تفجر الصراع مجددًا بين الحكومة وعمران خان
تفجر الصراع بين الحكومة الباكستانية وحزب «حركة إنصاف» الذي يقوده عمران خان، خصوصًا مع تعيينها أحد أشد المعارضين لخان قائمًا لألعمال برئاسة حكومة البنجاب
تـجـدد الــصــراع بـن الحكومة وحـــزب «حركة إنـــصـــاف»، بـقـيـادة رئـيـس الـحـكـومـة السابق عــمــران خــــان، وذلــــك بـعـد أن تــوقــع املــراقــبــون وأنــــصــــار خـــــان أن الــــعــــاقــــات مــــع املــؤســســة العسكرية ستتحسن بعد تقاعد قائد الجيش الـبـاكـسـتـانـي الــســابــق الــجــنــرال قـمـر جـاويـد باجوه، في نوفمبر/تشرين الثاني املاضي. وفــــي إطـــــار مـــحـــاوالتـــه لــلــتــهــدئــة، أعـــلـــن خــان حل البرملانن املحلين في إقليمي البنجاب وخيبربختونخوا، وعـودة نـواب الحزب إلى البرملان املـركـزي، إال أن رئيس البرملان راجه بــرويــز أشـــرف ســـارع إلـــى قـبـول استقالتهم، التي قدموها في إبريل/نيسان املاضي إثر سحب البرملان الثقة من حكومة خان. وتـصـاعـد الــصــراع السياسي بـن الحكومة و«حــــركــــة إنــــصــــاف» بـــعـــد أن أعـــلـــنـــت لـجـنـة االنتخابات الوطنية تعين محسن نقوي، الذي يعتبر من أحد أشد املعارضن لحزب خـــــان، واملــــقــــرب مـــن حــــزب الـــرابـــطـــة الــحــاكــم وحـــزب الـشـعـب الباكستاني املــوالــي لــه في الحكومة، كقائم على منصب رئيس الوزراء فــــي الـــحـــكـــومـــة املــحــلــيــة بــإقــلــيــم الــبــنــجــاب. وأثــار تعين الـرجـل، في 22 الشهر الحالي، امـتـعـاض حــزب خـــان، الـــذي أعـلـن عــن حــراك شعبي جــديــد، والــتــوجــه نـحـو املحكمة من أجل إزاحة نقوي من املنصب، ألنه «جاء من أجل إفشال حزب خان في االنتخابات العامة القادمة». وكان مراقبون أكدوا، أخيرًا، أن قرار عمران خان حل برملان إقليم البنجاب لم يكن صـائـبـا، إذ إنــه أتـــاح الـفـرصـة للحكومة كي تعن أحد املقربن لها لقيادة حكومة إقليم البنجاب. وكـان نقوي تلقى دعما كبيرًا من الرئيس الباكستاني السابق آصف زرداري، وهو زعيم حزب الشعب الباكستاني املوالي لحكومة رئـيـس الــــوزراء شهباز شـريـف، إذ وصفه بأنه ابن له. وإضافة إلى ذلك يعتبر نقوي من املقربن لقائد الجيش الباكستاني الــحــالــي الــجــنــرال عــاصــم مـنـيـر. وهـــو نشر، بعد تعيينه، تسجيا مصورًا على وسائل التواصل االجتماعي، يظهر مشاركته قائد الــجــيــش أداء الــعــمــرة فـــي الــســعــوديــة فـــي 9 يـنـايـر/كـانـون الـثـانـي الــحــالــي. ويــؤكــد هـذا األمـــــر أن تــعــيــن نـــقـــوى تـــم أيـــضـــا بـمـبـاركـة املؤسسة العسكرية. كما يؤكد تعين محسن نقوي أن املؤسسة العسكرية ال تــزال تلعب بـــقـــوة، وال تــــزال ســيــاســاتــهــا حــيــال «حــركــة إنـــصـــاف» كــمــا كـــانـــت، وهـــــذا مـــا أشـــــار إلـيـه عمران خـان، خال حديث له مع شبكة «بي بي سي» األردية في 19 الشهر الحالي، قائا إننا ال عاقة لنا بقائد الجيش الجديد، وال تواصل بيننا. لقد قلت لجاويد باجوه إنك إذا قـمـت مـــع املــؤســســة الـعـسـكـريـة بـإطـاحـة حكومتنا حينها ستسير الباد نحو كارثة مـعـيـشـيـة، وال يـمـكـن ألحـــد مــواجــهــة األزمـــة االقـتـصـاديـة. لـكـن املـؤسـسـة الـعـسـكـريـة، مع األحـــــــزاب الــحــاكــمــة حـــالـــيـــا، قـــامـــت بــمــا كــان يحلو لها وهي إطاحة حكومتي، وبالتالي دفعوا الباد نحو ويــات معيشية وصـراع سياسي كبير». وقـــــال اإلعــــامــــي واملـــحـــلـــل الــســيــاســي طـاهـر نــصــيــر، لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، إنــــه يـــبـــدو أن قـائـد الجيش الـجـديـد ال يهتم كثيرًا بحزب عـمـران خــان، واملـؤسـسـة العسكرية لـم تغير ســـيـــاســـاتـــهـــا، وهــــــو مــــا تــــؤكــــده الــــتــــطــــورات الــســيــاســيــة األخــــيــــرة، مــنــهــا تــعــيــن محسن نــقــوي قـائـمـا بــأعــمــال رئــيــس حـكـومـة إقليم البنجاب، والــذي قـام في املقابل بتغيير كل املسؤولن السابقن، وقادة الشرطة واألمن، و«كــــــل ذلـــــك ال يــمــكــن أن يـــتـــم مــــن دون دعـــم املؤسسة العسكرية». غير أن اإلعامي أرشد خـان قـال، لـ«العربي الجديد»، إن «املؤسسة الـعـسـكـريـة قـــد ال يــكــون لــهــا دور، ألن حــزب خــان حفر الـحـفـرة لنفسه، وهــو يقفز دائما إلـــى الــخــطــوات املــتــطــرفــة، إذ أعــلــن اسـتـقـالـة نـــوابـــه مـــن الـــبـــرملـــان املــــركــــزي، ثـــم جــــاء خــان ليعلن حل البرملانن اإلقليمين في البنجاب وخيبربختونخوا، على الــرغــم مــن أنــه كان يـمـلـك األكــثــريــة فــيــهــمــا». واعــتــبــر أن «حـــزب
إنـصـاف اسـتـخـدم كـل الـبـطـاقـات الـتـي كانت بحوزته، وبالتالي يبدو أن األيام الصعبة قد تأتي على قيادة حزب خان». وفـــــي الــــوقــــت الــــــذي كـــــان فـــيـــه حـــــزب «حـــركـــة إنـــــصـــــاف» يــســتــعــد لــــحــــراك شـــعـــبـــي، بــــدأت الــحــكــومــة تــضــيــق الـــخـــنـــاق عــلــيــه مـــن خــال اعتقالها، قبل أيـــام، أحــد الــوجــوه املشهورة فيه، وهو وزير اإلعام السابق فؤاد شودري بتهمة ازدراء اللجنة الوطنية لانتخابات. واعـتـبـر اإلعــامــي واملـحـلـل السياسي طاهر
عينت الحكومة محسن نقوي قائمًا بأعمال رئاسة حكومة البنجاب
نصير، فـي تصريح لـ«العربي الـجـديـد»، أن «اعتقال فؤاد شودري بداية، وستكون هناك قـائـمـة طـويـلـة مــن املـعـتـقـلـن، مـنـهـم أعـضـاء في البرملان املركزي والبرملانات اإلقليمية». وأشــــار إلـــى أن «املـعـلـومـات املـــوجـــودة عنده تشير إلــى أن الحكومة قـــررت أيـضـا اعتقال عمران خان، وهذا ما تؤكده حشود أنصاره املتواجدين حول منزله في مدينة الهور، منذ مـسـاء األربـــعـــاء املـــاضـــي». ولـعـل خـــان نفسه أدرك ذلك، حيث قال في مؤتمر صحافي، في 25 الشهر الحالي، إنـه ال يخاف من السجن وال حتى من املوت، وإنه سيواصل مسيرته، منددًا باعتقال فــؤاد شـــودري، قائا إنـه «لم يـــرتـــكـــب أي جـــريـــمـــة فـــقـــط، بـــقـــولـــه إن لـجـنـة االنتخابات الوطنية تلعب كسمسار في يد الحكومة وتلك هي الحقيقة». ورأى اإلعــــــامــــــي الــــبــــاكــــســــتــــانــــي ســـلـــمـــان كهوكهر، في تصريح لـ «العربي الجديد»، أن «االعتقاالت في مثل هذه امللفات من جانب الحكومة أمــر مـؤسـف. إن حـريـة الـــرأي حق لكل مواطن، لكن األعمال االنتقامية لن تأتي بخير». واعتبر أن «عـمـران خـان له شعبية كـبـيـرة، والـشـعـب مستعد لــلــحــراك، رغـــم أن املؤسسة العسكرية ال تزال تقف ضد حزبه». وعلى الرغم من أن كل األمــور على الساحة السياسية تسير في مصلحة الحكومة، كما أن املؤسسة العسكرية تقف إلى جانبها، إال أن ما يؤرقها هو الوضع املعيشي، خاصة اســتــشــراء الـــغـــاء، وتـــدهـــور الـعـمـلـة مقابل الـــدوالر، الــذي ارتفع سعره، في يـوم واحـد، 12 روبـيـة، ليصل إلــى 255 روبـيـة، وهــو ما سـيـسـتـغـلـه حـــــزب خـــــان مـــقـــابـــل الــحــكــومــة. وأشــــــار كــهــوكــهــر إلــــى أن «أهـــــم الــبــطــاقــات الــــتــــي يـــمـــلـــكـــهـــا خـــــــان هـــــي الــــشــــعــــب، وهــــو مستعد للحراك بقوة إذا واصلت الحكومة سياستها االنتقامية ضد إنصاف».