عنف الشرطة يعود للواجهة في أميركا
سارع الرئيس األميركي جو بايدن إلى محاولة احتواء مقتل رجل من أصول أفريقية على يد عناصر من الشرطة، داعيًا إلى االلتزام بالسلمية
أعاد مقتل األميركي من أصول أفريقية تاير نيكولز، في مدينة ممفيس بوالية تينيسي، مطلع يناير/ كانون الثاني الحالي، على يد عناصر من الشرطة األميركية، إلى الواجهة عنف عناصر الشرطة خال عمليات توقيف املتهمني بخرق القانون. وأحدثت القضية ضجة في بلد ال يزال متأثرًا بمقتل األمـيـركـي مـن أصـــول أفريقية جـورج فـلـويـد فــي مــايــو/ أيــــار ،2020 ومـــا أحـدثـتـه هذه املأساة من تظاهرات لحركة «باك اليفز مــاتــر» (حــيــاة الــســود تــهــم) ضــد العنصرية وعــنــف الــشــرطــة. وكــــان قـــد صـــدر حــكــم على الشرطي السابق ديريك شوفني، في يونيو/ حزيران ،2021 بالسجن ملدة 22 عاما ونصف الـعـام لقتله فلويد، وهــي عملية قتل أثــارت أكبر تظاهرات في الباد رفضا للعنصرية مــــنــــذ عــــــقــــــود. وتــــنــــفــــس وقــــتــــهــــا الـــنـــشـــطـــاء الحقوقيون الصعداء، مبدين ارتياحهم لحكم قد يشكل حجر أسـاس لقضاء أميركي أكثر عــدال فـي محاسبة شرطة بـــاده، املوصومة بتاريخ طويل من العنصرية تجاه األقليات، وخـــصـــوصـــا الــــســــود. ووجــــهــــت إلــــى خمسة شرطيني، أمـس األول الخميس، تهمة القتل إثـر وفـاة تاير نيكولز في مطلع يناير، بعد أيام من توقيفه «املروع» في ممفيس بوالية تينيسي، جنوب الواليات املتحدة، فيما دعا الرئيس األميركي جو بايدن وعائلة القتيل إلــــى الــــهــــدوء. وأعـــلـــن الـــنـــائـــب الـــعـــام ستيف مـولـروي، في مؤتمر صحافي، أن العناصر الــخــمــســة وهــــم مـــن شـــرطـــة مــمــفــيــس، كـبـرى مــدن واليـــة تينيسي، وجميعهم أميركيون مـن أصــل أفـريـقـي، اتـهـمـوا بالقتل واالعــتــداء بالضرب، وحتى الخطف. وفـــــــي الــــســــابــــع مـــــن يــــنــــايــــر الـــــحـــــالـــــي، أراد الشرطيون، الذين تم توقيفهم، اعتقال تاير نيكولز 29( سنة)، الرتكابه مخالفة مرورية،
وقـــد أقـيـلـوا مـــذاك مــن مهماتهم. وأوضـحـت قـــوات األمـــن آنـــذاك أنــه فـي حـني كــان عناصر الــــشــــرطــــة يــــقــــتــــربــــون «حــــصــــلــــت مــــواجــــهــــة» و«املــشــتــبــه بـــه فــــــّر». لــكــن ســـرعـــان مـــا أوقـــف نيكولز، الذي اشتكى من أنه يواجه صعوبة فـي التنفس وأدخـــل إلــى املستشفى، وتوفي بــعــد ثــاثــة أيـــــام. وال تــــزال تـفـاصـيـل عملية الـتـوقـيـف تـلـك غـيـر واضـــحـــة. وهــنــاك مقطع فيديو يبني الوقائع، لكن لم يتم عرضه حتى اآلن إال أمام أقارب الضحية ومحاميهم. وفـــــي حــــني رفـــضـــت الـــســـلـــطـــات األمـــنـــيـــة فـي ممفيس سرد وقائع عملية التوقيف بشكل دقيق، بناء على املشاهد، اعتبر مدير مكتب التحقيق فــي تينيسي ديـفـيـد راوش أن ما حصل «غير مقبول وإجرامي وما كان يجب أن يحدث»، معربا عن «صدمته واشمئزازه» مـمـا رآه، وأضـــــاف: «بـكـلـمـة واحـــــدة، إنـــه أمـر مــــروع لـلـغـايـة». ونـقـلـت صحيفة «واشـنـطـن بوست» األميركية عن راوش قوله عن عملية ضـرب نيكولز: «ببساطة، ما كـان ينبغي أن يحدث هذا. لقد سئمت مما رأيته». ورحــــــب مــحــامــو عــائــلــة الــضــحــيــة، وبـيـنـهـم بـن كـرامـب الـــذي كــان وكـيـل عائلة األميركي األسود جورج فلويد الذي قتل أثناء توقيفه أيــضــا فــي الــعــام ،2020 بـتـوجـيـه الـتـهـم إلـى
وجهت إلى خمسة شرطيين في ممفيس تهمة قتل تاير نيكولز
الــشــرطــيــني. وقــــال املــحــامــون إن هـــذا الخبر «يعطينا األمل في وقت نواصل فيه املطالبة بالعدالة لتاير». وبعد مشاهدة اللقطات يوم اإلثنني املاضي، قال زوج والـدة نيكولز ومحامو العائلة إنه تـعـرض للركل والـلـكـم والـصـعـق الكهربائي على بعد أقــل مـن 100 متر مـن مـنـزلـه. وقـال متحدث بـاسـم الـشـرطـة إن الـضـبـاط أوقـفـوا نيكولز بسبب الــقــيــادة املــتــهــورة املـزعـومـة، لكنه فـر سـيـرًا على األقــــدام قبل اعتقاله في النهاية. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن املدعي العام في تينيسي ستيفن مولروي قـولـه إن احـتـجـاز عناصر الـشـرطـة لنيكولز أصبح في مرحلة ما غير قانوني، ومن هنا جــــاءت تـهـمـة الــخــطــف، فـيـمـا أعــلــنــت شـرطـة ممفيس، في بيان، أن العناصر استخدموا القوة املفرطة ولم يقدموا املساعدة لنيكولز.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن حاكم والية تينيسي الجمهوري بيل لي قوله، في بيان، إنه «لن يتم التسامح في والية تينيسي مــع إســــاءة اســتــخــدام الـسـلـطـة»، مـشـيـرًا إلـى ضرورة إجراء تحقيق داخلي بسوء السلوك داخل الشرطة. ودعا الرئيس األميركي جو بايدن، في بيان، إلـى إجـــراء «تحقيق سريع وكـامـل وشفاف» فــــي هـــــذه املـــــأســـــاة، وقـــــــال: «فـــــي حــــني يـشـعـر األمــيــركــيــون بــالــحــزن وتــجــري وزارة الـعـدل تحقيقها وتـواصـل السلطات عملها، أنضم إلـى عائلة تاير في الـدعـوة إلـى احتجاجات سـلـمـيـة. الــغــضــب مــفــهــوم، لــكــن الــعــنــف غير مقبول مطلقا»، حاضا على إجــراء «تحقيق ســـريـــع وكـــامـــل وشـــفـــاف» فـــي هــــذه املـــأســـاة، وأضاف أن «وفاة تاير هي تذكير مؤلم بأنه يجب علينا فعل املـزيـد للتأكد مـن أن نظام العدالة لدينا يحترم الوعد (بضمان) عدالة منصفة ونزيهة»، ودعا الكونغرس إلى دفع قــانــون جــــورج فـلـويـد لـلـعـدالـة فــي الـشـرطـة، وهــو مـشـروع قـانـون مساء لة الشرطة الـذي توقف في مجلس الشيوخ في العام .2021 وانضم املدعي العام األميركي كيفن ريتز إلى أسرة نيكولز وبايدن في حث سكان ممفيس على االحتجاج سلميا، وقال، في بيان: «نريد أن يحترم الناس حقهم في أن يسمع صوتهم، لكننا نريدهم أن يفعلوا ذلك بطريقة سلمية وغــيــر عـنـيـفـة». وكــانــت الـسـلـطـات األمـيـركـيـة قــد فـرضـت فــي يـونـيـو/ حــزيــران 2020 حظر الـــتـــجـــول فـــي الـــعـــديـــد مـــن املــــــدن، إثــــر انــتــشــار االحتجاجات واالضطرابات، بعد مقتل فلويد، على أيــدي الشرطة في مدينة مينيابوليس. واشـــتـــبـــك مـــتـــظـــاهـــرون مــــع رجــــــال الـــشـــرطـــة، وأضـــــرمـــــوا الـــنـــيـــران فــــي ســــيــــارات لــلــشــرطــة، وحـطـمـوا ممتلكات ونـهـبـوا مـتـاجـر. واعتبر القس آل شاربتون، وهو زعيم للحقوق املدنية منذ فترة طويلة وسيشارك في جنازة نيكولز األسبوع املقبل، في بيان، أن «حقيقة أن هؤالء الضباط هـم مـن أصــول أفريقية يجعل األمـر أكثر فظاعة بالنسبة لنا فـي حركة الحقوق املدنية»، وأضـاف: «ال ينبغي السماح لهؤالء الضباط بإخفاء أفعالهم وراء سوادهم. نحن ضد كل وحشية الشرطة، وليس فقط وحشية عــنــاصــر الــشــرطــة الـــبـــيـــض». وقـــالـــت روزالــــني نيكولز: «هناك شيء ما داخل الشرطة وثقافة الشرطة يجب أن يتغير».