Al Araby Al Jadeed

سهيلة شاهين تؤسس متحف التراث الفلسطيني في رفح

بعد ثالثة عقود من العمل األكاديمي، استطاعت سهيلة شاهين تحقيق حلمها في تأسيس متحف للتراث فلسطيني بمدينة رفح يضم مئات من األدوات واألزياء

- غزة ـ أمجد ياغي

الحكومة السابقة أدى إلى تعليق املساعدة اإلنـــمــ­ـائـــيـــ­ة الـــدولــ­ـيـــة املـــبـــ­اشـــرة، الـــتـــي كـانـت تمثل 75 في املائة من اإلنفاق العام، بما في ذلـــك صـيـانـة نــظــام الــرعــاي­ــة الـصـحـيـة. وفـي ظل غياب اإلنـمـاء، يعاني الشعب األفغاني وتــــزداد االحـتـيـا­جـات اإلنـسـانـ­يـة فــي جميع أنحاء الـبـاد». وبحسب التقرير، سيحتاج 28.3 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عــاجــلــ­ة مـــن أجـــل الــبــقــ­اء والــعــيـ­ـش، فـــي حني تــعــانــ­ي أفــغــانـ­ـســتــان مــنــذ ثـــاثـــة أعــــــوا­م من الــــجـــ­ـفــــاف الــــــحـ­ـــــاد، عــــــــا­وة عــــلــــ­ى الــــتـــ­ـدهــــور االقـــتــ­ـصـــادي مــنــذ عـــامـــن­ي، فـــي ظـــل الـــكـــو­ارث الطبيعية، ما يجعل املواطن األفغاني عاجزًا عن تأمني احتياجات الحياة األساسية.

انقطاع الكهرباء

منذ أكثر من أسبوع، انقطع التيار الكهرباء بـشـكـل كــامــل فــي مـعـظـم املــنــاط­ــق األفـغـانـ­يـة، علمًا أن املـواطـنـ­ني يعتمدون على الكهرباء لتشغيل وســائــل الـتـدفـئـ­ة، وال يستطيعون تأمني بدائل من جراء الفقر والبطالة. ويرتبط انقطاع الكهرباء بتوقف أوزبكستان عن مد أفغانستان بالكهرباء وسط صمت حكومي. وقـبـل أيـــام، أعـلـن وزيـــر الخارجية املــا أمير خـان متقي، أن مـا قامت بـه أوزبكستان أمر غــيــر الئـــــق، مــطــالــ­بــًا إيـــاهـــ­ا بـــإيـــص­ـــال الــتــيــ­ار الــكــهــ­ربــائــي فـــي هـــذه املــرحــل­ــة الـعـصـيـب­ـة، إذ يـعـانـي املــواطــ­نــون مــن جـــراء الــبــرد الــقــارس.

ال يتعلق األمر بالبرد الشديد فقط بل بغياب عمليات اإلغاثة

97 في المائة من سكان أفغانستان يعيشون تحت خط الفقر

وفي النتيجة، يدفع املواطن األفغاني الثمن. يقول الناشط محمد نصير أميري، لـ «العربي الـجـديـد»: «هــذا الـعـام هـو عــام األلــم والوجع بالنسبة للشعب األفغاني، الـذي يعاني من كل أنواع البؤس والحرمان. وزاد من املعاناة انــقــطــ­اع الــتــيــ­ار الــكــهــ­ربــائــي. كـمـا أن املــنــاز­ل تفتقر إلـــى مــيــاه الـــشـــر­ب». ويـنـتـقـد حكومة طالبان التي فشلت في تخفيف املعاناة عن الــشــعــ­ب. وبــحــســ­ب بـعـثـة األمــــم املــتــحـ­ـدة في أفغانستان ومــصــادر حكومية، فــإن 97 في املـائـة مـن سكان أفغانستان يعيشون تحت خـــط الــفــقــ­ر، فـــي حـــني وصــــل عــــدد الــنــازح­ــني بسبب الفيضانات والــــزال­زل األخـيـرة إلــى 3 مايني نازح في عموم الباد. افتتحت األكاديمية والباحثة الجامعية املــتــقـ­ـاعــدة سـهـيـلـة شــاهــني أول متحف تراثي فلسطيني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة بفلسطني في نهاية ديسمبر/ كانون األول املاضي، وجمعت فيه مئات من األدوات التي اقتنتها من خال هواية التعلق بالتراث الفلسطيني القديم من أزياء وأدوات قديمة تعكس ثقافة البدو والفاحني وسكان املدينة، وأهم األزياء الـــتـــر­اثـــيـــة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة الـــتـــي ارتــدتــه­ــا الـنـسـاء والـــرجــ­ـال مــن مختلف الطبقات في فلسطني. نشطت شاهني املتخصصة في التراث الفلسطيني على مدار سنوات عملها األكاديمي في األنشطة املجتمعية والتعليمية والبحثية، وحتى اإلغاثية، وحـــصـــل­ـــت عـــلـــى درجــــــة الــــدكــ­ــتــــورا­ه فـي الــدراســ­ات التربوية مـن معهد البحوث العربي التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة، وأخــرى في تكنولوجيا تعليم الفنون من جامعة حلوانّ بمصر. وحـــــني وصـــلـــت إلـــــى ســـــن الـــتـــق­ـــاعـــد مـن الـعـمـل كــأســتــ­اذة مــســاعــ­دة فــي جامعة القدس املفتوحة العام املاضي أنشأت متحف التراث الفلسطيني في رفح. قول شاهني لـ«العربي الجديد»: «اهتممت فــــي بـــدايـــ­اتـــي بــاألنــت­ــيــكــا واملــقــت­ــنــيــات النحاسية والحقائب والقطع املطرزة، ثم باألثواب الفلسطينية التي اقتنيت الكثير منها، ونجحت طوال سنوات في الـحـفـاظ عليها مــن الــقــوار­ض والعفن. وكنت أغسلها كل فترة وأعرضها على الشمس ثــم أعـيـد وضعها فــي حقائب لحفظها، كذلك كنت أنقلها في حقائب كبيرة خال فترات العدوان اإلسرائيلي كـــــي تــــكــــ­ون مــــعــــ­ي فـــــي أثـــــنــ­ـــاء الــــنـــ­ـزوح مـــن املــــنــ­ــزل، فــهــي قــيــمــة كـــروحـــ­ي الـتـي أحافظ عليها». وتـتـذكـر شـاهـني أنـهـا تعلقت بتفاصيل الـــــثــ­ـــوب الـــفـــل­ـــســـطــ­ـيـــنـــي حـــــني رأت خــــال دراســـتــ­ـهـــا فـــي املـــرحــ­ـلـــة الـــثـــا­نـــويـــة رســمــًا لــســيــد­ة فـلـسـطـيـ­نـيـة بـــدويـــ­ة تـــرتـــد­ي هــذا الـثـوب، وتـقـول: «شـرعـت بـسـؤال مسنات فلسطينيات عــن أنــــواع الــثــوب ومـيـزاتـه الـتـي تجعله مختلفًا. وعـنـدمـا أصبحت فــــي الـــثـــا­ثـــني مــــن الـــعـــم­ـــر كـــنـــت أشـــتـــر­ي األثواب الفلسطينية من أسواق أو أقارب أو جيران أو أثواب قديمة مطرزة باليد، ثم انتقلت إلى مرحلة شراء األدوات القديمة مثل املنجل والفأس، من أهالي ومحات متخصصة، وخصصت صناديق ألنواع املــقــتـ­ـنــيــات مــــن عـــمـــات مــعــدنــ­يــة نــقــديــ­ة قـــديـــم­ـــة جــــــرى تــــداولـ­ـــهــــا فـــــي فــلــســط­ــني، وأدوات فاحني وأخرى نحاسية قديمة، وحتى البراقع والثياب الفلسطينية التي ترتديها املرأة بمختلف طبقاتها، وأزياء أخرى للرجال». كـذلـك، جمعت شـاهـني فـي متحف رفح األحـــجــ­ـار الــكــريـ­ـمــة الــــنـــ­ـادرة، وجـــــواز­ات سـفـر فلسطينية قـديـمـة قـبـل االحـتـال االســـرائ­ـــيـــلــ­ـي، وطـــوابــ­ـع بــريــديـ­ـة قـديـمـة فلسطينية ووثــائــق أصـلـيـة ومـصـورة عـــن فـلـسـطـني الــقــديـ­ـمــة، وأغـــطـــ­يـــة رأس لـــــلـــ­ــمـــــرأ­ة الـــفـــل­ـــســـطــ­ـيـــنـــي­ـــة ذات أشــــكـــ­ـال مــتــنــو­عــة، وأنــــواع­ــــًا مـخـتـلـفـ­ة أيــضــًا من السال، وأيضًا غرباال محنطًا قد يزيد عمره على 150 عامًا. تروي أنها عاشت حياتها العملية في مدينة غـزة، لكنها تحمل ذكريات طفولتها في مدينة رفح، حــيــث اســتــشــ­هــد أيـــضـــًا عــــدد مـــن أفــــراد أسرتها على يد االحـتـال اإلسرائيلي، وأيـــضـــًا مــشــاعــ­ر الــحــنــ­ني إلـــى األعــــرا­س الـــتـــي كـــانـــت تــشــهــد ارتـــــــ­ــداء الـــســـي­ـــدات الفلسطينيا­ت األثواب التراثية. وتعلق: «دفعتني هــذه املشاهد الشعبية التي رافـــقـــ­ت طـفـولـتـي فـــي رفـــح إلـــى اخـتـيـار املــديــن­ــة مـكـانـًا لـلـمـتـحـ­ف، وإطــــاق اسـم مـتـحـف رفـــح عـلـيـه، وتـمـسـكـت بـأصـول املــطــرز الفلسطيني الكنعاني الـقـديـم، علمًا أن التطريز الفلسطيني يختلف بـــحـــسـ­ــب ثـــــقـــ­ــافـــــا­ت الـــــبــ­ـــلـــــد­ات والـــــقـ­ــــرى الــقــديـ­ـمــة. واســتــطـ­ـعــت أيـــضـــًا أن أحـفـظ أقــدم أثــواب مـوجـودة عندي، وهـي ذات لــــون أرجــــوان­ــــي أحــــمـــ­ـر». وقــــد شجعها نـجـلـهـا مـحـمـد عـلـى تـأسـيـس املـتـحـف، بعدما حصلت على موافقة مـن بلدية رفـــــح، وســـاعـــ­دهـــا عــــدد مـــن املــتــطـ­ـوعــني وابــنــاؤ­هــا الــثــاثـ­ـة الــذيــن تــخــرجــ­وا من كلية الفنون الجميلة، في تنفيذ أقسام مــخــتــل­ــفــة لــلــمــت­ــحــف وتـــصـــم­ـــيـــم زجــــاج العرض. وصممت شاهني خيام الشعر البدوية القديمة، وحرصت على وضع مجسمات ترمز إلـى رجــال ونساء بدو يرتدون األزياء التراثية، وأدوات قديمة مرتبطة بطرق العيش كي تعطي صورة متكاملة للحياة الفلسطينية القديمة. وتــتــطــ­لــع شـــاهـــن­ي إلـــــى الـــحـــص­ـــول عـلـى أرض في املستقبل لتأسيس قرية تراثية تحفظ الـتـراث والـتـاريـ­خ الفلسطينين­ي، مــــن خــــــال تــخــصــي­ــص قــــاعـــ­ـات تـــدريـــ­ب لـــــلـــ­ــنـــــسـ­ــــاء والـــــــ­ـشــــــــ­بــــــــا­ب عــــــــن الــــــــ­ذاكـــــــ­ـرة الــفــلــ­ســطــيــن­ــيــة عـــبـــر أدواتـــــ­هـــــا الــقــديـ­ـمــة، ودمـــجـــ­هـــا بـــالـــح­ـــديـــثـ­ــة وتـــكـــب­ـــيـــر قـــاعـــا­ت العرض وجمع اآلثـار وعرضها من أجل جـــــذب الـــــرحـ­ــــات املــــدرس­ــــيــــة ومـــســـا­عـــدة الــــفـــ­ـنــــانــ­ــني الـــفـــل­ـــســـطــ­ـيـــنـــي­ـــني وأصـــــحـ­ــــاب االختصاص مـن األكاديمين­ي والـطـاب. وتـــقـــو­ل: «أحـــافـــ­ظ عــلــى الــــتـــ­ـراث، وأعــمــل عــلــى ااســـتـــ­هـــداف األجــــيـ­ـــال مـــن مــــدارس ومؤسسات لصنع قيمة واقعية، ونقل صور األجداد الفلسطينين­ي».

 ?? ??
 ?? (محمد الحجار) ?? األكاديمية المتقاعدة سهيلة شاهين
(محمد الحجار) األكاديمية المتقاعدة سهيلة شاهين
 ?? (محمد الحجار) ?? أزياء تراثية جميلة في متحف رفح
(محمد الحجار) أزياء تراثية جميلة في متحف رفح

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar