خالفات بغداد وأربيل تهدد «إدارة الدولة»
أثار قرار المحكمة االتحادية العليا في العراق إيقاف إرسال األموال إلى إقليم كردستان، غضب اإلقليم وأزمة داخل «ائتالف إدارة الدولة»، الذي تشكلت من خالله الحكومة
أثـــــار قـــــرار املــحــكــمــة االتـــحـــاديـــة الــعــلــيــا في الــــــعــــــراق، مــــســــاء أول مــــن أمــــــس األربـــــعـــــاء، بـــشـــأن إيــــقــــاف إرســـــــال األمــــــــوال إلـــــى إقــلــيــم كردستان بشكل شهري، والخاصة برواتب موظفي اإلقـلـيـم، خـافـات سياسية جديدة بـــن حــكــومــة اإلقــلــيــم والــحــكــومــة الــعــراقــيــة االتحادية. كـمـا تسبب هـــذا الــقــرار بـخـافـات بــن قـوى ائتاف «إدارة الــدولــة»، الــذي يجمع القوى السياسية العراقية التي شكلت الحكومة الحالية بـرئـاسـة محمد شـيـاع الـسـودانـي، وأبــــرزهــــا «اإلطـــــــار الــتــنــســيــقــي» و«تــحــالــف السيادة» والحزب الديمقراطي الكردستاني واالتحاد الوطني الكردستاني. ويـــأمـــل األكــــــراد بـــحـــل املــشــاكــل الــعــالــقــة مع بـــغـــداد، ال ســيــمــا بــعــدمــا وضـــعـــوا شــروطــا عـــــدة عـــلـــى تـــحـــالـــف «اإلطــــــــار الــتــنــســيــقــي»، مــقــابــل الـــقـــبـــول بــالــتــصــويــت عــلــى حـكـومـة السوداني، وقد وعد «اإلطار» بحلها. وتعد امللفات العالقة بن بغداد وأربـيـل من أبرز املشاكل التي تواجهها الحكومات العراقية املتعاقبة، ومن أهم تلك امللفات التي تحتاج إلـــــى حــــــوار وتـــفـــاهـــمـــات مـــشـــتـــركـــة، رواتـــــب موظفي إقليم كردستان العراق، والتنسيق األمني في املناطق املتنازع عليها، واالتفاق على آلية تصدير النفط من حقول اإلقليم. وأصـــــــــــدرت املـــحـــكـــمـــة االتـــــحـــــاديـــــة الـــعـــلـــيـــا، األربـــــــعـــــــاء، قــــــــــرارًا، يـــقـــضـــي بــــإلــــغــــاء جـمـيـع الــــــقــــــرارات الـــحـــكـــومـــيـــة املــتــعــلــقــة بــتــحــويــل األمــوال إلـى إقليم كردستان. ونـص قرارها على «الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة
مـــن قــبــل مـجـلـس الـــــــوزراء فـــي عـــامـــي 2021 »2022و بــشــأن تـحـويـل األمـــــوال إلـــى إقليم كـردسـتـان، مضيفة أن «الـحـكـم بـــات وملزم للسلطات كافة». وورد في تفاصيل قرار الحكم، تحديد فترة قــرارات تحويل األمــوال في يونيو/حزيران ويـولـيـو/تـمـوز وأغــســطــس/آب وسبتمبر/ أيــلــول ونـوفـمـبـر/تـشـريـن الـثـانـي مــن الـعـام ،2021 وديـــســـمـــبـــر/كـــانـــون األول مــــن عـــام ،2022 فــي وقـــت تـحـولـت حـكـومـة مصطفى الكاظمي السابقة إلى تصريف أعمال بدءًا منّ أكتوبر/تشرين األول .2021 وقررت الحكومة الحالية برئاسة السوداني، الـسـيـر عـلـى نـهـج الـحـكـومـة الـسـابـقـة ذاتـــه، وأرسـلـت مبلغ الــــ002 مليار ديـنـار (حوالي 138 مـــلـــيـــون دوالر) شـــهـــريـــا إلــــــى إقــلــيــم كردستان، وأصـــدرت قــرارًا منتصف الشهر الـحـالـي يقضي بــإرســال 400 مـلـيـار ديـنـار عن مستحقات شهرين. وبعد قرار املحكمة االتــحــاديــة، ستتوقف الحكومة عـن إرســال أي مبالغ شهرية خال الفترة املقبلة. وجاء قــــرار املـحـكـمـة االتـــحـــاديـــة مـــع قـــرب وصـــول وفـــد جــديــد مــن حـكـومـة اإلقـلـيـم إلـــى بـغـداد إلكـــمـــال املــبــاحــثــات بــشــأن املــلــفــات الـعـالـقـة بـن الـطـرفـن. وكـــان رئـيـس حكومة اإلقليم مــســرور الــبــارزانــي قــد زار بــغــداد األســبــوع املــــاضــــي، بـــرفـــقـــة وفـــــد رفـــيـــع املـــســـتـــوى مـن حكومته، وبـحـث مـع املـسـؤولـن العراقين الـــخـــافـــات والـــقـــضـــايـــا الــعــالــقــة بـــن أربــيــل وبــــغــــداد. وســبــقــت ذلــــك مــبــاحــثــات أجـــراهـــا الــبــارزانــي فـي بــغــداد، فـي نوفمبر املـاضـي، مــع الــســودانــي والــقــادة الـعـراقـيـن اآلخـريـن واألطــراف السياسية بشأن امللفات العالقة بن اإلقليم وبغداد وضبط الحدود. واســـتـــنـــكـــر رئــــيــــس الـــــحـــــزب الـــديـــمـــقـــراطـــي الـــكـــردســـتـــانـــي مـــســـعـــود الـــــبـــــارزانـــــي، قــــرار املحكمة العليا، معتبرًا أنه «انتهاك للحقوق واملبادئ». واعتبر البارزاني، في بيان نشر عبر حسابه الـرسـمـي على «فـيـسـبـوك»، أن مــنــع إرســـــال األمــــــوال إلـــى اإلقــلــيــم «انــتــهــاك صـــــــــارخ لـــلـــحـــقـــوق واملـــــــــبـــــــــادئ». وقـــــــــال إن «اســـتـــحـــقـــاقـــات إقـــلـــيـــم كـــردســـتـــان هــــي حـق مـشـروع». ووصـف البارزاني قـرار املحكمة الـعـلـيـا بــأنــه «ضـــد إقــلــيــم كــردســتــان وضــد العملية السياسية وضد الحكومة العراقية وبرنامج ائتاف إدارة الدولة نفسه». ودعا الـــبـــارزانـــي «الــحــكــومــة الــعــراقــيــة واألطـــــراف
قالت المحكمة إن حكمها بات وملزم للسلطات كافة
املــكــونــة الئـــتـــاف إدارة الـــدولـــة إلـــى إظــهــار مـواقـفـهـم تـجـاه هـــذه االنـتـهـاكـات واملــواقــف املعارضة التي تتبناها املحكمة االتحادية ضد مصالح العراق وإقليم كردستان». وعــــن هــــذا الـــتـــطـــور، قــــال نــائــب فـــي «اإلطــــار التنسيقي»، طلب عدم ذكر اسمه، لـ«العربي الـــجـــديـــد»، إن «قــــــرار املــحــكــمــة االتـــحـــاديـــة، أثــــار خـــافـــات كــبــيــرة مـــا بـــن قــــوى ائــتــاف إدارة الـدولـة، وهناك تبليغ من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، بمقاطعة اجتماعات االئـتـاف بسبب عدم االلـــتـــزام بــاالتــفــاقــات الـسـيـاسـيـة الــتــي على أثـــرهـــا شــكــلــت حــكــومــة الـــســـودانـــي وأســـس ائتاف إدارة الدولة». من جهته، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، في اتصال هاتفي مع «العربي الــــجــــديــــد»، إن «قـــــــرار املــحــكــمــة االتـــحـــاديـــة ســيــاســي ولـــيـــس لـــه أي نـــص دســـتـــوري أو قــانــونــي، وهـــو يـهـدف إلـــى إثــــارة الـخـافـات بـــعـــد حــــالــــة االســـــتـــــقـــــرار الـــســـيـــاســـيـــة الـــتـــي يشهدها العراق على مستوى العاقات ما بن حكومة اإلقليم والحكومة االتحادية أو ما بن الكتل واألحزاب املتحالفة في ائتاف إدارة الـدولـة». واعتبر عبد الكريم أن «عدم إعــــان أي مــوقــف داعــــم لــاتــفــاق السياسي الـــذي على أثـــره شكلت حكومة الـسـودانـي، ســيــدفــعــنــا إلـــــى اتــــخــــاذ مــــواقــــف ســيــاســيــة جديدة خال الفترة املقبلة». وأضــــــاف عــبــد الـــكـــريـــم أن «هـــنـــاك اتــفــاقــات سياسية ما بن الكتل واألحـــزاب املتحالفة داخل ائتاف إدارة الدولة، وهذه االتفاقات هــــي الـــتـــي دفـــعـــت نـــحـــو تــشــكــيــل الــحــكــومــة الــحــالــيــة، وقـــــرار املـحـكـمـة االتـــحـــاديـــة يـريـد نسف تلك االتـفـاقـات ويـريـد إثـــارة املشاكل بـــعـــد الـــتـــقـــدم الــكــبــيــر فــــي حـــلـــهـــا مــــن خـــال الـــحـــوارات واملـــفـــاوضـــات، الــتــي جـــرت طيلة الــــفــــتــــرة املـــــاضـــــيـــــة». وخــــتــــم الـــــقـــــيـــــادي فــي «الـــديـــمـــقـــراطـــي الـــكـــردســـتـــانـــي» بـــالـــقـــول إن «املــبــالــغ الــتــي تـرسـلـهـا بـــغـــداد إلـــى اإلقـلـيـم بشكل شهري هي عبارة عن سلف، فاملوازنة ال تــكــفــي لــســد احـــتـــيـــاجـــات اإلقـــلـــيـــم، وهـــذه السلف هي عبارة عن تصفية ما هو معلق فــي الــذمــة املـالـيـة لـلـمـركـز، بـمـوجـب مـوازنـة 2019 املادة 10 الفقرة ج، التي تشير إلى إلزام الجهات الرقابية العراقية بتصفير الذمة املالية للمركز تجاه إقليم كردستان، والتي تراكمت بعد عدم تسلم إقليم كردستان أي مبلغ مـالـي يخص رواتـــب املـوظـفـن، وذلــك خال مدة محاربة تنظيم داعش».