارة فــــي الـــحـــكـــومـــة اإلســـرائـــيـــلـــيـــة الــجــديــدة، مـمـا يـتـوقـع مـعـه أن يــزيــد تمثيل أتــــــبــــــاع الــــــتــــــيــــــارات الــــديــــنــــيــــة فــــــي الـــنـــخـــبـــة البيروقراطية التي تشرف على إدارة العمل الـحـكـومـي فــي الــــــوزارات، إذ تمنح الـقـوانـني الوزير هامشًا كبيرًا في تعيني كبار املوظفني بــــوزارتــــه. وحـظـيـت األحـــــزاب الـديـنـيـة بـعـدد مــهــم مـــن الـــــــــوزارات ذات الـــطـــابـــع الــســيــادي والخدمي في الحكومة الجديدة، من بينها وزارات املالية، والداخلية، واألمـــن الوطني، والــصــحــة، واإلســـكـــان، والـــرفـــاه االجـتـمـاعـي، والـهـجـرة، وتسمح الـلـوائـح القائمة للوزير بــتــعــيــني مــوظــفــني يــخــتــارهــم فـــي مـــا يطلق عليه اسم «مواقع الثقة»، مثل وكيل الـوزارة ومـسـاعـديـه، وكـبـار املستشارين، فـضـال عن حــقــه فـــي اســـتـــحـــداث كـثـيـر مـــن املـــنـــاصـــب، ال ســيــمــا املــتــعــلــقــة بــــاإلشــــراف عــلــى املــشــاريــع الجديدة التي تنفذها إدارات وزارته. كما يحق لـلـوزيـر أن يلعب دورًا فــي تعيني رؤســـــــاء املـــؤســـســـات املـــرتـــبـــطـــة بـــأعـــمـــال مـع وزارتــــــــه، فــعــلــى ســبــيـل املــــثــــال، يــحــق لــوزيــر الـــصـــحـــة الــــجــــديــــد، زعــــيــــم حــــركــــة «شــــــاس» الــحــاخــام آريـــي درعــــي، أن يسهم فــي تعيني مديري صناديق املرضى التي تقدم الخدمات العالجية، وتحوز على كثير من املستشفيات والعيادات ودور الرعاية الطبية. في الوقت ذاته، فإن «الثورة القضائية» التي أعـــلـــن عــنــهــا وزيـــــر الـــقـــضـــاء الـــجـــديـــد، يـريـف ليفني، ستزيد من تمثيل التيار الديني في النخبة القضائية، ممثلة في قضاة مختلف مستويات املـحـاكـم، والنيابة واملستشارين الــــقــــضــــائــــيــــني، وأعــــــلــــــن لــــيــــفــــني، أنـــــــه ســيــتــم تـمـريـر قــانــون أســاســي يـسـمـح بـــزيـــادة دور الــــوزراء والــنــواب فــي تحديد هـويـة القضاة واملستشارين القانونيني، مما يمكن األحزاب الدينية مـن الـدفـع بأتباعها ملــلء الكثير من الشواغر في الجهاز القضائي. وال يمكن تـجـاهـل أن حـضـور املـتـديـنـني في الــجــهــاز الــقــضــائــي كــبــيــر، فـحـسـب صحيفة «كـالـكـلـيـسـت»، يـعـد تمثيل املـتـديـنـني ضمن قضاة املحاكم اللوائية ومحاكم الصلح أكبر من نسبة تمثيلهم في تعداد السكان. وحـــتـــى ثــمــانــيــنــيــات الـــقـــرن املــــاضــــي، كــانــت جميع املؤسسات األكاديمية والبحثية تحت سيطرة النخب العلمانية، باستثناء جامعة «بــارإيــالن» التي تأسست على أيــدي التيار الديني القومي. لكن مشاركة األحزاب الدينية
في الحكومات املتعاقبة خالل العقود الثالثة املاضية، أسهمت في تحولها إلى ثاني أكبر جامعة في إسرائيل من حيث التخصصات وعـدد الطالب، وعمدت الحكومة واملؤسسة
تمثيل المتدينين في القضاء أكبر من نسبة تمثيلهم في تعداد السكان
األمـنـيـة إلــى تعزيز دور الجامعة مــن خالل تــشــجــيــع املـــوظـــفـــني فــــي الـــســـلـــك الــســيــاســي واألمني على استكمال تأهيلهم األكاديمي فيها. وحقق التيار الديني إنجازًا كبيرًا في عام ،2012 عندما دشن جامعة ثانية تمثله، وهــــي جــامــعــة «أرئـــــيـــــل»، وهــــي أول جـامـعـة يهودية في الضفة الغربية املحتلة. وفي ذات السياق، بات حضور أتباع التيار الـــديـــنـــي فــــي الـــنـــخـــبـــة اإلعــــالمــــيــــة مــلــحــوظــًا بسبب التحوالت التي شهدها سوق اإلعالم اإلسرائيلي، وقد سمح احتكار رجال األعمال من ذوي التوجهات اليمينية لالستثمار في مجال اإلعــالم خالل العقدين املاضيني بهذا الصعود، إذ استقطبت صحيفة «يسرائيل
هــــيــــوم»، الـــتـــي تــعــد حــالــيــًا أوســـــع الـصـحـف انـتـشـارًا، والـتـي دشنها امللياردير شيدلون أدلـسـون قبل عقدين، كثيرا من الصحافيني والــكــتــاب مــن أتــبــاع الــتــيــار الــديــنــي، ومنهم مراسلها السياسي أرئـيـل كهانا، ومعلقها لـــلـــشـــؤون الـــحـــزبـــيـــة مــيــخــائــيــل تــوخــفــيــلــد، ومعلقها لشؤون االستيطان نداف شرغاي. كـــمـــا اشـــــتـــــرى أدلـــــســـــون صـــحـــيـــفـــة «مـــيـــكـــور ريشون» لتكون ناطقة بلسان التيار الديني الـــقـــومـــي، ويـــــرأس تــحــريــرهــا حــالــيــًا حـجـاي سيغل، والذي اعتقل في أواسط الثمانينيات بتهمة العضوية فـي تنظيم إرهــابــي خطط لتدمير املسجد األقـصـى، فضال عـن تدشني رجـل األعـمـال اليميني إسحاك ميريشلولي قــنــاة »14« قـبـل عـــدة ســـنـــوات، والــتــي لعبت دورًا فـي منح أتـبـاع التيار الديني الفرصة للحضور على الشاشات. فـي الـوقـت ذاتـــه، ومــع زيـــادة تمثيل األحــزاب الــديــنــيــة فـــي دائــــــرة صــنــع الــــقــــرار، اضــطــرت ســلــطــة الـــبـــث الـــتـــي تــمــولــهــا الـــحـــكـــومـــة إلـــى استيعاب العديد من أتباع التيار الديني في وسائلها اإلعـالمـيـة املختلفة، فضمن طاقم قناة «كــان» الرسمية عـدد من املتدينني، من بـيـنـهـم املـــراســـل الــعــســكــري روعــــي شــــارون، ومراسل الشؤون الحزبية ميخائيل شيمش، واملراسل الدبلوماسي إيلي شتيمان، ومقدم البرامج عكيفا نوفيك. ولـــــم تـــغـــب قــــنــــوات الـــتـــلـــفـــزة الـــتـــجـــاريـــة عـن اســـتـــقـــطـــاب أتــــبــــاع الـــتـــيـــار الـــديـــنـــي لـــزيـــادة مــســتــوى املـــشـــاهـــدة، لـنـجـد الـيـمـيـنـي عميت ســـيـــغـــل املــــعــــلــــق الــــســــيــــاســــي لــــقــــنــــاة ،»12« ومــراســلــهــا الــحــزبــي يـئـيـر شـــراكـــي، ومعلق الــــشــــؤون الــعــربــيــة فـــي قـــنـــاة »13« تسفيكا يحزكيل، وهم من أتباع التيار الديني. كـــمـــا زاد حــــضــــور املـــتـــديـــنـــني فـــــي الــنــخــبــة الثقافية، ال سيما في مجال الغناء، وتمكن املــــطــــربــــون املــــتــــديــــنــــون مـــــن فــــــرض أغــــــراض أيديولوجية تشمل الدعوة الصريحة لتبني مواقف متطرفة من الصراع، واشتهر املطرب دوف شورن بأغانيه الداعية إلى االنتقام من الـعـرب والفلسطينيني، وعلى رأسـهـا أغنية «انتقم لي يا رب»، والتي جـاء في مطلعها: «اذكــرنــي يـا رب. وأمــدنــي بـالـقـوة. فقط هذه املــــرة يــا رب. مـكـنـي مــن االنــتــقــام. مـكـنـي من عيون الفلسطينيني».