«على» األرض
ال تفوتنا اإلشـــارة إلــى ملمح أســــــاســــــي آخــــــر مـــــن مـــامـــح الشعرية عند ڤكتور نونيس؛ أقـــصـــد «شـــعـــريـــة االغـــتـــراب» الـــتـــي ال يـــنـــفـــك يــشــيــر إلـيـهـا الــــنــــقــــاد، كـــلـــمـــا تـــطـــرقـــوا إلـــى الــحــديــث عـــن شـــعـــره، بسبب تـنـقـلـه، مـنـذ طـفـولـتـه، للعيش فــــــي أكـــــثـــــر مــــــن مــــــكــــــان، وال سـيـمـا، وهـــو املــولــود بهاڤانا عام ،1955 قد اختار الرحيل عــــن كــــوبــــا فــــي عــــــام ،1995 والــــعــــيــــش، بـــمـــحـــض إرادتــــــــه، فـــي الــــواليــــات املـــتـــحـــدة، ليس ألسباب سياسية، بل كخيار إنساني حــر. يتحدث النقاد عــن الــخــيــارات الشعرية التي نـجـمـت عـــن تــجــربــة «الــخــيــار الـــــواعـــــي فـــــي عــــــدم تــفـضــيــل شـــعـــب عـــلـــى آخــــــــر، وفـــــي أن يـكـون فــي مـكـانـي مختلفي في الوقت ذاتـه». تلك التجربة التي هي في «جوهرها إعادة تفكير فــي تجربة األخــرويــة otherness حــــيــــث يـــســـود التماهي مع الذاكرة، والتجربة اليومية، واملكان، على أي نوع آخــر مـن التماهي». ولـهـذا، ال يـــتـــحـــدث الـــشـــاعـــر عـــن كــونــه «شــــاعــــرًا فـــي املـــنـــفـــى»؛ فـهـو، بالرغم من عيشه في الخارج، إال أنــه لـم «يـغـادر كوبا قــط»، عـــلـــى حــــــد قــــولــــه. فــالــشــاعــر الحقيقي ال يشعر باالغتراب
َُّ الحقيقي إال حي يشعر بأن روحـــه قـد نـفـيـت عـن جسده. هنا تغدو إقـامـة الشاعر في املــكــان إقــامــة «عــلــى» األرض، بــــاســــتــــعــــارة عـــــنـــــوان ديــــــوان بابلو نــيــرودا، وليست إقامة «فــــي» األرض: تــغــدو األرض جميعها وطـنـا لـلـشـاعـر، وال يغدو املكان الجغرافي املحدد هو الوطن فحسب.