عمان تؤمن وقود المستقبل
تقلبات كبيرة في سوق الطاقة العاملي بــفــعــل الــــحــــرب الــــروســــيــــة األوكــــرانــــيــــة جـــعـــلـــت االتـــــجـــــاه نـــحـــو الـــهـــيـــدروجـــني األخضر محل اهتمام مكثف لدى عديد الـــحـــكـــومـــات حـــــول الـــعـــالـــم، بــاعــتــبــاره وقـــــود املـسـتـقـبـل الـــبـــديـــل، الــخــالــي من االنـبـعـاثـات الكربونية، مـا ظهر جليا فــي وتــيــرة مــشــروعــاتــه املــتــســارعــة في سلطنة عمان خالل الفترة األخيرة. ويــــنــــتــــج الــــهــــيــــدروجــــني األخـــــضـــــر عــن عملية كيميائية يستخدم فيها تيار كــهــربــائــي نــاتــج عـــن مـــصـــادر مـتـجـددة لفصل الهيدروجني عن األكسجني في املاء، ويعمل كناقل للطاقة الكيميائية، مـــثـــل الـــنـــفـــط أو الــــغــــاز، ويــــخــــزن ثــالثــة أضــعــاف الـطـاقـة لـكـل وحـــدة كتلة مثل البنزين التقليدي، وعندما يحترق في الهواء يتحد مع األكسجني إلنتاج املاء مــرة أخـــرى، وبالتالي تنتج طاقة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون بالغالف الــجــوي، املسبب لالحتباس الــحــراري. وإزاء هـذه الـخـواص الفريدة، قـرر عدد كــبــيــر مـــن الــــــدول زيــــــادة قــــــدرات إنــتــاج الهيدروجني األخضر محليا، مثل كندا وفرنسا واليابان وأستراليا والنرويج وأملانيا والبرتغال وإسبانيا وتشيلي والـصـني وفنلندا، فيما أطـلـق االتـحـاد األوروبي خطة استراتيجية لالستثمار بإنتاجه في يوليو/تموز .2020 أمــــــــــا ســــلــــطــــنــــة عـــــــــمـــــــــان، فـــخـــصـــصـــت مـــســـاحـــة تــــقــــدر بـــــ 50 ألــــــف كــيــلــومــتــر مـــربـــع ملــــشــــروعــــات الـــطـــاقـــة املـــتـــجـــددة والــهــيــدروجــني األخـــضـــر، مــوزعــة على مــحــافــظــتــي الـــوســـطـــى وظــــفــــار، بينها قــطــعــتــا أرض ضـــمـــن الـــدفـــعـــة األولـــــى بشهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام املـاضـي، على أن يتم توقيع اتفاقيات االنـــتـــفـــاع وتـــطـــويـــر املـــشـــروعـــات فيها بحلول الربع األول من العام الجاري، حسبما أوردت وكالة األنباء العمانية. كما ستطرح حكومة السلطنة ما بني قـطـعـتـي أرض إلــــى 4 قــطــع بمحافظة ظفار للمزايدات العامة ليتم إسنادها ملشروعات الهيدروجني األخضر خالل شهر ديسمبر/كانون األول .2023 وتـــــــقـــــــدر مـــــســـــاحـــــة كـــــــل قــــطــــعــــة أرض مـخـصـصـة لتلك املــشــروعــات بحوالي 320 كـــيـــلـــومـــتـــرا مـــربـــعـــا يـــتـــم طــرحــهــا للمزايدة عن طريق شركة «هايدروم»، اململوكة بالكامل لشركة تنمية طاقة عـــــمـــــان، والـــخـــاضـــعـــة إلشــــــــراف وزارة الطاقة واملعادن. وتبلغ القيمة االستثمارية لكل قطعة أرض حـوالـي 4 إلــى 5 مـلـيـارات دوالر، حـــســـبـــمـــا نـــقـــلـــت الـــــوكـــــالـــــة الـــعـــمـــانـــيـــة عـــن الـــقـــائـــم بـــأعـــمـــال املـــديـــر الـتـنـفـيـذي لـهـايـدروم، فــراس بـن علي العبدواني، مــــــشــــــيــــــرا إلـــــــــــى أن عـــــــــــدد الــــــشــــــركــــــات واملـــؤســـســـات الــتــي سـجـلـت اهتمامها بـــمـــشـــروعـــات الـــهـــيـــدروجـــني األخـــضـــر بلغت أكثر من 180 جهة. وتــــســــتــــهــــدف «هــــــــــايــــــــــدروم» تــشــغــيــل مــــا ال يـــقـــل عــــن 6 مـــشـــاريـــع فــــي قــطــاع الهيدروجني األخضر بحلول عام 2030 بمحافظتي الوسطى وظــفــار، منتجة مــا ال يـقـل عــن مـلـيـون طــن ســنــويــا، أي مـــا يــــــوازي 20 غــيــغــا واط مـــن الــطــاقــة النظيفة، بحجم استثمار متوقع يبلغ حوالي 30 مليار دوالر. وحـسـب الخبير االقـتـصـادي العماني يــــوســــف الـــبـــلـــوشـــي، فــــــإن مـــشـــروعـــات الــــهــــيــــدروجــــني األخـــــضـــــر مـــــن شــأنــهــا زيادة اإليـرادات غير النفطية وتحقيق االســــتــــدامــــة املـــالـــيـــة الـــتـــي تــســعــى لـهـا الـسـلـطـنـة، مـــؤكـــدا أن نــجــاح الـحـكـومـة اقتصاديا في املرحلة القادمة مرتبط بــنــجــاح شـــركـــات الــقــطــاع الـــخـــاص، ما يـسـتـوجـب مـضـاعـفـة الــجــهــود لتذليل الــــعــــقــــبــــات الـــــتـــــي تــــواجــــهــــهــــا خـــاصـــة اإلشكاليات املتعلقة بتكلفة الحصول على العمالة ونوعيتها، حسبما أوردت صحيفة عـمـان. وأوضــح البلوشي في تـصـريـحـات صحافية أن تـوفـيـر رأس املــال بالتكلفة واالشـتـراطـات املناسبة لـــلـــتـــمـــويـــل مــــن أهــــــم األولــــــويــــــات الــتــي يــجــب الــتــركــيــز عـلـيـهـا لــتــعــزيــز الـنـمـو االقتصادي في السلطنة حيث ال تزال تكلفة رأس املــال مرتفعة جــدا محليا؛ ملحدودية البنوك املحلية واشتراطاتها الكبيرة في الضمان املالي، ما يحد من قــدرة األفـــراد والشركات على تحصيل التمويل املطلوب إلقامة املشروعات. ومـــــــــــن شـــــــــــأن تـــــكـــــثـــــيـــــف مــــــشــــــروعــــــات الـــهـــيـــدروجـــني األخـــضـــر أيـــضـــا تـعـزيـز إســــهــــام اإليــــــــــرادات غـــيـــر الــنــفــطــيــة فـي موازنة عمان لعام ،2023 حسبما نقلت صحيفة أثير اإللكترونية العمانية عن وكيل وزارة املالية عبدالله الحارثي، مشيرا إلى توقعات بنمو األنشطة غير النفطية في السلطنة بنسبة .%2.9 ولـهـذا اإلسـهـام دور وازن فـي اقتصاد السلطنة، الــذي واصــل مسار التعافي خـــــالل عـــــام ،2022 مـــدعـــومـــا بـــارتـــفـــاع اإليرادات غير الهيدروكربونية وسجل فائضا ماليا بقيمة بلغت 1.146 مليار ريال 2.98( مليار دوالر)، خالل الفترة من يناير/كانون الثاني إلـى أكتوبر/ تـشـريـن األول ،2022 مــقــارنــة بالعجز املـــالـــي فـــي الـــعـــام املـــاضـــي، عــلــى الــرغــم مـن ارتــفــاع اإلنــفــاق بنسبة %9.5 على أساس سنوي خالل نفس الفترة. ويـــــقـــــدر اإلنــــــتــــــاج الــــعــــاملــــي مـــــن أنــــــواع الـــهـــيـــدروجـــني املـخـتـلـفـة حــالــيــا بنحو 70 مليون طــن، تستخدمها صناعات أهـــــمـــــهـــــا: ســـــمـــــاد األمــــــونــــــيــــــا واملــــــــــواد الــكــيــمــيــائــيــة مـــثـــل املـــيـــثـــانـــول، وإزالــــــة الـــشـــوائـــب أثـــنـــاء تــكــريــر الـــنـــفـــط، فيما تـــرجـــح الـــتـــوقـــعـــات الـــعـــاملـــيـــة أن يـصـل ســـقـــف اإلنــــتــــاج إلـــــى 400 مـــلـــيـــون طـن سنويا بحلول عــام ،2050 بينها 200 مليون طن من الهيدروجني األخضر.