تحقيق انفجار مرفأ بيروت: تبليغ استدعاءات واعتراض قضائي
واصل المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، أمس الثالثاء عمله، في ظل ما يلوح من مواجهة قضائية بينه وبين النيابة العامة التمييزية
بعد يوم على استئنافه تحقيقاته في انفجار مـرفـأ بــيــروت فــي لـبـنـان، الـتـي كـانـت متوقفة منذ نحو 13 شهرًا بعد تجميد عمله، تكشف أمس مزيد من أسماء املدعى عليهم بانفجار املرفأ من قبل املحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فيما صعد النائب العام التمييزي القاضي غـسـان عــويــدات، املـوقـف ضــد األول، مؤكدًا أن يد البيطار «مكفوفة بحكم القانون»، علما أن عويدات ادعي عليه من قبل البيطار. وكان البيطار قد قرر بناء على دراسة قانونية أجراها، استئناف مهامه، وأصدر موافقته أول مــن أمـــس االثــنــني، عـلـى إخـــالء سبيل متعهد األشغال سليم شبلي، ومدير املشاريع في املرفأ ميشال نحول، ومدير الجمارك شفيق مرعي، ومدير العمليات السابق باملرفأ، سامي حسني، وجميعهم لبنانيون، باإلضافة إلى السوري أحمد رجب، وهو مساعد شبلي، وذلك من دون كفالة مـع قــرار بمنع السفر. وسبق أن أخلى البيطار سبيل عدد من املوقوفني في القضية قـبـل كـــف يــــده، وبــقــي 17 مــوقــوفــا، لينخفض الــعــدد إلـــى 12 فــي حـــال تنفيذ إخــــالء سبيل املوقوفني الخمسة. وقرر البيطار االدعاء على 8 أشخاص، بينهم املدير العام لأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، واملدير العام ألمن الدولة، اللواء طوني صليبا. وخرجت إلى العلن أمس
أسماء جديدة في خانة االدعاء، وهي: رئيس املجلس األعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي، النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، املحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، عضو املجلس األعلى للجمارك غراسيا القزي، والقاضيان كارال شواح وجاد معلوف. كذلك، تـضـمـنـت اســـتـــدعـــاءات الــبــيــطــار شخصيات سياسية وأمـنـيـة وعـسـكـريـة، أبــرزهــا رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ووزير الداخلية األسبق نهاد املشنوق، وقائد الجيش السابق الـعـمـاد جــان قـهـوجـي، واملــديــر الـعـام السابق ملخابرات الجيش العميد كميل ضاهر، وآخرون. وعني املحقق العدلي جلسة استجواب الوزير الــســابــق الــنــائــب غــــازي زعــيــتــر (يــنـتـمــي إلــى حـــركـــة أمــــل بـــزعـــامـــة رئـــيـــس مــجــلــس الـــنـــواب نــبــيــه بـــــري) املـــدعـــى عــلــيــه بــالــقــضــيــة، وأحـــد أبــــــرز مـــقـــدمـــي طـــلـــبـــات رد الـــبـــيـــطـــار، وكـــذلـــك املـشـنـوق فــي 6 فـبـرايـر/ شـبـاط املـقـبـل، وذلــك في دعوى الحق العام بجرائم القتل واإليـذاء واإلحـــراق والتخريب معطوفة جميعها على الــقــصــد االحــتــمــالــي، واملــعــطــوفــة أيــضــا على مــواد قانونية متعلقة بـاإلخـالل بالواجبات الوظيفية، وقام بتبليغهما لصقا. كذلك، عني جلسة السـتـجـواب رئـيـس الحكومة السابق حــســان ديـــاب فــي 8 فـبـرايـر لـبـيـان دفــاعــه في الدعوى املقامة عليه من الحق العام بالجرائم نفسها، وقام بتبليغه املوعد لصقا. وســارعــت أوســـاط النيابة الـعـامـة التمييزية التي باتت بدورها في مرمى االدعـاء، وكانت قد اتهمت من قبل حقوقيني وأهالي ضحايا االنــفــجــار بـعـرقـلـة الـتـحـقـيـقـات، إلـــى الـتـأكـيـد أن قـــــــرارات الــبــيــطــار لـــن تــنــفــذ مـــن جــانــبــهــا، وستعتبرها «كأنها لم تكن». ووجــه النائب الـــعـــام الــتــمــيــيــزي الـــقـــاضـــي غـــســـان عـــويـــدات أمـــس كـتـابـا إلـــى الـبـيـطـار، قـــال فـيـه إن «يـدكـم مكفوفة بحكم القانون ولم يصدر لغايته أي قـــرار بـقـبـول أو بــرفــض ردكـــم أو نـقـل أو عـدم نــقــل الـــدعـــوى مـــن أمـــامـــكـــم». عـلـمـا أن املحقق الـــعـــدلـــي ذكــــر فـــي الــــدراســــة الــقــانــونــيــة الــتــي استند إليها الستئناف عمله إلى عدم حاجته لــالســتــحــصــال عــلــى أذونـــــــات مـــن أحـــــد، وهــو
قام البيطار بتبليغ أسماء من المدعى عليهم لصقًا
ماض في إجراء اته، األمر الذي يشي بمواجهة قضائية مرتقبة. وقــالــت أوســـاط أهــالــي ضحايا انـفـجـار مرفأ بــــيــــروت لـــــ«الــــعــــربــــي الــــجــــديــــد»، إن األهــــالــــي يعلمون تماما أن مـحـاوالت إطاحة القاضي البيطار ستتكرر، وكــذلــك لــن يمثل املطلوب استجوابهم أمام القضاء، كما رفضوا ذلك في السابق. وأشـــارت املـصـادر إلــى أن «كــل فريق معني بالقضية مـعـروف انـتـمـاءه السياسي الســيــمــا لــلــمــنــظــومــة الــتــقــلــيــديــة، وقــــد بـــدأت مــحــاوالت الــوقــوف فـي وجــه قــــرارات البيطار وتعطيل تنفيذها، ســواء مـن النيابة العامة التمييزية التي سربت أنها لن تنفذ القرارات، وكـــذلـــك وزيـــــر الـــعـــدل (فــــي حــكــومــة تـصـريـف األعمال هنري خـوري) الـذي أرسـل مقتطفات قـــــرار املــحــقــق الـــعـــدلـــي إلــــى مــجــلــس الــقــضــاء األعــلــى لـــالطـــالع، ملمحا إلـــى خـــرق البيطار ســـريـــة الــتــحــقــيــق». ولــفــتــت مـــصـــادر األهـــالـــي إلـى أن «مجلس القضاء األعلى يعاني أصال من انقسامات، وتجلى ذلك في الخالف حول تعيني قـــاض بـديـل مــن الـبـيـطـار»، مــؤكــدة أن األهــالــي «سـيـكـونـون بـاملـرصـاد لكل أساليب عرقلة التحقيق». فــي املــقــابــل، اعـتـبـر الــنــائــب فــي كـتـلـة «الــوفــاء للمقاومة» (تمثل «حزب الله» برملانيا) حسني جــشــي، فــي تـصـريـح لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»، أن «مــــا يــحــصــل زوبـــعـــة فـــي فــنــجــان، والــقــاضــي الـبـيـطـار مـكـشـوف وضـــعـــه، وواضـــــح للعيان الجو السياسي الذي يعمل فيه، وال فرص له للنجاح». وأشار جشي إلى أن «هناك تسييسا لـــلـــقـــضـــيـــة، وقـــضـــايـــا مــفــصــلــيــة لــــم يـكـشـفـهـا التحقيق أو يتطرق إليها، منها كيفية دخول مواد نيترات األمونيوم واستقرارها وبقاؤها في املرفأ، وكيف حصل االنفجار، فيما ذهب البيطار للشق األخـيـر املرتكز على اإلهـمـال، عـلـمـا أنـــه حـتـى فــي اإلهـــمـــال هــنــاك تسييس،
باعتبار أن أكثر من وزير تعاقب على الوزارات املـــعـــنـــيـــة، لـــكـــن املـــحـــقـــق الـــعـــدلـــي لــــم يـــســـتـــدع الجميع». مع العلم أن قصر العدل في بيروت ضج قبل أشهر بعد إعالن أحد الصحافيني أن مسؤول وحدة االرتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، بعث برسالة تهديد للبيطار تتضمن التلويح «بقبعه»، أي اقتالعه. مــن جـهـتـهـا، حــثــت الـــواليـــات املــتــحــدة أمــس، الــــســــلــــطــــات الــــلــــبــــنــــانــــيــــة عــــلــــى «اســــتــــكــــمــــال التحقيقات فـي انفجار مرفأ بـيـروت املـــروع، وإجــــرائــــهــــا بــشــكــل ســـريـــع وشـــــفـــــاف». وقــــال املــتــحــدث بــاســم الــخــارجــيــة األمــيــركــيــة، نيد بــــرايــــس، إن ضــحــايــا انـــفـــجـــار مـــرفـــأ بــيــروت يـــســـتـــحـــقـــون الــــــعــــــدالــــــة، ويـــــجـــــب مـــحـــاســـبـــة املــســؤولــني. تــجــدر اإلشـــــارة إلـــى أن األســمــاء املطلوب استجوابها لم ترد للمرة األولى في الئحة املحقق العدلي الــذي اقترب كثيرًا من إصدار قراره االتهامي في القضية، بل سبق أن طلب االستماع إليها وأن تمثل أمامه في أكثر من جلسة حـددهـا قبل كـف يـده مؤقتا، بيد أن غالبيتها «تمردت» ورفضت املثول. وجرت مواجهة طلبات املحقق العدلي بطلبات لـــرده ونقل الـدعـوى منه، وقــد توسعت رقعة الدعاوى لتطاول القضاة الذين تحال عليهم دعاوى رد البيطار. وقد استغل املدعى عليهم التعيينات القضائية املعلقة بفعل الـصـراع الــســيــاســي عــلــى املـــواقـــع إلطـــالـــة أمــــد تعليق مهام املحقق العدلي، كذلك ضغط «حزب الله» و«حركة أمل» لرحيل البيطار، من خالل تعليق جلسات الحكومة والتلويح باستقالة وزرائهما ولجوئهما إلى الشارع في 14 أكتوبر/ تشرين األول ،2021 وهـــو الــيــوم الـــذي شـهـد تعرض الـتـجـمـع الــــذي نـــظـــم مـــن قـبـلـهـمـا فـــي منطقة الطيونة لـالعـتـراض على البيطار واملطالبة بإقالته لعمليات قنص، قبل أن تندلع اشتباكات مسلحة في املنطقة انخرط فيها مقاتلون من منطقة الشياح املحسوبة على الثنائي، حزب الله وحركة أمل، ومسلحون من عني الرمانة، ذهب نتيجتها 7 قتلى وأكثر من 30 جريحا. واتهم يومها الثنائي حزب القوات اللبنانية (بزعامة سمير جعجع) بالوقوف وراء األحداث.