Al Araby Al Jadeed

مرور الكرام

صفقة الحرية في مصر

- وائل قنديل

هل استيقظ النظام املصري وشعر فجأة بوخزة ضمير دفعته على الفور لإلفراج عن رجل األعمال صفوان ثابت وابنه سيف؟ هل حقًا يمكن التعاطي مع النبأ السار باستعادة الرجلني حريتهما املستحقة بوصفه إعالء لقيمة العدالة ومنطق اإلنصاف والرحمة، وسيادة القانون، وتذكر مفاجئ لحقوق اإلنسان؟ ربما تجد مالمح اإلجابة في تغريدة سريعة التحضير، ثم جرى حذفها بأسرع من تحضيرها، نشرها النائب والصحافي واملذيع مصطفى بكري، قال فيها: «مبروك اإلفراج عن املهندس صفوان ثابت ونجله سيف... شكرًا لقرار السيد الرئيس هذه خطوة مهمة». وما هي إال سويعات حتى عاد صاحب التغريدة وعدل صياغتها وأعاد نشرها على فيسبوك هذه املرة، لتكون على النحو التالي: «مبروك اإلفراج عن املهندس صفوان ثابت ونجله سيف على ذمة القضية التي نحترم قرار النيابة في التصرف فيها، هذه خطوه مهمة». شخصيًا، أصدق مصطفى بكري األول، في عفويته وتلقائيته الكاشفة طبيعة األمور في مصر، والتي تنطق بكل اللغات واألفعال أن املسألة بيد شخص واحد، هو رئيس كل شيء. نطق بكري بالحقيقة، في براءة مفرطة، أو قل دراية كاملة باألحوال، فأشاد بقرار الشخص الذي يمتلك وحده سلطة االعتقال والحبس واإلفراج، وبالتالي ال يصح ونحن نعبر عن الفرح بخروج صفوان وسيف ثابت أن ننسى أن املسألة كلها لم تكن لتتم لوال أن السلطة نظرت إلى املوضوع وفقًا لحسابات الجدوى املالية، فلما اكتشفت أن أرباحها من إطالق سراحهما أكبر مما تحصل عليه من سجنهما، اتخذت قرارها باإلفراج، وبالتالي، فإن توقع أن تكون هذه خطوة أولى على طريق رفع الظلم عن عشرات اآلالف من املظلومني اآلخرين هو تحليق في الخيال. من املهم تذكر كيف وملاذا كان اعتقال ثابت، األب ثم االبن، وحسب مجلة «إيكونوميست»، فإن شركة «جهينة»، التي بناها صفوان ثابت وتولى رئاسة مجلس إدارتها، «واجهت ابتزازًا على غرار ما تفعله املافيا»، إذ طلبت السلطات من صفوان ثابت التنازل عن الحصة التي تسمح ملالكها باتخاذ القرار في الشركة، ليلقى به في سجن سيئ السمعة بسبب ما يجري فيه من تعذيب، وعندما رفض ابنه سيف الصفقة نفسها، ألحق بوالده في السجن. باقي الحكاية، أنه بعد اعتقال صفوان ثابت وسجنه جرى تعيني ابنه سيف رئيسًا ملجلس إدارة الشركة، وعلى الفور قرروا اعتقال االبن ووضع رجل األعمال السعودي محمد الدغيم على رأس مجلس اإلدارة، ومع ارتفاع أصوات منظمات وهيئات دولية تندد بهذه البلطجة، لجأت األجهزة النافذة في النظام املصري لتعيني رجل األعمال املصري محمد الوكيل رئيسًا ملجلس إدارة الشركة. كل هذه اإلجراءات أثارت رعبًا في أوساط رجال األعمال واملستثمري­ن، فبدأت عمليات سريعة لتهجير االستثمارا­ت ورؤوس األموال إلى الخارج، أشهرها ما قامت به ابنتا رجل األعمال الراحل محمد فريد خميس، مالك مجموعة «النساجون الشرقيون»، بنقل حصتهما في الشركة داخل مصر إلى شركة جرى تأسيسها في بريطانيا، خوفًا من مصير صفوان ثابت. الشاهد أن منطق الصفقة هو املبدأ األول والوحيد الذي يحدد حركة النظام الحالي سياسيًا واقتصاديًا، وعليه، ال يعيب صفوان ثابت وولده، وال يقلل من أهمية استعادتهما حقهما في الحرية، أن يكون ما جرى نتيجة حسبة اقتصادية قام بها النظام، ال عالقة لها بعدالة أو نزاهة. السؤال اآلن: هل سيعود ثابت، األب أو االبن، رئيسًا ملجلس إدارة شركته التي بناها بجهده وعرقه؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar