ميانمار: شروط تعجيزية لالنتخابات
حذرت األمم المتحدة من حدوث كارثة في ميانمار، داعية إلى وضع الجيش تحت إشراف مدني، فيما يحاول االنقالبيون، عبر االنتخابات، تثبيت حكمهم
يــعــمــل الـــعـــســـكـــريـــون فــــي مـــيـــانـــمـــار، الـــذيـــن أطـــاحـــوا بـالـحـاكـمـة املــدنــيــة الـسـابـقـة أونــغ ســـــان ســــو تـــشـــي، فــــي انــــقــــالب بـــــــاألول مـن فبراير/شباط ،2021 على تثبيت حكمهم، عبر وضع شروط قاسية على األحزاب، من أجــل املـشـاركـة فـي االنـتـخـابـات، املـتـوقـع أن تجرى في أغسطس/آب املقبل. وفي حن تعهدت السلطة االنقالبية بإجراء انـــتـــخـــابـــات فــــي أغـــســـطـــس املـــقـــبـــل، فــإنــهــا وضعت في املقابل شروطًا قاسية للمشاركة فيها. وأوضــحــت، فـي إعــالن نشر بوسائل اإلعالم الرسمية، أمس الجمعة، أن األحزاب التي تعتزم التنافس في االنتخابات على املـــســـتـــوى الـــوطـــنـــي يـــجـــب أن تـــضـــم مــــا ال يقل عن 100 ألـف عضو، ارتفاعًا من 1000 عضو في السابق، وأن تلتزم بالترشح في االنتخابات في األيام الـ06 املقبلة، أو يجري إلـــغـــاء تـسـجـيـلـهـا كـــحـــزب. وقـــــال مـحـلـلـون لوكالة «رويــتــرز» إن هــذا األمــر يفيد حزب «اتــحــاد التضامن والـتـنـمـيـة»، املــدعــوم من الـجـيـش، والــــذي هـــزم أمـــام حـــزب «الـرابـطـة الــوطــنــيــة مـــن أجـــل الــديــمــقــراطــيــة» الـحـاكـم سـابـقـًا، بـزعـامـة أونـــغ ســـان ســو تــشــي، في انتخابات 2015 .2020و وكـان االنقالبيون قـد حلوا حــزب «الـرابـطـة الوطنية مـن أجل الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة»، حـــيـــث اعـــتـــقـــل اآلالف مـن أعضائه أو سجنوا، بمن فيهم سـو تشي، فيما اختبأ كثيرون آخرون. وقــال ريتشارد هـورسـي، كبير مستشاري مجموعة األزمـــات الـدولـيـة الــذي كــان مقره فـي ميانمار ملــدة 15 سـنـة، لـــ«رويــتــرز»، إن القواعد التي وضعتها السلطة االنقالبية تـهـدف لـلـوصـول إلــى نـظـام سياسي يمكن للجيش السيطرة عليه. وأضـاف: «ستكون األحــــــزاب إمــــا خــائــفــة لــلــغــايــة، أو مـسـتـاءة مــن الـخـدعـة الـتـي تمثلها االنــتــخــابــات، أو ســيــكــون األمـــــر مـكـلـفـًا لــلــغــايــة لــهــم لـلـقـيـام بحملة على مستوى البالد وسط هذا النوع من البيئة. من سيمول حزبًا سياسيًا اآلن؟». وتابع: «هذه املناورة برمتها تهدف إلدامة الحكم العسكري. إنها قطعة من مسرحية. ليس مـن الـضـروري أن ينجح األمـــر، ألنهم قرروا ما ستكون عليه النتيجة». وكـــــان املــجــلــس الــعــســكــري قـــد أعـــلـــن مــــرارًا أنـــه مـلـتـزم بـالـديـمـقـراطـيـة، مـشـيـرًا إلـــى أنـه استولى على السلطة، بسبب االنتهاكات التي لم تجر معالجتها في انتخابات 2020 الـتـي فــاز بها حــزب «الـرابـطـة الوطنية من أجـل الديمقراطية» بأغلبية ساحقة. وكان حـــزب «الـــرابـــطـــة» قــد وصــــف، فــي نوفمبر/ تــــشــــريــــن الــــثــــانــــي املــــــاضــــــي، االنــــتــــخــــابــــات بأنها «مزيفة»، مؤكدًا أنـه لن يعترف بها. كـــمـــا رفـــضـــت الـــحـــكـــومـــات الـــغـــربـــيـــة إجـــــراء االنتخابات، التي وصفتها بأنها خدعة. فــــي هـــــذا الـــــوقـــــت، حـــــذر املــــفــــوض الــســامــي لــحــقــوق اإلنــــســــان، الــتــابــع لـــألمـــم املــتــحــدة، فـولـكـر تــــورك، فــي بـيـان أمـــس الـجـمـعـة، من كارثة في ميانمار، داعيًا إلى وضع الجيش تـحـت إشـــــراف مـــدنـــي. وأشـــــار إلـــى أنـــه منذ االنـــقـــالب، الـــذي أطـــاح بحكومة أونـــغ سـان سو تشي، «تراجعت ميانمار بشكل كبير في كل مجال من مجاالت حقوق اإلنسان». وقال: «على الرغم من االلتزامات القانونية الـــواضـــحـــة لـلـجـيـش بــحــمــايــة املــدنــيــن من األعــمــال الـعـدائـيـة، فـإنـه كــان هـنـاك تجاهل مـــســـتـــمـــر لــــقــــواعــــد الــــقــــانــــون الـــــدولـــــي ذات الـــصـــلـــة». وأضـــــــاف: «بـــعـــيـــدًا عـــن أن يــكــون املـدنـيـون بمنأى عـن الهجمات، فقد كانوا أهــدافــًا فعلية للهجمات. ضحايا القصف املـــدفـــعـــي والـــــغـــــارات الـــجـــويـــة، املــســتــهــدفــة والعشوائية، وعمليات اإلعدام خارج نطاق القضاء، واستخدام التعذيب، باإلضافة إلى حرق قرى بأكملها». ونـقـل مكتب حـقـوق اإلنــســان الـتـابـع لألمم املــتــحــدة، فــي الــبــيــان، عــن مــصــادر موثوقة قـولـهـا إن 2890 شخصًا عـلـى األقـــل قتلوا على أيـدي الجيش وحلفائه منذ االنقالب، مشيرًا إلـى أنـه من بن هــؤالء «تـم احتجاز 767 شخصًا على األقل في البداية». وتابع: «هــذا يكاد يكون مـن املـؤكـد أنــه أقــل تقدير لـعـدد املـدنـيـن الــذيــن قـتـلـوا نتيجة للعمل العسكري». وأوضح أنه باإلضافة إلى قيام االنقالبين بسجن قـــادة الـبـالد املنتخبن ديـمـقـراطـيـًا، فـقـد قــامــوا بـاعـتـقـال أكــثــر من 16 ألف شخص آخرين. وفي الوقت نفسه، أصبح 1.2 مليون شخص نازحن داخليًا مـنـذ االنـــقـــالب، فــي حــن غـــادر أكــثــر مــن 70 ألــفــًا الـــبـــالد. وقــــال تـــــورك: «يــجــب أن يـكـون هناك مخرج من هذا الوضع الكارثي، الذي ال يـشـهـد ســـوى تـفـاقـم املــعــانــاة اإلنـسـانـيـة وانـتـهـاكـات للحقوق على أســـاس يـومـي»، مـؤكـدًا أنــه «يـجـب محاسبة املـسـؤولـن عن الهجمات اليومية ضد املدنين وانتهاكات حقوق اإلنسان».