Al Araby Al Jadeed

جماعة الحوثي: من العنف إلى العمل السياسي

- علي الذهب

أقــامــت وحـــدة الـــدراسـ­ــات االستراتيج­ية فــــي املــــركـ­ـــز الـــعـــر­بـــي لـــأبـــح­ـــاث ودراســـــ­ـة الــــســـ­ـيــــاســ­ــات، فـــــي الـــــــد­وحـــــــة، مــنــتــص­ــف األســـبــ­ـوع املـــاضــ­ـي، نــــدوة نـقـاشـيـة حــول كتاب «من السالح إلى السالم: التحوالت مـن العمل املسلح إلــى العمل السياسي السلمي»، الـذي أعــده باحثون، وأصـدره املركز أواسط شهر يناير/ كانون الثاني الــــحـــ­ـالــــي. وقــــــد اســــتـــ­ـعــــرض فــــي الــــنـــ­ـدوة أبـــرز نـتـائـج األبــحــا­ث بــشــأن عــيــنــا­ت من تــنــظــي­ــمــات الــعــنــ­ف الــســيــ­اســي املـسـلـحـ­ة الـــتـــي انــتــقــ­لــت مـــن نـهـجـهـا الــعــنــ­يــف إلــى النهج السياسي أو االجتماعي السلمي، في املنطقة العربية، وفي قارات العالم. تابعت الـنـدوة مـن بـعـد، ولفت انتباهي غــــيــــ­اب جـــمـــاع­ـــة الـــحـــو­ثـــي املـــســـ­لـــحـــة عـن مختلف تــنــاوال­ت الـبـاحـثـ­ن، مــا دفعني إلــى كتابة هــذا املـقـال الـــذي أعـــده مدخال لدراسة حالة هذه الجماعة، في السياق املـــشـــ­ار إلـــيـــه، بـوصـفـهـا واحـــــدة مـــن أبـــرز الجماعات السياسية املسلحة املعاصرة الــتــي وصــلــت إلـــى الـسـلـطـة، بــالــقــ­وة، في سبتمبر/ أيلول ،2014 وال تزال تخوض حـــــربــ­ـــا ضـــــروسـ­ــــا أمــــــــ­ام مـــنـــاو­ئـــيـــهـ­ــا فــي

ــا، والـتـحـال­ـف الـعــربــ­ي الـــداعــ­ـم لــهــا، بـقـيـادة الـــســـع­ـــوديـــة واإلمـــــ­ـــــــــا­رات، مـــنـــذ تـــدخـــل­ـــه، عسكريا، في مارس/ آذار .2015 بــالــنــ­ظــر إلـــــى الــــوضــ­ــع الــــراهـ­ـــن لـجـمـاعـة الـــحـــو­ثـــي، ال يــشــيــر االنـــتــ­ـقـــال الـــــذي طــرأ عليها إلى تحولها من النهج السياسي العنيف، إلـى النهج السياسي السلمي، وأن التوصيف الدقيق له، أنه استحواذ على السلطة بالقوة، وإمعان في تعميق جـذور هذا االستحواذ، بمختلف أشكال الـــــقــ­ـــوة، الـــصـــل­ـــبـــة والــــنــ­ــاعــــمـ­ـــة، وهـــــــذ­ا مـا جــعــلــه­ــا، طـــــوال ثــمــانــ­ي ســــنــــ­وات، سلطة

ــا، رغـم سيطرتها على نحو %30 من مساحة البالد، وذات األكثرية السكانية، مع مشاركة سياسية مــقــيــد­ة، لــحــزب املــؤتــم­ــر الـشـعـبـي الــعــام،

ا، في يوليو/ تـمـوز ،2016 ضمن مجلس حـكـم، يطلق عليه «املجلس السياسي األعلى»، حيث تــحــتــك­ــر الـــجـــم­ـــاعـــة قــــيــــ­ادة املـــجـــ­لـــس مـنـذ االتفاق على تأسيسه، رغم مخالفة ذلك أحكامه. مـــع اســتــطــ­الــة الـــحـــر­ب، وتــعــقــ­د حسمها ملـصـلـحـة أي طـــــرف، ثـــمـــة دفـــــع سـيـاسـي متواصل، عبر أطراف خارجية تتصدرها عــمــان،وعـلـىنـحـ­و ـا، السعودية، وبرعاية األمــم املتحدة، وقد أثـمـر، فـي 2 إبـريـل/ نيسان ،2022 هدنة إنــســانـ­ـيــة، يـــجـــري الــحــفــ­اظ عــلــيــه­ــا، رغــم هشاشتها، على أمل تطويرها إلى وقف شامل إلطالق النار، والدخول في عملية ســـالم أوســـع وأشــمــل، بـمـا يـقـود جماعة الــحــوثـ­ـي إلــــى الــعــمــ­ل الــســيــ­اســي املــجــرد مـن الـسـالح، ولتصبح، هـي وغيرها من الــــقـــ­ـوى املـــتـــ­صـــارعـــ­ة، كـــيـــان­ـــات سـيـاسـيـة سلمية ال شأن لها بالقوة، التي يفترض أن تكون الـدولـة، وحدها، من يحتكرها، بواسطة املؤسسة العسكرية واألمنية. عـلـى افـــتـــر­اض نــجــاح جــهــود الــســالم في وقف الحرب، وانخراط أطرافها، بما فيها جـمـاعـة الــحــوثـ­ـي، فــي تـسـويـة سياسية، فهل ستقبل هــذه الجماعة الـتـحـول إلى كــيــان سـيـاسـي مــنــزوع الــســالح، ينافس الـــــقــ­ـــوى الـــســـي­ـــاســـيـ­ــة، والـــــقـ­ــــوى األخــــــ­رى املسلحة التي ستضع الـسـالح، مـن دون الـــلـــج­ـــوء مـــــرة أخــــــرى إلـــــى الــــقـــ­ـوة؟ تـفـيـد املــؤشــر­ات الـراهـنـة بـــأن جماعة الحوثي ال تـنـظـر إلـــى الـعـمـل الـسـيـاسـ­ي بوصفه عمال ا، فال تزال تنمي قوات خاصة بها، غير التي تتحكم فيها وزارة الدفاع، على أن هذا التحكم، في حد ذاته، يخضع لقيادات عسكرية موالية لها، األمر الذي يمثل معضلة كـبـيـرة، ليس أمـــام تحول

استحواذ على السلطة بالقوة، وإمعان في تعميق جذور هذا االستحواذ

الجماعة إلى حزب سياسي فحسب، بل وأمــــام عملية الــســالم الــتــي سـيـكـون من أبجدياتها تجريد مختلف األطــراف من تشكيالتها املسلحة، ودمجها في هياكل حكومية رسمية، أو التعامل معها وفقا لخيارات أخرى مقترحة يتفق بشأنها. سـتـظـل هـــذه املعضلة قـائـمـة، حـتـى وإن تقدمت التسوية السياسية، في جوانبها األخرى، إلى األمام، ذلك أن مسألة الحكم لـــدى قــيــادة جـمـاعـة الـحـوثـي تــقــوم على اعتقاد راسخ بحقها الحصري فيه، وأنه ال وثــــوق فــي الـــقـــو­ات املـسـلـحـ­ة الرسمية املنضوية في هياكل وزارة الدفاع مطلقا. ولـذلـك تبقي الجماعة على قــوات أخـرى خـــارج هـــذه الـهـيـاكـ­ل، وظيفتها حـراسـة «الـــــثــ­ـــورة» وقــــادتـ­ـــهــــا، وعـــلـــى رأس هـــذه الــقــيــ­ادة عـبـد املـلـك الـحـوثـي الـــذي يطلق عليه «قائد الثورة»، على غرار النموذج اإليــــــ­رانــــــي. وهــــكـــ­ـذا يـــصـــبـ­ــح وضـــــع هـــذه القوات كوضع الحرس الثوري اإليراني، أو كوضع مليشيات حزب الله اللبناني، واملليشيات الثابتة، أو الخاضعة للطلب تحت أي ظرف، كما في العراق.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar