في انتظار الفردوس األرضي
كانت الشاعرة، التي رحلت عن عالمنا قبل أيام، طليعية في أكثر من حقل: من كتابة الشعر باللغة األلبانية إلى الدفاع عن حقوق مثيالتها من النساء، في األدب والسياسة، وليس انتهاًء بكونها أّول امرأة تدخل «أكاديمية العلوم والفنون» الكوسوفية
تــــوفــــيــــت، يــــوم االـــثـــالثـــاء املـــاضـــي، الـسـابـع عـشـر مــن كــانــون الـثـانـي/ يــــــنــــــايــــــر الــــــــــــجــــــــــــاري، الــــــشــــــاعــــــرة واألكاديمية والناشطة النسوية األلبانية إدي شكريو 1950( ــ )2023 التي تختزن أشعارها تجربة جيلها الذي عايش تطورات متسارعة خالل عقود في ظل شعارات كبيرة صاحبت تــأســيــس يــوغــســالفــيــا الــتــيــتــويــة فـــي ،1945 ثـم انـهـيـارهـا بـني عـامـي 1991 ؛1999و ولكن تــلــك الــطــمــوحــات واالنـــهـــيـــارات بـقـيـت تحمل التطلع إلى ما هو قادم ولم يتحقق: الفردوس األرضي. ولدت إدي شكريو في مدينة بريزرن، عاصمة الوالية العثمانية التي حملت اسمها، ألب مــؤرخ (محمد شكريو) كانت له مكانته وبصماته في املدينة نظرًا الهتمامه بتراثها الــعــمــرانــي. ويـــبـــدو أن تــخــصــص الـــوالـــد دفــع الشابة املوهوبة بالشعر إلى دراسة علم اآلثار في «جامعة بلغراد»، حيث تابعت دراستها العليا، لتعود إلى بريشتينا عام 1974 للعمل فـــي «مــتــحــف كـــوســـوفـــو»، وتـــكـــون بـــذلـــك أول بـاحـثـة فــي اآلثــــار بــبــالدهــا. وفـــي عـــام ،1979 ستنتقل للعمل فـي قسم الـتـاريـخ بـ«جامعة بريشتينا»، حيث درست علم اآلثار والتاريخ الـقـديـم، وقـامـت مـع طالبها بحفريات كثيرة
أفضت إلى اكتشافات أثرية عدة، وثقتها في مؤلفاتها. ولكن إدي شكريو دخلت التاريخ الثقافي لكوسوفو من بـاب آخــر: بـاب الشعر واملــســرحــيــة والــــروايــــة. الـــراحـــلـــة، الــتــي كـانـت تنتمي إلـى الغالبية األلبانية في كوسوفو ــ وهي غالبية حرمت من حقوقها الثقافية في يوغسالفيا امللكية 1918( ــ ،)1941 كانت تنتمي إلـى الجيل األول الـذي تعلم باللغة األلبانية في املدارس والجامعات وأبدع في هذه اللغة «األدب األلباني في يوغسالفيا»، التي كانت تحتضن حــوالــي نصف األلــبــان فــي البلقان. ومن هنا دخلت إدي شكريو التاريخ الثقافي بكونها صاحبة أول ديــوان شعر نسوي في اللغة األلبانية، صدر عام 1972 بعنوان «هذا ااملـــســـاء يـحـتـفـل قــلــبــي». بـــــدأت إدي شــكــريــو كتابة الشعر ونشره في املجالت األدبية خالل دراسـتـهـا مـع بـنـات جيلها الـلـواتـي اشتهرن أيــضــا فـــي نــهــايــة سـتـيـنـيـات الـــقـــرن املــاضــي، مثل فلورا بروفينا وسعاد إمر الله وشهرزاد شكريلي وغـيـرهـن، وسبقت هــؤالء برحيلها أيضا. وعلى الرغم من انشغاالتها األكاديمية، فقد حافظت باستمرار على نشاطها األدبي، مع انفتاحها أيضا على املسرحية والرواية. وهكذا، فقد أصـدرت الحقا كـال من «محكمة» )1978( و«أســــطــــورة مـنـطـقـة هــــاس» )1980( و«تــحــت الــســمــاء» ،)1990( الــتــي نــالــت عنها «جائزة اتحاد الكتاب»، إضافة إلـى «خلود» )2001( وغــيــرهــا مـــن املـــســـرحـــيـــات، فـــي حني نشرت روايتها الـوحـيـدة، «املـــرآة املكسورة»، عام .2015 تـــرجـــمـــت أشـــعـــار الـــراحـــلـــة إلــــى عـــــدة لــغــات، ومـــن بينها الــعــربــيــة، حـيـث وردت فــي عــدة مــــخــــتــــارات، مـــنـــهـــا «مــــخــــتــــارات مــــن الــشــعــر األلــــــبــــــانــــــي املــــــعــــــاصــــــر» (دمـــــــشـــــــق، ،)1981 و«مختارات من الشعر الكوسوفي املعاصر» (عـــــمـــــان، ،)2009 كـــمـــا شــــاركــــت بـمـجـمـوعـة أشـــــعـــــار مـــتـــرجـــمـــة جـــــديـــــدة فـــــي املــــهــــرجــــان املــتــوســطــي لـلـشـعـر «أصـــــــوات حــــيــــة»، الـــذي عقد عام 2013 في مدينة الجديدة املغربية. فــــي أشــــعــــار إدي شـــكـــريـــو، مـــنـــذ املــجــمــوعــة األولـــى وحـتـى األخــيــرة، تـبـرز بشكل واضـح نزعتها اإلنسانية، ويبرز سعيها إلى إسماع الصوت املغيب للنصف املغبون واملغيب من املجتمع (الــنــســاء)، وتعبيرها عـن اإلحـبـاط مـن طــول االنـتـظـار تحت الـشـعـارات الكبيرة عـــن «الـــــفـــــردوس األرضـــــــي» الـــــذي وعـــــدت به االشتراكية ثم الديمقراطية الـجـديـدة... هنا ترجمة لعدد من قصائدها.
الميزان
عجيبة هي مقاييس اإلنسانية آلهة املصلحة تحمل امليزان أما العدالة فتتسول جاثية.
األغبياء
كيف يمكن أن تمر عبر براثن املوت أن تراه بعيونك وأن تلمسه بأجفانك أن تستمر في ذلك
وأن تبدو لك النجاة في اإلغماض الدائم للعيون؟
كيف يمكن أن تطمع بالسكتة القلبية كراحة مرغوبة
ٍٍ وأن ترغب أيضا بالتمتع بشعاع فقط بشيء من شعاع الشمس؟
أن تأمل في أن تبقى حيا مرة أخرى حيا فعال وأال تفكر بأي شيء بأي وقت؟
آه، كيف بقينا أغبياء إلى هذا الحد كيف لم ترفع صوتك وتموت حقا؟
في اليوم العالمي للشعر
ال تبحثوا عني في اليوم العاملي للشعر.
بني يدي ثروة من القطط وسط الغرفة.
هكذا كان أسلوبها في االحتفال
كانت صاحبة أول ديوان شعر نسوي في اللغة األلبانية
عرب بعض من قصائدها في مختارات صدرت بدمشق وعمان