رسائل شيخ األزهر في عيد الشرطة وذكرى الثورة
حمل بيان التهنئة بمناسبة عيد الشرطة وذكرى الثورة في مصر، الصادر عن مشيخة األزهر، هذا العام، رسائل سياسية، بحسب متابعين
«كـــتـــبـــت فـــصـــا جـــديـــدًا فـــي تـــاريـــخ الــنــضــال املـصـري والسعي نحو النهوض بالوطن»، هكذا وصف شيخ األزهر أحمد الطيب، ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني عـام ،2011 فـي البيان الــذي أصـــدره، أول من أمــــس الـــثـــاثـــاء، لــتــقــديــم الــتــهــنــئــة لـلـرئـيـس املـــــصـــــري عـــبـــد الــــفــــتــــاح الـــســـيـــســـي ووزارة الـــداخـــلـــيـــة والـــشـــعـــب املــــصــــري، فـــي مـنـاسـبـة ذكرى الثورة وعيد الشرطة. وعـــلـــى الـــرغـــم مـــن أن بـــيـــان األزهـــــر للتهنئة بعيد الشرطة وذكرى ثورة يناير، أمر معتاد ويـصـدر سنويًا، إال أن تهنئة الـعـام الحالي تحمل في طياتها رسائل سياسية، مرتبطة بـــالـــوضـــع الـــحـــالـــي فــــي مــــصــــر، األمـــــــر الــــذي أثــــار، وفـقـًا ملـعـلـومـات تــوفــرت لـــدى «الـعـربـي الـــجـــديـــد»، امــتــعــاضــًا لــــدى دوائـــــر سـيـاسـيـة مصرية، وتساؤالت وصلت إلى جهات قريبة مـــن املــشــيــخــة، بـسـبـب صــيــاغــة الــبــيــان الـــذي حمل إشارات في أكثر من اتجاه. وبينما انتقد معلقون ونـشـطـاء «استهال األزهر الشريف بيانه بتهنئة الرئيس ووزارة الــداخــلــيــة بـعـيـد الــشــرطــة، وتــأخــيــر التهنئة بذكرى الثورة إلى الفقرة التالية من البيان»، قال مراقبون إن بيان األزهر يمكن فهمه من خال «قراءة مختلفة، إذ أن األزهر حرص في بيانه هذا العام على اإلشارة إلى ذكرى عيد الشرطة األصـلـيـة، والـتـي تأسست تاريخيًا بعد ملحمة رجال الشرطة في مقاومة قوات االحتال اإلنكليزي في مدينة اإلسماعيلية فـــــي يــــنــــايــــر ،1952 دون ذكـــــــر مــــمــــارســــات الــشــرطــة الــحــالــيــة، وهـــو مـــا كـــان يــحــدث في الـسـنـوات الـسـابـقـة». وقـــال األزهـــر فــي بيانه هـذا الـعـام، إنـه «يعرب عن اعـتـزازه وتقديره ملا قدمه رجـال الشرطة البواسل في ملحمة اإلسماعيلية مــن تضحيات غـالـيـة، وبـذلـوا أرواحـهـم في سبيل حفظ األمــن واالستقرار والــدفــاع عـن الــوطــن، فـسـطـروا بـذلـك صفحة مـــن صــفــحــات الـــشـــرف والــفــخــر فـــي الــتــاريــخ املـصـري، لتظل هـذه الـذكـرى تاريخًا تتجدد معه عزيمة املصريني كل عام من أجل العمل والبناء والعطاء للوطن». واملاحظ في بيان األزهر هذا العام، أنه تجاهل امتداح الشرطة املـصـريـة كما كــان يـحـدث قبل ذلـــك، واكتفى بذكر بطوالت رجالها في عام .1952 وعـــلـــى ســبــيــل املــــثــــال، فـــإنـــه فــــي بـــيـــانـــه عـــام ،2019 تـقـدم األزهـــر الـشـريـف وإمــامــه األكبر أحمد الطيب، أيضًا بالتهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ولوزارة الداخلية، قيادة وضباطا وأفــرادا، ولجموع الــشــعــب املــــصــــري، بــمــنــاســبــة عــيــد الــشــرطــة وذكــرى ثـورة الخامس والعشرين من يناير .2011 لكنه «أشاد بدور الشرطة املصرية في حماية املواطنني وإنفاذ القانون والتصدي للمخططات اإلرهابية التي تستهدف زعزعة اســتــقــرار الـــوطـــن»، داعــيــًا «الــلــه عــز وجـــل أن يرحم شهداء مصر األبرار، وأن يحفظ وطننا العزيز من كل مكروه وسوء، وأن ينعم عليه بالخير واألمن واالزدهار والسام». وفــــي يــنــايــر مـــن عــــام ،2021 أصـــــدر الــطــيــب، بيانًا مشابهًا تقدم خاله بـ«خالص التحية والـــتـــقـــديـــر واالعــــــتــــــزاز لـــلـــشـــهـــداء مــــن أبـــطـــال الـــشـــرطـــة املـــصـــريـــة الــــذيــــن ضــــحــــوا بــالــغــالــي والـــنـــفـــيـــس لــتــنــعــم مـــصـــر بــــاألمــــن واألمــــــــان»، مـشـيـدًا أيــضــًا بــــ«الـــدور الــــذي يــقــوم بــه رجــال الـشـرطـة فــي حماية املــواطــنــني، وبـسـط األمــن ونــشــر االســـتـــقـــرار»، وهـــو مــا تــكــرر فــي الـعـام املـــاضـــي. وتــشــهــد الــعــاقــة بـــني الــرئــيــس عبد الـــفـــتـــاح الـــســـيـــســـي وشـــيـــخ األزهـــــــر الـــدكـــتـــور أحمد الطيب، توترات وشدا وجذبا بني وقت
وآخـــر. فعلى الـرغـم مـن دعــم األزهـــر لانقاب الـــذي حــدث فـي الـثـاثـني مـن يونيو/حزيران عـام ،2013 بقيادة وزيـر الدفاع آنــذاك الفريق عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مدني مـنـتـخـب فـــي تـــاريـــخ مــصــر الـــرئـــيـــس الـــراحـــل الدكتور محمد مرسي، ومشاركة الطيب في اإلعـــــان الــــذي صـــدر فـــي الــثــالــث مـــن يـولـيـو/ تموز من ذلـك العام عن السيسي والــذي أدى إلــى إطـاحـة مـرسـي، إال أن الـعـاقـات املتوترة بني السيسي والطيب لم تخف على أحد خال
أثار البيان بحسب المعلومات امتعاض دوائر سياسية مصرية
السنوات املاضية، حتى أن السيسي قال ذات مرة على الهواء «تعبتنا يا فضيلة اإلمام». وكــانــت أولــــى مـحـطـات الـــصـــدام بــني الـنـظـام الحاكم في مصر وشيخ األزهــر رغـم تأييده له، هي عدم موافقة الطيب على فض اعتصام رابــــعــــة بــــالــــقــــوة. وجــــــــاءت بـــعـــد ذلـــــك قـضـيـة «تجديد الخطاب الديني» في عام 2015 التي تــحــدث عـنـهـا الـسـيـسـي فــي مـنـاسـبـات عــدة، محما املسؤولية لـأزهـر فـي التصدي لها ملواجهة «اإلرهاب والتطرف»، على حد قوله. وعــــــــــــادت األزمــــــــــــة مــــــن جـــــديـــــد بــــــني الـــطـــيـــب والسيسي بسبب قضية «الطاق الشفوي». ففي يناير ،2017 دعــا السيسي إلــى إصــدار قــانــون ال يعترف بـالـطـاق الـشـفـوي. وعقب اقـــتـــراح الـسـيـسـي هـــذا، قـــال األزهــــر إن هيئة كــبــار الـعـلـمـاء «تـعـكـف عـلـى درس األمــــر من الناحية الشرعية»، لكن هيئة كبار العلماء في األزهــر أفتت، في بيان بعد ذلــك، بصحة
وقـــــوع الـــطـــاق الـــشـــفـــوي املــســتــوفــي أركـــانـــه وشروطه، من دون اشتراط إشهاد أو توثيق، وهــو مـا بــدا مخالفًا لــرأي السيسي فـي تلك القضية. وإثر ذلك، شنت وسائل اإلعام التي يتبع معظمها النظام، هجومًا على الطيب، وصــل إلــى حـد التهديد بعزله عبر مشروع قانون في البرملان إلعادة هيكلة األزهر. وفي إبريل/نيسان ،2017 قدم النائب السابق محمد أبو حامد، مشروع قانون إلى مجلس النواب، مدعومًا بتأييد العشرات من النواب، مــطــالــبــًا بـــتـــعـــديـــات جـــوهـــريـــة عـــلـــى قـــانـــون األزهــــــر. وتـضـمـنـت أبــــرز الــتــعــديــات قــواعــد اخـتـيـار شيخ األزهــــر، الـــذي ال يحق لرئيس الـبـاد عـزلـه. وأثـــار مـشـروع الـقـانـون حينها ضجة كبيرة قبل أن يعلن البرملان املصري عـلـى لــســان رئـيـسـه آنـــــذاك، عـلـي عـبـد الــعــال، تجميده بقوله «صفحة وطـويـت» بعد لقاء مع الطيب في مايو/أيار .2017