انفالت التضخم في المغرب
قـــفـــز الـــتـــضـــخـــم فــــي املــــغــــرب إلـــى أعــلــى مــســتــوى لـــه فـــي 30 عــامــا، مسجال 6.6 فـي املـائـة فـي نهاية ،2022 بعدما كــان فـي حـــدود 1.4 فـي املائة في 2021 0.7و في املائة في .2020 ويعزى هــذا الـصـعـود فـي جــزء مهم منه إلــى تأثير األزمات الدولية على أسعار السلع، من دون إغــفــال مساهمة الـسـلـع املنتجة محليا في ارتفاع األسعار. وقد تمكن املغرب قبل عام 2021 من التحكم في التضخم، حيث حصره في حدود ال تتجاوز 2 في املائة، غير أنه بعد أزمة كورونا والتوترات الجيوسياسية في البحر األســـود، ارتفعت األســعــار تدريجيا كي تصل إلى مستوى غير مسبوق. ويــرتــبــط ارتـــفـــاع الــتــضــخــم بـــزيـــادة مـؤشـر أسعار السلع الغذائية بنسبة 11 في املائة
ومؤشر السلع غير الغذائية بنسبة 3.9 في املائة، حسب املندوبية السامية للتخطيط. وتسجل دراســة املندوبية أن ارتفاع مؤشر أســـعـــار الــســلــع غــيــر الــغــذائــيــة مــــرده بشكل خـــاص إلـــى الـــزيـــادة الــقــويــة الــتــي شهدتها أســعــار املـــحـــروقـــات، حـيـث بـلـغـت فــي الـعـام املاضي 42.3 في املائة. ويــشــيــر الــحــســن الــيــمــانــي، رئــيــس الـنـقـابـة الــوطــنــيــة لــلــبــتــرول والـــغـــاز، إلـــى أن ارتــفــاع أســـعـــار الـــوقـــود كـــان لـــه تــأثــيــر غــيــر مباشر على كلفة إنتاج العديد من السلع األساسية فـي املــغــرب. ويـؤكـد فـي حـديـث مـع «العربي الـجـديـد» أن التخفيف مــن ارتــفــاع األسـعـار يمكن أن يتحقق عبر تنظيم أسعار املحروقات التي حرر منها السوالر والبنزين، باإلضافة إلى العودة للتكرير الذي توقف بعد إغالق املصفاة الوحيدة في املغرب. ويسجل محمد املاليكي، رئيس قسم املؤشرات اإلحصائية
فــي مـديـريـة اإلحــصــاء بـاملـنـدوبـيـة السامية لـلـتـخـطـيـط، فـــي تــقــريــر نــشــر الــخــمــيــس، أن التضخم املسجل في العام املاضي محكوم ببنية تكاليف اإلنــتــاج املرتبطة بـاالرتـفـاع املتتالي ألسعار البترول والسلع املستوردة، مؤكدا أن هذه الظاهرة انعكست على أغلب الــخــدمــات والــســلــع. ويعتبر فــي الـتـقـريـر أن ارتفاع التضخم أججته الحرب في أوكرانيا وارتـفـاع التضخم لـدى الشركاء الرئيسين للمغرب، خاصة أوروبا. وال تترقب أسر مغربية انخفاضا ملحوظا في أسعار السلع الغذائية في العام الحالي، حيث أجـمـع 98.9 فـي املـائـة مـن األســـر على أن أســـعـــار الــســلــع الــغــذائــيــة ارتــفــعــت خــالل العام املاضي، وذلــك في استطالع الظرفية لــدى األســر الــذي أعـدتـه املندوبية السامية للتخطيط ونشرته مطلع األسبوع املاضي. وال يــــتــــرقــــب الــــــســــــواد األعـــــظـــــم مـــــن األســـــر املستطلعة آراؤهــــا انـخـفـاضـا فــي األسـعـار فـي الـعـام الـجـديـد، حيث إن 76.8 فـي املائة منها تتوقع تـواصـل ارتـفـاع أسـعـار السلع الــغــذائــيــة، مــقــابــل 5 فـــي املـــائـــة فــقــط تتوقع انــــخــــفــــاضــــهــــا. ويــــعــــتــــبــــر املــــتــــخــــصــــص فــي االقــــتــــصــــاد نــبــيــل تـــوفـــيـــق، فــــي حـــديـــث مـع «الـعـربـي الـجـديـد»، أن التضخم كــان يمكن أن يكون أعلى من املستوى الحالي لو عمد املــغــرب إلـــى تـعـويـم الـــدرهـــم، حـيـث اخـتـارت السلطات العمومية سبيل التريث فـي ظل الظرفية التي ســادت منذ األزمـــة الصحية، حـــن انــتــشــر فـــيـــروس كـــورونـــا الــــذي طـــاول بتداعياته القطاعات االقتصادية األساسية. ويذهب إلى أن التضخم يعد مشكلة تصيب القدرة الشرائية لألشخاص الذين يتلقون مداخيل مـحـدودة، كما هو الحال بالنسبة للطبقة املتوسطة، حيث تتزايد األسعار في وقت تتناقص فيه قيمة الرواتب.