المجتمع الصيني ضد «عزوبية النساء»
شخصت مؤخرًا في الصني، إصابة امرأة في الـ72 من العمر بنوبة هلع مع صعوبة فـــــي الـــتـــنـــفـــس وارتــــــعــــــاش فـــــي األطـــــــراف نتيجة الضغط املستمر من والديها للعثور على رجل والــزواج. تعاطف كثيرون مع محنة الشابة التي تعود إلى حجم الضغط الذي يمارسه اآلباء على بناتهم من أجل الزواج. أصــــبــــح االتـــــجـــــاه نـــحـــو «الـــــــــــزواج املــــتــــأخــــر» بـني األشــخــاص الـذيـن تــتــراوح أعـمـارهـم بـني 25 و92 سنة القاعدة السائدة في الصني خالل السنوات األخيرة، في حني كان معظم الشباب في السابق يــتــزوجــون قـبـل بــلــوغ 24 سـنـة تـكـريـسـا العـتـبـار الــــزواج املـبـكـر جـــزءًا مهما مــن الــوفــاء بـالـتـزامـات الفرد تجاه والديه. واعتبر الضغط الذي يمارس على األبناء للزواج مصدرًا رئيسيا للخالف داخل األسـر التي تربط نجاح الرجل بالعمل والثروة، ونجاح املرأة بالزواج واإلنجاب. تقول فان يانغ 33( سنة)، وهي عزباء تعمل مديرة فـي شركة إلكترونيات بمدينة شينزن (جنوب) لــ«الـعـربـي الـجـديـد»: «الــــزواج قـــرار شخصي، وال يــجــب أن يــخــضــع ألي ضـــغـــوط خـــارجـــيـــة، ســـواء
مــن أفــــراد األســــرة أو املـجـتـمـع، ألن تـبـعـات الـقـرار ال يـدفـعـهـا ســـوى الــــزوج والـــزوجـــة. بـالـنـسـبـة لي دخـلـت العقد الـثـالـث مـن العمر مـن دون أن أعثر على زوج مناسب. أبي يلح علي أن أتزوج في كل إجــازة أزور فيها بيت العائلة، وأمـي ال تكف عن االتصال بي من أجـل ترشيح أشخاص لالقتران بـي، لكنني ال أفضل هـذه الطريقة التقليدية في الـــزواج، بـل أريــد رجــال يشدني إليه الـقـدر، ألنني ال أستطيع أن أرتبط بشخص ال يخفق قلبي له. أرغب في الزواج واإلنجاب قبل أن أبلغ سن الـ53، ألن اإلنــجــاب بعد هــذا العمر قـد يشوبه مخاطر على صحة األم والجنني». مـــن جـهـتـهـا، تـخـبـر مـــي لـــني 27( ســنــة) «الــعــربــي الـجـديـد» أن والـديـهـا هـــددا بقطع عالقتهما بها في حـال لم تعثر على زوج خـالل الصيف املقبل. وتقول: «ال أرغب في أن أغضب أهلي، لذا بدأت في التفكر جديا بالزواج، لكن املعضلة تكمن في عدم تـوفـر املـواصـفـات املناسبة فـي األشـخـاص الذين قابلتهم خـــالل األشــهــر املــاضــيــة، علما أن معظم الشبان يختارون الطرق التقليدية في البحث عن شــريــك، مـثـل االعـتـمـاد عـلـى ذوق األم وعالقاتها االجتماعية، أو التعارف عبر تطبيقات املحادثة، أو الذهاب إلى مكاتب التوفيق التي تنتشر بكثرة
في الـبـالد». وتعلق الباحثة االجتماعية الن جو يـــان بــالــقــول لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»: «عــامــل الـوقـت مـن بـني أسـبـاب تأخر الشباب فـي الـــزواج، فنمط الحياة الصناعية والتزاماتها جعلت املوظفني أســـــرى لــعــجــلــة االقـــتـــصـــاد والــتــنــمــيــة، مـــا يــحــول دون تـمـكـنـهـم مـــن الــتــفــرغ لـحـيـاتـهـم الشخصية ومتطلباتها األساسية مثل االرتباط واإلنجاب. كذلك هناك عوامل أخــرى مثل االستقالل املــادي، وتـــرف املـفـاضـلـة الـــذي لــم يـكـن مـتـاحـا قـبـل عقود حــني كــانــت املــــرأة حـبـيـسـة املـــنـــزل، أو مــجــرد أداة طيعة في يد الرجل». تـتـابـع: «رغـــم ذلـــك ال يـجـب أن تجبر اإلنــــاث على الـــزواج بسبب تقدمهن فـي الـسـن، فعلى املــرأة أن تــســعــى إلــــى تـحـقـيـق أهـــدافـــهـــا بــغــض الــنــظــر عن عــمــرهــا وحــالــتــهــا االجــتــمــاعــيــة، وعــلــى األهــــل أن يتفهموا ذلك وأال يمارسوا ضغوطا لحث بناتهم على الزواج». وعـــــن أســــبــــاب الـــضـــغـــوط االجـــتـــمـــاعـــيـــة، تــوضــح الــبــاحــثــة الن جـــو أن «األمـــــر يـتـعـلـق بــمــوروثــات قـديـمـة تعتبر الــعــزبــاء الـتـي يـتـجـاوز عـمـرهـا 30 سنة امـرأة غير مؤهلة للزواج، وكذلك باملخاوف الــصــحــيــة مـــن قــبــل األهــــــل، بــاعــتــبــار أن اإلجـــمـــاع الــطــبــي يـشـيــر إلــــى أن الــحــمــل فـــي الــعــقــد الـثـالــث
ينطوي على مغامرة أو مخاطرة كبيرة، كما أن املعلومات املقدمة للنساء في الصني تحدد سن الـحـمـل املــثــالــي بـــني 25 و92 ســنــة، وبــالــتــالــي قد يتسبب تـجـاوز هــذا العمر فـي تـداعـيـات صحية واجتماعية غير مرغوبة». وخالل األشهر املاضية، ارتفعت أصوات نسائية كثيرة في الصني ملطالبة الحكومة بحماية حق املرأة في اتخاذ قرار الزواج أو العزوف عنه.