Al Araby Al Jadeed

سوء التغذية يهدد 32 ألف طفل ليبي

- طرابلس ـ أسامة علي

يـــواجـــ­ه اآلالف مـــن أطـــفـــا­ل لـيـبـيـا تــداعــيـ­ـات الفوضى التي تعيشها الباد منذ سنوات بـــســـبـ­ــب عـــــــدم وجــــــــ­ود حــــكــــ­ومــــة مـــســـتـ­ــقـــرة، فضا عن تواصل الصراع السياسي على السلطة، واألطفال هم الحلقة األضعف في ظل تصارع السلطات، ويهدد سوء التغذية اآلالف منهم في مختلف أنحاء الباد. وكــشــفــ­ت مـنـظـمـة األمــــم املــتــحـ­ـدة لـلـطـفـول­ـة «يونيسف»، مؤخرًا، أن نحو 32 ألـف طفل لــيــبــي يــعــانــ­ون مـــن ســــوء الــتــغــ­ذيــة الـــحـــا­د، مـــحـــذر­ة فـــي تــقــريــ­رهــا الــســنــ­وي مـــن مغبة تفاقم أوضـــاع األطــفــا­ل فــي ظــل أزمـــة تغير املـــنـــ­اخ ونــــــدر­ة املـــيـــ­اه، وأن «مـــعـــدل الـــهـــز­ال والتقزم لدى األطفال دون سن الخامسة في زيادة، في مقابل انخفاض معدالت وفيات

فساد حليب األطفال والمكمالت الغذائية ضمن أسباب انتشار سوء التغذية األطـــفــ­ـال». ولـيـسـت تـلـك املــــرة األولــــى الـتـي تحذر فيها املنظمة األممية من خطر سوء التغذية على أطـفـال ليبيا، ففي نوفمبر/ تـشـريـن الـثـانـي ،2020 أكـــدت فــي تـقـريـر أن 16 مليون طفل دون سن الخامسة في عدة دول تعاني مـن نــزاعــات، مـن بينها ليبيا، يـــواجـــ­هـــون مــخــاطــ­ر ســــوء الــتــغــ­ذيــة. ويـعـد هـذا التقرير األول من نوعه الــذي يحصي األطفال الذين يعانون من سوء التغذية في ليبيا. يـــقـــول طـــبـــيـ­ــب األطـــــف­ـــــال الـــلـــي­ـــبـــي، رمـــضـــا­ن الــســيــ­فــاط، إن ســـوء الـتـغـذيـ­ة «بــــات يشكل ظـاهـرة خـطـرة نـظـرًا لكثرة أعـــداد الـحـاالت املـــرضــ­ـيـــة الـــتـــي تـسـتـقـبـ­لـهـا املـسـتـشـ­فـيـات، ويـــكـــو­ن سـبـبـهـا املــبــاش­ــر ســــوء الــتــغــ­ذيــة». ويـضـيـف الـسـيـفـا­ط فــي حــديــث لــ«الـعـربـي الـــجـــد­يـــد»: «يــكــشــف الـــرقـــ­م املــعــلـ­ـن مـــن قبل املنظمة األممية حجم الخطر، لكننا لسنا متأكدين من صحته ألن السلطات املحلية لـــيـــسـ­ــت لـــديـــه­ـــا أرقـــــــ­ـام دقـــيـــق­ـــة، وال تــجــري دراســــات جـــادة يمكن االسـتـنـا­د إلـيـهـا. في كـل األحـــوال، األمـــراض التي يسببها سوء تـغـذيـة األطـــفــ­ـال مـــوجـــو­دة بـشـكـل الفـــت في املجتمع الليبي». وكان آخر إحصاء حكومي هو الذي تضمنه تقرير املسح الوطني لصحة األسـرة، الذي أعدته مصلحة اإلحصاء والتعداد في عام ،2014 والذي بن أن 69 في املائة من األسر الليبية تعاني من صعوبات في الوصول إلى الغذاء، وأن 38 في املائة من أطفال هذه األسر دون سن الخامسة يعانون من قصر الــقــامـ­ـة املــتــوس­ــط والــــحــ­ــاد، و21 فـــي املــائــة مـنـهـم يــعــانــ­ون مــن نـقـص حـــاد فــي الــــوزن، وكل ذلك يعزى إلى سوء التغذية. ويعلق الطبيب السيفاط بالقول: «ال يمكن أن نـسـتـنـد إلــــى هــــذه األرقـــــ­ـام حـــالـــي­ـــا، أوال بــســبــب مـــــرور كـــل هــــذه الـــســـن­ـــوات، وثــانــيـ­ـا بـسـبـب تـغـيـر الـــظـــر­وف، إذ لــم تـعـد عـوائـق الحرب تحد من قـدرة األسـر على الوصول إلى الغذاء. ليست هناك حروب حاليا، لكن هــنــاك ظـــروفـــ­ا جـــديـــد­ة، مـــن بـيـنـهـا وصـــول األســـــر إلــــى مـــا يــمــكــن اعـــتـــب­ـــاره غـــــذاء غـيـر آمـــــن، كــمــا أن كــثــيــرًا مـــن األســـــر وأطــفــال­ــهــا مــــعــــ­رضــــون لــــتــــ­نــــاول األغـــــذ­يـــــة املــــلــ­ــوثــــة أو منتهية الـصـاحـيـ­ة، بــل وأغــذيــة مسرطنة

في بعض األحيان». ويتابع: «هناك عوامل أخـــرى تتعلق بـتـراجـع قـــدرة األســـر املالية بسبب مــا تعانيه الــبــاد مــن غـــاء فاحش في األسعار، فيضطر رب األسرة إلى شراء غـذاء رخيص، وعــادة ما يكون من األغذية املـــهـــ­ربـــة عـــبـــر الـــــحــ­ـــدود، والــــتــ­ــي ال تــتــوفــ­ر فيها الــشــروط الصحية، وال تـوفـر القيمة الغذائية املطلوبة، وقـد رصـدنـا، من خال حــــاالت األطـــفــ­ـال املــرضــي­ــة الــتــي تــصــل إلــى املستشفى، أن أكثر األمراض التي يعانيها األطـــفــ­ـال مــن جــــراء ســـوء الـتـغـذيـ­ة هــي فقر الدم، والهزال، والكساح، والتقزم». ويشير أسـتـاذ عـلـوم التغذية، علي ذيــاب، إلــــــى وقـــــــو­ف حـــلـــيـ­ـب األطـــــف­ـــــال واملـــكــ­ـمـــات الـغـذائـي­ـة وراء انـتـشـار ســوء التغذية لدى األطـــــف­ـــــال، ويــــشـــ­ـرح لــــ«الـــعـــر­بـــي الـــجـــد­يـــد»: «الــــطـــ­ـفــــل دون ســـــن الــــخـــ­ـامــــســ­ــة يـــتـــعـ­ــرض لـــــســـ­ــوء الــــتـــ­ـغــــذيــ­ــة مــــنــــ­ذ فـــــتـــ­ــرة الــــرضــ­ــاعــــة، إذ تــعــتــم­ــد غـــالـــب­ـــيـــة األســــــ­ر عـــلـــى الــحــلــ­يــب الـصـنـاعـ­ي واملــكــم­ــات الـغـذائـي­ـة املــوجــو­دة فـــي الـــصـــي­ـــدلـــيـ­ــات، وبــعــضــ­ه مـــغـــشـ­ــوش، أو ال يتوفر على العناصر الـغـذائـي­ـة الـازمـة لتغذية الطفل، فبعض املستورد منه يكون مهربا، والغالبية تصنع محليا، وكاهما ال تـوفـر فيه االشــتــر­اطــات الـصـحـيـة». ويلفت ذيــاب إلــى غـيـاب أحــد أبــرز عـوامـل الوقاية لــــــدى األطــــــ­فــــــال، وهــــــو الـــتـــط­ـــعـــيــ­ـمـــات الـــتـــي يـتـلـقـاه­ـا الـطـفـل خـــال األشــهــر والــســنـ­ـوات األولــــى مــن عــمــره، مـوضـحـا أن «أزمــــة عـدم تــــوفـــ­ـر الـــتـــط­ـــعـــيــ­ـمـــات، وعـــــــد­م الـــــقــ­ـــدرة عـلـى تـــأمـــي­ـــنـــهــ­ـا لـــلـــطـ­ــفـــل بـــشـــكـ­ــل دوري فــاقــمــ­ت مــشــكــا­ت مــنــاعــ­ة األطـــفــ­ـال، وبــالــتـ­ـالــي عــدم اسـتـفـادت­ـهـم بـشـكـل صـحـيـح مــن العناصر الغذائية الازمة للنمو». ويـــؤكـــ­د الــطــبــ­يــب رمـــضـــا­ن الــســيــ­فــاط على إمكانية تحسن الظروف الغذائية لألطفال فــــي حــــــال شـــــــدد­ت الـــســـل­ـــطـــات إجــــراء اتــــهـــ­ـا الـــرقـــ­ابـــيـــة، لـــكـــنـ­ــه يـــســـتـ­ــطـــرد: «مـــــــاذ­ا بــشــأن األطفال الذين يعانون من مضاعفات سوء الــتــغــ­ذيــة بــســبــب عــيــشــه­ــم فـــي ظـــل ظـــروف الــــحـــ­ـروب الــســابـ­ـقــة، ومــــن بـيـنـهـا الـــنـــز­وح؟ أعـتـقـد أنـــه يـتـوجـب عـلـى الـسـلـطـا­ت توفير الـــعـــا­ج لـــهـــم، فــالــكــ­ثــيــر مــنــهــم يـــتـــرد­د على املــســتـ­ـشــفــيــ­ات ويــــغـــ­ـادرونــــ­هــــا مــــن دون أن الحصول على عاج».

يتداول كثير من الليبيين عبر مواقع التواصل االجتماعي، خاصة «فيسبوك»، قصصًا تؤكد انتشار سوء التغذية بين األطفال في مناطق مختلفة من البالد. ويتحدث أطباء عن أعداد كبيرة من األطفال الذين يحضرهم أهلهم إلى المستشفيات بسبب معاناتهم من أمراض ناتجة عن سوء التغذية الحاد، فيما ينتقد مستخدمون التجاهل الحكومي المتواصل لألزمة.

 ?? (عبد اهلل دومة/ فرانس برس) ?? األطفال أبرز ضحايا الحروب في ليبيا
(عبد اهلل دومة/ فرانس برس) األطفال أبرز ضحايا الحروب في ليبيا

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar