محاصيل متنوعة
المناخ العدواني يدمر تنّوع األطعمة
تــشــيــر دراســــــات عــــدة إلــــى أن عـــالـــم الــيــوم يعتمد في شكل رئيسي على ثالثة أنواع مـــن الــنــبــاتــات هـــي األرز والــقــمــح والـــــذرة. ومـع مــرور الزمن تقلص التنوع الغذائي لوجبات الـــنـــاس فـــي شــكــل كــبــيــر، وبــــن ســتــة آالف نــــوع من الــنــبــاتــات الـــتـــي أكــلــهــا الــبــشــر عــلــى مــــر الــســنــوات، يستهلك العالم اآلن تسعة أنـواع أساسية فقط، ما يعني أن التنوع البيولوجي يتدهور في ظل التغير املناخي واملـمـارسـات الـزراعـيـة والصناعية. كذلك، أظهر مؤشر سالمة التنوع البيولوجي الذي أعده «متحف التاريخ الطبيعي» في لندن، الحاجة إلى تحسن التنوع البيولوجي، ولفت إلــى أن ترتيب اململكة املتحدة في ما يتعلق بالحفاظ على أنظمتها البيئية الطبيعية، بن األدنى على مستوى العالم. مـــن أجـــل الــتــعــرف عـلـى آثــــار الـتـغـيـر املــنــاخــي على الــطــعــام والــتــنــوع الـبـيـولـوجـي تــواصــلــت «الـعـربـي الـــجـــديـــد» مـــع لـــويـــس ســــــــاالزار، مـــديـــر االتـــصـــاالت فـــي الـــصـــنـــدوق الــعــاملــي لـتـنـويـع املــحــاصــيــل، وهــو منظمة دولية تعمل للحفاظ على تنوع املحاصيل وحماية األمـــن الـغـذائـي الـعـاملـي. ويـوضـح ســـاالزار أن «تـــغـــيـــر املـــنـــاخ بـــن مــجــمــوعــة عـــوامـــل تـصـعـب إطــعــام املــزارعــن أنفسهم وتـوفـيـر الــغــذاء للباقن،
لــذا تستخدم ثـــروة تـنـوع املحاصيل املــوجــودة في بنوك الجينات لتكييف املحاصيل مـع التحديات الحالية واملستقبلية. وهذا التكيف يستغرق وقتًا، وقد ال يتمكن العلماء من التحرك بالسرعة املطلوبة لتنفيذه». وأورد تـقـريـر املـنـصـة الـحـكـومـيـة الــدولــيــة للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية )IPBES( الـــذي يسلط الـضـوء على النطاق العاملي للتنوع البيولوجي منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى عام ،2050 أن «حوالي مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة باالنقراض، والـعـديـد منها خــالل عــقــود»، لــذا يعبر العديد من الخبراء عن مخاوفهم من تهديد أنواع من األطعمة بــاالنــقــراض، ويـشـيـرون إلــى أهمية تنويع الــغــذاء، ألن أجسام الناس تحتاج إلى فيتامينات ومعادن ومــغــذيــات مختلفة، لـكـن اســتــمــرار ارتــفــاع درجـــات الــحــرارة وعـــدم انـتـظـام هـطـول األمــطــار الـنـاجـم عن تغير املناخ يدمر املحاصيل، ويزيد قوة كل أنواع أسباب األمراض الجديدة واألكثر عدوانية». وفـــي إطـــار مــحــاوالت تــفــادي هـــذه املـشـكـلـة، كشفت دراســــــة أعـــدهـــا «مــعــهــد الــــغــــذاء املـــســـتـــدام» الــتــابــع لــجــامــعــة شـيـفـيـلـد الــبــريــطــانــيــة، ونـــشـــرهـــا فـــي 13 يــنــايــر/ كـــانـــون الــثــانــي الـــجـــاري، أن «األرز املــعــدل وراثــيــًا قـد يـكـون الــحــل، كـونـه أكـثـر مقاومة للملح،
ويمكن تكييفه للبقاء على قيد الحياة في البيئات التي أصبحت أكثر قسوة بسبب تغير املناخ». ويـــعـــلـــق الـــدكـــتـــور روبــــــرت كــــن، املـــؤلـــف الــرئــيــســي لـلـدراسـة مـن كلية العلوم البيولوجية فـي جامعة شـيـفـيـلـد الــبــريــطــانــيــة، لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» على الـحـلـول الـتـي تـوفـرهـا األطـعـمـة املـعـدلـة وراثــيــًا في ظـل التغير املناخي بالقول لـ«العربي الجديد» إن «التحديات تكمن في الثقافة التي تحيط باألطعمة املعدلة وراثيًا، لكننا نحاول أن نثبت أن هذه األمور مـمـكـنـة، ونـــأمـــل فـــي أن تـتـبـنـى دول أخــــرى تعاني بالفعل من التغير املناخي هذه التقنيات». وأضــاف: «بالنسبة إلـى الـدراسـة التي أجريت على األرز فـــي فــيــتــنــام، نــســعــى إلــــى تــطــويــر الـتـقـنـيـات واإلمــــكــــانــــات لـــتـــوفـــيـــر املــــيــــاه وتـــجـــنـــب فـــشـــل نـمـو املحاصيل، في البلدان التي تعاني من الجفاف، أو التي تمتد مياه البحر إلى أراضيها. وردًا عــــلــــى الـــــوضـــــع املــــرتــــبــــط بــــتــــدهــــور الـــتـــنـــوع الـبـيـولـوجـي لـأطـعـمـة مــع مــــرور الـــوقـــت، قـــال كـن: «يـحـتـفـظ فــي أمـــاكـــن، مـثـل املـعـهـد الـــدولـــي لبحوث األرز )IRRI( فــي الفيليبن، مــا يــعــرف بــاســم بنك الــبــذور الـــذي يحتوي على أكـثـر مـن 100 ألــف نوع من بذور األرز تحديدًا، ما يؤكد االهتمام بالحفاظ على التنوع في املحاصيل، لكن يبقى الهدف األهم بالنسبة إلى املزارعن الحصول على أكبر كمية من
يقول مدير االتـصـاالت في الصندوق العالمي لتنويع المحاصيل لويس ســاالزار: «نشهد حاالت جفاف وفيضانات وصقيعً وأمـراضـً، ونحتاج بالتالي إلى الحفاظ على تنوع المحاصيل وإتاحتها، وهـــذا هـو الـتـحـدي الـــذي يـواجـهـه صندوق المحاصيل وبـنـوك الجينات، لكن ذلـك ال يمنع استمرار النجاح في استخدام محاصيل متنوعة». املحصول، ما يدفعهم إلى التركيز على أنواع البذور التي توفر الكمية األكبر. ومع ذلك هناك وعي لدى الــخــبــراء بــضــرورة الـنـظـر إلـــى الـتـنـوع البيولوجي وأخــــذه فــي االعــتــبــار. ونــحــن نـعـلـم أن أنـــواعـــًا عـدة قـــادرة على التعامل مـع التغير املـنـاخـي، وال نريد أن نخسر هــذا الـتـنـوع املــوجــود فــي الطبيعة، لكن فـي الـوقـت ذاتـــه، يمكن أن نـحـاول إيـجـاد حلول من خالل النباتات املعدلة وراثيًا، ما يعني تنفيذ أمور ال تحدث في شكل طبيعي، مثل تبديل وظيفة جن محدد، وجعله أكثر مقاومة للتغير املناخي».