Al Araby Al Jadeed

قرية «حرب النجوم» في تونس تواجه االندثار

- تونس ـ العربي الجديد

عـــلـــى صـــخـــرة عـــالـــي­ـــة بــــرونــ­ــزيــــة الــــلـــ­ـون فـي الصحراء الجنوبية لتونس، يسكن حوالي 500 مـــــــــ­زارع وراع أمــــازيـ­ـــغــــي فـــــي كـــهـــوف محفورة فـي الصخر عمرها ألــف عــام. لكن املـــكـــ­ان الــــذي شــهــد تــصــويــ­ر أحـــــداث «حـــرب النجوم» يواجه خطر االندثار. وعبر قرون عدة، كانت املنازل املحفورة في الجرف الصحراوي تحمي مزارعي أشجار الزيتون ورعـــاة األغـنـام مـن حـــرارة الصيف وبـــرودة الشتاء. لكن هجرة جماعية تهدد مستقبل منطقة شنني، كما تقول صحيفة نــيــويــ­ورك تــايــمــ­ز. وعــــدد قـلـيـل مــن األحــفــا­د الـــيـــو­م ال يــــزالــ­ــون يــعــيــش­ــون فـــي كـــهـــوف تم تحديثها إلى حد ما، إذ ينامون في الداخل ويطبخون ويعتنون باملاشية في الخارج، أما الباقون فقد رحلوا. بــدأ تصوير فيلم «حــرب الـنـجـوم» األصلي ألول مـرة في تونس في مــــارس/آذار .1976 واســـتـــ­غـــرق طـــاقـــم الـــبـــن­ـــاء ثــمــانــ­يــة أســابــيـ­ـع لتحويل املواقع الصحراوية التونسية إلى مـشـهـد مــن عــالــم آخــــر. وكــــان مبتكر «حــرب الــنــجــ­وم»، جـــورج لــوكــاس، قــد خـطـط أصــا ليكون كوكب «تاتوين» Tatooine في الفيلم عبارة عن غابة، ثم تقرر بعد ذلك أن يكون عــاملــا صـــحـــرا­ويـــا. ولــكــن املـنـطـقـ­ة مــوجــودة وقــــديــ­ــمــــة جـــــــــ­ـدا، ومـــــــو­جـــــــود­ة قــــبــــ­ل «حـــــرب الـنـجـوم»، إذ بنى الـنـاس شنني والكهوف املجاورة منذ ما يقرب من ألف عام لحماية مخازن املواد الغذائية الثمينة الخاصة بهم من الغزوات. وتكيف السكان هنا مع الظروف الصحراوية الـقـاسـيـ­ة، واعــتــمـ­ـدوا على حـصـاد الزيتون لصنع الزيت وتخزين الطعام في مواجهة الـــجـــف­ـــاف. ومـــــن املـــقـــ­هـــى الـــوحـــ­يـــد لـشـنـنـي، يمكن للقروين رؤية املجموعة الخرسانية «شنني الجديدة»، وهـي مستوطنة بنتها الـحـكـومـ­ة بـعـد اسـتـقـال تـونـس عـــام 1956 لـجـذب سـكـان املنطقة مـن قمم الجبال إلى الـــحـــي­ـــاة الـــعـــص­ـــريـــة. فـــي شــنــنــي الـــجـــد­يـــدة، كانت هناك مياه جارية وكهرباء، ووسائل راحة كانت غائبة عن قرية الجبل القديمة. ويمكن للعائات البالغ عددها 120 عائلة، والــــتــ­ــي تـــعـــيـ­ــش فــــي املـــســـ­تـــوطـــن­ـــة، الــــقـــ­ـدوم والذهاب عبر طريق معبدة، بينما ال يزال أقاربهم في منطقة شنني األصلية ينقلون كل شيء في الجزء العلوي من الجبل باليد أو على الحمير. يـــوفـــر الــجــبــ­ل هــــــواء نــقــيــا ومـــنـــا­ظـــر خــابــة ونــومــا عـمـيـقـا. مــن املـسـجـد املـطـلـي باللون األبيض على قمة سلسلة من التال، يتردد صدى أذان الصاة عبر النتوءات الصخرية املـــحـــ­يـــطـــة. وفـــــي أواخــــــ­ــر الــــربــ­ــيــــع، يـحـصـد القرويون القمح والشعير والعدس. في ذروة الصيف، يغامرون بالذهاب إلـى الصحراء لجمع التن والكمثرى. في أكتوبر/ تشرين األول، يـقـطـفـون الـتـمـر مــن أشــجــار النخيل

بدأ تصوير الفيلم ألول مرة في تونس في مارس عام 1976

فـــي واحـــــة قـــريـــب­ـــة. وفــــي ديــســمــ­بــر/ كــانــون األول، يـبـدأ مـوسـم قطف الـزيـتـون. وابــتــدا­ء مــن فـبـرايـر/ شــبــاط، ينقلون زيتونهم إلى معصرة تقليدية. املعصرة مربوطة بجمل يـمـشـي فـــي دوائـــــر لــســاعــ­ات، ويـــديـــ­ر حـجـرًا عــمــاقــ­ا يــنــتــج عـــشـــرا­ت الــلــيــ­تــرات مـــن زيــت الزيتون، وهي مكافأة يمكن أن تدفع مقابل تعليم أي طفل من تلك األسر. خــــال مــوســم الـــزفـــ­اف فـــي الــصــيــ­ف، تـخـرج القرية بأكملها لاحتفال بكل زوجن، وذلك بأكل الكسكس ولحم الضأن وقـرع الطبول واملوسيقى من مــزواد يشبه مزمار القربة، بـــاإلضــ­ـافـــة إلـــــى «دي جـــيـــه» فــــي الـــســـن­ـــوات األخــــيـ­ـــرة. وإذا لـــم يــكــن لــــدى أي عــائــلــ­ة ما يـكـفـي مـــن الــطــعــ­ام واملـــــا­ل، يــقــوم الــقــروي­ــون بـــتـــشـ­ــارك مــحــتــو­يــات مــخــزنــ­هــم لــلــتــأ­كــد من إطــعــام الجميع. وكــانــت الـعـائـات تـنـام في ســلــســل­ــة مــــن الـــتـــج­ـــاويـــف الـــتـــي أضـــاءتــ­ـهـــا مصابيح الكيروسن، وتحفظ ممتلكاتها على رفــوف منحوتة في الصخر. ولكن مع ظــهــور الــتــلــ­فــزيــون واإلنـــتـ­ــرنـــت واملـــزيـ­ــد من االتصال ببقية العالم، بدأت بعض التقاليد في التراجع. في هذه األيام، لم يعد أحد يصنع الكسكس الخاص به بعد اآلن. ويقوم حفارا الكهوف الوحيدان املتبقيان في املدينة ببناء منازل جديدة بزوايا قائمة وألـواح أرضية وباط كما يتطلب الذوق الحديث، بدال من األقبية القديمة املطلية بالجير بأرضياتها الرملية وجـــدرانـ­ــهـــا املــتــعـ­ـرجــة. ولـــــدى الــســكــ­ان اآلن طـــمـــوح­ـــات مــخــتــل­ــفــة، إذ يــــريـــ­ـدون إجــــــاز­ات وسـيـارات ومنزل. والـزوجـة صـارت بحاجة إلى منزل منفصل عن أهل الزوج.

 ?? (أندرو ويدلي/ )Getty ?? 8 أسابيع لتحويل المواقع الصحراوية التونسية إلى مواقع تصوير
(أندرو ويدلي/ )Getty 8 أسابيع لتحويل المواقع الصحراوية التونسية إلى مواقع تصوير

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar