صالة داخل قصر العدل في فرنسا: خدعة الصورة
«معا، سنستمر في الدفاع عن فرنسا وعن مستقبل أوالدنــــا»، بهذه العبارة يستقبل الشاب داميان ريو زوار موقعه اإللكتروني. شـــعـــار جـمـيـل يــشــبــه عـــبـــارات تــجــد بشكل مستمر مكانها في الفقرة األخيرة من كل خـــطـــاب ســيــاســي. ولـــكـــن مـــن هـــو دامـــيـــان؟ وملــــاذا نـتـحـدث عــنــه؟ ومـــا هــو هـــذا الخطر الـــــذي يــلــتــف حــــول عــنــق الــــبــــاد، بـالـشـكـل الذي يضطره إلعان التعبئة والتوجه إلى الصفوف األمامية؟ دامـــيـــان ريــــو مـــواطـــن فــرنــســي، يـــعـــرف عن نفسه بـالـتـالـي: «سـيـرتـي بديهية للغاية: هــي سـيـرة اآلالف مــن الـشـبـاب الفرنسين الــــذيــــن نــــشــــأوا كـــأقـــلـــيـــة فــــي بــــلــــدهــــم». فـي الــــصــــورة الــشــخــصــيــة املـــرافـــقـــة لـلـتـعـريـف، نرى شابا أبيض البشرة بعينن زرقاوين، يـــرتـــدي بـــدلـــة كــحــلــيــة الـــلـــون وربـــطـــة عنق خــضــراء المــعــة. أقــلــيــات؟ ال أحـــد أكــيــد من حسن توظيف الكلمة. دامــيــان ريـــو حـاضـر فــي الـعـمـل السياسي، وأكثر تحديدًا في صفوف اليمن املتطرف، وقــد كــان مرشحا لانتخابات التشريعية الفرنسية األخــيــرة على لـوائـح حــزب إريـك زيمور (املرشح السابق للرئاسة الفرنسية). مـنـاسـبـة الــحــديــث عــن الــشــاب هــي نشاطه (املكثف جــدًا) على موقع تويتر، وتحديدًا في األسابيع األخيرة، وذلك مع إغراقه املوقع بـصـور ألشــخــاص يـقـول إنـهـم «مسلمون» ويقومون بتأدية الصاة في األماكن العامة (مـــتـــرو، قــاعــات تـــدريـــس... إلــــخ)، أو لنساء يـرتـديـن الــحــجــاب... وأطــلــق لـهـذه املناسبة أو «موجة الكراهية» هاشتاغ خـاص، لعل آخـريـن مـن أقصى اليمن يـــودون املشاركة أيــضــا #Salatchallenge أو .#MuslimGo إلقاء نظرة على محتواه يعطي انطباعا أن ريو يخصص حسابه ووقته على «تويتر» لنشر صــور وفـيـديـوهـات ألشـخـاص جرى تصويرهم خلسة فــي الـحـيـز الــعــام. صور ال يـمـكـن الــتــأكــد مـــن صـحـتـهـا. وهــــذا ليس مـــجـــرد انـــطـــبـــاع، إنـــهـــا الــحــقــيــقــة، فـتـعـريـف حساب داميان يبدأ بـ«مبلغ» (بالفرنسية .)Lanceur d’alertes ما جعل من منشورات الـــشـــاب حــديــثــا لـلـصـحـافـة الــفــرنــســيــة، في
ينشر صورًا وفيديوهات ملتقطة خلسة لمسلمين في الحيز العام
األيــــــام األخــــيــــرة، هـــو نـــشـــره صـــــورة ادعــــى أنــهــا لـشـخـص يــصــلــي داخــــل قــصــر الــعــدل الجديد فـي العاصمة بـاريـس. ليتبن، في وقـت الحــق، أنـه تعرض لخديعة مقصودة هدفت إلثبات عدم تحققه من املحتوى الذي ينشره على حسابه، وأنه يقوم بنشر كل ما يصل إلى صندوق بريده. الصحافي الـــذي أرســـل لـه الــصــورة، كـوري لــو غـــوان، يعمل صحافيا حـــرًا فــي فرنسا وتـــاحـــق عــمــلــه عـــامـــات االســـتـــفـــهـــام عــدة (أديـــــن أكــثــر مـــن مـــرة وســبــق لـــه ان انتحل صفة ابــن شقيق زوجــة الرئيس الفرنسي بريجيت مـــاكـــرون)، لكنه نـجـح فــي لعبته وأصــــــــاب الـــــهـــــدف. الـــتـــقـــط صـــــــورة لـنـفـسـه وهــــو يـــأخـــذ وضــعــيــة الـــســـجـــود وأرســلــهــا إلـــــــى صـــــنـــــدوق بــــريــــد دامــــــيــــــان ريــــــــو. قــــام األخير بنشرها مع عبارة «في صالة غير مـسـتـخـدمـة فـــي قــصــر الـــعـــدل الـــجـــديـــد في باريس». صورة تملك كل مقومات النجاح: مسلم يـضـرب بـعـرض الـحـائـط مؤسسات الدولة، وتحديدًا العدالة، ويمارس طقوسه الدينية مـن دون خجل فـي دولــة علمانية. لـكـن ســرعــان مــا قـــام الـصـحـافـي كــــوري لو غــــوان، صـاحـب الـفـكـرة، بنشر فـيـديـو هـذه املــــرة مــن نـفـس املـــكـــان، ويـنـطـلـق مــن نفس وضعية السجود التي في الصورة ويتقدم سريعا باتجاه الهاتف املوضوع في نفس زاويـــــة الـــصـــورة ويـــقـــول «مــرحــبــا دامـــيـــان، اسـمـي كــــوري، أشــقــر، مــن أصـــول فرنسية، كاثوليكي وأيضا صحافي، وأردت أن أثبت من خال هذا الفيديو القصير أنك تسخر مــن الـجـمـيـع. أتــقــدم بــاعــتــذاري إلـــى جميع املواطنن املسلمن واملسلمات». حــــقــــق الــــفــــيــــديــــو خـــــــال ســـــاعـــــات مـــايـــن املــشــاهــدات، ولـكـن بـعـد أيــــام، جـعـل كـوريـن مـــن حــســابــه عــلــى تــويــتــر حــســابــا خــاصــا، وهذا على األرجح يعود إلى املساحة التي أخـــذهـــا املـــوضـــوع عــلــى وســـائـــل الــتــواصــل االجـتـمـاعـي. دامــيــان ريـــو، بطبيعة الـحـال، وبعد انتشار الفيديو بسرعة خيالية، قام بـحـذف مـنـشـوره ونـشـر تـغـريـدة يتساءل فيها «هذا ممتع، لقد نجحت اللعبة، ولكن هـل يمكنك أن تـشـرح لـي كيف يمكن لهذا أن يثبت عدم صحة الصور والفيديوهات األخرى املنشورة؟».