حراك المعارضة السورية حرث في بحر العملية السياسية
تتحرك المعارضة السورية في أكثر من اتجاه دولي وأممي، لتحريك العملية السياسية المتوقفة في سورية، وسط تخوفها من التقارب التركي السوري، وتحركات روسيا لاللتفاف على القرارات الدولية
تــتــحــرك املـــعـــارضـــة الـــســـوريـــة عــلــى أكـثـر من اتجاه، من أجل حث املجتمع الدولي على تحريك العملية السياسية املتوقفة، ورفض التطبيع مع النظام السوري قبل إنـــجـــاز انـــتـــقـــال ســيــاســي وفــــق الــــقــــرارات الـــدولـــيـــة ذات الــصــلــة بــاملــلــف الـــســـوري، وأبرزها قرار مجلس األمن الدولي .2254 والتقى رئيس هيئة التفاوض السورية بــدر جـامـوس، والرئيس املشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، أول من أمس الـــثـــالثـــاء، فـــي مـكـتـب الــهــيــئــة فـــي مـديـنـة جنيف السويسرية، مع ممثلي الواليات املــــتــــحــــدة واملــــمــــلــــكــــة املــــتــــحــــدة وفـــرنـــســـا وأملـــانـــيـــا، لـــ«مــنــاقــشــة تــــطــــورات الــوضــع الــــــســــــوري، وتـــعـــطـــيـــل الــــنــــظــــام الــــســــوري للعملية الـسـيـاسـيـة ورغــبــتــه فـــي إطـالـة األزمـــة الــســوريــة»، وفــق بـيـان نشر أمس األربعاء على معرفات الهيئة. وأشــــار الـبـيـان إلـــى أن «جــامــوس أكـــد أن تأخر الحل السياسي سيؤدي إلى نتائج كـارثـيـة عـلـى حــيــاة الــســوريــن»، مطالبًا بــــــ«دور أكــثــر فـعـالـيـة للمجتمع الــدولــي للضغط على النظام وإيجاد آلية فعالة لتطبيق الــقــرارات األمـمـيـة ذات الصلة». وحــذر وفـد املعارضة السورية «مـن ترك الشعب الـسـوري رهينة فـي يـد النظام»، مـشـيـرًا إلـــى أن «هـــذا الـشـعـب يـعـانـي في الـــداخـــل والـــخـــارج مـــن انــهــيــار األوضــــاع اإلنــســانــيــة واالقـــتـــصـــاديـــة»، ومـــؤكـــدًا أن «عـــــودة الـــســـوريـــن إلــــى ســـوريـــة مـنـوطـة بــــالــــوصــــول إلـــــى حـــــل ســـيـــاســـي حـقـيـقـي يـــضـــمـــن مــســتــقــبــل كـــــل الــــســــوريــــن عـبـر التطبيق الكامل والفوري للقرار .»2254 وفــــي جــنــيــف، الــتــقــى جـــامـــوس والــبــحــرة يــوم اإلثــنــن املــاضــي مــع املـبـعـوث الـدولـي الـــــخـــــاص إلـــــــى ســـــوريـــــة غــــيــــر بــــيــــدرســــن، حـيـث بـحـثـت اآللـــيـــات املـطـلـوبـة مــن األمــم املتحدة إليجاد حل سياسي يلبي طموح وتطلعات الشعب الــســوري، وفــق البيان. وأشـــار إلــى أن جــامــوس والـبـحـرة «طالبا بمزيد مــن الضغط على الـنـظـام إلجـبـاره على تطبيق الــقــرارات الـدولـيـة»، محذرين
مــــن مـــوجـــة لـــجـــوء جــــديــــدة «ألن الــشــعــب السوري بدأ يفقد الصبر واألمل في الحل». وأضـــاف جـامـوس والبحرة أن «أي حـل ال يــحــقــق االنـــتـــقـــال الــســيــاســي وبـــنـــاء دولـــة جديدة تلبي آمال الشعب السوري وتحقق تطلعاته، لن يكون قابال للتطبيق». وجـــــــــــرى الـــــحـــــديـــــث مـــــــع بـــــيـــــدرســـــن عـــن الظروف اإلنسانية السيئة التي يعيشها الــالجــئــون الـــســـوريـــون فـــي لـبـنـان بشكل خـاص، وفي بعض الـدول األخـرى بشكل عام، وضرورة تحرك األمم املتحدة. وأشار البيان إلــى أن املبعوث الــدولــي «أكـــد أنه جاد في العمل بكل الوسائل واإلمكانيات املتاحة لتحقيق الحل السياسي وتطبيق الـــقـــرار 2254 واســـتـــمـــراره فـــي الــتــواصــل مـع كـل الـــدول الــقــادرة على دفــع العملية السياسية بشكل حقيقي»، وفق البيان. وأبدى مصدر في هيئة التفاوض مواكب لتحرك املعارضة في جنيف، في حديث مـــع «الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، أســـفـــه، ألنــــه «ال يـــوجـــد فـــي الـــوقـــت أي تـــحـــرك بـالـعـمـلـيـة السياسية». وأضـاف املصدر أن «النظام يــــحــــاول قـــتـــل هـــــذه الــعــمــلــيــة وال حــلــول حقيقية لـــدى املـبـعـوث األمـــمـــي». وتـابـع: «ســنــطــلــب مـــزيـــدًا مـــن الــتــحــريــك للملف السياسي من األمــم املتحدة، كل الحلول إذا لم تحقق انتقاال سياسيًا هي مضيعة للوقت واستمرار للمأساة في سورية». وفـــي الــســيــاق، ذكـــر رئــيــس ائــتــالف قـوى الثورة واملعارضة السورية، سالم املسلط، عـبـر حـسـابـه عـلـى تطبيق «تــويــتــر»، أنـه الـتـقـى الــثــالثــاء فــي الـعـاصـمـة الفرنسية باريس، املبعوثة الفرنسية الخاصة من أجل سورية بريجيت كورمي، مشيرًا إلى أن األخيرة أكدت موقف بالدها «الرافض للتطبيع مــع بــشــار األســــد، ورفــــض رفـع العقوبات وإعادة اإلعمار في سورية قبل إنجاز االنتقال السياسي»، وفق املسلط. وكــــان جـــامـــوس الــتــقــى فـــي الــعــاشــر من شـــهـــر يـــنـــايـــر/كـــانـــون الـــثـــانـــي الـــحـــالـــي، فــي الــقــاهــرة، األمــــن الــعــام املــســاعــد في الـجـامـعـة الـعـربـيـة السفير حـسـام زكــي، في سياق محاوالت املعارضة السورية تــــحــــريــــك عـــجـــلـــة الـــعـــمـــلـــيـــة الـــســـيـــاســـيـــة املتوقفة منذ منتصف العام املاضي. وتــســعــى األمــــم املــتــحــدة إلــــى عــقــد جـولـة تاسعة من مفاوضات اللجنة الدستورية واملتوقفة منذ يونيو/حزيران املاضي، بــســبــب إصـــــــرار الـــجـــانـــب الــــروســــي عـلـى نـــقـــل االجــــتــــمــــاعــــات مـــــن مـــديـــنـــة جـنـيـف إلـــى عــواصــم شـــرق أوســطــيــة، واقـتـرحـت مسقط أو أبوظبي أو الجزائر، في سياق تـنـاحـر مـوسـكـو مــع الــغــرب عـلـى خلفية الـــحـــرب األوكـــرانـــيـــة. لــكــن األمــــم املـتـحـدة واملعارضة السورية ترفضان أي محاولة مـــن مــوســكــو ســحــب مــرجــعــيــة الـعـمـلـيـة السياسية التفاوضية بملفاتها األربعة (الحكم، الدستور، االنتخابات، مكافحة اإلرهاب) من األمم املتحدة. كما يأتي تحرك املعارضة السورية في اتـــجـــاه أوروبـــــا بـعـد بـــدء مــســار الـتـقـارب بــن الــنــظــام الـــســـوري وتــركــيــا الــتــي تعد الحليف الرئيسي لـهـذه املـعـارضـة التي تــتــخــوف مـــن تـــقـــارب عــلــى حـسـابـهـا بن أنــقــرة ودمـــشـــق. وعــلــى الــرغــم مــن تأكيد الــجــانــب الــتــركــي عــلــى أن أي تـــقـــارب أو تــطــبــيــع مـــع الـــنـــظـــام الــــســــوري لـــن يــكــون خــــارج املــرجــعــيــات الــســيــاســيــة للقضية الــــســــوريــــة، إال أن تــــحــــرك قــــــوى الــــثــــورة واملعارضة السورية في أكثر من اتجاه، يشي بأنها تتوجس مـن أي تطبيع من دول إقليمية وعربية فاعلة في القضية الـسـوريـة وخـصـوصـًا لجهة تمييع هذه القضية ونـسـف الــقــرار 2254 الـــذي نص على انتقال سياسي في سورية وكتابة دستور وإجراء انتخابات على أساسه. وترفض املعارضة أي إعادة تأهيل لنظام األســـــد وتـــحـــمـــلـــه مــســؤولــيــة مـــا آلــــت إلـيـه األوضـــاع فـي سـوريـة التي تبدو وحدتها مهددة بعد نحو 12 عامًا من الثورة. ورأى مدير وحــدة تحليل السياسات فـي مركز «الحوار السوري» محمد سالم، في حديث مع «العربي الجديد»، أن «هناك حراكًا دوليًا واهتمامًا بامللف السوري بعد االنعطافة الــتــركــيــة»، مـعـتـبـرًا أنـــه «مـــن الـطـبـيـعـي أن تحاول املعارضة مواكبة األحداث». وأشار سالم إلى أن «هناك طروحات كثيرة على الــطــاولــة الــدولــيــة لــحــلــول جــزئــيــة محلية أقرب للحكم الذاتي في الشمال والجنوب»، مـــســـتـــبـــعـــدًا تــــحــــريــــك املـــــلـــــف «الـــســـيـــاســـي التقليدي» في الوقت الراهن. وفـــي الــســيــاق، وصـــف املـحـلـل السياسي أحـــمـــد قــــربــــي، فــــي حـــديـــث مــــع «الـــعـــربـــي الــجــديــد»، املــوقــف األوروبـــــي بــ«الـتـابـع» للواليات املتحدة». واعتبر أنه «رغم ذلك، فــــإن تـــحـــرك املـــعـــارضـــة فـــي أوروبــــــا جـيـد الســتــغــالل خــالفــهــا مـــع روســـيـــا لتفعيل الـــدور الغربي فـي ســوريــة». وبــرأيــه، فإن أوروبــــــا «لــديــهــا تــأثــيــر كـبـيـر فـــي ملفن أســـاســـيـــن، األول الــتــمــويــل فـــي مــشــروع التعافي املبكر واملساعدات اإلنسانية»، مـــضـــيـــفـــًا أن «الــــــتــــــواصــــــل مــــــع أوروبــــــــــا وتـوظـيـف هــذا املـلـف ملصلحة املعارضة يعتبر إنجازًا كبيرًا». أمـــــا املـــلـــف الـــثـــانـــي، فــــأوضــــح قـــربـــي أنـــه يتعلق باملسألتن الحقوقية والقانونية فـي مـا يخص املعتقلن وجــرائــم الحرب واســـــتـــــخـــــدام الـــــســـــالح الـــكـــيـــمـــيـــائـــي مــن قـبـل الــنــظــام، إضــافــة إلـــى مـلـف املغيبن والالجئن. وأعرب عن اعتقاده بأنه «في حــــال تـفـعـيـل هــــذا املــلــف أوروبــــيــــًا بشكل احـتـرافـي، فــإن ذلــك سيحول دون تعويم نظام األســـد، وسيلعب دورًا فـي صياغة أي حل مستقبلي في سورية».
جاموس والبحرة طالبا بمزيد من الضغط على النظام