Al Araby Al Jadeed

ضبط تهريب المخدرات هل يُلِزم التدخل الروسي نظام األسد؟

ضغط الروس أخيرًا، بطلب من األردن، على النظام السوري لوقف تهريب المخدرات إلى المملكة، لكن مراقبين يعتبرون أن أجهزة النظام األمنية ليست راغبة بذلك، إذ تستفيد من تجارة المخدرات وتهريبها، بالتعاون مع «حزب اهلل» ومليشيات إيرانية

- باريس ـ عدنان أحمد

تشهد محافظة درعـــا فــي الجنوب السوري أوضاعًا مضطربة نتيجة ســـيـــاس­ـــات الـــنـــظ­ـــام الــــســـ­ـوري خــال الـــســـن­ـــوات املـــاضــ­ـيـــة، الـــرامــ­ـيـــة إلـــــى إخـــضـــا­ع املحافظة لسيطرته، وهـو املتهم باستخدام املــنــطـ­ـقــة مـــمـــرًا لــتــهــر­يــب املــــخــ­ــدرات بــاتــجــ­اه الــخــلــ­يــج عــبــر األردن، فـــضـــا عـــن مــســاعــ­دة إيــــــرا­ن ومــلــيــ­شــيــاتــ­هــا عــلــى الـــتـــم­ـــدد جــنــوبــًا، مـع اسـتـخـدام تنظيم «داعــــش» لتعزيز هذه الـــفـــو­ضـــى. وتـــتـــس­ـــبـــب هـــــذه الـــســـي­ـــاســـات فـي استدامة األوضاع املتوترة في املحافظة، كما تثير قلق األردن الــذي استعان بروسيا من أجل الضغط على النظام لضبط الحدود بن الـجـانـبـ­ن، إذ زار مبعوث الـرئـيـس الـروسـي ألكسندر الفرنتييف كـا من عمان ودمشق أخــيــرًا لـهـذا الــغــرض، وفـــق مــا أعـلـن الجانب األردنــــ­ـي. وفـــي مــا يــبــدو أنـــه مــن نـتـائـج هـذه الجهود الروسية، كشفت صحيفة «الوطن» املقربة من النظام في سورية، األول من أمس الـــخـــم­ـــيـــس، عــــن إجــــــــ­ـراءات جــــديـــ­ـدة سـتـتـخـذ عـلـى الـــحـــد­ود األردنـــي­ـــة مــن قـبـل أجــهــزة أمـن الــنــظــ­ام لـضـبـط عـمـلـيـات الــتــهــ­ريــب. ونـقـلـت الـصـحـيـف­ـة عـــن مـــصـــاد­ر «واســــعــ­ــة االطـــــا­ع» قولها إن مسؤولية ضبط الحدود مع األردن مــن الــجــانـ­ـب الـــســـو­ري كـــان يــقــوم بـهـا جهاز أمـــنـــي واحــــــد، ولـــكـــن مــنــذ أكـــثـــر مـــن أســـبـــو­ع، أصـــدرت اللجنة األمـنـيـة فــي محافظة درعــا قـــرارًا، يدعو ملشاركة أجـهـزة النظام األمنية األربــــع­ــــة املـــــوج­ـــــودة فــــي املـــحـــ­افـــظـــة بـعـمـلـيـ­ة ضبط الـحـدود، اعتبارًا من األسـبـوع املقبل. واألجــــه­ــــزة هـــي املـــخـــ­ابـــرات الـــجـــو­يـــة، واألمــــن العسكري، وأمن الدولة، واألمن السياسي. وكانت وكالة «سبوتينك» الروسية قد نقلت، الخميس أيضًا، عن مصدر في درعا لم تسمه، قوله إن روسيا والنظام يعمان على ضبط الـــحـــد­ود إليــقــاف عـمـلـيـات الـتـهـريـ­ب. وتشمل اإلجـــراء­ات زيــادة عـدد املخافر الحدودية بن الــبــلــ­ديــن، وتـسـيـيـر دوريــــــ­ات تــابــعــ­ة للشرطة العسكرية الـروسـيـة فـي املنطقة املـمـتـدة بن ريفي السويداء ودرعا، إضافة إلى رفد املنطقة «بــعــنــا­صــر مـــن الــجــهــ­ات املـخـتـصـ­ة الــســوري­ــة مـهـمـتـهـ­ا مــراقــبـ­ـة الـــحـــد­ود والــتــعـ­ـامــل مـــع أي حـــاالت أمـنـيـة، وذلـــك بـالـتـعـا­ون مــع مسلحن مــحــلــي­ــن مـــمـــن قــــامـــ­ـوا بـــتـــسـ­ــويـــة أوضـــاعــ­ـهـــم بضمانة روسية منذ نحو 4 سنوات». ووفق «الوطن»، فقد شهدت الحدود السورية - األردنية، تحديدًا جنوب مدينة درعا املقابل لــبــلــد­ة الــرمــثـ­ـا األردنــــ­يــــة، قــبــل يـــومـــن، جـولـة شـــاركـــ­ت فـيـهـا الــشــرطـ­ـة الـعـسـكـر­يـة الـروسـيـة وعدد من ضباط أجهزة األمن التابعة للنظام ومــســلــ­حــون ســـابـــق­ـــون مــمــن قـــامـــو­ا بـتـسـويـة أوضاعهم. وفــي تعليق على هــذا الـتـطـور، رأى الناشط اإلعامي في درعا يوسف املصلح، في تصريح لـ«العربي الجديد»، أن النظام «غير قادر وال راغب في ضبط الحدود، ألن ضباط األجهزة األمـــنــ­ـيـــة وقــــــوا­ت الـــنـــظ­ـــام، خــصــوصــًا الــفــرقـ­ـة الرابعة التي عادت إلى الجنوب أخيرًا وتولت الــدوريــ­ات الـحـدوديـ­ة، هـم املـسـؤولـ­ون أساسًا عـن تـجـارة وتـهـريـب املــخــدر­ات بـالـتـعـا­ون مع املليشيات التي جندتها إيران لصالحها، وكل الـــقـــر­ارات الــتــي يــصــدرهـ­ـا الــنــظــ­ام بخصوص مكافحة املخدرات ليست جدية». يأتي ذلك وسط وقوع حوادث وصدامات بن تجار املخدرات التابعن لفرع األمن العسكري، ومــجــمــ­وعــات أخــــرى تــابــعــ­ة لــلــفــر­ع نــفــســه، إذ قـتـل عنصران جـــراء اشتباكات بـن فصيلن مسلحن يتبعان للفرع مـسـاء الخميس في حــي الـكـاشـف وســـط مـديـنـة درعــــا، فيما لقي طبيب مصرعه أثناء وجوده في املنطقة. ويعلن األردن باستمرار عن ضبط كميات من املواد املخدرة، خصوصًا حبوب «الكبتاغون»، آتــيــة مــن األراضــــ­ي الــســوري­ــة، وكـثـيـرًا مــا تقع اشـتـبـاكـ­ات مــع املـهـربـن، ينتج عنها سقوط قتلى في صفوفهم. ووفـق مصادر متطابقة، فإن هناك عدة محطات لتخزين املواد املخدرة فـي الـجـنـوب الــســوري، أبــرزهــا قـريـة الشعاب في جنوب شرق محافظة السويداء، ويتولى مرعي الرمثان وأفــراد عشيرته مهمة تخزين املـــخـــ­درات الــتــي تــصــل إلــيــه مـــن «حــــزب الــلــه» بــمــســا­عــدة املــلــيـ­ـشــيــات اإليـــران­ـــيـــة واألجـــهـ­ــزة األمـنـيـة الـتـابـعـ­ة لـلـنـظـام، إضــافــة إلـــى الفرقة الرابعة، وفق املصادر. وقرية الشعاب ال يتجاوز عدد سكانها ثاثة آالف نــســمــة، لــكــن فــيــهــا تـــضـــار­يـــس صـعـبـة، وجميع سكانها من عشيرة واحدة ومزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة، ويضعون حواجز على مداخل القرية ملنع دخـول الغرباء، وفق مـا ذكــر الناشط محمد الـسـمـودي، املقيم في منطقة مجاورة. وأضاف السمودي في حديث مع «العربي الجديد» أن موقع القرية القريب جـــــدًا مــــن الــــحـــ­ـدود األردنــــ­ــيــــــة، وتــضــاري­ــســهــا الـصـعـبـة، ومـعـرفـة سكانها بـطـرق التهريب، جعلتها محطة رئيسة في تهريب املخدرات بـــاتـــج­ـــاه األردن، إذ يــقــيــم الـــرمـــ­ثـــان عــاقــات وطــيــدة مــع األجـــهــ­ـزة األمــنــي­ــة و«حــــزب الــلــه». وأوضـــــح أن الـشـبـكـة الــتــي يــديــرهـ­ـا الــرمــثـ­ـان تقتصر مهمتها على إيصال املخدرات اآلتية مــــن لـــبـــنـ­ــان، أو مـــعـــام­ـــل املـــــخـ­ــــدرات فــــي ريــفــي دمــشــق وحـــمـــص، مـــن الــجــانـ­ـب الـــســـو­ري إلــى الــجــانـ­ـب األردنــــ­ـــي. وكـــشـــف عـــن وجـــــود نـقـاط تهريب أخرى في محافظة درعا، ومنها معبر نـصـيـب الــــحـــ­ـدودي، حــيــث تـــوضـــع املـــخـــ­درات داخـــل شاحنات نقل البضائع عبر إخفائها فـي مخابئ سرية أو حشوها بـن البضائع. كما تنقل أحيانًا املخدرات بواسطة سيارات دفع رباعي، وغالبًا ما تكون مسلحة. مـــن جــهــتــه، شــكــك قـــيـــاد­ي ســابــق فـــي فصائل املــــعــ­ــارضــــة فــــي الـــجـــن­ـــوب الـــــســ­ـــوري بـــجـــدو­ى الجهود الروسية لضبط الحدود مع األردن. وقــال القيادي املقيم في األردن، والــذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ «العربي الجديد»، إن روسيا لـم يعد لديها نـفـوذ كبير فـي محافظة درعـا بعد تخليها عن «الـلـواء الثامن» وانشغالها بـــالـــح­ـــرب فــــي أوكــــران­ــــيــــا، مــــا جـــعـــل الــجــنــ­وب الــســوري فريسة سهلة إليـــران ومليشياتها، بالتعاون مع أجهزة النظام األمنية والفرقة الــرابــع­ــة الـقـريـبـ­ة جميعها مــن إيـــــران. وحــول التأثير املحتمل لـقـانـون «الـكـبـتـا­غـون» الـذي أجــــــــ­ازه الـــرئـــ­يـــس األمــــيـ­ـــركــــي جــــو بــــايـــ­ـدن فـي ديسمبر/كانون األول املاضي، بهدف محاربة إنـــتـــا­ج وتــهــريـ­ـب املـــخـــ­درات فـــي ســـوريـــ­ة، رأى القيادي أن النظام ال يبدو مباليًا كثيرًا بهذه الخطوات، والدليل أنه لم يوقف أنشطة تهريب املـــخـــ­درات أو يــحــد مــنــهــا، ألن هـــذه األنـشـطـة باتت في الواقع هي املصدر الرئيسي لدخله ودخـــل «حـــزب الــلــه»، وعـلـى وجــه الخصوص ضباطه الـكـبـار الـــذي راكــمــوا ثـــروات ضخمة من هذه التجارة. غير أن القيادي لم يستبعد أن يكون لـ«قانون قيصر» (الــذي أقــر في عام 2019 ويتعلق بـفـرض عـقـوبـات على النظام الـــســـو­ري بـسـبـب قـتـلـه آالف املـعـتـقـ­لـن تحت التعذيب) تبعات في املرحلة املقبلة، بما في ذلـك إمكانية مهاجمة مـراكـز إنـتـاج وتخزين املـخـدرات عبر الطائرات املسيرة، بالتنسيق مع الجانب األردني الذي باتت لديه معطيات وافية حول هذا األمر.

تحدث إعالم النظام عن إجراءات جديدة لضبط التهريب

قيادي سابق في المعارضة: لم يعد لروسيا نفوذ كبير في درعا

 ?? (خليل مزرعاوي/فرانس برس) ?? جنود أردنيون على الحدود السورية، فبراير 2022
(خليل مزرعاوي/فرانس برس) جنود أردنيون على الحدود السورية، فبراير 2022

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar