سوق مخيم البداوي لتحفيز أصحاب المبادرات
يخلق سوق مخيم البداوي لالجئين الفلسطينيين فرصًا تساعد أصحاب المبادرات. وإلى جانب عرض المنتجات أدخلت أنشطة ترفيهية
ليست فكرة األســواق جديدة في لبنان، فــهــنــاك ســــوق األحـــــد بـــبـــيـــروت، وســـوق الجمعة، وســـوق الخميس فـي النبطية (جــــنــــوب)، لــكــن إطـــالقـــهـــا فـــي مـخـيـمـات الــالجــئــني الفلسطينيني، وتــحــديــدًا في مخيم البداوي شمال لبنان، كان جديدًا، وذلــــك بــمــبــادرة مـــن مـجـمـوعـة ناشطني فـــــي مــــجــــال الـــعـــمـــل االجــــتــــمــــاعــــي القـــت استحسانًا من املشاركني وأهالي املخيم. يقول أحمد كرزون، وهو ناشط اجتماعي فـــي مـــشـــروع «غــيــمــة» ســاهــم فـــي إطـــالق املشروع، لـ«العربي الجديد»: «فكرنا في مــشــروع الــســوق بـالـشـراكـة مــع الـبـرامـج الـنـسـائـيـة فـــي املــخــيــم، ومــنــتــدى خـدمـة السالم املدني بهدف تحفيز مجتمعنا، والعمل ملبادرة تحد من النزاع البشري الـــــــذي قـــــد يـــرتـــبـــط بـــمـــشـــاكـــل قـــــد تـــكـــون مـــوجـــودة فـــي املــخــيــم. وبــعــدمــا رصــدنــا عـــــددًا مـــن املــشــكــالت فـــي املــخــيــم شكلنا لجنة عمل تضم 20 شخصًا لوضع حل لهذا األمــر، ثم ولــدت فكرة تنظيم سوق فــي املـخـيـم يـجـمـع الــنــاس الــذيــن لديهم مــبــادرات لتسويقها، ويـوفـر لهم مكانًا مناسبًا لعرض منتجاتهم، واألشخاص الـــــذيـــــن يــــشــــاركــــون فـــيـــه مـــــن جــنــســيــات لبنانية وسورية وفلسطينية». يــتــابــع كــــــرزون، الـــــذي يــتــحــدر مـــن بـلـدة طــبــريــا فـــي فــلــســطــني، وســـبـــق أن سكن فــي مـخـيـم الــيــرمــوك بــســوريــة قـبـل أزمــة الــحــرب الــســوريــة، ثــم انـتـقـل إلـــى مخيم الـــبـــداوي شـمـال لـبـنـان: «فــكــرة األســـواق لــيــســت جــــديــــدة، وهـــــي أمــــاكــــن لـلـتـالقـي وعــــرض الــبــضــائــع لـبـيـعـهـا. ومـــن خــالل فكرة السوق جربنا خلق فرص تساعد أصحاب املبادرات ماديًا، وهذا االفتتاح هـــو الـــثـــانـــي، عــلــمــًا أن الــتــجــربــة األولــــى لـلـسـوق شجعتنا عـلـى إعــــادة تنظيمه، وقد أضفنا إلى عرض املنتجات أنشطة ثقافية وترفيهية وطاولة حوار». ويشير إلــى أن «االفـتـتـاح األول للسوق كـان في ديسمبر/كانون األول املاضي، وهــــــو ســيــنــظــم فــــي املـــســـتـــقـــبـــل مــــــرة كـل شـــهـــر وربـــــمـــــا مــــرتــــني شـــهـــريـــًا بـحـسـب االحتياجات». وعن طريقة االشتراك في السوق، يقول كــرزون: «لدينا رابـط على فيسبوك وإنستغرام، ومن يريد املشاركة يـــجـــب أن يـــدخـــل إلـــــى الــــرابــــط ويــســجــل اسمه، ثم تمنح أولوية ملن يملك منتجًا يدويًا يريد الترويج له، وأال يكون عنده محل، ونحن نتولى تأمني الطاوالت». يـــضـــيـــف: «اخــــتــــرنــــا شــــارعــــًا فــــي املــخــيــم يـضـم ثـــالث مــــدارس ومـسـتـوصـفـا، وهـو شـــــارع عــــام غــيــر خــــاص قـمـنـا بتسقيفه وإنـــــارتـــــه، والــــفــــائــــدة الـــثـــانـــيـــة املـــنـــشـــودة مــــن ســـقـــفـــه حـــمـــايـــة طـــــالب املـــــــــدارس مـن هــــطــــول األمـــــطـــــار خــــــالل أيـــــــام الــــشــــتــــاء». وتقول الناشطة االجتماعية منى أسعد لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»: «بــعــض املشتركني لــم يملكوا سـابـقـًا مـشـاريـع خـاصـة بهم، وعندما علموا بوجود السوق فكروا في مـشـروع، وقـدمـوا طلبات للحصول على طاوالت. وفي كل مرة يختلف األشخاص الـذيـن لديهم مـبـادرات كـي نعطي فرصة للجميع ألن العدد محدود. وكي يستمر املشروع نطلب تبرعًا بقيمة 50 ألف ليرة لبنانية، أي أقــل مـن دوالر واحـــد حاليًا،
من أجل نقل الطاوالت وتنظيف املكان». من جهتها، تقول وصال مصطفى، التي تــتــحــدر مـــن بـــلـــدة صـــفـــوريـــة بفلسطني وتــقــيــم فـــي مــخــيــم الــــبــــداوي لـــ «الــعــربــي الجديد»: «جئت ألتفرج على املعروضات املـــوجـــودة فــي الــســوق وشــاهــدت أشـيـاء جميلة، وأنـــا أرى أنــه يشكل فـرصـة كي يرفه الناس عن أنفسهم، علمًا أن فكرة وجـــود ســوق فـي املخيم وحـدهـا جيدة، ألن سكانه يستطيعون املجيء إليه من دون عناء دفع تكاليف النقل، ويرفهون عن أنفسهم ويلتقون الناس ويتعرفون على أشـخـاص جــدد، وفــي الـوقـت نفسه يشترون ما يحتاجونه». فـــي الـــســـيـــاق، يـــقـــول عـــامـــر عـــســـاف وهــو مـــن حــمــص بــســوريــة ويــقــيــم فـــي مخيم البداوي لـ «العربي الجديد»: «أعيش منذ ثماني سنوات في لبنان، ولدي فرن لبيع املـنـاقـيـش، وقـــد رغـبـت فــي املــشــاركــة في السوق وأحببت التجربة التي أفادتني بــالــتــعــرف عــلــى أشـــخـــاص جـــــدد. أيـضـًا يساهم الـسـوق فـي الترفيه عـن الـنـاس، ويلغي العنصرية باعتبار أن املشاركني والزوار من جنسيات متعددة». أيـــــضـــــًا يـــــقـــــول مـــصـــطـــفـــى أبـــــــو زهـــــــرة،
وهـــو مـــن نــابــلــس بـفـلـسـطـني مـقـيـم في مــخــيــم الــــــبــــــداوي، والـــــــذي يــــشــــارك فـي الـسـوق لـ«العربي الـجـديـد»: «أمـلـك في األســاس خبرة عشر سنوات في صنع الـشـوكـوالتـة، وكـنـت أعـمـل فــي السابق فــي إحـــدى الـفـضـائـيـات، قـبـل أن تغلق وأضـــــطـــــر إلـــــــى فــــتــــح مـــــشـــــروع لــصــنــع منتجات شوكوالتة بنكهات متعددة، وتــــوزيــــعــــهــــا عــــلــــى مــــعــــامــــل تـــتـــواجـــد فــــي طـــرابـــلـــس وبـــــيـــــروت. ومـــنـــذ ثــالثــة أشـهـر بـــدأت العمل السـتـهـداف الفئات الشعبية، فـاملـرأة مثال صــارت تشتري الـشـوكـوالتـة ألوالدهــــا كــي تـعـدهـا لهم لــــدى ذهـــابـــهـــم إلــــى املـــــدرســـــة». يــتــابــع: «ليس لـدي محل لبيع منتجاتي، لكن الناس يقصدونني بعد التواصل معي عبر وسائل التواصل، واليوم نتواجد في السوق كي نعرف الناس بمنتجاتنا ونـكـسـب مـعـرفـة بـيـع املــفــرق الــــذي يتم عــبــر خـــدمـــة الــتــوصــيــل (الـــديـــلـــيـــفـــري). فــكــرة الــســوق مـسـتـوحـاة لكنها جيدة وتـسـاعـد أيــضــًا فــي أال يـظـل املـخـيـم ذا طـابـع أمـنـي فـقـط فــي أذهــــان أشـخـاص كثيرين، فهو مـلـيء بالحياة وينتشر فيه األمن واألمان».