إعادة إحياء المالبس الفولكلورية في العراق
يقوم مصمم األزياء العراقي ستيڤ الساتي بحماية األزياء الفولكلورية العراقية من الضياع واالندثار، وخصوصًا بعد احتالل داعش ألجزاء واسعة من العراق
يــشــتــهــر مــصــمــم األزيــــــــاء الــــعــــراقــــي، سـتـيـڤ الــســاتــي، بتصميم وإعـــــادة إحـــيـــاء املـابـس الفولكلورية العراقية املنتشرة بن الطوائف والـقـومـيـات املختلفة، فــي مـحـاولـة للحفاظ على األزياء الفولكلورية من االندثار. ويهتم الساتي بشكل خاص باألزياء القديمة لسكان باد ما بن النهرين، ويعيد حياكتها يدويًا. بدأ ستيڤ مهنة خياطة املابس وتصميمها بعد مغادرته العاصمة العراقية بغداد عام ،2004 بسبب األوضـــاع األمنية التي أعقبت الــغــزو األمــيــركــي، وتــوجــه إلـــى ســوريــة التي كانت ماذًا آمنًا في ذلك الوقت. هناك، تعلم ســتــيــڤ أصــــــول الـــخـــيـــاطـــة وكـــيـــفـــيـــة حــيــاكــة األزياء الفولكلورية العراقية، وهو األمر الذي استقبلته الجالية العراقية بالترحاب. بعد عودته إلى العراق عام ،2006 وتحديدًا إلــى أربـيـل فـي إقيلم كـردسـتـان الــعــراق، قـرر الساتي االستمرار في عمله. إذ قال في حديث مع «العربي الجديد»: «صـرت أكثر اهتمامًا بــاألزيــاء الفولكلورية املسيحية: األشــوريــة والسريانية والكلدانية، خاصة أنها صارت عــلــى حــافــة االنــــقــــراض، ولــــم يــعــد يـعـمـل في صناعتها سوى عدد قليل من الناس». دفع ذلــــك الـــســـاتـــي إلــــى الــبــحــث أكـــثـــر عـــن أصـــول هــــذه الـــثـــيـــاب تـــاريـــخـــيـــًا، وجـــمـــع املــعــلــومــات عنها، عبر القراءة والعمل بشكل حثيث مع املختصن فــي تصميمها. وأضــــاف: «بـــدأت بــالــعــمــل مــعــتــمــدًا عــلــى األســـالـــيـــب الــقــديــمــة التي تعلمتها، لكنني أدخلت عليها ملساتي وأفـــكـــاري وألــــوانــــي». وأدى احـــتـــال تنظيم داعـــــش ملــديــنــة املـــوصـــل وأجـــــــزاء أخـــــرى من شمال الـعـراق فـي عـام 2014 إلـى وضـع جزء من األزيــاء الفولكلورية تحت خطر االندثار والــضــيــاع، مــا صـعـب مــن مهمة الـسـاتـي في الحفاظ على هذا الفولكلور الشعبي العريق. كــــان الــســاتــي يـجـمـع الــقــطــع األصـــلـــيـــة، ومــن ثـم يحوك نسخًا مماثلة طبق األصــل عنها، كـــــنـــــوع مـــــن الــــهــــوايــــة الــــخــــاصــــة. لــــكــــن، بـعـد السنوات العصيبة التي شهدها العراقيون مــــع تــنــظــيــم داعــــــــش، ازداد عـــــدد املــعــجــبــن بأزيائه وتصميماته، وارتفع الطلب عليها، ما دفعه إلى تطوير موهبته وتوسيع نطاق إنـــتـــاجـــه. ويــــشــــرح: «بـــعـــد تـــحـــريـــر املـــوصـــل، وجـــدت أن مـن الــضــروري العمل على إنتاج هـذه الثياب، خاصة أن بعضها انقرض من سهل نينوى، لـذا بــدأت بالبحث عـن األزيــاء التقليدية واستنساخها». ويتابع: «استطعت تطوير مابس عصرية يــســتــطــيــع أي شـــخـــص أن يـــلـــبـــســـهـــا، وهـــي مـــطـــلـــوبـــة بــــشــــدة داخـــــــل الـــــعـــــراق وخــــارجــــه،
وخصوصًا بن الجاليات العراقية املنتشرة فـــي الـــعـــالـــم». ووصــــف مــديــر مـتـحـف الــتــراث املــــوصــــلــــي فـــــي «مــــؤســــســــة بـــيـــتـــنـــا»، يـــاســـر الكوياني، في حديث مع «العربي الجديد»، ستيڤ الساتي، بأنه «مبدع وفنان ومبتكر بـإعـادة إحيائه األزيـــاء التراثية القديمة في كل العراق، وليس في محافظة نينوى فقط». وأضـاف: «يملك الساتي رؤية مميزة ويبرع في خياطة ونقش وتطريز األقمشة واألزياء الشعبية القديمة». ويطمح ستيڤ الساتي إلــى تأسيس فريق كبير لتطوير عمله، ولتعليم األجيال املقبلة كيفية صناعة األزيــــاء الـفـولـكـلـوريـة، بهدف الـــحـــفـــاظ عــلــى وجــــودهــــا. وهــــو يـــبـــذل جـهـدًا مضاعفًا إلنـجـاز عمله، بسبب عـدم امتاكه فريقًا متكاما. مع ذلك، فقد شارك في العديد من املهرجانات واملعارض املتعلقة باألزياء، في إربيل واملوصل وبغداد.