اإلدارة الموحدة للشمال: المعابر أبرز تحد
يمثل ملف تسليم جميع المعابر إلى الحكومة السورية المؤقتة أبرز تحد يواجه إخضاع مناطق الشمال السوري إلى إدارة موحدة
أعلنت وزارة الـدفـاع فـي الحكومة السورية املؤقتة، أمـس األول األربــعــاء، الـبـدء بتسليم جـمـيـع الــحــواجــز فـــي الــشــمــال الـــســـوري إلــى الــشــرطــة الـعـسـكـريـة الــتــابــعــة إلـــى الـحـكـومـة السورية املؤقتة، وذلك في إطار خطة تضغط تـــركـــيـــا لــتــحــقــيــقــهــا، مــــن أجـــــل إخــــضــــاع تـلـك املـنـاطـق إلــى إدارة مــوحــدة تتبع للحكومة، أمنيا واقتصاديا وإداريا. وذكر العميد أيمن شرارة، املتحدث الرسمي لوزارة الدفاع في الحكومة السورية املؤقتة، أن تسليم الحواجز األمنية للشرطة العسكرية يشمل مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تــل أبـيـض ورأس الــعــني. وأضــاف شـــــرارة، فـــي بــيــان مـــصـــور، أن هـــذه الـخـطـوة تـأتـي تنفيذًا لــقــرار «الـجـيـش الــوطــنــي» بـأن تتبع هـــذه الــحــواجــز إلـــى إدارة واحــــدة، «مـا يسهم فــي سـهـولـة الــتــواصــل، وحـفـظ األمـــن، ورفـع إمكانية تنظيم عملها بشكل أفضل». وأشار إلى أن اإلدارة املركزية ستكون واحدة وتــحــت إشـــــراف نــائــب مــديــر إدارة الـشـرطـة العسكرية لشؤون الحواجز واملعابر، وسيتم رفــــدهــــا بـــعـــنـــاصـــر مـــؤهـــلـــني عـــســـكـــريـــا، كـمـا سيتم تخفيض أعـداد الحواجز في املنطقة. وأوضح أن إدارة الشرطة العسكرية ستضع ضوابط عمل لعناصر الحواجز، بما يسهم فـي «تـأمـني األمــن واالسـتـقـرار» خــال الفترة املقبلة. وكانت الحكومة املؤقتة قد أطلقت، نهاية أكتوبر/تشرين األول املــاضــي، خطة لتوحيد الفصائل، بعد اجتماعات ولقاءات أجـرتـهـا وزارة الــدفــاع مـع الـقـوى العسكرية واألمـنـيـة فــي الـشـمـال الــســوري، وكــذلــك بعد اجتماع قادة «الجيش الوطني» مع مسؤولي امللف السوري األتراك، في والية غازي عنتاب جـنـوبـي تـركـيـا نـهـايـة أكــتــوبــر .2022 ورغــم عدم اإلعان رسميا عن نتائج اجتماع غازي عـنـتـاب، إال أن تـسـريـبـات وتـصـريـحـات عـدة أفـــــادت بـــأن الــــقــــرارات تــمــحــورت حـــول خطة لتوحيد فـصـائـل «الـجـيـش الــوطــنــي»، وحـل جميع األجــهــزة األمـنـيـة الـتـابـعـة للفصائل، واستبدالها بجهاز أمني واحد لكل املنطقة، يشرف على الحواجز واملعابر. وعقدت وزارة الدفاع في الحكومة املؤقتة، االثنني املاضي، اجتماعا في مقر الوزارة، تناول خطة العمل اإلعـــامـــي فـــي «الــجــيــش الــوطــنــي الـــســـوري» بهدف توحيد الخطاب اإلعامي في جميع تشكيات «الجيش والشرطة العسكرية». وقال مصدر في «الجيش الوطني»، لـ «العربي الجديد»، إن قيادة «الجيش» اتخذت قرارات عــدة «تـخـدم أهلنا باملحرر والترتيب العام للمؤسسة العسكرية متمثلة بــوزارة الدفاع والــفــيــالــق الــثــاثــة، أهــمــهــا إلـــغـــاء املـسـمـيـات الفصائلية، وتنظيم وتوسيع إدارة الشرطة العسكرية مـن أجــل ترسيخ األمـــن الداخلي، وإزالـــة جميع الــرايــات الفصائلية، واعتماد رايـــة االســتــقــال عـلـم الـــثـــورة، الــرمــز الوحيد للمناطق املحررة، مع التشديد على اقتصار دور الفصائل ضمن املـجـال العسكري فقط تحت مظلة وزارة الدفاع». وأضـــــاف أن «الـــخـــطـــوات الـعـمـلـيـة بــــدأت مع إجـــــراء الــعــديــد مـــن الــتــنــقــات والـتـعـيـيـنـات،
والـبـدء باستام الحواجز من الفصائل، مع إزالــــة عـــدد كـبـيـر مـنـهـا، إضــافــة إلـــى اسـتـام املعابر وفتح معبر إنساني (عــون الـــدادات) ملـــنـــع املــــهــــربــــني مـــــن اســــتــــغــــال احـــتـــيـــاجـــات الـــنـــاس». كـمـا تتضمن الـخـطـة إلــغــاء جميع املـكـاتـب االقـتـصـاديـة التابعة إلــى الفصائل الـعـسـكـريـة، وتـأسـيـس صــنــدوق مــالــي يتبع لـــوزارة الـدفـاع فـي الحكومة املؤقتة، إضافة إلـى توحيد املكاتب اإلداريـــة واإلعامية في الفصائل العسكرية. من جهته، قال الرائد مصطفى نجار، رئيس قسم مكافحة اإلرهاب في «الجيش الوطني»، لــ«الـعـربـي الــجــديــد»، إن الــوصــول إلــى إدارة ناجحة «في املناطق املحررة، يستلزم تمكني جميع املؤسسات ودعمها ووضــع القوانني واألنظمة لضبط أدائها، بما يخدم مصلحة الـــشـــعـــب وأهــــــــداف الـــــثـــــورة، والــــتــــي تـتـجـلـى بـــإســـقـــاط نـــظـــام اإلجـــــــرام ومـــحـــاربـــة الــفــســاد
مصدر في «الجيش الوطني»: قرار بإلغاء المسميات الفصائلية
أينما وجد». وأكد نجار دعمه لخطوة تمكني الـــشـــرطـــة الــعــســكــريــة مـــن اســـتـــام الــحــواجــز واملــعــابــر وضــبــط املــخــالــفــات و«الـــتـــي تـرقـى فـــي بــعــض األحــــيــــان إلــــى مــســتــوى الــجــرائــم بحق الثورة والشعب». وعما إذا كانت هذه اإلجراء ات ستسهم في ضبط الوضع األمني، خـصـوصـا أن الــحــديــث يــــدور حـــول تقليص عددها، رأى نجار أن «عدد الحواجز يحتاج إلـــى نــقــاش طــويــل مــع قــــادة املــنــاطــق لوضع الــحــواجــز املـنـاسـبـة، وكــفــاءة هـــذه الـحـواجـز تـعـتـمـد عــلــى نـــزاهـــة املـــؤســـســـة مـــن عـنـاصـر وقيادات وتفعيل آلية املحاسبة للمسيئني». غير أن امللف األصعب في هـذه املساعي، قد يكون تسليم جميع املعابر للحكومة املؤقتة، إذ تشكل قضية السيطرة على املعابر مسألة حيوية ملجمل الفصائل، ملا تعود به من فوائد اقــتــصــاديــة عــلــى الــجــهــة املــســيــطــرة. وبـــرزت هذه املعضلة أخيرًا مع الخاف على تسليم معبر «الحمران» شرقي حلب، وهـو البوابة الرئيسية لدخول النفط من مناطق سيطرة «قــــــوات ســـوريـــا الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة» (قـــســـد) في شرقي الباد، إلى شمالي حلب وصـوال إلى إدلـــب. وكـانـت «هيئة تحرير الـشـام» (جبهة الـنـصـرة سـابـقـا)، قــد نجحت جزئيا بوضع يــدهــا عـلـى هـــذا املـعـبـر فــي أكــتــوبــر املــاضــي، عبر حليفها فصيل «أحـــرار الشام - القطاع الشرقي»، الذي يرفض تسليم املعبر لوزارة الدفاع في الحكومة املؤقتة، وهو ما قد يقود إلــى صـــدام عسكري مـن أجــل السيطرة على املعبر. ورأى الصحافي أحمد الحمادي أن تشكيل جـسـم عـسـكـري وإدارة مـدنـيـة واحــــدة تدير مناطق سيطرة املعارضة بعيدًا عن املصالح الفصائلية، هو مطلب شعبي قديم، وباتت تــركــيــا تـــدفـــع إلـــيـــه بـــجـــديـــة، خــصــوصــا بعد محاوالت «هيئة تحرير الشام» أخيرًا التمدد إلــــى مــنــاطــق ســيــطــرة «الـــجـــيـــش الـــوطـــنـــي»، وهو ما جعل أداء هذا «الجيش»، في مرمى انتقادات املجتمع املحلي. وأضاف الحمادي، فـــي حــديــث مـــع «الــعــربــي الـــجـــديـــد»، أن هــذه الــجــهــود تـــخـــدم أيـــضـــا الــتــوجــهــات الـتـركـيـة املعلنة بـشـأن الـتـقـارب مـع النظام الـسـوري، مــــا قــــد يــمــهــد إلشـــــــراك املــــعــــارضــــة، بـشـقـيـهـا السياسي والعسكري، في هذه املساعي، حني تكون تحت إدارة موحدة بعيدًا عن التشرذم الفصائلي، وتحظى باحترام شعبي داخلي في مناطق سيطرتها.