وفي قنديله يخفق المساء
حافيًا أعبر النهر وال تجرحني أسراره
1
ُِ سوف ينزل من علياء مالك وفي قنديله يخفق املساء سوف ينزل... َِّ
َِ واملستحمة توًا، تصعد َُّ السلم لتكتب باملاء املقطر من شعرها على سطح البيت قصيدة عن رائحة الطني قبل النوم.
َِّ سوف تصحو جنية نائمة في عذوق النخيل لتثير شهوة الراعي، ويـتـثـاءب شيطان على ســـور املـحـلـة لعنته خائفة في الخالء ويمر الغائب تتبع ظله السعالة خـــارجـــة مــن حــكــايــة جــــدة نــامــت ســهــوًا على السطح وال يسمع شحطة نعله أحد. سوف ينتصف الليل وحــني أسـمـع عـــواء بـنـات آوى فـي البساتني البعيدة أغفو... ومن غفوتي تتسرب األساطير.
2
غجر يعبرون السور
ُُّ ََ وفي أغنياتهم تلمع أضراس الذهب غــجــر يـــضـــربـــون الـــدفـــوف فـيـرقـص الـجـنـدي
َِّّ الوحيد في عتمة الدرب ويـنـِصـت فـي قـصـي الـحـزن مـحـزون للربابِة ويبكي. ََّ
َُ إنــهــم يــركــضــون خـلـف الـغـيـب فــي الـفـنـاجـني ويقرأونه يهبون للحائرات قالئد األدلة
ََ ويمنحون الـحـظ باملكيال فـي خـــرز يعرفها اليائسون كاذبة لكنهم يحملونها في جيبوهم مؤمنني. غــجــر يــوشــكــون عــلــى الـــصـــحـــراء راحـــلـــة في متاعهم
ويغادرون السور عابرين من غفوتي.
3
مع القارعني ال زلــــت أقـــــرع فـــي أذن الـــتـــاريـــخ طـــبـــل جــــراح وجدتها في خارطة األسالف جراح تنضج كلما ملعت السيوف في وجوه الفوانيس ورأى الـــــرائـــــي خـــيـــول املـــــراثـــــي تــــركــــض فـي حنجرة صاهلة. نائح يتبع نائحًا في ليلك يا زقاق وحــــــداد فــي هــســهــســة الـــطـــني كـلـمـا الذت بـه
َِّ دموعك يا «بلد» أقرع في السواد مكسية به وجوه شاردة وأصغي إلى الرماح قادمة في صراخ مجهولني.
4
فيما أنا في ضريح الولي
َِّ نائمًا في شهقة السهران يمر العليل على فضة القبر ويشرب الورد من ماء أقفالها. يمر النحيل وفي صمته سر يبيحه واقفًا والقناديل تشع في سره. يمر الذي يبحث عن قفل لزنزانة تأكل نفسها في صدره واملساجني فيها كثيرون يطوفون أجرامًا حزينة ويـــنـــقـــشـــون عــلــى طــــني هـــنـــا، صـــخـــرة هــنــاك، صراخهم. فيما أنا في الضريح
َِّ أصحو على الفجر يضربني بحصى فجره طالعًا من صرخة الديك على املنارة وحشرجة الناعي في دعاء الصباح.
5
في األمس نادى املنادي يا جلجامش الفاني
ُِ خذلتك البوصلة
والتفت على خطاك الباليا وسكرت في يديك الخارطة، كان يمكن أن تلتفت صوب املحلِة
ُِ َُ في سـوق سقائفه ظللت كل من سبقوك من أسالفك اآللهة البشر التائهني
ُِ ُِ يمسح العطار عن بابه غبار العدم ويفتحها كل يوم لزهرٍة تنمو في خزائنِه يسميها الخلود.
يا جلجامش العائد مخذوال ال أحد راغبًا في البقاء هنا
َُ فال تتردد باملجيء
ُُِ لك الخزنة منزوعة األفاعي والعشبة ملكك فخذها.
6
سأترك لبلد رسالة في ضفيرة الغروب وأترك للبيت مفتاحًا في خصر الخطى، سأترك للرفاق تلويحة في شعلة القنديل ولألماسي ذاكرة رطبة ثم أعبر النهر مثل الريح حافيًا بال صوت وال تجرحني أسراره. ســــأتــــرك املـــديـــنـــة هـــاربـــًا فـــي أغـــانـــي الـــرعـــاة
ُُ ومناجاة املستيقظات فجرًا
ِِ وأركب البساط يطفو على الهرب ويسبح في املستحيل سـأصـل إلـى حيث يخلو الوحيد فـي مغارة من مغاراته العاشقة وأعتزل العالم في إغماضة الجبل. سأترك الجبل - ربما - وأبتكر بلدًا أخرى في غربة الوادي.
7
أمشي وأعرف أن أثر خطوتي يطبع على أثر لخطوة شهيد مشى قبلي وأن حرسًا مـن فيلق الصاعدين إلــى الجنة على منت الرصاص يتبع غفلتي ويفسح لي مأمنًا في زقاق القلق. أمشي وأصـــادف الــغــزاة نـازلـني من ذاكـــرة معطوبة خائفني مني ولـصـوصـًا قـاعـديـن على الـرصـيـف ترهبهم أعني الحراس. أمشي وكلما خرج من دهاليز الكتب قتلة حاملني راياتهم السود صرخت بهم حناجر وأفنت وجودهم دماء. كــــل وردة هــنــا ألـــقـــت بـنـفـسـهـا عــلــى تـــابـــوت الشهادة وكل املاشني مثلي أصادفهم شهداء.
8ُ
جئنا مع الغروب نحمل رهبة املوت وثقل الخطى إليه جرحى
ُُ تنام الحرب أسيرة في صراخاتنا وخـلـفـنـا الــجــيــاد تـصـهـل لــــألم الــتــي تـــزغـــرد واألب الذي يهطل النصر من عينيه. جئنا نحمل الشهداء الذين المست أصابعهم تربة الطريق وخـطـت عليها اإلشـــارات كـي ال يـضـيـع الــدم
طريقه جئنا متعبني يا بالد مخمورين بالبارود واملوت مثل الحصى محشوًا في «البساطيل».
9
َُِ
َِ َُ سيعثرون علينا في القصائد مكتوبة على جدران املدرسة فـي طـرقـة الـبـاب يفتحها امللهوف والــطــارق يردد شعرًا كتبناه ســيــرفــعــون الــحــجــر وتـــحـــت كــــل حــجــر نـقـش ملراثينا وعــنــد الــخــرائــب شـــاهـــدة علينا وشــاهــدون عليها. سيعثرون علينا في الفجر طالعا من التفاتة التل وذهاب املاء وفي الغروب عائدًا إلى بيته في وحشة الراعي وفـــــتـــــيـــــلـــــة الـــــــفـــــــانـــــــوس مــــــكــــــســــــورًا وحـــــــده على الجبل.