Al Araby Al Jadeed

بطل أميركي لثالثة أشهر

«الرّحالة صاحب الفأس» وحالته الغرائبية يروي الفيلم الوثائقي، الذي يبث حاليًا على «نتفليكس»، حكاية الشاب األميركي كايلب ماكغيلفاري، المعروف بـ كاي، والذي عرف «الشهرة» قبل أعوام على مواقع التواصل االجتماعي بعد دفاعه عن امرأة وسحقه للرجل الذي كان يمسك برقبته

- محمد هديب

يـــبـــدو أي تــلــخــي­ــص لــلــفــي­ــلــم الــوثــائ­ــقــي األميركي، «الرحالة صاحب الفأس» The( ‪،)Hatchet Wielding Hitchhiker‬ إفقارًا له. ففيلم املخرجة كوليت كامدن، الـذي بدأ بــثــه قــبــل أســبــوعـ­ـني عــلــى «نـتـفـلـيـ­كـس»، مـركـب فـي طبقات معجونة، كــل واحــدة متشابكة مع األخرى تفضح وتخفي. في زمن الفيلم الحقيقي، الذي ال يتعدى ثــالثــة أشــهــر، نـــرى كــتــب عـلـم االجـتـمـا­ع، والــنــفـ­ـس، والـــقـــ­انـــون، واإلعـــــ­الم، ومــواقــع التواصل وهي تجد خالصات هامة لها حـيـث ســـارت قــدمــا هـــذا الــرحــال­ــة الـشـاب الذي يدعى كاي. في اليوم األول من شباط/ فبراير 2013 أصبح راكب األمواج ومفترش الطرقات، كـــايـــل­ـــب مـــاكـــغ­ـــيـــلــ­ـفـــاري، الــــــــ­ذي اشـــتـــه­ـــر اختصارًا بـ كاي، بطال للشعب األميركي. فــــي نـــهـــار ذلـــــك الــــيـــ­ـوم انـــدفـــ­عـــت ســـيـــار­ة يـــقـــود­هـــا رجـــــل أبـــيـــض ودهـــــــ­م مــتــعــم­ــدًا عامال أسود، حاشرًا جسده بني سيارته وناقلة كانت واقفة في املكان. كان الرجل األبـــيــ­ـض ـــــ بـــطـــول 193 سـنـتـمـتـ­رًا ووزن 136 كـيـلـوغـر­امـا ــــ يصيح «أنـــا املسيح» وعبارات عنصرية، منها «يجب القضاء على كل السود». تدخلت امــرأتــا­ن إلخـــراج الـرجـل األســود من بني حديد السيارتني، فهجم األبيض عــلــى واحـــــدة مـنـهـمـا وأمـــســـ­ك بـرقـبـتـه­ـا، فكانت أمــام مـوت محقق، وإذ باملتشرد يحضر في الحال ويهوي بفأس صغيرة (بلطة) على رأس الرجل ويخلص املرأة.

اكتساح

وهــــذا الــيــوم هــو يـــوم جـيـسـوب رايــزبــك، مــراســل محطة «كــي إم بــي إتـــش»، الــذي نقل من عني املكان الحادثة العنصرية، وحـــني ملـــح الـــشـــا­ب املــتــشـ­ـرد، حــصــل منه على مقابلة مـن ســت دقـائـق ستكتسح، خـالل سـاعـات، مواقع التواصل وتحقق

مـــاليـــ­ني املــــشــ­ــاهــــدا­ت. ســـألـــه املــــراس­ــــل أن يــــشــــ­رح كـــيـــف فـــعـــل هـــــــذا، فــــقــــ­ال كـــــاي إن األبـــيــ­ـض كـــان سـيـكـسـر رقــبــة املـــــرأ­ة مثل قلم رصاص، لكنه باغته بالبلطة، ممثال املـشـهـد وهـــو يــرفــع ذراعــــه ويــهــوي بها، مرددًا ثالث مرات «سحق، سحق، سحق» ‪.)Smash, smash, smash(‬ بعد هذه الدقائق سيتصدر كاي محركات الـبـحـث، وسيصبح نجما شبابيا يقلد اآلالف حــركــتــ­ه، كــمــا سـيـصـبـح مطلوبا ألشـهـر الـبـرامـج التلفزيوني­ة الـحـواريـ­ة وبرامج تلفزيون الواقع.

في هوليوود روزفلت

كـان الشاب بالفعل مجنونا ورائعا كما لم يتردد األغلبية في وصفه، وصعلوكا وسـيـمـا، وعــازفــا عـلـى الـغـيـتـا­ر ومغنيا، ولـــكـــن­ـــه غـــيـــر ســـــــوي. يــنــطــق بـالـحـقـي­ـقـة كــمــا يـنـطـق بــهــا نــــزالء الــعــصــ­فــوريــة في مسرحية «فيلم أميركي طويل»، دون أن تكون منتظمة في سياق. ال يـــمـــكـ­ــن أن تــــتــــ­وقــــع حـــركـــت­ـــه الـــتـــا­لـــيـــة. الــقــيــ­مــون عـلـى بــرنــامـ­ـج «جـيـمـي كيميل اليف» في قناة «إيه بي سي» أنزلوه في

فندق «هـولـيـوود روزفــلــت» الفخم الـذي عاشت فيه مارلني مونرو عامني، ووقع معهم عـقـدًا استغرق عشر دقـائـق وكـان توقيعه ضخما برموز هيروغليفية. مـــا إن دخــــل غــرفــتــ­ه حـــتـــى شــــرب نصف زجــاجــة ويسكي فـــورًا كأنها عـبـوة مــاء، وفي البهو حيث تجلس صفوة املجتمع، بـــــدأ يـــتـــجـ­ــول عـــلـــى لـــــوح تــــزلـــ­ـج، وســبــق ذلــك أن وقــف فـي ممشى املشاهير الـذي تــرصــعــ­ه الــنــجــ­مــات الـتـكـريـ­مـيـة، وتــبــول عـلـى نـجـمـة املـغـنـي اإلســبــا­نــي املــعــرو­ف خوليو إيغليسياس. لجأ صناع الفيلم إلى أرشيفات املحطات التلفزيوني­ة ومواقع التواصل، وجمعوا بسهولة مـادة غنية. فقد كانت املحطات فـــــي ســــبــــ­اق لـــلـــقـ­ــائـــه شـــخـــصـ­ــيـــا، بــيــنــم­ــا

أسئلة عن المسؤولية في دفع شخص له تاريخ طبي إلى الشهرة الهواة على «يوتيوب» يطلقون أغنيات بـمـقـاطـع مـــن تـصـريـحـا­تـه الـتـلـفـز­يـونـيـة مــحــمــو­لــة عــلــى صــيــحــة ‪Smash smash‬ ،smash وغيرهم يلتقونه ويطلبون منه دقــيــقــ­ة تــصــويــ­ر، فــيــوافـ­ـق مــقــابــ­ل قنينة بـيـرة، لتقفز املـشـاهـد­ات لديهم أضعافا مضاعفة. حــتــى أن قـــائـــد فـــرقـــة غــنــائــ­يــة مـحـتـرفـة تـــلـــقـ­ــى اقـــتـــر­احـــا بــاســتــ­ضــافــة كـــــاي فـي حــفــلــة، رفــــض فـــي الـــبـــد­ايـــة وجـــــود هــذا «السخيف» كما وصفه، ثم تراجع حني فكر بالحجم الجماهيري الهائل الذي سـيـضـيـفـ­ه إلـــى رصـــيـــد­ه. حـفـلـة واحـــدة ندموا بعدها ندامة الكسعي، وطـردوا كـاي بعد أن تبول هـذه املــرة علنا على إحـــدى الــشــجــ­يــرات، دون أن ننسى أنـه تبول سابقا على الفتة برنامج «جيمي كيميل اليف»، وبعد أن تلقى مبلغا من املــــال ذهـــب ملــوظــف األمــــن الـغـاضــب من فعلته، معطيا إياه املبلغ ومعتذرًا.

 ?? (من الفيلم) ?? كايلب ماكغيلفاري، المعروف بـ كاي، خالل احتجازه
(من الفيلم) كايلب ماكغيلفاري، المعروف بـ كاي، خالل احتجازه

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar