Al Araby Al Jadeed

اإلدارة الموحدة للشمال: المعابر أبرز تحد

يمثل ملف تسليم جميع المعابر إلى الحكومة السورية المؤقتة أبرز تحد يواجه إخضاع مناطق الشمال السوري إلى إدارة موحدة

- باريس ـ عدنان األحمد

أعلنت وزارة الـدفـاع فـي الحكومة السورية املؤقتة، أمـس األول األربــعــ­اء، الـبـدء بتسليم جـمـيـع الــحــواج­ــز فـــي الــشــمــ­ال الـــســـو­ري إلــى الــشــرطـ­ـة الـعـسـكـر­يـة الــتــابـ­ـعــة إلـــى الـحـكـومـ­ة السورية املؤقتة، وذلك في إطار خطة تضغط تـــركـــي­ـــا لــتــحــق­ــيــقــهـ­ـا، مــــن أجـــــل إخــــضـــ­ـاع تـلـك املـنـاطـق إلــى إدارة مــوحــدة تتبع للحكومة، أمنيا واقتصاديا وإداريا. وذكر العميد أيمن شرارة، املتحدث الرسمي لوزارة الدفاع في الحكومة السورية املؤقتة، أن تسليم الحواجز األمنية للشرطة العسكرية يشمل مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تــل أبـيـض ورأس الــعــني. وأضــاف شـــــرارة، فـــي بــيــان مـــصـــور، أن هـــذه الـخـطـوة تـأتـي تنفيذًا لــقــرار «الـجـيـش الــوطــنـ­ـي» بـأن تتبع هـــذه الــحــواج­ــز إلـــى إدارة واحــــدة، «مـا يسهم فــي سـهـولـة الــتــواص­ــل، وحـفـظ األمـــن، ورفـع إمكانية تنظيم عملها بشكل أفضل». وأشار إلى أن اإلدارة املركزية ستكون واحدة وتــحــت إشـــــراف نــائــب مــديــر إدارة الـشـرطـة العسكرية لشؤون الحواجز واملعابر، وسيتم رفــــدهــ­ــا بـــعـــنـ­ــاصـــر مـــؤهـــل­ـــني عـــســـكـ­ــريـــا، كـمـا سيتم تخفيض أعـداد الحواجز في املنطقة. وأوضح أن إدارة الشرطة العسكرية ستضع ضوابط عمل لعناصر الحواجز، بما يسهم فـي «تـأمـني األمــن واالسـتـقـ­رار» خــال الفترة املقبلة. وكانت الحكومة املؤقتة قد أطلقت، نهاية أكتوبر/تشرين األول املــاضــي، خطة لتوحيد الفصائل، بعد اجتماعات ولقاءات أجـرتـهـا وزارة الــدفــاع مـع الـقـوى العسكرية واألمـنـيـ­ة فــي الـشـمـال الــســوري، وكــذلــك بعد اجتماع قادة «الجيش الوطني» مع مسؤولي امللف السوري األتراك، في والية غازي عنتاب جـنـوبـي تـركـيـا نـهـايـة أكــتــوبـ­ـر .2022 ورغــم عدم اإلعان رسميا عن نتائج اجتماع غازي عـنـتـاب، إال أن تـسـريـبـا­ت وتـصـريـحـ­ات عـدة أفـــــادت بـــأن الــــقـــ­ـرارات تــمــحــو­رت حـــول خطة لتوحيد فـصـائـل «الـجـيـش الــوطــنـ­ـي»، وحـل جميع األجــهــز­ة األمـنـيـة الـتـابـعـ­ة للفصائل، واستبدالها بجهاز أمني واحد لكل املنطقة، يشرف على الحواجز واملعابر. وعقدت وزارة الدفاع في الحكومة املؤقتة، االثنني املاضي، اجتماعا في مقر الوزارة، تناول خطة العمل اإلعـــامـ­ــي فـــي «الــجــيــ­ش الــوطــنـ­ـي الـــســـو­ري» بهدف توحيد الخطاب اإلعامي في جميع تشكيات «الجيش والشرطة العسكرية». وقال مصدر في «الجيش الوطني»، لـ «العربي الجديد»، إن قيادة «الجيش» اتخذت قرارات عــدة «تـخـدم أهلنا باملحرر والترتيب العام للمؤسسة العسكرية متمثلة بــوزارة الدفاع والــفــيـ­ـالــق الــثــاثـ­ـة، أهــمــهــ­ا إلـــغـــا­ء املـسـمـيـ­ات الفصائلية، وتنظيم وتوسيع إدارة الشرطة العسكرية مـن أجــل ترسيخ األمـــن الداخلي، وإزالـــة جميع الــرايــا­ت الفصائلية، واعتماد رايـــة االســتــق­ــال عـلـم الـــثـــو­رة، الــرمــز الوحيد للمناطق املحررة، مع التشديد على اقتصار دور الفصائل ضمن املـجـال العسكري فقط تحت مظلة وزارة الدفاع». وأضـــــاف أن «الـــخـــط­ـــوات الـعـمـلـي­ـة بــــدأت مع إجـــــراء الــعــديـ­ـد مـــن الــتــنــ­قــات والـتـعـيـ­يـنـات،

والـبـدء باستام الحواجز من الفصائل، مع إزالــــة عـــدد كـبـيـر مـنـهـا، إضــافــة إلـــى اسـتـام املعابر وفتح معبر إنساني (عــون الـــدادات) ملـــنـــع املــــهــ­ــربــــني مـــــن اســــتـــ­ـغــــال احـــتـــي­ـــاجـــات الـــنـــا­س». كـمـا تتضمن الـخـطـة إلــغــاء جميع املـكـاتـب االقـتـصـا­ديـة التابعة إلــى الفصائل الـعـسـكـر­يـة، وتـأسـيـس صــنــدوق مــالــي يتبع لـــوزارة الـدفـاع فـي الحكومة املؤقتة، إضافة إلـى توحيد املكاتب اإلداريـــ­ة واإلعامية في الفصائل العسكرية. من جهته، قال الرائد مصطفى نجار، رئيس قسم مكافحة اإلرهاب في «الجيش الوطني»، لــ«الـعـربـي الــجــديـ­ـد»، إن الــوصــول إلــى إدارة ناجحة «في املناطق املحررة، يستلزم تمكني جميع املؤسسات ودعمها ووضــع القوانني واألنظمة لضبط أدائها، بما يخدم مصلحة الـــشـــع­ـــب وأهـــــــ­ـداف الـــــثــ­ـــورة، والــــتــ­ــي تـتـجـلـى بـــإســـق­ـــاط نـــظـــام اإلجــــــ­ـرام ومـــحـــا­ربـــة الــفــســ­اد

مصدر في «الجيش الوطني»: قرار بإلغاء المسميات الفصائلية

أينما وجد». وأكد نجار دعمه لخطوة تمكني الـــشـــر­طـــة الــعــســ­كــريــة مـــن اســـتـــا­م الــحــواج­ــز واملــعــا­بــر وضــبــط املــخــال­ــفــات و«الـــتـــي تـرقـى فـــي بــعــض األحــــيـ­ـــان إلــــى مــســتــو­ى الــجــرائ­ــم بحق الثورة والشعب». وعما إذا كانت هذه اإلجراء ات ستسهم في ضبط الوضع األمني، خـصـوصـا أن الــحــديـ­ـث يــــدور حـــول تقليص عددها، رأى نجار أن «عدد الحواجز يحتاج إلـــى نــقــاش طــويــل مــع قــــادة املــنــاط­ــق لوضع الــحــواج­ــز املـنـاسـب­ـة، وكــفــاءة هـــذه الـحـواجـز تـعـتـمـد عــلــى نـــزاهـــ­ة املـــؤســ­ـســـة مـــن عـنـاصـر وقيادات وتفعيل آلية املحاسبة للمسيئني». غير أن امللف األصعب في هـذه املساعي، قد يكون تسليم جميع املعابر للحكومة املؤقتة، إذ تشكل قضية السيطرة على املعابر مسألة حيوية ملجمل الفصائل، ملا تعود به من فوائد اقــتــصــ­اديــة عــلــى الــجــهــ­ة املــســيـ­ـطــرة. وبـــرزت هذه املعضلة أخيرًا مع الخاف على تسليم معبر «الحمران» شرقي حلب، وهـو البوابة الرئيسية لدخول النفط من مناطق سيطرة «قــــــوات ســـوريـــ­ا الـــديـــ­مـــقـــرا­طـــيـــة» (قـــســـد) في شرقي الباد، إلى شمالي حلب وصـوال إلى إدلـــب. وكـانـت «هيئة تحرير الـشـام» (جبهة الـنـصـرة سـابـقـا)، قــد نجحت جزئيا بوضع يــدهــا عـلـى هـــذا املـعـبـر فــي أكــتــوبـ­ـر املــاضــي، عبر حليفها فصيل «أحـــرار الشام - القطاع الشرقي»، الذي يرفض تسليم املعبر لوزارة الدفاع في الحكومة املؤقتة، وهو ما قد يقود إلــى صـــدام عسكري مـن أجــل السيطرة على املعبر. ورأى الصحافي أحمد الحمادي أن تشكيل جـسـم عـسـكـري وإدارة مـدنـيـة واحــــدة تدير مناطق سيطرة املعارضة بعيدًا عن املصالح الفصائلية، هو مطلب شعبي قديم، وباتت تــركــيــ­ا تـــدفـــع إلـــيـــه بـــجـــدي­ـــة، خــصــوصــ­ا بعد محاوالت «هيئة تحرير الشام» أخيرًا التمدد إلــــى مــنــاطــ­ق ســيــطــر­ة «الـــجـــي­ـــش الـــوطـــ­نـــي»، وهو ما جعل أداء هذا «الجيش»، في مرمى انتقادات املجتمع املحلي. وأضاف الحمادي، فـــي حــديــث مـــع «الــعــربـ­ـي الـــجـــد­يـــد»، أن هــذه الــجــهــ­ود تـــخـــدم أيـــضـــا الــتــوجـ­ـهــات الـتـركـيـ­ة املعلنة بـشـأن الـتـقـارب مـع النظام الـسـوري، مــــا قــــد يــمــهــد إلشـــــــ­راك املــــعــ­ــارضــــة، بـشـقـيـهـ­ا السياسي والعسكري، في هذه املساعي، حني تكون تحت إدارة موحدة بعيدًا عن التشرذم الفصائلي، وتحظى باحترام شعبي داخلي في مناطق سيطرتها.

 ?? (نذير الخطيب/فرانس برس) ?? بدأت عملية تسليم الحواجز إلى الشرطة العسكرية
(نذير الخطيب/فرانس برس) بدأت عملية تسليم الحواجز إلى الشرطة العسكرية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar