Al Araby Al Jadeed

مصر وباكستان... هل من تشابه؟

- مصطفى عبد السالم

يتشابه الوضع االقتصادي في باكستان إلى حد ما مع مصر، فالدولة اآلسيوية النووية تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية، من أبرز مالمحها تهاوي العملة املحلية، وشح النقد األجنبي، وهروب األموال الساخنة، والحاجة امللحة إلى قروض جديدة من صندوق النقد الدولي، وتراجع احتياطي النقد األجنبي، وزيادة أعباء الديون، واالعتماد على دول الخليج، خاصة السعودية، في الحصول على مساعدات مالية ومنح وقروض واستثمارات، وزيادة التضخم وغالء أسعار الطاقة. وهو ما دفع الحكومة نحو قطع الكهرباء يوم االثنني، حني شهدت البالد أسوأ انقطاع للتيار أغرقها في ظالم دامس. ويصل التشابه بني البلدين، مصر وباكستان، إلى حد تطبيق نفس السياسات املالية والنقدية، من رفع الفائدة لكبح التضخم والحد من ظاهرة اكتناز الدوالر والذهب، واالستنجاد بصندوق النقد والدائنني الدوليني للحصول على قروض للحيلولة دون حدوث مزيد من تهاوي العملة وسد فاتورة الواردات. وفي الوقت الذي حصلت فيه مصر على قروض من الصندوق قيمتها 20.3 مليار دوالر في الفترة من 2016 حتى ،2021 قدم الصندوق 5 حزم إنقاذ لباكستان على مدار العقدين املاضيني. ربما االختالف هنا هو أن مصر أبرمت بالفعل اتفاقا جديدا مع صندوق النقد يتيح لها اقتراض 3 مليارات دوالر، والحصول على 14 مليار دوالر من دول الخليج. أما باكستان فال تزال املفاوضات جارية القتراض 6 مليارات دوالر، وال تزال املحادثات تتذبذب منذ وقت آلخر، بسبب تحفظ باكستان على مطالب فرض ضرائب جديدة زيادة األسعار وخفض الدعم. ورغم ذلك التشابه بني الحالتني، إال أن مشكلة باكستان أكبر وأعمق من مصر، ولذا توقعت مؤسسات غربية تعّرض إسالم أباد إلفالس، كما تسعى البالد إلعادة جدولة نحو 27 مليار دوالر من ديونها، بسبب عدم قدرتها على السداد. وإضافة إلى خطر التعثر املالي، ال تزال باكستان تشهد قالقل سياسية. وال يزال التوتر مستمرا مع جارتها الهند، والذي ارتفع منسوبه في عام ،2019 حني كشف وزير الخارجية األميركي السابق مايك بومبيو، أمس، أن الواليات املتحدة جنبت التصعيد إلى مواجهة نووية محتملة قبل 4 سنوات بني الهند وباكستان. كما تتزايد املخاوف بشأن عدم االستقرار االقتصادي في باكستان منذ أشارت السعودية إلى عدم وجود املزيد من املساعدات املجانية. باكستان دولة محورية، ليس فقط لكونها دولة نووية وذات عدد سكان ضخم، لكن انهيار اقتصادها سيفتح الباب أمام انهيارات في الدول النامية التي تعتمد على األموال الساخنة وتستورد أكثر مما تنتج، وهو ما قد يهز أسواق العالم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar