إسرائيل تمول سردياتها
السيسي املاضية، حرصت الشركة اململوكة لـلـمـخـابـرات الــعــامــة والــتــي تحتكر اإلنــتــاج الفني فـي مصر، على إنـتـاج مسلسل جديد كـــل عــــام لــلــعــرض فـــي مــوســم شــهــر رمــضــان لتمجيد الجيش والشرطة، وبدأ هذا التقليد عــام ،2017 عندما سيطرت املــخــابــرات على ســـوق اإلنـــتـــاج، وأنــتــجــت مسلسل «كـلـبـش» بــــأجــــزائــــه الـــثـــاثـــة وكـــــــان عــــن الــــشــــرطــــة، ثـم مسلسل «االختيار» بأجزائه الثاثة والـذي تـنـاول عمليات للجيش والـشـرطـة وأحـــداث االنقاب الذي وقع في 3 يوليو/ تموز ،2013 كما أنتجت الشركة مسلسل «هجمة مرتدة» لتمجيد جهاز املخابرات العامة. وامـــــتـــــدادًا لـــأعـــمـــال الـــدرامـــيـــة الـــتـــي تعيد صياغة األحداث التاريخية بالطريقة التي تتطابق مع وجهة نظر النظام الحاكم لتلك األحــداث، تقوم الشركة «املتحدة للخدمات اإلعــامــيــة» حـالـيـا بــإنــتــاج مسلسل «ســره الباتع». يقول نقاد إن األخير «لن يختلف كثيرًا من ناحية الرسائل السياسية التي حملها مسلسل االختيار، لكنه فقط سيكون في إطار درامي مختلف». يصورً املسلسل الـذي يخرجه خالد يوسف «بـــطـــا شــعــبــيــا مــصــريــا مـــن عــصــر الـحـمـلـة الفرنسية على مـصـر، كــان يـقـاوم االحـتـال، تربط قصته بقصة أحد أحفاده في العصر الـحـالـي الـــذي يبحث فــي تــاريــخ جـــده» وفـي الـــوقـــت نــفــســه «يـــنـــاضـــل ضـــد حــكــم جـمـاعـة اإلخوان املسلمني في عامي 2012 .»2013و وبـحـسـب املـعـلـومـات الــتــي حـصـلـت عليها «العربي الجديد» عن املسلسل املأخوذ عن قصة للكاتب يوسف إدريـس، فإن املعالجة التي يشرف عليها خالد يوسف «تحتوي على مشاهد وقصص عن الدور الذي قامت به أجهزة األمن في أثناء ثورة يناير ،2011 وانقاب 3 يوليو ،2013 بطريقة إيجابية، وهــــو مـــا يــتــســق مـــع تــصــريــحــات الــرئــيــس السيسي التي قالها في حفل عيد الشرطة، اإلثـــنـــني املـــاضـــي، عــنــدمــا قــــال إن ثــــورة 25 يـــنـــايـــر 2011 كـــــان هـــدفـــهـــا هـــــدم الـــشـــرطـــة والـــجـــيـــش، وأن الــشــرطــة هـــي الــتــي أنــقــذت الباد من الضياع». واســـتـــمـــرارًا فـــي ســيــاســة إنـــتـــاج املـسـلـسـات الـتـي تـتـحـدث عــن الـجـيـش والــشــرطــة، تنتج الــشــركــة «املـــتـــحـــدة» مــســلــســا آخــــر بــعــنــوان «الـكـتـيـبـة ،»101 مــن بـطـولـة عــمــرو يـوسـف، وأحمد السقا، وتأليف إياد صالح، وإخراج مــحــمــد ســـامـــة، عــلــى أن يــتــم عـــرضـــه ضمن أعمال املوسم الرمضاني ،2023 لكن مصير املسلسل ال يزال معلقا، إذ إن السقا مشغول بمسرحية «سيدتي الجميلة». ويــتــنــاول املـسـلـسـل الـهـجـمـات الــتــي نفذتها جــمــاعــات إرهــابــيــة مسلحة فــي سـيـنـاء عـام ،2015 عـــلـــى مــــواقــــع عــســكــريــة وأمـــنـــيـــة فـي الـــعـــريـــش، بـــاســـتـــخـــدام الـــســـيـــارات املـفـخـخـة وقذائف الهاون، واستهدفت هجمات شمال سـيـنـاء مـقـر مــديــريــة أمـــن املـحـافـظـة ومـوقـع الــكــتــيــبــة 101 الـــتـــابـــعـــة لــلــجــيــش املـــصـــري، واســتــراحــة ضـبـاط فــي حــي الــســام بمدينة العريش، إضافة إلى نقاط أمنية في مدينتي رفــــح والــشــيــخ زويـــــد؛ إذ أطــلــق اإلرهـــابـــيـــون عـــددًا كبيرًا مــن قــذائــف الــهــاون على املـواقـع الـشـرطـيـة والـعـسـكـريـة فــي مـديـنـة الـعـريـش، أعقبها بعد دقـائـق انفجار سـيـارة مفخخة قرب أحد مخازن ساح الكتيبة 101 التابعة للجيش. وأصــــدرت الـرئـاسـة املـصـريـة بيانا وقتها، قالت فيه إنــه فـي «أعـقـاب العمليات اإلرهابية التي شهدتها شمال سيناء مساء أمس، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي قطع مشاركته في اجتماعات القمة األفريقية بعد حـضـور الجلسة االفـتـتـاحـيـة، والـتـوجـه إلى القاهرة ملتابعة املوقف». تعكف حكومة االحتال اإلسرائيلي الجديدة، على فـرض منطلقاتها األيديولوجية، والــرؤى الفقهية لأحزاب الدينية املشاركة على كل مناحي الحياة املختلفة فـي إسـرائـيـل، وضمنها الحياة الثقافية. فبمجرد أن تولى مهام منصبه، اتخذ وزير الثقافة الــجــديــد، الـلـيـكـودي ميكي زوهــــر، سلسلة قـــرارات تـــهـــدف إلـــــى صـــبـــغ املـــنـــاشـــط الــثــقــافــيــة بـالـصـبـغـة اليمينية الــديــنــيــة، وإمــــاء الــســرديــة اإلسـرائـيـلـيـة للصراع فـي نسختها األكـثـر تطرفا وتحيزًا. أعلن زوهـــر أنـــه سـيـرفـض أن تــمــول وزارتـــــه إعــــداد أفــام وأعـــمـــال فـنـيـة تــمــس بـسـمـعـة إســـرائـــيـــل أو تنتقد سياساتها. ونقلت صحيفة «يـديـعـوت أحـرنـوت» عـن زوهـــر، أنــه سيلزم كـل مخرج أو مؤسسة فنية تـقـدم طلبا للحصول عـلـى تـمـويـل مــن الصناديق التابعة لوزارته، إلعداد فيلم، بالتوقيع على تعهد بأال يمس هذا العمل بسمعة إسرائيل. يبرر زوهر خــطــوتــه بـــالـــقـــول إن مــنــظــمــات دولـــيـــة «مـــعـــاديـــة» إلسـرائـيـل تـوظـف األفـــام الوثائقية الـتـي ينتجها مـخـرجـون إسـرائـيـلـيـون، وتـتـعـرض لـسـيـاسـات تل أبيب في األراضي الفلسطينية املحتلة، في شيطنة إسرائيل ومحاولة نزع الشرعية عنها. وادعــــى زوهـــر أن حـركـة املـقـاطـعـة الــدولــيــة ،)BDS( الـتـي تـطـالـب بمقاطعة إســرائــيــل وفـــرض عقوبات عليها بسب سياساتها تجاه الشعب الفلسطيني، تعتمد أحيانا على ما تتضمنه األفــام الوثائقية التي تنتج داخـل إسرائيل. وأضــاف: «نحن نحاول الدفاع عن أنفسنا، ونقول إنه ما يقولونه عنا غير صحيح، نحن دولـــة أخـاقـيـة تحافظ على قيمها، لكنهم يــردون علينا: أن هـذا صحيح والدليل على أن األعمال الفنية التي تمولها حكومتكم تقدم أدلة على ذلـك». وأبـدى زوهـر بشكل خاص «امتعاضه» من األعمال الفنية واألفام الوثائقية حول األراضي الفلسطينية املـحـتـلـة الــتــي تــقــدم «صـــــورة سلبية لــجــنــودنــا وتـــمـــس بـــهـــم». لـــم يــكــتــف زوهـــــر بـــإلـــزام املـــخـــرجـــني بـــالـــتـــوقـــيـــع عـــلـــى تــعــهــد مــســبــق بــشــأن محتوى أعمالهم مقابل الحصول على التمويل، بل إنه يدرس وقف تمويل أعمال يجري إعدادها، ألنها تناولت قضايا يمكن أن «تمس بسمعة إسرائيل». فـفـي تـقـريـر نــشــره مـوقـعـهـا، ذكــــرت قــنــاة ،»12« أن زوهر طلب من طاقم وزارته أن يدرس وقف تمويل فيلم وثائقي يتناول أوضاع األطفال الفلسطينيني في الضفة الغربية، وما يتعرضون له من اعتداء ات
تدرس إسرائيل إيقاف تمويل أعمال تزعم أنها «تمس بسمعتها»
على أيدي جنود االحتال. وحسب القناة، فإن زوهر يعتمد على التقارير التي تعدها منظمة «بتسلمو» اليمينية الـتـي تــراقــب األعــمــال الفنية املنتجة في إسرائيل، إذ إن هذه املنظمة قدمت توصية لزوهر بوقف التمويل عن هذا الفيلم. الـــــافـــــت أن زوهـــــــر ومــــــن ســـبـــقـــه فـــــي املــــنــــصــــب، لـم يحركوا ساكنا ضد مغني التيار الديني اليميني، الـــذيـــن أدوا أغـــانـــي تـحـث بـشـكـل صــريــح عـلـى قتل الـــعـــرب والــفــلــســطــيــنــيــني، وتـــدعـــو لـتـبـنـي املـــواقـــف العنصرية تـجـاهـهـم. فــــوزارة الـثـقـافـة لــم تـقـم بأية خـطـوة ضـد املغني أرئـيـل زيبلر، بعد أدائـــه أغنية امـــتـــدح فـيـهـا الــجــنــدي إلـــــؤور آذاريـــــــا، الــــذي أجـهـز على الفتى الفلسطيني عبد الـسـام الشريف بعد أن كــان جريحا ملقى على األرض فـي الخليل عام .2015 وتوعد زيبلر في أغنيته العرب بأن «الرحم الـيـهـوديـة ستنجب كثيرين مـمـن هــم عـلـى شاكلة آذاريا». ولم تقف األمور عند هذا الحد، إذ إن زوهر («العلماني»)، حاول تملق زمائه من التيار الديني في الحكومة، عندما أصدر قـرارًا يحظر فيه إحياء املناسبات في املرافق الثقافية التابعة للوزارة أيام السبت، على الـرغـم مـن أن هــذا التقليد كــان قائما طـوال الوقت. ونظرا ألن هذا القرار أضر بقطاعات واسعة من العلمانيني، فقد تدخل رئيس الحكومة بنيامني نتنياهو، أخيرًا، وأجبر زوهر على إصدار بـيـان يحمل توقيع االثــنــني ويــؤكــد الــتــزام الـــوزارة بفتح املرافق الثقافية أيام السبت.