فضائح فساد بأموال الحرب
تغييرات سريعة لتفادي خسارة دعم الحلفاء
دفــــعــــت فـــضـــائـــح الــــفــــســــاد وســـــوء اإلدارة الـــتـــي تــكــشــفــت فــــي األيـــــام األخــــيــــرة فـــي أوكــــرانــــيــــا، وأظـــهـــرت تــعــمــد عـــــدد مــــن املـــســـؤولـــني املـــنـــخـــرطـــني فـي إدارة العمليات العسكرية فـي روسـيـا إهــدار أمـــــوال الـــحـــرب، الــرئــيــس الــرئــيــس األوكـــرانـــي فــولــوديــمــيــر زيــلــيــنـســكــي إلــــى إطـــــالق حملة اســتــهــدفــت مــســؤولــني فـــي اإلدارة الـرئـاسـيـة ووزارة الدفاع، والهيئات القضائية، فضال عن إقـالـة خمسة مـن حكام املـنـاطـق، فـي محاولة لتفادي خسارة الدعم العسكري واالقتصادي الذي تحصل عليه كييف من الحلفاء الغربيني منذ بدء الغزو الروسي قبل 11 شهرًا، والذي يـشـكـل عـــامـــال رئـيـسـيـا فـــي صــمــودهــا. ورغـــم إقـــالـــة، أو اســتــقــالــة، مــســؤولــني بـــارزيـــن، فإنه مـن املستبعد أن تؤثر التغييرات سلبا على تماسك الحلقة األقرب من الرئيس والقيادات العسكرية األولى، خصوصا أنها ليست املرة األولى التي يلجأ فيها زيلينسكي إلى إجراء تغييرات واسعة في صفوف املسؤولني. وبـــعـــد ســـاعـــات عــلــى إعـــــالن زيــلــيــنــســكــي عن تـــغـــيـــيـــرات واســــعــــة الــــنــــطــــاق تــتــعــلــق بـشـكـل خاص بـ«مديرين من مختلف املستويات في الـــوزارات وهياكل الحكومة املركزية األخـرى،
وفــي املـنـاطـق وسـلـطـات إنــفــاذ الــقــانــون»، من دون ذكر األسباب، كشف نائب رئيس مكتب الرئيس كيريلو تيموشينكو، أول مـن أمس اإلثنني، عن تقديمه استقالته، عارضا نسخة عن كتاب االستقالة على صفحته على تطبيق «تيليغرام»، وأرفقها بشكر لزيلينسكي على منحه الفرصة للعمل معه. وفـــي نـهـايـة أكــتــوبــر/ تـشـريـن األول املـاضـي، كشف تقرير استقصائي أعده موقع BIHUS« »Info األوكراني أن تيموشينكو يتنقل بسيارة جيب طراز «شيفروليه تاهو»، قدمتها شركة «جنرال موتورز» ضمن 50 سيارة ألوكرانيا مـــن أجــــل إجـــــالء ونـــقـــل املـــواطـــنـــني والــبــعــثــات اإلنـسـانـيـة مـن مناطق العمليات العسكرية. وذكر تقرير الوكالة أن تيموشينكو استخدم الـــســـيـــارة ألغــــــراض شــخــصــيــة، ولـلـتـنـقـل بني مـنـزلـه والــعــمــل، وكــذلــك فــي رحـــالت إلـــى عـدة مــنــاطــق. وكـــــان املـــســـؤول املـسـتـقـيـل أكـــــد، في وقـــــت ســــابــــق، أنـــــه اســـتـــخـــدم الـــســـيـــارة نــظــرًا ألنها مدرجة في مالك اإلدارة الرئاسية، لكن »BIHUS Info« ذكر أنه لم يعثر على دليل على أنه تم شراء السيارة التي قادها تيموشينكو. وحــســب صـحـيـفـة «أوكــرايــنــســكــايــا بـــرافـــدا»، فـــإن رئــيــس اإلدارة الـعـسـكـريـة ملنطقة كييف أوليكسي كوليبا سيحل محل تيموشينكو. بـــــدوره، تــقــدم نــائــب املــدعــي الــعــام األوكـــرانـــي
أوليكسي سيمونينكو باستقالته يوم اإلثنني املاضي بعد كشف تقرير أنه سافر في إجازة ملــدة 10 أيـــام إلــى إسبانيا لقضاء ليلة رأس السنة مع عائلته التي تقيم في مدينة ماربيا اإلسـبـانـيـة، مستخدما ســيــارة رجـــل األعـمـال غــريــغــوري كـوزلـوفـسـكـي. وعــلــى خلفية هـذه األنباء قال زيلينسكي، أول من أمس، إنه وقع مرسوما يحظر على املسؤولني األوكرانيني من أي مستوى السفر إلى الخارج «ألي غرض آخر غير حكومي». وبــــعــــد أيـــــــام عـــلـــى تـــقـــريـــر نـــشـــرتـــه صـحـيـفـة «زيـــركـــلـــو نــيــديــلــيــي» األوكــــرانــــيــــة عـــن فــســاد فـي عملية تـزويـد الجيش األوكــرانــي بـاملـواد الغذائية وغيرها من املـواد اللوجستية، عبر رفع األسعار بشكل كبير، استقال نائب وزير الدفاع فياتشيسالف شابوفالوف من منصبه أمــس الـثـالثـاء. ومـعـلـوم أن شـابـوفـالـوف كان مـــســـؤوال عــن الــخــدمــات الـلـوجـسـتـيـة لـلـقـوات املـسـلـحـة األوكـــرانـــيـــة. وقــــال شــابــوفــالــوف إن طــلــبــه جــــاء حــتــى ال يــشــكــل تـــهـــديـــدًا لـــإمـــداد املستقر للقوات املسلحة األوكــرانــيــة، نتيجة حملة اتهامات تتعلق بشراء خدمات غذائية. ووافق وزير الدفاع أولكسي ريزنيكوف على طلب االستقالة. وأشادت وزارة الدفاع، في بيان، بشابوفالوف الــــــذي عـــمـــل «بـــأقـــصـــى قـــــدر مــــن املـــســـؤولـــيـــة»
واســـتـــطـــاع تــــزويــــد الـــجـــيـــش بـــحـــاجـــاتـــه رغـــم الــــظــــروف الــصــعــبــة وارتــــفــــاع عـــديـــد الـجـيـش بـــشـــكـــل كـــبـــيـــر بـــعـــد الـــــغـــــزو الــــــروســــــي. وذكـــــر الــبــيــان أن املـــســـؤول املـسـتـقـيـل نـفـذ عــــددًا من اإلصـــالحـــات املــهــمــة، ضـمـنـهـا إلـــغـــاء احـتـكـار الـخـدمـات الـغـذائـيـة، وكـذلـك فـي قـطـاع توفير الـــوقـــود والـــزيـــوت لــلــقــوات املـسـلـحـة، وإنــشــاء «هـامـش أمـــان» قـــدره ربــع مليون مـن الـــدروع الواقية، وأكثر من 150 ألـف خــوذة. واعتبرت أن استقالة شابوفالوف كانت «عمال جديرًا» مــن شـأنـه أن يـسـاعـد فــي الـحـفـاظ عـلـى الثقة فـي الــــوزارة. إال أن موقف وزارة الـدفـاع تبدل بسرعة، من نفي شبهات الفساد إلى اإلعالن عـن إجـــراء تحقيقات شاملة حــول مشتريات الــــوزارة، متعهدة باتخاذ الــقــرارات املناسبة بشأنها. وفي الوقت ذاته، اعترض عضو لجنة األمــــن الــقــومــي والـــدفـــاع واالســـتـــخـــبـــارات في «الـــرادا العليا» (البرملان) األوكـرانـي غينادي كـــاســـاي عـلـى نـشـر مـعـلـومـات تفصيلية عن تـزويـد الــوحــدات العسكرية بـاملـواد الغذائية والـــلـــوجـــســـتـــيـــة، مــــا يـــعـــرضـــهـــا لــلــخــطــر بـعـد الكشف عـن مـواقـعـهـا، وطـالـب بــإشــراك هيئة األمن الفيدرالي األوكراني للكشف عن مصادر املـــعـــلـــومـــات، نـــظـــرًا ألنـــــه «قـــــد يـــتـــم اســـتـــخـــدام املعلومات من قبل العدو في ظروف الحرب». ولــــــم يــســتــبــعــد أن يــــكــــون الـــتـــســـريـــب بــهــدف الخيانة، وتقديم معلومات سرية عن القطع العسكرية األوكرانية وانتشارها. وتــزامــنــا مـــع فـضـيـحـة املــشــتــريــات فـــي وزارة الدفاع، أوقـف، نهاية األسبوع املاضي، نائب وزيـــــر الــبــنــيــة الــتــحــتــيــة األوكــــرانــــي فـاسـيـلـي لــوزيـنــســكــي بـتـهـمـة تـلـقـي رشـــــوة تــصــل إلــى 400 ألــــف دوالر فـــي صــفــقــة شـــــراء مـــولـــدات. وذكـــــــرت صــحــيــفــة «زيـــركـــلـــو نــيــديــلــيــي» أنـــه تــــم الـــقـــبـــض عـــلـــى لـــوزيـــنـــســـكـــي أثــــنــــاء تـلـقـيـه رشـــــــوة، بـــعـــد مـــوافـــقـــتـــه عـــلـــى شــــــراء مـــولـــدات بـــســـعـــر أعــــلــــى بـــكـــثـــيـــر مـــــن أســـــعـــــار الــــســــوق. كــــمــــا أقـــــالـــــت الــــحــــكــــومــــة األوكــــــرانــــــيــــــة، أمــــس
الـثـاثـاء، خمسة حكام مناطق. وأعـلـن ممثل الــحــكــومــة فـــي الـــبـــرملـــان تـــــاراس ميلنيتشوك أن حـكـام مـنـاطـق دنـيـبـروبـتـروفـسـك (وســـط) فالنتني ريزنيشنكو، وزابـوريـجـيـا (جـنـوب) أولــــكــــســــنــــدر ســـــــتـــــــاروخ، وســـــومـــــي (شــــمــــال) ديمترو تشيفيتسكي، وخـيـرسـون (جـنـوب) ياروساف يانوشيفيتش، والعاصمة كييف أولــيــكــســي كــولــيــبــا، ســـيـــغـــادرون مـنـاصـبـهـم. كـمـا أقـيـل نـائـب وزيـــر الـسـيـاسـة االجتماعية ونائبان لوزير التنمية اإلقليمية. وتــعــلــيــقــا عـــلـــى الـــفـــضـــائـــح املـــتـــتـــالـــيـــة، شـــدد زيلينسكي، مساء أول من أمس اإلثنني، على ضــرورة تقديم جميع املتهمني إلـى املحاكمة هــذا األســبــوع. وأعـلـن أنــه اتخذ قـــرارات للحد مـــن الــفــســاد، لـكـنـه لـــم يـكـشـف عـــن طبيعتها، ملمحا إلى إمكانية إقالة وزير الطاقة غيرمان غــالــوشــيــنــكــو. وذكــــر زيـلـيـنـسـكـي أن مجلس األمن القومي قد اتخذ قرارًا «مبدئيا» يقضي بـــمـــنـــع املــــســــؤولــــني الـــحـــكـــومـــيـــني مـــــن قـــضـــاء إجازاتهم في الخارج. وبدا واضحا أن تفاعل الـــســـلـــطـــات األوكــــرانــــيــــة الـــســـريـــع مــــع قـضـايـا الفساد يعود إلــى مـخـاوف مـن تـراجـع الدعم الغربي لكييف، اقتصاديا وعسكريا، في فترة حساسة تشهد هجوما روسيا على جبهات دونـــبـــاس وزابـــوريـــجـــيـــا فـــي األيـــــام األخـــيـــرة. ومعلوم أن هناك خافات كبيرة وسط حلفاء أوكـــرانـــيـــا بــشــأن تــزويــدهــا بــدبــابــات حديثة مـثـل «لـــيـــوبـــارد »2 إذ أخــفــق اجــتــمــاع قـاعـدة رامـــشـــتـــايـــن لــــــــوزراء دفــــــاع الـــتـــحـــالـــف الـــداعـــم ألوكرانيا، نهاية األسبوع املاضي، في حسم هـــــذا األمـــــــر. وتــــزيــــد شـــبـــهـــات الـــفـــســـاد داخــــل وزارة الدفاع من مخاوف أطلقتها الصحافة الـــروســـيـــة والــغــربــيــة حــــول مــصــيــر األســلــحــة الغربية املقدمة ألوكرانيا، وإمكانية تسربها إلـــى جـهـات إرهــابــيــة، مــا ينعكس سلبا على أمن أوروبا. وتعتمد أوكرانيا على املساعدات
استقال نائب وزير الدفاع المسؤول عن الخدمات اللوجستية
تعتمد أوكرانيا على مساعدات الغرب لتمويل عجز موازنتها
االقـــتـــصـــاديـــة الـــغـــربـــيـــة لــتــمــويــل الـــعـــجـــز فـي موازنتها، ودعم اقتصادها الذي توقف قسم كبير منه عـن اإلنــتــاج بسبب تبعات الحرب الروسية املستمرة منذ 11 شهرًا. واألرجح أن الجانب األوكراني يأمل في أن تسهم اإلقاالت والتحقيقات واملحاكمات بسبب الفساد في استمرار الـدعـم الغربي الــذي يؤمن استقرار الباد، وصمودها في وجه الغزو الروسي. ومن املستبعد أن تؤثر التغييرات في تماسك الــنــخــبــة الــســيــاســيــة األوكــــرانــــيــــة، خـصـوصـا أن اإلقـــــــــاالت طــــاولــــت الــــصــــف الـــثـــانـــي فــقــط، ورؤســاء بعض اإلدارات العسكرية. مع العلم أن زيـلـيـنـسـكـي أقـــــال، صــيــف الـــعـــام املـــاضـــي، عــــددًا مــن املــســؤولــني األمــنــيــني الـــبـــارزيـــن، من ضــمــنــهــم رئـــيـــس جـــهـــاز أمـــــن الـــــدولـــــة إيـــفـــان باكانوف، واملدعي العام في أوكرانيا إيرينا فــيــنــيــديــكــتــوفــا، فـــي خـــطـــوة وصـــفـــت حينها بـــ«املــفــاجــئــة»، نــظــرًا لــعــاقــات الــصــداقــة التي تربط زيلينسكي باملسؤولني املقالني. وفــــــــي إطــــــــــار مــــخــــتــــلــــف، اســـــتـــــقـــــال ألـــيـــكـــســـي أريستوفيتش، مستشار مكتب الرئيس، في 17 يناير/ كانون الثاني الحالي، بعد تصريحات بأن الصاروخ الروسي الذي دمر مدخل مبنى سكني على نهر دنيبرو، مـا أسفر عـن مقتل وإصــابــة الـعـشـرات مـن األشــخــاص، وقــع بعد أن أسقطته وسائل الدفاع الجوي األوكراني. وكان أريستوفيتش، وفقا الستطاعات الرأي، ثالث أكثر شخصية شعبية في أوكرانيا بعد زيلينسكي ورئــيــس أركــــان الـجـيـش الـجـنـرال فاليري زالوجني.